أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نداء الرافدين - ثلاثية الزمن العراقي في فيلم سعد سلمان















المزيد.....

ثلاثية الزمن العراقي في فيلم سعد سلمان


نداء الرافدين

الحوار المتمدن-العدد: 300 - 2002 / 11 / 7 - 02:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

أبعاد ثلاثة للزمن العراقي المتآكل (الموت، الحنين، دهشة الإكتشاف) هذا ما يقدمه لنا سياب السينما العراقية سعد سلمان، وأقول سياب السينما، لأن ما رأيناه ليس مجرد فيلم روائي أو توثيقي للمأساة العراقية بل مجموعة من قراءات شعرية موغلة في الحزن تستثير كل ما إختزنته ذاكرتك المشبعة بحزن العراق وهو يئن تحت سياط الجلادين، شاب مرهف الحس يغادر العراق بجراح قليلة قبل ثلاثة عقود حيث لم يكن القمع قد تمكن بعد من جسد الوطن، يأخذه الحنين لرؤية الأم هناك حيث حتى النخيل معرضة للإجتثاث وتختنق دجلة بفيض عبراتها، لكن الطريق ليست ميسرة، فالحراب مشرعة والموت يفح من كل زاوية، لكن الولد العراقي المشاكس يشد الرحال، زوادته (كاميرا صغيرة) وطيف ذكريات عن عراق كان عراقاً وعن أرض ينبت الفتيان فيها كما تنبت النخيل، صنوان توأمان، وهناك يدخل (كردستان) الجبال التي نأت بنفسها وإن بقي ظلها يداعب العراق، يقوده سائق خفي جهوري الصوت قلق النبرات، ويؤكد السائق بأنه سيوصله الى بغداد، لكن الرحلة تمتد وتطول ولا بغداد في الأفق القريب ليبقى الخيط الروائي يستفز السؤال، هل سيصل ؟، وتلتقط (الكاميرا) بعدسة شديدة الإنتباه، كل الأمكنة بناسها ومعالمها وأشيائها، هنا أم تنتظر الغائب منذ سنين تلتصق بالشجرة تبثها الشجون، وهناك فتى صلمت أذنه لرفضه الحرب (أنا ممنوع من التوظيف وإمتلاك منزل أو ارض ومن الزواج ايضا، لأني أحمل علامة العار حسب أعراف النظام) والمشكلة عنده كيف سيضع نظارة طبية لعينيه الكليلتين، طفل يركض عارياً (من الحاضر والمستقبل)، سجين يروي حكايته مع (رازونة) تطل منها الشمس وكأنها تعتذر، بقايا قنابل تباع   حديد نحاس   وجوه حفرت الكارثة عليها أخاديد عميقة، ألسنة ولغات وكأنها بابل منزوعة المجد، أرض تحترق، مشردون مأواهم الخيام في بلاد شيدت أولى المدن وأكثرها حضارة وعنفوان، تجار، سماسرة، مرتشون ويصرخ المخرج: أين العراق، فتستحضر (السياب)  الريح تعول بي عراق، والموج يصرخ بي عراق، فيردد السائق لازمته المتكرة كلما واجهتم مصاعب الوصول (أنا شعليه   هذا العراق) وتستكمل مع السائق، أنها بلاد الغرابة حيث كل شيء فيها ممكن ومستحيل حقيقي وخرافي معاً، فلا عراق هنا، أزمنة تخثرت وفقدت دورتها، أمكنة يلفها الدخان والحرائق، لكن بشرها يجدون فسحة للفرح والإخضرار، عصيون على الموت، عصيون على الخراب يساق اليهم من كل الجهات، تراجيديا الإنسان وهو يواجه القتلة، ينتظر إطلالة صبح جميل غض الأهداب، لكن الصبح يلوح في البعيد شاحب منهك متعثر الخطى. وكأنك نسيت عراقيتك، بندوبها على جسدك ونفسك، بمحاذرتك الجدران والدروب، فيعيدك اليها سعد سلمان، بكل فجائعيتها وغرابتها التي يقف التاريخ مشدوها أمامها، يأخذك البكاء، يتلبسك الغضب حد التمزق، أمعقول أن يبقى جلاد بكل هذا القبح والفجاجة؟

بمشهدية بصرية عالية، وبعزف سيمفوني على وتر الأحاسيس يقرأ لك سعد سلمان قصيدته الإنسانية الرائعة يلتقط من الأ شياء أكثرها بساطة ليكثفها بإسقاطات رمزية معبرة، لا شيء مجانياً في هذا الفيلم، كل لقطة لها قولها وكل مشهد يخبرك الكثير، إبتداء من الحركة اللاهثة لعدسة تستعجل الوصول، لكنها لا تكف عن الإلتفات هنا وهناك، مادة خام تطلب المزيد، لا رواية ولا سيناريو وحوار تم إعداده مسبقاً، فالرواية تتشكل والحوار يجري بالكاميرا وحدها وهي تمارس حريتها القصوى، خذ ما شئت من زوايا النظر، مشهد الغيوم والصخور المحفرة، السور الطويل وما يخفي وراءه، الأضواء الخافتة كعين دامعة، بغداد الغارقة في الظلام، قريبة بعيدة، والأغنية الشجية قبل العودة بخطى خائبة ·مرينا بيكم حمد وإحنا بقطار الليل  كلها رموز إيحائية أبدعتها مخيلة مخرج / شاعر القى بكل ما تعلمه جانباً وواجه حقائق وطنه بسلاح رهافته وموهبته الفذة، فكان الفيلم مزيجاُ من لهفة وإنشداد وتساؤل وتوثيق تأريخي واسطرة وإدانة، تجعلك تتلقف قول ذلك الشا ب اللبناني بعد إنتهاء العرض : أشكرك ولا أشكرك يا سعد، أشكرك لأنك جعلتنا نعي حقيقة أنفسنا، نعي كم نحن بشعون بعنصريتنا وسكوتنا أمام ما يجري هناك، ولا اشكرك لأنك سببت لنا كل هذا الألم 0لكن الألم لم يسببه سعد، بل ذلك الجلاد مشعل الحروب وباعث المصيبة 0

أثار الفيلم الكثير من المداخلات والآراء بعد الإنتهاء من عرضه، فلقد أستنكر أحدهم ما ورد في الفيلم على لسان أحد العراقيين الذي يهيب ·برب العالمين وأمريكا، أن يخلصهم من صدام  فرد عليه المخرج: أنا معارض للنطام منذ ثلاثين سنة، أي منذ كان النظام صبي أمريكا المدلل، ولا شأن لي بما تخططه امريكا، فهذه حقيقة مأساة شعبي.. طبيب سعودي يعمل في شركة أدوية في الأردن، قدم شهادة عن عدم صحة إدعاءات النظام بشأن الأدوية، فالمافيا المرتبطة بالنظام تمنع وصول أنواع كثيرة من الأدوية الى الشعب العراقي من أجل إعادة بيعها في الأسواق الخارجية، الشاعر العراقي مدين الموسوي شكر في مداخلته الأخوة العرب على صدق مشاعرهم تجاه العراق وشعبه لكنه عرض عليهم القبول بصدام في بلدانهم: ·لقد تحملنا صدام اكثر من ثلاثين عاماً فما رأيكم لو أخذتموه بضع سنوات، ونحن متنازلون عنه  فرد المخرج ضاحكاً: وخذوا معه النفط إن شئتم. عرض الفيلم على شاشة مسرح (مونو) ببيروت، وقد لوحظ حضور عدد كبير من الأجانب من مختلف الجنسيات، يذكر أن الفيلم كان مترجماُ الى اللغة الإنكليزية، وقد سبقه عرض فيلم توثيقي آخر عن معاناة اطفال العراق، من الأمراض التي تفتك بأجسادهم وتحصدهم حصداً الى إكتضاض المدارس بهم وتلقيهم الدروس جلوساً على الأرض وغيرها من الآفات التي تهدد ألأجيال العراقية برمتها، كما صور في لفتة موحية أطفال تجار الحروب وأزلام النظام في مدارسهم وحركتهم السعيدة وكأنهم في بلاد أخرى لا شأن لهم بوقع الكابوس الجاثم على صدر العراق.



#نداء_الرافدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نداء الرافدين - ثلاثية الزمن العراقي في فيلم سعد سلمان