|
الحركة النقابية والتغيير في سوريا
عيسى رفقي عيسى
الحوار المتمدن-العدد: 1204 - 2005 / 5 / 21 - 09:52
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
من اللافت أن الحراك السياسي في سورية تناول أغلب القطاعات السياسية والبنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل أو بآخر باستثناء الحركة النقابية والعمالية منها على وجه الخصوص باعتبارها جزءاً من الحركة الاجتماعية فما زالت تحبو وتنتظر الأوامر من فوق وذلك على مستويات ثلاث : 1. علاقة الحركة النقابية مع النظام السياسي في سورية ( مفهوم المنظمة الشعبية ) . 2. علاقة الحركة النقابية مع الحركة العمالية وأسباب تراجع إذا لم نقل تغييب الحركة العمالية . 3. علاقة الحركة النقابية مع نفسها ( العلاقة بين الهيئات النقابية فيما بينها ) قبول حرية الرأي وتعدد الآراء والرأي الآخر . 4. تحديد ملامح آفاق العمل النقابي وأساليبه وفق المتغيرات الراهنة . إن تحديد كل ما سبق هو جزء هام وضروري لتحديد آفاق العلاقة مع الحركة العمالية العربية والعالمية . فالواقع يشير إلى فقدان أو تراجع دور الحركة العمالية ( نسبة لدورها وتواجدها القوي والفعال في النصف الأول من القرن الماضي ) وهذا نتاج سياسة طرحت وجود الحركة النقابية كرأس يقود الحركة العمالية ويكون بديلاً عنها أكثر منه ممثلاً لها ولمصالحها ما أثمر عن انتصار دراماتيكي للاتجاه البيروقراطي على حساب الاتجاه الديموقراطي وبدأ ذلك منذ أواخر الخمسينات حين حرمت الحركة العمالية والنقابية في سورية من حق الإضراب واعتباره جرماً يحاكم عليه مرتكبه بالسجن ، مما أفقدهما أهم سلاح للدفاع عن مطالب العمال فنقابة بلا إضراب نقابة بلا سلاح . واستمر الاتجاه البيروقراطي بالتمدد عبر قنونة العلاقة بين الحركة النقابية والنظام السياسي عن طريق مفهوم (المنظمات الشعبية) هذا المفهوم الذي أصبح بحاجة ماسة إلى إعادة النظر به والعمل على التمسك وإعادة الاعتبار للمنظمة الجماهيرية في الحركة النقابية السورية عن طريق استقلالية القرار النقابي لأنها تسعى إلى تخفيف عبء الاستغلال عن الطبقة العاملة وليس القضاء على الاستغلال الذي هو من مهام الأحزاب العمالية وقد تجلت هذه البيروقراطية في مظاهر عديدة منها : 1. إقرار اللوائح الانتخابية للنقابات العمالية يتم بقرار من القيادة القطرية عن طريق مكتب العمال القطري وغالباً لا يتم أخذ رأي الهيئات النقابية بهذه اللوائح بل عليها التقيد بالتعليمات والإشراف على التنفيذ أي أن الحزب السياسي لا يقود الحركة النقابية سياسياً فقط بل يقودها تنظيمياً ويتدخل في تحديد قوام وتركيب هيئات الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية ( المنتخبة ) ويحدد تعداد المنتمين للأحزاب السياسية ( الجبهة الوطنية التقدمية ) في النقابات العمالية ويعتبر هؤلاء أصواتاً للأحزاب بين العمال بينما المطلوب أن يكون هؤلاء صوتاً للعمال في أحزابهم السياسية ويتم ذلك وفق النسب المئوية التالية : 60% من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و40% من المستقلين ويلاحظ هنا عدم السماح لأحزاب المعارضة مثلاً بالترشح للانتخابات النقابية مما يعني أن النقابة العمالية حكراً على جزء من الحركة العمالية . وبهذا الشكل وصلنا إلى نقابات عمالية على هيئة مؤسسات بيروقراطية وابتعدنا عن المنظمة الجماهيرية المستقلة … واللافت للنظر أن النسب المئوية السابقة رغم إقرارها من قبل القيادة القطرية ومكتب العمال القطري والهيئات النقابية العمالية يتم في بعض الأحيان مخالفتها ( دون محاسبة أو مساءلة من أحد ) فتصبح 80% لأحزاب الجبهة و2% للمستقلين كما حدث في انتخابات اللجنة النقابية في الشركة العامة للطرق والجسور في فرع حمص بعد الدمج ( قاسيون – رودكو- استصلاح أراضي ) بالرغم من طرح هذه القضية في مؤتمري مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب بحمص المنعقد بتاريخ 7/2/2005 ومؤتمر اتحاد عمال حمص المنعقد بتاريخ17/3/2005 . " القرار رقم /569/ تاريخ 17/7/2002 الصادر عن القيادة القطرية حول التعليمات الانتخابية للاتحاد العام لنقابات العمال الفقرة /هاء/ : تكون قوائم انتخابات اللجان النقابية والمتممين إلى مؤتمر النقابة ومكاتب النقابات والمتممين لمؤتمر عمال اتحاد المحافظة وعضوية المجلس ومندوبيه المتممين للمؤتمر العام مغلقة لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ومفتوحة للمستقلين مع مراعاة التمثيل وفق ما يلي : 1. في اللجنة النقابية : /2/ حزب البعث العربي الاشتراكي /1/ جبهة وطنية تقدمية /2/ مستقلين . والسؤال لماذا لم يتم التقيد بقرار القيادة القطرية بالنسبة لنسب التمثيل في انتخابات اللجنة النقابية للشركة العامة للطرق والجسور بالنسبة للرفاق البعثيين حيث تم ترشيح ثلاثة منهم بدلاً من اثنين على حساب عدد المستقلين والذي أصبح /1/ ". ورغم ذلك فإن الاستنتاج بأن الحركة النقابية في سورية لم تقدم شيئاً للحركة العمالية هو استنتاج مجتزأ ومبتور وغير دقيق والأهم الآن هو القول بأن المتغيرات الحاصلة في المجتمع السوري لأسباب عديدة لا مجال لذكرها الآن قد أدت وتؤدي إلى تغيير أوضاع الطبقة العاملة وحركتها النقابية وإلى فقدانهما الكثير من المكتسبات التي تحققت سابقاً ويؤثر سلباً على وحدة الطبقة العاملة والاتجاه العام يشير إلى أن النظام السياسي في سورية يعيد النظر في علاقته مع الحركة العمالية وفق رؤاه ومشاريعه هو بدون أي مشروع ( مقابل ) للحركة النقابية وقياداتها والتي تكتفي بإنتظار الأوامر من فوق حرصاً على مصالحها الضيقة لذلك ليس مستغرباً أن يصوت مندوبو الحركة النقابية في مجلس الشعب على القانون 50 لعام 2004 … بينما الحركة العمالية تغلي ويطالها الحراك السياسي من دون أن تجد مؤازرة من الحركة النقابية رغم بعض الحالات الفردية والتي تسعى ضد التيار العام ، وهذا الأمر إن ترك على عواهنه سيؤدي بالحركة العمالية إلى إيجاد البديل ليملأ الفراغ الحاصل وستكون النقابات العمالية الحرة هي الملاذ ولكن بأيدي خارجية وبضغوط قد لا تلائم مجتمعنا السوري . وليس غريباً بقاء مفهوم فريق العمل الواحد بين الحكومة والنقابات والحزب - مما يوحي الآن أن التنازلات الاقتصادية والاجتماعية الجارية الآن في سورية تمت وتتم بموافقة ورضا الطبقة العاملة وقاعدتها في الحركة النقابية ( وهذا بحاجة إلى تدقيق أيضاً ) – ويسود ( الحوار )؟ بين أطراف المعادلة لتحقيق مطالب العمال ولكن الحوار يتطلب مستلزمات جديدة تواكب المتغيرات الراهنة والعاصفة : 1) استقلالية الحركة النقابية العمالية . 2) إلغاء القوائم المغلقة في الإنتخابات النقابية وجعلها مفتوحة . 3) برنامج النقابات العمالية هو مطالب الحركة العمالية أولاً وقبل كل شيء . 4) التساوي في الحقوق والواجبات بين أطراف المعادلة الإنتاجية . وكل ذلك برنامج للحركة العمالية والنقابية يجب أن تسعى لتحقيقه وأعتقد أن المستقلين في الحركة النقابية هم المعّول عليهم أولاً في تبني هذا البرنامج وتشكيل لجان تنسيق وعمل ( ضمن الهيئات النقابية ومن خلالها ) والسعي للحوار فيه مع الكوادر النقابية الحزبية ( المنتمية إلى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ) وأن يتم هذا الحوار بشكل علني عبر إشراك الحركة العمالية المغيبة عن العمل لأسباب بيروقراطية تطرحها مصالح بعض الفئات المتوزعة في الحركة السياسية وفي الحركة النقابية ومن متطلبات هذا البرنامج عدم إقصاء أحد فالنقابات العمالية ليست حزباً سياسياً بل منظمة جماهيرية عليها الدفاع عن جميع العمال مهما كانت أفكارهم السياسية أو انتماءاتهم القومية أو الدينية … ومن حق البعض طرح رؤاهم للمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي لكن الأهم هو العمل مع الحركة العمالية مباشرة والوقوف ضد كل تشريع أو قانون يمنع حرية هذا النضال النقابي فالنقابة العمالية أكبر من كل الأحزاب السياسية مع الاحترام للأحزاب . هل سينتهي أسلوب انتظار الأوامر من فوق في الحركة النقابية في سورية ؟ وهل ستعود العلاقة إلى طبيعتها ما بين الحركة العمالية والحركة النقابية ؟ .
#عيسى_رفقي_عيسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
-
تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
-
واشنطن توسع عقوباتها ضد البنوك الروسية و العاملين في القطاع
...
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. جدول رواتب المتقاعدين الجديد
...
-
The WFTU statement on the recent development in the Ukraine
...
-
بيان اتحاد النقابات العالمي حول التطور الأخير في الحرب الأوك
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|