|
كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 14:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي لم تَقُلْ الولايات المتحدة يوماً (على ما أَذْكُر) إنَّ "الترسانة الكيميائية (والبيولوجية)" لسورية (الأسد) تتهدَّد "أمنها القومي"؛ لكنَّها قالت ذلك الآن، حيث ارتكب بشار الأسد جريمة غاز السَّارين (الكبرى) في حقِّ أبناء شعبه (المدنيين) في غوطتي دمشق الشرقية والغربية؛ والولايات المتحدة هي القوَّة النووية (والعسكرية) العظمى في العالَم؛ و"الخيال"، على أهميته التي تَفوق أهمية "المنطق"، وإنْ ليس دائماً، لا يسمح لنا بافتراض أنْ تشن سورية هجوماً كيميائياً على الولايات المتحدة؛ فكيف لـ "ترسانتها الكيميائية"، من ثمَّ، أنْ تتهدَّد "أمنها القومي"؟! لإجابة هذا السؤال ينبغي لنا، على ما يبدو، أنْ نتسلَّح بـ "الخيال"، لا بـ "المنطق"؛ فآينشتاين فاضَل بينهما، ففضَّل "الخيال" على "المنطق"، إذ قال: إذا كان "المنطق" يُوْصِلكَ من "الألِّف" إلى "الياء"، فإنَّ "الخيال" يُوْصِلكَ إلى "أي مكان"! أين تَقَع الولايات المتحدة؟ إذا أردتَّ إجابة "خاطئة" عن هذا السؤال (الجغرافي) فما عليكَ إلاَّ أنْ تتسلَّح بـ "المنطق"؛ فتجيب قائلاً: إنَّها تَقَع غرب العالَم القديم، غرب المحيط الأطلسي، وشمال العالَم الجديد. أمَّا إذا طَرَحْت "المنطق" جانباً، وتسلَّحْت بـ "الخيال"، فتجيب، عندئذٍ، قائلاً: إنَّها كمثل "مركز الكون"، في نظرية "الانفجار الكبير" Big Bang، تَقَع في كل مكان (وفي أيِّ مكان) على سطح الكرة الأرضية؛ إنَّها تَقَع (أيضاً) في أوروبا وآسيا وإفريقيا؛ في روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، وفي إسرائيل والسعودية ومصر والأردن والضفة الغربية واليابان وكوريا الجنوبية..؛ في البحر المتوسط وبحر قزوين والخليج العربي والمحيط الهندي.. لا أعْرِف "النِّسْبَة"، على وجه الدِّقَّة؛ لكنَّني أَظُن أنَّ "نِصْف" الولايات المتحدة (أو أكثر قليلاً، أو أقل قليلاً) يَقَع (أو يًنْتَشِر) في كل مكان (تقريباً) في العالَم. أُنْظروا إلى "وجودها العالمي (في كل القارات، والعابر للقارات)"، بكل أوجهه: جزء عظيم متعاظِم من مواطنيها يعيش ويقيم ويعمل ويُوجِّه ويقود ويَحْكُم ويتحكَّم.. في كل الدول تقريباً؛ وجزء عظيم ومتعاظم من قواها العسكرية والاقتصادية والمالية والاستثمارية والثقافية والفكرية والسياسية.. ينتشر في قارات العالَم جميعاً؛ وبعضه نراه كالبدو الرُّحل، ينتقلون من مكان إلى آخر، وفي يُسْرٍ وسهولة، طلباً لأشياء ليست كالماء والعشب؛ لكن بأهميتهما عند الأقوام القديمة الرُّحَّل. الولايات المتحدة هي القوَّة الإمبريالية العظمى، ليس في العالَم فحسب؛ وإنَّما في التاريخ؛ فـ "إمبريالية" روما القديمة هي دونها بكثير، وبكثير جداً. في الأردن، ينعصَّب أهل السَّلْط لمدينتهم، ويُزيِّن لهم تعصُّبهم أنْ يَنْظروا إلى مدينتهم على أنَّها أكبر من الأردن، حتى أنَّ بعضهم يقول (ولو على سبيل المزاح) إنَّ الأردن هي عاصمة السَّلْط. وإنِّي لأقول (لكن ليس على سبيل المزاح، وليس تَعصُّباً للولايات المتحدة) إنَّ التاريخ لم يَعْرِف دولة أكبر من العالَم، في كل شيء إلاَّ جغرافياً وديمغرافياً، غير الولايات المتحدة؛ وإنَّه لأمرٌ كان "واقعياً" في القِدَم، فأصبح الآن "طوباوية خالصة"، أنْ يُدْعى إلى عودة الولايات المتحدة إلى العزلة والانعزال عن العالَم، فتُعيد كل مَنْ، وما، خَرَج منها إلى حيث كان قبل عشرات، ومئات، السنين؛ فإذا كان العالَم يتَّسِع للولايات المتحدة المتعاظِمة حجماً ونموَّاً، فإنَّ الولايات المتحدة لا تتَّسِع للعالَم، أو للقسم الأكبر منه، إذا ما قيس بالمقاييس النوعية. قديماً، كانت الرأسمالية الأوروبية تُقيم صلات اقتصادية، تجارية (أيْ بيع وشراء) في المقام الأوَّل، مع آسيا وإفريقيا، ولم يكن لديها، من ثمَّ، من ضخامة الاستثمار هناك ما يشدِّد لديها الحاجة إلى أنْ تكون كمثل "حكومة عالمية"؛ أمَّا الآن فنرى قسماً عظيماً متعاظِماً من قوى الولايات المتحدة (من اقتصادها وأموالها ورؤوس أموالها الثابتة والمتغيِّرة، ومن مواطنيها، من ثمَّ) ينتشر في قارات العالَم جميعاً؛ وينبغي لها، من ثمَّ، أنْ تكون "شرطي العالَم"، وأنْ تنشر جنودها وأسلحتها في قواعد عسكرية أوروبية وأسيوية وإفريقية؛ فإنَّ لديها في خارج حدودها من الأشياء الثمينة ما يستحق أنْ تحامي عنه، وتدافع، بكل ما أُوتيت من قوَّة؛ وهل كانت "مصادفة" أنْ تكون الولايات المتحدة هي صانعة "حاملات الطائرات"، وكل سلاح يسمح لها بتذليل عقبتي الزمان والمكان، وبالتغلُّب على "حاجز الأطلسي"؟! وها هي إدارة الرئيس أوباما تخاطب شعبها قائلةً: إنَّ لدينا في كوريا الجنوبية عشرات الآلاف من الجنود؛ فتخيَّلوا أنَّ كوريا الشمالية فعلت ما فعله بشار الأسد في ريف دمشق، مُرْسِلَةً إلى سماء كوريا الشمالية سُحُباً من غاز السَّارين، فتُمْطِر على قواعدنا العسكرية هناك. قصارى ما أُريد قوله هو الآتي: اعْرَفوا أين تَقَع الولايات المتحدة حتى تَقِفوا على معنى قولها إنَّ ترسانة بشار الكيميائية تتهدَّد أمنها القومي.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طاغوت
-
-عناقيد المجرَّات-.. لماذا لا تغادِر أماكنها؟
-
معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-
-
-مبادرة- تقول لبشار: سَلِّمْ تَسْلَمْ!
-
أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!
-
المدافعون عن -هولوكوست الغوطة-!
-
-الغوطة-.. دَرْسٌ في السياسة الدولية!
-
أخطر ما تمخَّض عنه -جَدَل الضَّرْبة-!
-
قبل ساعات من الضربة!
-
-الفقر- و-وعي الفقر-.. -الطاغية- و-شيخ الطاغية-!
-
تفجير طرابلس!
-
-الثورة المصرية-.. ظواهر ميدانية تطلب تفسيراً
-
الثورة المصرية.. نتائج وتوقُّغات
-
التناقُض المُدمِّر لثورات -الربيع العربي-!
-
في -الإشكالية الدستورية- المصرية
-
في -الفاشية- و-البلطجة-!
-
-مفاوضات- في -لحظة تاريخية فريدة-!
-
هذا ما بقي لإنقاذ مصر!
-
كيف تُؤسَّس -النَّظريات-؟
-
الجدل الذي تخيَّله ماركس بين عامِل ورب عمل!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|