وئام البدعيش
الحوار المتمدن-العدد: 4214 - 2013 / 9 / 13 - 02:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد غطت الدماء أذننا وعيوننا لدرجة أننا تحولنا لآكلي لحوم البشر, لا نتفاهم إلا بلغة الدم ... لأننا بالأصل كنا مقيّدين، وعندما حل قيدنا ظهرت أفعالنا الجنونية ... لا تجتمع الإنسانية والدماء في مكان واحد..
لا حياة لمن تنادي ... قالها المعري عن الله
وأنا أقولها عن الشعوب العربية ...
عدة أسئلة تتبادر للذهن بعد ما سمي بالربيع العربي ..
- هل الربيع العربي هو ربيع عربي, أم تعرينا فيه عن كل الكذب الظاهر وظهرنا على حقيقتنا ؟.
- هل إذا طالبنا فقط بالحرية, سنحصل على الحرية ؟
- هل يستطيع أحد أن يحدد مفهوماً للحرية مشترك على الأقل, بين أبناء الشعب الواحد ؟.
- وهل الحرية في الأصل هي مفهوم مشترك بين أبناء يختلفون شديد الاختلاف بالأيدلوجية والأفكار والقواعد الأساسية ؟.
بعض الاستنتاجات التي حصلنا عليها بعد ما سمي الربيع العربي
- القتل سهل والتخلي عن الأخلاق - إذا كانت موجودة - أسهل, فلا يحتاج القتل سوا ضغطة زر وتقتل عدد كبير من البشر....
- لا يوجد عند الإنسان العربي رادع أخلاقي أبداً...
- السلطات الحالية حورت المفاهيم العامة, إلى مفاهيم خاصة بها. وكل من يخالف هذه المفاهيم سيصبح مذنباً, وكأنه خالف المفاهيم العامة, ومن بعض هذه المفاهيم القتل في سبيلها, لأنها جعلت من نفسها بديلاً للوطن...
- لا يوجد أبداً " وبتنوين الألف " أرضية مشتركة بين أبناء الوطن الواحد, وإنما هي أرضيات من التعصب الديني والطائفي والسياسي ...
بعض الأقوال عن الحرية أو التعارف....
- الحرية لا تعني إطلاق الحريات العامة دون قيود , فالحرية تعتمد على عقلنه الرغبات, وهي لا تتمثل بالتحلل من الالتزامات والواجبات بل بقدرة الشخص على الالتزام بها...
- يقول أرسطو: الحرية هي أن نكون بالتناوب حكاماً ومحكومين, وأن يكون لكل منا حرية التصرف كما يشاء بما لا يضر الآخرين..
- فولتير: عندما أقرر ما أريد فهذه حريتي
- الحرية هي جزء من السلوك الذي لا يؤثر فيه المرء على أحد ولا يعني أحد غيره....
البركان الخامد ..
عندما يكون البركان خامداً لا تستطيع أن تعرف ماذا يدور بداخله, وماذا يغلي بداخله, ولكن عند أقل هزة أرضية سيثور هذا البركان ويخرج ما في بداخله. سيخرج كل شيء جميل وقبيح. كل شيء في السر والعلن .. المشكلة الأساسية بالسر أو بالخفاء أو بالعقل الباطن .. نحن في السر نستطيع فعل أي شيء من دون رادع, ولأننا في الأساس لا نملك رادعاً أخلاقي, أو لم نتربَّ لنملك رادعاً أخلاقياً. نفعل كل شيء محظور من ناحية الأخلاق الإنسانية ولكن بشكل محدود, ونفعل ليس بالفعل فقط وإنما بالتفكير أيضاً. ولكن عند أدنى مستوى من الحرية, سيتحول هذا شذوذاً في التفكير وهذا الفعل المحدود إلى قاعدة, ستتحول الطائفية التي كانت في الخفاء إلى قاعدة .. سيتحول رجال الدين الطائفيين المنبوذين إلى رجال ثورة .. ستقلب المفاهيم بكل بساطة... يا سيدي المفاهيم الظاهرية على نفاقها تبقى ارحم من المفاهيم الطائفية والقبلية التي تعود بنا عشرات القرون التي مضت....
الملك لا يلبس ثياباّ ..
الكل كان يرى بأن الملك لا يلبس ثياباً, ولكن لم يستطع أحد أن يتكلم. وأيضا الشعب لم يكن يلبس ثياباً, وفي أقل مجال من الحرية ظهر عريه بشكل قبيح, احترقت كل الثياب البالية والتنظير الذي كنا نحيكه لأنفسنا أو يحدثوننا عنه. احترق كل التعايش المشترك دفعة واحدة, احترق كل التسامح والمحبة الزائفة, وكأنها أعواد قش تنتظر هذا النوع من الحرية وأصغر قشة كبريت لتشتعل .. فظهرنا على حقيقتنا كهيكل عظمي منخور. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو ,هل هذا العري خطوة إلى الأمام أم خطوة للخلف.. أنا أعتقد بأنها برغم قباحتها هي خطوة للأمام. لأنه في المقام الأول يجب عليه " والهاء تعود للإنسان العربي " أن يحدد موقعة بشكل فعلي وحقيقي وواقعي وليس بالموقع المتخيل الذي يريده لنفسه, لكي يبدأ من جديد, ويتفادى السلبيات دون الكذب والرياء الذي كان يعيش فيه ...
المشكلة الأساسية التي ظهرت الآن. كان سببها الأساسي التربية والتعليم التي لم نصل فيها لمرحلة الوطن. وإنما بقينا في مرحلة القبيلة والطائفة. هذه المشكلة التي لم تكون مشكلة في الظاهر بما نملكه من وسائل إقناع وكذب ورياء غريبة عجيبة في وسائل إعلامنا. ظهرت بشكل جلي في اقل مجال من الحرية ..
الفجوة التي حصلت ..
الفجوة الكبيرة التي حصلت الآن بين أبناء الوطن الواحد, عند ادنى مستوى من الحرية, والتحرر من القيد الأمني والكذب الظاهر, هو عدم وجود قانون مشترك حقيقي بين الاثنين. فاختلف كل طرف عن الآخر اختلافاً بالمبدأ وليس اختلافاً بالطريقة, اختلافاً بالقانون والمنهجية وليس بالتطبيق. فكل شخص أو طرف أو حزب أو مجموعة ظهرت, تريد أن تلغي كل شي سابق, وتصبغ كل شيء بصبغتها وكأن الوطن لبيت إلي خلفوها ....
المشكلة في المفاهيم التي زرعوها فينا, لا احد من الطرفين يتكلم بالموطنة والوطن. كل شخص يفصل الوطن على حسب رغباته ومصالحه وأهوائه. فكل شخص يتكلم بلغة الطائفة أو بلغة القمع, وكائن الطائفية والقمع هي من ستبني الوطن . لا احد يعرف ما هي المفاهيم الأساسية للدولة وللوطن البعض يظن بأن الوطن شخص أو نظام محدد والبعض يظن أن الوطن هو مكان لنشر دينه فقط وليس للدين آخر.
" لقد تربينا بشكل طائفي مقيت, وقمعي امقت وهذا ظّهر وسيظهر بشكل جلي في المستقبل "..
لمن لا يعرف بعض المفاهيم الأساسية:
الحقوق المدنية : هي الحقوق التي منحت من قبل الدولة لجميع الإفراد ضمن حدود إقليمه " أي الحقوق الممنوحة ليست لطائفة أو دين أو حزب معين وإنما لأفراد مختلفين ضمن حدود معينة "
المواطنة هي الانتماء إلى مجتمع واحد, يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد في دولة معينة. وتبعا لنظرية جان جاك روسو "القعد الاجتماعي " المواطن له حقوق إنسانية يجب أن تقدم إليه, وهو في نفس الوقت يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها.
ومواطنة : مصدر الفعل واطن بمعنى شارك في المكان إقامة ...
إذاً، هذه المعاير الأساسية التي يجب أن يعرفها المواطن لأنه يعيش في وطن - وليس في قبيلة أو طائفة أو حزب أو دين محدد – لا يعرفها السواد الأعظم من الناس, ولكنهم مشبعون حتى العظم بأفكار الطائفية والقمعية التي ستقسم الوطن وستعيدنا إلى القبيلة والى بيت الشّعر..
الشعوب العربية يا سيدي تتقاطر من عقلها الطائفية ومن يديها القمع. وعند أقل مجال للحرية يتحول هذا التقاطر إلى نبع سيأكل الأخضر واليابس
ليس من يتكلم بشكل طائفي هو من سيبني الوطن هو من سيقتل الوطن..
ليس من يتكلم بشكل غير إنساني هو من يبنى الوطن هو من سيقتل الوطن...
ليس من الذي يقمع الطرف الآخر هو الذي سيبني الوطن...
والطامة الكبرى من يجلس وينظر وهي يتكلم بشكل طائفي وقمعي خطير ويظن أن أفكاره هي من ستبني الوطن....
#وئام_البدعيش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟