|
فى امارة همجستان الاخوانية عودة تشافيز الى الحكم هى الحلم
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 21:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القرآن بدأ بـ(اقرأ)، وسنظل نتحاور بالمقالات والكلمات والمحاورات لنوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس هناك خلافاً بين أنصار الإسلام وأعدائه، فالخلاف فى الرؤى، وهذه الرؤى لا تتناقض مع الإسلام، لكن الفريق الذى أنتمى إليه لم ير أبداً أن الإسلام دين عنف، الإسلام هو دين القول بالتى هى أحسن، ولأجل هذا نحن ندين الإرهاب لأنه قول وفعل بالتى هى أسوأ، التاريخ نقل إلينا حوار أبى حنيفة مع ملحد، كان الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف!!!.. حيث قالوا : في أي جهة يتجه ربك ؟!!..قال : لو أحضرتم مصباحا في مكان مظلم إلى أي جهة يتجه النور ؟ قالوا : في كل مكان ..قال : إذا كان هذا النور المصنوع فكيف بنور السماوات والأرض !؟...قالوا : عرّفنا شيئا عن ذات ربك ؟ أهي صلبة كالحديد أو سائلة كالماء ؟! أم غازية كالدخان والبخار؟...فقال : هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير؟!..قالوا : جلسنا .... قال : هل كلمكم بعدما أسكته الموت ؟ ...قالوا : لا...قال : هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك ؟...قالوا : نعم...قال : ما الذي غيره ؟!..قالوا : خروج روحه...قال : أخرجت روحه ؟! قالوا : نعم ... قال : صفوا لي هذه الروح ، هل هي صلبة كالحديد أم سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار ؟!... قالوا : لا نعرف شيئا عنها !!.. قال : إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى كنهها فكيف تريدون مني أن اصف لكم الذات الإلهية ؟ !!!...رحم الله ابا حنيفة ما أعقله حيث ادار حوارا بالحروف أما عصابة الاخوان فتدير حوارا بالكلاشينكوف لأنهم يعيشون وهم أقامة خلافة أو امارة همجستان الدينية !!!... انهم كذبة يخونون بذمة ويكذبون بصدق !!!... وخير مثال على صدق كلامى عندما اعتقل اسد المجاهدين عمر المختار لم ينكر جهاده ضد الاحتلال الايطالى لبلاده على الرغم من انهم حاولوا شراء ضميره بالعفو عنه !!!..لكنه رفض ومات بطلا يدافع عن قضية شعبه ووطنه ....هذا هو الفرق بين رجل يحمل قضية أو مبدأ ورجل مثل صفوت حجازى او البلتاجى او مرشد الاخوان بعد القبض عليهم حيث انكروا جميعا كل ما فعلوه فى رابعة العدوية او جهادهم على حسب زعمهم !!!...لانهم بكل بساطة لايجاهدون من اجل قضية أو مبدأ ..انهم يجاهدون من اجل كرسى زائل وملك عضوض لذلك اشفقت كثيرا على من مات وهو يصدق هؤلاء الكذبة الذين يخونون بذمة ويكذبون بصدق !!!من أجل استدعاء النموذج الشافيزى الذى شهدته كراكاس حينما أطاح الجيش بالرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز.... وإذا كان التماثل قائم في أن كل من الرئيس مرسى وصل مثله مثل تشافيز إلى المقعد الرئاسى عبر اقتراع ديمقراطى مباشر، إلا أن الاختلاف الرئيس هو أن الأخير قد حظى بدعم شعبى وقدرة على المناورة السياسية فى مواجهة خصومه، بينما لم يكن لمحمد كرسى أو مرسى عابد الكرسى نصيب سواء من الكاريزما الشخصية أو القدرة على الحركة السياسية السريعة في استجابتها لما يطرأ من تطورات على الساحة السياسية الوطنيةالمصرية ...
لقد كان كان لتواضع إمكانات محمد كرسى أو مرسى الى جانب قادة الجماعة واعتقادهم أن امكاناتهم الدعوية قادرة على تعويضهم سياسيا، ناهيك عن الاعتماد على شركاء من الجماعات الإسلامية التى تميل إلى استخدام العنف والتكتيكات الأصولية المتشددة كل هذا نال من صدقية الجماعة، وساهم فى تشويه الصورة النمطية لجماعة "الإخوان فى الوعى الجمعى المصرى، لاسيما حين تصدر عاصم عبد الماجد وطارق الزمر وغيرهما صدارة منصات رابعة العدوية والنهضة.... لذلك وبعد أيام على إزاحة محمد كرسى أومرسي من سدة الحكم ، توالت ردود الفعل سائرة في اتجاهين متناقضين، بين من يرى أن ما حدث ثورة شعبية، ومن يرى انها انقلاب على الشرعية التي أتت بمرسي رئيسا عبر الانتخابات.....وبدأ يلوح في ذهن جماعة «الإخوان المسلمين» التي ينتمي اليها مرسي سيناريو يحاكي الأحداث التي شهدتها فنزويلا في العام 2002 والتي أعادت هوغو شافيز رئيس فنزويلا الراحل إلى سدة الرئاسة بعد 48 ساعة من إطاحة الجيش والحرس الوطني به عقب نزول الجماهير المؤيدة له إلى الشوارع والساحات وتنظيم الاعتصامات المطالبة بعودته.... لذلك يأمل أنصار المعزول محمد كرسى أومرسي بعودته على طريقة عودة تشافيز !!..حيث خرج أكثر من 300 الف من المعارضين لتشافيز في مسيرة سلمية باتجاه مقر شركة النفط الوطنية الفنزويلية في العاصمة..... كان هناك تصميم على اعتماد فكرة مواجهة «المجتمع المدني» للديكتاتورية.... وفى تمام الساعة الواحدة ظهرا في القصر الرئاسي، أعلن وزير رئاسة الجمهورية رافيال فارغاس بينما كان شاحبا بأن هناك «مؤامرة»..... وفى الساعة الواحدة واربعون دقيقة مع تسلسل الاحداث، تقدمت مسيرة المعارضين للتظاهر امام القصر الرئاسي وامرت الرئاسة بالسماح لهم دون الاقتراب كثيرا تجنبا لمواجهات قد تنتهي بكارثة»....
رجال يرتدون الزي العسكري الفنزويلى تصرفوا بالطريقة الميكافيلية.... ولم تأمر القيادة العليا للحرس الوطني بأي عملية كبيرة لمنع ما لا مفر منه (اي مواجهة المتظاهرين).... و تمكنت جماهير المعارضة من الاقتراب إلى أقل من 100 متر من المنطقة الرئاسية حيث كان هناك ايضا عشرات الآلاف من أنصار تشافيز، بعضهم مسلح بالعصي والحجارة، لحماية الرئيس بأجسامهم كما فعلت جماعة الاخوان فى احداث الاتحادية ..... خمسة عشر عنصرا من الحرس الوطني الفنزويلي تدخلوا لمنع الصدام في مشهد سريالي، عبر استخدام الغاز المسيل للدموع، وتمكن الرجال من تحقيق استقرار الوضع على الارض ....الصدام بين المؤيدين والمعارضين لتشافيز تسبب في 15قتيلا و350 جريحا في ذلك اليوم المأساوي الذي سببه اطلاق عناصر الأمن الرصاص على مشاركين في مظاهرة سلمية.... قناصة على أسطح المنازل قيل انهم من المعارضين لتشافيز صوبوا اسلحتهم بدقة متناهية ومميتة نحو المتظاهرين..... مع تشويش تام، اندلعت مشاجرة على نطاق واسع بين المؤيدين والمعارضين..... بالقرب من محطة المترو، فرقة من الحرس الوطني فرقت مجموعة من المتظاهرين التي تستعمل الحجارة من خلال أسراب من قنابل الغاز المسيل للدموع....الحرس الشرفي للرئيس تشافيز آنذاك ألقى القبض على ثلاثة قناصة، من بينهم اثنان من ضباط الشرطة.....
في اليوم التالي، على شاشات التلفزيون الوطني الفينزويلي، أعلن نائب الأدميرال فيسنتي راميريز بيريز: تمكنا من السيطرة على جميع المكالمات الهاتفية للرئيس مع قاداته الأمنية.... التقينا في الساعة 10 صباحا لتخطيط العملية، «ما العملية؟» في ذلك الوقت، لم يعرف رسميا، تيار المعارضة ما الذي يتم التدبير له ضد تشافيز لا أحد يعرف ؟؟...في السادسة مساء تم الوصول إلى الهدف، مع زيادة عدد الضحايا من المصادمات بين معارضي الرئيس والمؤيدين، أعلن الجنرال ايفرين فاسكيز فيلاسكو ان الجيش لن يطيع الرئيس تشافيز.... وقبل ساعات قليلة، أعلنت قيادة الحرس الوطني الشيء ذاته .... في الساعة الثالثة صباحا، اعلن الجنرال لوكاس رينكون بيانا آخر قال فيه: في ضوء هذه الحقائق، طلبنا استقالة رئيس الجمهورية!!... وأعلن ان الرئيس وافق على ذلك !!... وامتد البيان لعشرين دقيقة، على شاشات التلفزيون، بعد 36 ساعة متتالية من الأحداث والصدام بين المؤيدين والمعارضين....وتم عزل تشافيز وعين في اليوم نفسه في 12 أبريل رئيس منظمة أرباب العمل كارمونا كرئيس انتقالي لفنزويلا وامر بنفسه بحل الجمعية الوطنية، وجميع الهيئات الحكومية، واقال المحافظين ورؤساء البلديات.... في اليوم نفسه أيضا هنأ المتحدث باسم البيت الأبيض الجيش والشرطة لرفضهم إطلاق النار ضد المتظاهرين السلميين...مؤيدو تشافيز انقادوا الى رفض الانقلاب وعزل الرئيس، وفي الوقت نفسه أدانت منظمة الدول الأمريكية الانقلاب، فيما سفراء الولايات المتحدة وإسبانيا في كراكاس كانوا مندفعين لتهنئة الرئيس الجديد...وفي الوقت نفسه،كما شنت حملة على الوزراء والنواب والناشطين وتم تفتيش المنازل واعتقل 120 من الموالين لتشافيز في غياهب السجون....وعلى القناة الوطنية الفنزويلية، صرح العقيد خوليو رودريغز سالاس، مع ابتسامة كبيرة «كان لدينا سلاح عظيم للاطاحة بشافيز وهو وسائل الإعلام! وأنا أريد أن أهنئكم «باسم الديموقراطية،», المجتمع المدني بانتفاضته على تشافيز الذى ساهم في اقامة ديكتاتورية بدل ديموقراطية، ويعود الأمر الى الشعب لاستعادة الديموقراطية»....
دون مقاومة لمنع حمام دم، كان تشافيز المعزول لم يستقل وكان محتجزا.... في 13 من ابريل، نزل أنصار تشافيز بمئات الآلاف واحتلوا الشوارع والساحات في جميع أنحاء البلاد..... في فترة ما بعد الظهر، ساعد بعض عناصر حرس الشرف الرئاسي مستفيدين من الفوضى على دخول بعض الوزراء التابعين لتشافيز لاعادة احتلال مكتب الرئاسة.... اقتداءا بالجنرال راؤول بادويل، قائد لواء المظليين 42 في ماراكاي، بعض القادة في الجيش الفنزولي المؤيدين للدستور استعادوا السيطرة على جميع المؤسسات الأمنية..... انقسمت بذلك البلاد بين مؤيد لشرعية الدستور وآخرون مؤيديين لانقلاب الجيش على تشافيز....دون رؤية واضحة، وخوفا من ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها من المواطنين، وتفاديا لاشتباكات بين القيادات العسكرية العليا تمت اعادة الرئيس الشرعي لجمهورية فنزويلا ليلا ليطل على شعبه من القصر الرئاسي من جديد بعد ان تمت السيطرة على الذين قاموا بالانقلاب عليه!!...عقب عودة تشافيز لتولي مقاليد الحكم مرة ثانية في منتصف أبريل 2002 إثر فشل الانقلاب الذي قام به بعض ضباط الجيش الفنزويلي وبعض رجال الأعمال المعارضين لسياسات تشافيز الاقتصادية، تعهد الأخير بتنفيذ قرارات عدة منها: العفو عن القيادات العسكرية التي قامت بالانقلاب عليه، وإجراء تحقيق شامل حول أحداث العنف التي ارتكبتها قوات الأمن والحرس الرئاسي ضد المتظاهرين الذين تجمعوا حول القصر الجمهوري يوم 11 أبريل 2002 للمطالبة باستقالة تشافيز، ما أوقع نحو 35 قتيلا وأكثر من جريح من بين المتظاهرين الذين وصل عددهم آنذاك إلى أكثر من نصف مليون فرد، بالاضافة إلى تعهده باجراء حوار وطني بين أطراف العملية السياسية كافة في فنزويلا....وتتضح معالم عودة شافيز الى كرسي الرئاسة بعد نزول مناصريه واحتلالهم الميادين، ونظرا للخوف من هذه الحشود ودخول البلاد في كارثة صدام دموي اختار البعض عودة الرئيس، الا ان الوضع في مصر قد يكون غير متطابق مع ما حصل في فنزويلا في 2002 لأنه في مقابل عدة آلاف ممن يطالبون بعودة محمد كرسى أو مرسي ثمة ملايين في الجهة المقابلة دعمت خريطة الطريق التي تم الاتفاق عليها بين القوات المسلحة المصرية وعدد من الأحزاب المعارضة بمباركة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية !!...وفي مواجهة تأكيدات ميدان «رابعة العدوية» حيث كان يحتشد مؤيدو محمد كرسى أو مرسي أنه عائد «خلال ساعات» حينا و«خلال أيام» حينا آخر و«سنبقى في الميدان حتى عودة مرسي»!!، كان في مواجهتها تأكيدات مضادة من «ميدان التحرير» الممتلئ بمعارضي مرسي بأن الشعب استرد شرعيته التي منحها لمرسي عقب ثورة 25 يناير 2011، ولا شرعية غير شرعية الشعب....
محمد كرسى او مرسى يختلف عن تشافيز لانه فى الوقت الذى سعى فيه الرئيس تشافيز إلى تشييد بناء دستورى يلبى طموحات المواطنين الفنزويليين على تباين خلفياتهم وتعارض مرجعياتهم الأيديولوجية والسياسية، لجأت جماعة الإخوان ومرسيهم إلى الانفراد بالرأى والدفع فى اتجاه أسلمة قوانين ومواد دستورية.... بل وحيثما كان ذلك مطلوبا من وجهة نظرهم، فقد اتجه الرئيس مرسى وجماعته بالأساس نحو إقامة بناء دستورى لا يراعى ظروف البيئة المحيطة أو تهدئة المناخ المشحون، ففرضت الجماعة استناداً إلى أغلبيتها العددية فى الجمعية التأسيسية مواد دستورية أثارت سخط الشارع، وألهبت حماس المعارضة....فى هذا السياق العام يفتح الباب مجدداً على مصراعيه، خصوصا بعد إزالة اعتصامى رابعة العدوية ونهضة مصر حول ذات السؤال الذى تكرر فى أعقاب عزل محمد كرسى أو مرسى، وهو هل يمكن حدوث تحرك عسكرى، أو انقلاب مضاد يعيد مرسى إلى مقعده كما عاد شافيز بعد انقلاب خائب في أبريل 2002 لم يدم أكثر من يومين؟.. لايختلف اثنان أن الواقع من خلال القراءة الدقيقة للحالتين تشير إلى تباينات شديدة بينهما، وتباعد لا تخطئه عين، ولا حتى عين التيار الإسلامى نفسه فى مصر، من حيث الطبيعة الجوهرية للتجربتين داخليا وخارجيا على السواء....فداخليا يبدو واضحا تمتع الجيش المصرى بقدر عال من التماسك والولاء لقيادته، ولذلك انقشعت سريعاً كافة الأقاويل والشائعات التي تم ترويجها بشأن انقسام الجيش وانشقاق عدد من عناصره، ففى تصريح له أكد الفريق أحمد وصفى قائد الجيش الثانى الميدانى على "وحدة القوات المسلحة بجميع فصائلها وتضامنها مع الشعب المصرى "وأضاف أن "القوات المسلحة على قلب رجل واحد بداية من الفريق أول عبد الفتاح السيسي وحتى أحدث مجند ومهمتهم هي حماية أمن الوطن والمواطنين".....أما وضع المؤسسة العسكرية في فنزويلا فقد كان مغايرا تماماً، إذ انقسم الجيش الفنزويلى فى شأن خلع تشافيز، ففي الوقت الذي تحالف فيه عدد من الجنرلات الفنزويليين مع قوى المال والإعلام آنذاك لتهييج الشارع الذى تم الالتفاف عليه وخداعه لإزاحة الرئيس شافيز (كان بارزاً هنا ما بثته شاشات التلفزيون من تصريحات بعض ضباط الجيش بأنهم لم يعودوا يعترفون بالرئيس شافيز رئيساً للدولة)... في المقابل نجد أن بعض الجنرالات سحبوا تأييدهم علنا للرئيس بيدور كارمونا الذى خلف تشافيز، والدعوة والمطالبة بتقديمه لاستقالته فورا....
وأيضا نجد على الصعيد الداخلي أن القاهرة كانت قد شهدت احتقاناً غير مسبوق، ووصل المشهد السياسي إلى ذروة الأزمة بعدما سارعت الجماعة في محاولة تفصيل المشهد السياسى على مقاس طموحاتها السياسية، وبدا ذلك بداية في الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر 2012، ثم فى الإصرار على الإبقاء على حكومة هشام قنديل الضعيفة والنائب العام المعين بطريقة غير دستورية، جنباً إلى جنب التدخل من وراء ستار لمكتب الإرشاد فى إدارة المشهد السياسى المصرى....وهذا الواقع يبدو مختلفا إذا ما قورن بحالة الرئيس تشافيز آنذاك الذي أعلن منذ أيامه الأولى في الحكم عن تدشين خطة بوليفار 2000 والتي ارتكزت بالأساس على برنامج رعاية اجتماعية ضخم لمكافحة الفقر وللتنمية المدنية، وكذلك دستور جديد... كما أنه فى ذات الوقت الذي سعى فيه إلى وضع مؤسسات الدولة بشكل تدريجي تحت سيطرته الشخصية بدلا من القفز عليها جملة واحدة، كثف من سعيه الحثيث نحو تسجيل المواطنين في المناطق الفقيرة التي استفادت من برنامج بوليفار في الجداول الانتخابية حيث كان أغلبية المواطنين الفقراء غير مسجلين أساسا....ورغم أن محمد كرسى أو مرسى حاول استدراك أخطائه فى خطابه الأخير ، إلا أن ذلك لم يفلح في تهدئة الاحتقانات السياسية التي تصاعدت لدرجة لم تعد فكرة الاحتشاد الداخلي ودعوات الحوار مع فصائل المعارضة وحتى مؤسسات الدولة التى دخل معها فى حرب ضروس قادرة على إيقاف ما حدث في 30 يونيو، و3 يوليو 2013...ولذلك نجد أنه بينما استطاعت الحشود الجماهيرية المعارضة لمرسى في إقصائه خارج ملعب السلطة، نجد أن نظيرتها فى فنزويلا قد نجحت في إعادة تشافيز إلى مقعد الحكم، وهو تطور يصعب حدوثه اليوم فى مصر نظراً للرفض الشعبى لعودة مرسى فضلا عن صعوبة تراجع المؤسسة العسكرية الموحدة خلف قيادتها الحالية عن دعم الموجة الثورية الثانية التى شهدتها البلاد فى 30 يونيو!!...
الفارق الرئيس بين تشافيز ومحمد كرسى أو مرسي هو وقت تنفيذ إجراءات العزل، فالأول تمت بعد فترة رئاسية كاملة وخلال فترته الرئاسية الثانية، أما مرسي فتم عزله بعد سنة واحدة فقط ... هذا يعني أن الناس رأت نجاح تشافيز في الاقتصاد وكان التحسن واضحاً خصوصا على الطبقة العاملة والفقراء، أما مرسي فكان خروجه في أصعب لحظات مصر الاقتصادية، مما جعل الزحف الشعبي أضعف مما كان عليه الحال في فنزويلا لأنه افتقد للزخم العام واقتصر على المؤيدين للفكرة التي جاء بها الاخوان فقط ....الى جانب أن خروج تشافيز جاء بعد أن أصبح له داعمين داخل النظام الجديد وله أنصار في مناطق سلطة، كل أولئك دعموه وأفشلوا الحكومة البديلة التي لم تجد الدعم الكافي لتوطد أقدامها....الجدير بالذكر أن خروج مرسي جاء في ظروف مشابهة تقريباً لخروج تشافيز، مظاهرات مؤيدة وأخرى معارضة، مقتل بعض المتظاهرين وأحداث عنف، وتدخل عسكري حاسم .... لكن الفرق أن التدخل العسكري لم ينل اتفاق كل القادة وكذلك توقيت الأمر جاء بعد أن عرف الناس من هو تشافيز ورأوا إنجازاته الواضحة للشعب الفنزويلي، في حين أن خروج مرسي جاء بعد أن لم يستطع الشعب إيجاد الكهرباء أو البنزين .. وهو فرق مهم جداً للحياة الاجتماعية والدعم الجماهيري المستمر....لذلك أقول لجماعة الاخوان أن الحديث عن إمكانية استيراد نموذج تشافيز خرافة، لاسيما إذا أخذنا فى الاعتبار العامل الخارجى، فبينما حظي الرئيس تشافيز آنذاك بقبول قوى دولية معتبرة خاصة في الجوار الإقليمي المباشر، حتى وإن عارضته الولايات المتحدة وحلفائها مبكراً، نجد أن الرئيس مرسى منذ قدومه للسلطة قد ووجه بحالة حذر من الخارج، حيث أصاب الضعف العلاقات المصرية الخليجية وهي قوى إقليمية مهمة لمصر خاصة في ظل وضعها الاقتصادي المتردىو المأزوم... في الوقت ذاته كانت العلاقات مع القوى الغربية وخاصة دول الاتحاد الأوروبي قد اتسمت بقدر كبير من الحذر بينما لم تراوح العلاقة مع أفريقيا مكانها، بل ربما تعقدت هذه العلاقات أكثر مما كانت عليه خاصة بعد شروع أثيوبيا في بناء سد النهضة، والتعامل الركيك والغير محسوب من قبل مؤسسة الرئاسة مع الأزمة، وبدا ذلك في إذاعة مناقشات ما عرف بالحوار الوطني حول أزمة السد على الهواء، دون أن تحرك الرئاسة ساكناً أو تتخذ إجراءًا بشأن محاسبة من تورط في هذه الكارثة....
خلف ما سبق تبقى حالة الانقسام المجتمعى التى تمثل العنوان الأبرز فى القاهرة حجر عثرة أمام استحالة تكرار النموذج الفنزويلى، ففي مقابل حشد لقوى معارضة لإقصاء محمد كرسى أو مرسى تضم معظم قوى التيار الإسلامي بشكل رئيس، تسعى حشود أخرى أكبرمنها بكثير جدا إلى طى صفحته والتأسيس لمرحلة جديدة، على عكس حالة تشافيز الذى كانت هناك أغلبية شعبية واضحة معارضة لعزله، وهو ما دفع المؤسسة العسكرية إلى التجاوب مع الإرادة الشعبية....لذلك النموذج الفنزويلي الذى خلقته إرادة شعبية موحدة يختلف جملة وتفصيلاً عن الحالة المصرية، وأن بدت بعض أوجه التشابه هنا أو هناك.... لذلك فإن تواتر أحاديث المناهضين لعزل الرئيس مرسى حول امكانية استلهام نموذج تشافيز 2002 يبقى قائما من منظور "الواقع والمأمول"، لكنه من الناحية العملية يمكن التعامل معه باعتباره خرافة تجافى معطيات الواقع وتخاصم العقل والمنطق....لذلك قد يكون من الأجدى للجماعة الإسراع فى لملمة جراحها وترتيب اوراقها المبعثرة والتخلى عن العنف و نبرات التهديد بجر مصر باتجاه النموذج الجزائرى أو الفنزويلى التي تلوكها ألسنة بعض المنتمين للتيار الإسلامي وخاصة من الإخوان الى جانب استهلاك الوقت والجهد في نموذج بات من الواضح أنه لا ينطبق على الحالة المصرية.... ولاسيما وأن عمليات العنف التى شهدتها البلاد طوال الأيام التى خلت لم تنجح سوى في تكريس صورة ذهنية سلبية عن الجماعة!!...لذلك من «فنزويلا» إلى «مصر»، كلٌ يرى الأمور وفق مبادئه وتوجهاته.... ثمة من يريد أن يُسقط سيناريو «تشافيز وفنزويلا» بشكل كامل على أحداث «مصر ومحمد كرسى أو مرسي»، وثمة من يرى أن من غير الممكن حتى المقارنة في هذا الأمر!!...
حمدى السعيد سالم
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هو وهى والزمان
-
تحليل جيوبوليتيكي استراتيجي للأزمة السورية
-
ارحلى ..
-
كشف المستور عن مؤامرة الربيع العربى
-
يا توكل كرمان او ( تبول خرمان ) قبل ما تنصحى غيرك انصحى نفسك
-
الواقع فشخ الخيال فى علاقة اوباما بالاخوان
-
نظرية الدومينو السياسية تعكس عمق مخاوف اوردوغان من العسكر ال
...
-
يا اوردوغان : خليك فى حالك!!
-
امريكا هى الدولة الراعية للاخوان
-
اسماء محفوظ العميلة جنت ثمار الثورة المصرية ودماء الشهداء
-
السيسى اخرج الاخوان من المشهد السياسى بالضربة القاضية
-
كبريائى
-
هل للحب وجود ؟؟؟
-
كل عام وانت حبيبتى
-
هل أتاك حديث البرادعى عميل الامريكان؟!!
-
تباريح حبى ...
-
اللبؤة التى قامت تعجن خروج آمن لقادة الاخوان في البدرية
-
حبيبتى من تكون ؟؟
-
أنا مع الجيش المصرى فى حربه ضد الارهاب الاخوانى
-
تسلم الايادى ... ياسيسى يا أبن بلادى
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|