|
مأساة بعض شباب منظمات المجتمع المدنى فى مصر: قراءة فى مسودة تقرير عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مقدم للأمم المتحدة
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 08:27
المحور:
المجتمع المدني
لن يجد الإسلاميون أفضل منه دفاعا عن الإرهاب ولن تطلب أشتون أو كيرى أكثر منه تأكيدا لموقفهما
عندما يشعر شعب بأكمله بانحياز حكام الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربى ضد إرادته وقتما يثور على طغاته ؛ الذين خالفوا كل المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان. وعندما يكون هؤلاء الحكام هم من يرفعون "مخالفة تلك المواثيق " فزاعة لكل من لا يخضعون لمشيئتهم ؛ لا بد وأن يصيبك الاضطراب من ازدواجية المعايير التى يتبناها حكام نصف العالم " المتقدم ". وساعتها سوف ترفض منطقهم وفزاعتهم و" مساعداتهم " بل وحتى الاستمرار فى أية صلة بهم حتى ولو كانت بمثابة الشريان الذى يمدك بالحياة. بهذا المنطق البسيط رفض الشعب المصرى مواقف حكام الغرب الأوربى والأمريكى مثلما رفض موقف طغاة الإسلام السياسى فى 30 يونيو 2013 . وعندما يكون الشباب هو مفجر ذلك الرفض ووقوده ؛ فسوف يصيبك الذهول عندما يتخذ بعض شباب منظمات المجتمع المدنى المصرى مواقف تناقض تلك الحقيقة ولا ترعى الوطن وتروج لحكم هؤلاء الطغاة وتُردد ادعاءات مناصريهم وشركائهم فى نصف العالم " المتقدم ".. وتتجاهل ما شاهدته عيونهم من قتل وخطف وتعذيب وتمثيل بالجثث وتدمير للمنشآت والمرافق وتبديد للأمن طيلة الشهور الأخيرة.. بل ولا بد أن تتساءل: من وراءهم؟! وحيث تجلى ذلك الوضع فى مسودة تقرير موجه للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة بجنيف تعده مجموعة من منظمات المجتمع المدنى المصرية ردا على تقرير مقابل أصدرته الحكومة المصرية عام 2010 فى ذات الشأن.. وجب عليك أن تتوقف لتسمع القصة من أولها: 1- أصدرت الحكومة المصرية فى عام 2010 تقريرا عن حالة الحقوق المشار إليها فى مصر للجنة الأمم المتحدة التى تراقب تنفيذ تلك الحقوق فى بلدان العالم. 2- أعادت لجنة الأمم المتحدة بدورها التقرير المذكور إلى عدد من منظمات المجتمع المدنى المصرية للرد على ما جاء به وذلك فى تقرير مقابل تمت تسميته لهذا السبب بالتقرير الموازى. 3- ونظرا لأن المنظمات المصرية تنشط فى مجالات متعددة ( العمال، الفلاحين ، النقابات ، المرأة ، الطفل ، السكن ..إلخ ) فقد قامت كل منظمة منها بالرد على ما جاء بتقرير الحكومة كل فيما يخصه ؛ وتم تجميع تلك الأوراق لدى إحدى هذه المنظمات وهى " المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ". 4- هذا وأحيلت جملة الأوراق والموضوعات - التى تمثل رد المجتمع المدنى المصرى على تقرير الحكومة – للجنة أو لمسئول الصياغة الذى لا نعرفه ولا ندرك كفاءته أو ميوله ؛ وبع فترة تمخض عملها عن مسودة للتقرير الموازى تم توزيعه إلكترونيا من ثلاثة أيام على المنظمات والأفراد المشاركين فى كتابة أوراقه وموضوعاته.
وبقراءتنا للتقرير المذكور فوجئنا بما يلى: • أنه قد كتب أساسا باللغة الإنجليزية وهو ما يعنى أن صياغته أوكلت لشخص أو أشخاص لا يجيدون العربية قدر إجادتهم للإنجليزية ثم تمت ترجمته إلى العربية التى يمكن لأول وهلة استنتاج أنها عربية ركيكة وليست مصرية من واقع بعض العبارات والألفاظ التى احتوتها. • أنه قد أسقط تماما أوراقا وموضوعات كاملة ( كالفلاحين والزراعة والإسكان الريفى وغيرها ). • واستند على أبحاث تحمل وجهة نظر معاكسة لما استندت له بعض الأوراق المقدمة ( الأمن الغذائى ) صـ 18 . • وقدم توصيات تفضى لنتائج معاكسة لما تستهدفها الأوراق المقدمة بل والتقرير ذاته مثل التوصية بدور لقادة المجتمع الدينى ( يقصد القادة الدينيين للمجتمع ) فى وقف ظاهرة ختان الإناث مع أن هؤلاء القادة على وجه التحديد هم من يحملون لواء الدفاع عن هذه الظاهرة صـ 17 . • ووضع عناوين خاطئة لقضايا حساسة وتحتاج الدقة كما فى المادة 4 صـ 5 من التقرير حيث وضع العنوان التالى ( الحقوق يحدها القانون فقط ) حيث نتبين أن كثيرا من الحقوق لا تكفلها القوانين القائمة مثل الحق فى الغذاء ؛ بل ولا يوجد قانون يحاسب الحاكم على إجاعة 40 % من الشعب كما هو الحال منذ 3 سنوات وحتى الآن. • وروج لعدد من الأفكار الليبرالية الجديدة كما جاء فى صـ 7 عن الميزانية العامة التى يرى التقرير وجوب عدم استنفادها فى دعم الوقود أو خدمة الدين العام أو فى الأجور.
والجدير بالذكر أن من صاغوا التقرير أو من ينوبون عنهم لم يدافعوا عن ملاحظة واحدة من الملاحظات التى أبداها بعض من حرروا الأوراق المقدمة لكتابة التقرير فى الاجتماع الأخير (10 سبتمبر 2013 ) وهو ما يثير العجب لأن المنطقى أن يقوموا بتفسير الأسباب التى دعت لصياغة التقرير بهذا الشكل؛ بل ويثير الريبة التى تدفع القارئ للتقرير للاستنتاج بأنهم يعتمدون على مدح وإطراء الموضوعات والأوراق عند تقديمها لهم .. ثم إسقاطها عند الصياغة أو وضع مضمون معاكس اعتمادا على أن التقرير لن تتم قراءته بدقة أو تمحيصه وهو ما يضعنا أمام عملية مراوغة رخيصة. الأهم من ذلك أن التقرير المذكور قد شمل مقدمة سياسية نورد لكم مقتطفات منها : - فى الموقف من الأحداث التى جرت بعد 3 يوليو 2013 وبالمناسبة هذه الأحداث تبتعد عن المدى الزمنى للتقرير الذى كتبته الحكومة بما يزيد عن 3 سنوات . يقول التقريرفى صـ 2 " قامت قوى الأمن المصرية باستخدام القوة المميتة لتفريق الاعتصامات الموالية لمرسي في 14 أغسطس، مما أدّى إلى مئات القتلى وآلاف الجرحى، وهو أمر يمكن اعتباره أسوأ حادث قتل جماعي غير مشروع في تاريخ البلاد الحديث " كما تضمن التقرير التوصية التالية : " ينبغي على الدولة الطرف تأمين قيام عملية مصالحة شاملة، بهدف التوصل إلى توافق سياسي حقيقي من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والسماح بالتنفيذ الفعال للحقوق."
وفى صـ 6 يقول : " وبعد الحملة على اعتصامي الإخوان المسلمين الرئيسييْن في شهر أغسطس 2013، اعتقلت الإدارة شخصيات إسلامية رئيسية وفرضت حظر التجول على عدد من المحافظات في مصر. أما العدوانية التي ووجه بها المتظاهرون فتشير إلى أن الإدارة المؤقتة تواصل استخدام العنف والأساليب القمعية للحكومات السابقة، وتستمر في تجاهل عناصر أساسية لإرساء نظام حقوق قوي، مثل الشفافية والمساءلة، فضلا عن إنكار الحقوق الأساسية مثل الحق في الاحتجاج والتجمع السلمي."
ويُتبَين مما تضمنه التقرير ما يلى: أنه لم يصف اعتصامات الإخوان المسلمين بالاعتصامات المسلحة فى الوقت الذى أكد فيه على إنكار الحقوق الأساسية كالحق فى الاحتجاج والتجمع السلمى من جانب الدولة؛ أى أنه يكيل بمكيالين. ويتمادى التقرير فى هذا المسار ناصحا " بأن الاستقرار السياسى لن يتم دون المصالحة بين مختلف الأطراف صـ 6 " ( ونظراً لاستمرار الاضطرابات السياسية في مصر، لا بد للدولة أن تفتح مساحة لمختلف الأطراف للانخراط والمشاركة الفعالة، وأن تضمن شفافية وتشاركية صنع القرار.)
فهل لو قلنا: " أن سكرتيرة كاترين آشتون أو جون كيرى هى من كتبت مثل هذه المقتطفات أو تلك التوصيات والنصائح " نكون قد خالفنا الحقيقة ..؟! إن تقريرا " شعبيا " كهذا يقدم توصيات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوربى ويدافع بشكل مباشر وغير مباشر عن تيار الإسلام السياسى وعن الإرهاب وتدمير الدولة يمكن أن يصدر عن شباب من بعض منظمات المجتمع المدنى المصرية ..؟! ويوجه إلى إحدى لجان الأمم المتحدة ردا على تقرير كتبته الحكومة عن فترة سابقة ( 2010 ) إلا إذا كان من كتبوه ممن يمكن وصفهم بالمضللين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين..؟ رفقا بنا أيها السادة ونرجوكم فقط أن تجيبونا بصدق : من هو كاتب هذا التقرير .. وما هو المقابل..؟!
الخميس 12 سبتمبر 2013 بشير صقر
#بشير_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استيعاب - المضللين - من أعضاء جماعة الإخوان .. الوهم الأشد خ
...
-
لو افترضنا جدلا ..
-
عن الجيش المصرى .. والثنائية المفتعلة ( ثورة أم انقلاب..؟ )
-
طريقان لا ثالث لهما .. التطهير وإعادة البناء.. أو المصالحة و
...
-
حائط الصد الأخير.. وحديث عن النخب
-
لكى تعود مصر .. ونعود فراعنة مرة أخرى : جففوا منابع التمويل
...
-
مدخل لحل مشكلةالإسكان فى الريف المصرى والمناطق الزراعية المس
...
-
شواهد مزعجة تعترض مستقبل الثورة المصرية : هل يتكرر سيناريو ث
...
-
( ثورة جديدة ونداءات مريبة بالمصالحة)
-
مصالحة .. أم محاصصة جديدة برعاية الجيش المصرى
-
ثورة جديدة - ونداءات مريبة بالمصالحة
-
الجوع .. وأوهام الأمن الغذائى فى مصر
-
تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم: بقايا الإ
...
-
مرة ثالثة عن عزلة اليسار وانقسامه .. بعيدا عن المواعظ ولحاقا
...
-
مساهمة أخرى فى الحوار حول أسباب عزلة اليسار المصرى وانقسامه
-
رسالة للحوار المتمدن والأستاذ إبراهيم فتحى .. حول أسباب انعز
...
-
منتدى الأرض بتونس - كلمة لجنة التضامن الفلاحى - مصر
-
استئنافا لسياسات أمين أباظة :تصريحات لوزير الزراعة المصرى..
...
-
الفلاحون والزراعة المصرية :كيف يمكن وضعهما على خريطة المستقب
...
-
شعارات سياسية مصرية للمظاهرات .. من واقع الأزمة الراهنة
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|