|
* دستورنا الجديد *
هيام محى الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4212 - 2013 / 9 / 11 - 06:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت مصر أول دولة إسلامية وأول دولة عربية وأول دولة في قارتي آسيا وأفريقيا تصدر دستورا مكتوباً سنة 1876 ، وتوالت من بعده اللوائح والجمعيات التشريعية في عصر الاحتلال الإنجليزي ، وكان الزعيم سعد زغلول وكيلاً لأخر جمعية تشريعية مصرية قبل إعلان الحماية البريطانية على مصر سنة 1914 بينما صدر أول دستور تركي للدولة العثمانية سنة 1908 في عهد السلطان عبد الحميد الثاني وبعد ثورة 1919 واعتراف بريطانيا بمصر دولة مستقلة مع تحفظات أربعة في 28 فبراير سنة 1922 شكل السلطان فؤاد الذي أصبح ملكا بعد التصريح البريطاني لجنة من ثلاثين عضوا من صفوة عقول مصر الفكرية والقانونية والسياسية المستقلة الوطنية قامت بوضع دستور 1923 والذي صدر بمرسوم ملكي دون مشاركة حزبية سواء من حزب الثورة ( الوفد ) برئاسة سعد زغلول أو حزب القصر ( الأحرار الدستوريون فيما بعد ) وكان هذا سببا في هجوم الزعيم سعد زغلول على اللجنة وسماها: لجنة الأشقياء ولكن الوفد دخل الانتخابات على أساس من هذا الدستور واكتسحها وأصبح هذا الدستور بعد ذلك هو أيقونة حزب الوفد يدافع عنه ويناضل في سبيل احترامه وتطبيقه وبقائه وحين ألغاه صدقي باشا سنة 1930 وأصدر دستورا آخر يدعم سلطات القصر والملكية خاض الوفد نضالاً قاسياً لإلغاء هذا الدستور وإعادة دستور 1923 وبعد ثورة 1952 تم وضع دستور برلماني سنة 1954 لجمهورية برلمانية قريباً إلى حد ما من دستور ألمانيا الحالي ، وضعته أيضاً لجنة معنية وليست منتخبة ودفن في الأدراج ولم يظهر إلى النور حيث انتصر منطق الدستور الرئاسي في مناقشات مجلس قيادة الثورة على الدستور البرلماني الذي كان يعتمد في جوهره على عودة الأحزاب السياسية بعد تطهيرها فصدر دستور 1956 الرئاسي والذي انتخب على أساسه الزعيم جمال عبد الناصر في استفتاء يناير 1956 الذي جمع بين الدستور والرئاسة في بطاقة واحدة تم الاستفتاء عليها ، وبعد الوحدة مع سوريا سنة 1958 صدر إعلان دستوري لدولة الوحدة وفي سنة 1964 صدر دستور مؤقت ثم صدر دستور 1971 في عصر الرئيس السادات وهو الدستور الذي عدله السادات ومبارك عدة مرات كانت آخرها تعديلات 2007 التي اشتملت 32 مادة وكل هذه الدساتير أصدرتها وعدلتها لجان معينة متخصصة في القانون الدستوري وغير حزبية وحين شكل تيار الإسلام السياسي جمعية تأسيسية لوضع دستور ما بعد ثورة يناير من مائة عضو أغلبيتهم من أحزاب دينية ويفتقرون إلى العناصر القانونية المتخصصة ، والتمثيل المتوازن لكل فئات وطوائف وآراء ورؤى الشعب المصري كانت النتيجة دستوراً مشوهاً متحيزاً سيء الصياغة يحتوي على كثير من ركاكة الصياغة وتناقض الرؤى ويقترب من الدولة الأوثوقراطية الدينية أكثر من الدولة المدنية العصرية ؛ ولذلك عطله الشعب المصري بعد احتشاده الأسطوري الرافض لحكم الجماعة في 30 يونيو سنة 2013 وعاد إلى نظرية تشكيل لجنة من عشرة خبراء في القانون الدستوري تضع مقترحات فنية متخصصة لتعديله تناقش ويتم إقرارها أو تعديلها النهائي من خلال جمعية من خمسين عضوا تم اختيارهم من خلال المؤساسات الشعبية والمجتمعية والنقابات المهنية والتيارات السياسية والقيادات الدينية والمثقفين والنشطاء السياسيين والشباب والمرأة بشكل متوازن لوضع دستور لدولة مدنية عصرية لا ينحاز إلى فئة على حساب فئة ويساوي بين المصريين جميعاً دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو المذهب أو العرق ويؤدي إلى الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث تنفيذية وتشريعية وقضائية ويؤكد على استقلال القضاء واحترام أحكام القانون ويضع العدالة الاجتماعية ورعاية الفئات المهمشة والمستضعفة أساساً لمواده ويحافظ على حقوق الأقليات الدينية والعرقية ويساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات ويؤكد الهوية الوطنية المصرية كمشترك أعلى بين جميع المصريين ويؤصل الانتماء لمصر تاريخاً وقومية ويرعى الحريات في التعبير والإبداع والنقد والمعارضة السلمية بالحجة والرأي ويدعم حقوق الإنسان ويوزع السلطة بحيث يجفف منابع ظهور أي طغيان أو دكتاتورية أو تمكين لفئة أو حزب أو جماعة من مفاصل الدولة ويقنن دور الجيش والشرطة في تحقيق الأمن القومي والاستقرار المجتمعي دون انحياز لسلطة أو نظام حاكم ، وتاريخنا العريق الذي يقارب مائة وأربعين عاماً في صياغة الدساتير يدفعني إلى التفاؤل بقدرة هذه اللجنة الخمسينية على وضع دستور عصري يليق بمكانة مصر وتاريخها العريق ومكانتها الإقليمية والدولية وتنوعها الفكري والسياسي الذي يجمعه رغم الاختلاف هدف وطني واحد إذا خلصت النيات وكان الهدف صالح الأمة وتقدم الوطن واللحاق بركب الحضارة الحديثة ، ولا أجد مبرراً مقنعاً لمن يتظاهرون بالخوف على الدين والعقيدة والشريعة لأنها راسخة في نفوس المصريين ولم تحتج يوما لنصوص دستورية لفرض دين أو عقيدة على المصريين فهم أكثر الشعوب تمسكاً بعقيدتهم وشرائع أديانهم واحترامها دون حاجة إلى أي نص مقيد أو فارض لرؤية جماعة أو حزب.
#هيام_محى_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة السورية المشكلة والحل
-
المهندس هشام نجار تحاوره الصحفية والإعلامية هيام محى الدين
-
* ماذا يريد الإخوان *
-
الشرق الأوسط بين جبهتين
-
الصفعة السعودية وسقوط المشروع الأمريكي
-
بطولات خالدة
-
الجمعية العمومية للشعب المصري ونضج الوعي السياسي
-
الإعلام والمجتمع
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|