حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 21:21
المحور:
المجتمع المدني
كيف يتحول العنصري إلى وطني؟! أو كيف يتحول الطائفي إلى وطني؟! أو كيف يتحول القاتل أو الجاهل، ولا فرق بينهما في النتيجة، إلى وطني؟! .. الوطنية تعني وطن بأكمله من أقصاه إلى أقصاه. تعني (مواطن) بكل التناقضات التي يبديها (إنسانه) بغض النظر تماماً عن صفته الدينية أو المذهبية أو العرقية أو الفكرية أو السياسية. تعني (مبدأ) لا يتأثر بخلاف الآخر العقائدي أو الفكري، ولا يتلون باختلاف الآخر العِرقي أو السياسي. إلا أن المكان الوحيد لهذا التناقض الهمجي البائس هو: الوطن العربي.
عندما يتغير المعيار الأخلاقي، وبالتالي الموقف، في قضية متشابهة إنسانياً بسبب الانتماء الديني أو العِرقي أو الفكري أو السياسي فاعرف مباشرة أن هذا الإنسان لا أخلاق له.
أحد المشاكل الخطيرة في المجتمعات العربية أنها مستقطبة دينياً ومذهبياً إلى حدود الكراهية المتطرفة التي يتقزز منها أي إنسان سوي إذا عرفها حق معرفتها عندهم. ففي سبيل دينه أو مذهبه فإن أي مواطن عربي مستعد لأن يغض النظر تماماً عن الجرائم التي ترتكب في حق الآخر المختلف عنه، بل هو نفسه مستعد لأن يذهب إلى أبعد من ذلك، فهو قد يشارك فيها أو يبرر لها، ثم ينام مرتاح الضمير.
الدين أو المذهب أو العِرق في مجتمعاتنا مختلطة اختلاطاً كاملاً في الموقف الأخلاقي أو السياسي الذي تتخذه الشعوب العربية حتى وإن أنكروا ذلك وتظاهروا بالحياد والموضوعية. إنها حالة تشّفي واضحة بالطرف الآخر لا تخفى على قوي الملاحظة. حالة استعداد انتهازي تتدنى فيها المعايير الأخلاقية المحايدة المجردة إلى حدود البؤس الإنساني. فجميع أفراد هذه المجتمعات معجونون عجناً بأديانهم ومذاهبهم وانتماءاتهم العِرقية بحيث لا أمل هناك في موقف أخلاقي محايد على الحقيقة. هي أزمة أخلاق قبل أن تكون أزمة سياسة. ولا أحد بريئ منها إطلاقاً.
المشكلة الرئيسية في الوطن العربي هي مشكلة اجتماعية دينية طائفية عِرقية، وليست سياسية بالدرجة الأولى. هي مشكلة قيم وليست مشكلة بُنية سياسية تراتبية. تلك القيم العنصرية في أساسها يتبناها المجتمع، كبداهة، ضمن معاييره التي ينشأ عليها، ويتعامل من خلالها، ويربي أبناءه وبناته عليها ليخرجوا بدورهم مشوهي المعايير فيما يخص (الإنسان) كقيمة مطلقة تتعالى على الدين أو المذهب أو الأصل أو اللون. ومن خلال تلك القيم المشوهة التي تربى وترعرع عليها هو يحاول جاهداً أن يقتص من حقوق المختلف عنه بأي طريق ممكن وإلى حدود التصفية. فكفاكم أعذاراً سخيفة تخرج إلى السذاجة، وحاولوا أن تنظروا في المرآة. فإن كان هناك أمل لهذه المجتمعات فهو بالمصارحة شديدة الوضوح. إذ لسبب ما كتب الشاعر علي السبتي في إحدى قصائده:
كلهم سَفَلة ْ
القتيلُ ومَن قتله ْ
يدّعونَ بأنهم يحملونَ الصليبَ إلى الجلجلة ْ
وهم يحرقون العروقَ ... إذا برعمتْ سُنبلة ْ
كلهم سفلة ْ
#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟