|
المؤتمر القومي الكردي...1
اكرم هواس
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 20:16
المحور:
الادارة و الاقتصاد
منذ فترة قصيرة أطلق رئيس إقليم كوردستان السيد مسعود برزاني دعوة لقد مؤتمر قومي للكورد بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية و الجغرافية .... هذه الدعوة لا تمثل الحلم الكوردي التاريخي فحسب ... بل كما يؤكد شركاء الرئيس برزاني في اقليم كورستان و اعني بها الاتحاد الوطني الكوردستاني فان هذه الدعوة تمثل ايضا امتدادا لدعوات و محاولات سابقة تقدمت بها قوى سياسية فعالة و شخصيات ذات تاثير..
و بغض النظر عن الرؤئ المختلفة حول تاريخ هذه الدعوة إلا انه يبدو أن الدعوة تجد ترحابا من لدن اغلب القوى السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية في كل اقاليم كورستان اي في البلدان التي تحوي خارطتها السياسية جزءا من جغرافية كوردستان المترامية... حيث تبدي تلك القوى استعدادها للتفاعل مع الدعوة و المساهمة في بناء الأسس العملية و القانونية لامة تؤكد الكثير من المؤشرات التاريخية انها وجدت منذ آلاف السنوات لكنها تعرضت لهيمنة قوى خارجية عملت على تمزيق اوصالها.... و لذلك فان التصور العام لدى جميع تلك القوى هو انها بغض النظر عن اختلافاتها السياسية و الأيديولوجية ينبغي لها أن تساهم في تحقيق هذا المشروع الكبير الذي يؤشر الى تطور هائل في الشرق الأوسط..
مما لا شك فيه ان هذا التطور الاجتماعي السياسي و الجيواستراتيجي لا يمكن أن تقتصر تأثيراته على الكورد وحدهم بل ستمتد اسقاطاتها الى جميع شعوب المنطقة بجميع بناها و هيكلياتها السياسية و الاقتصادية و مكوناتها الاجتماعية و الثقافية و ستشكل تحديات جوهرية في المفاهيم و الأسس المعرفية امام الجميع في مرحلة تاريخية تتشابك فيها القيم و المصالح بشكل عابر لكثير من الحدود التقليدية .....
لذلك سابداً هذه السلسة من المقالات حول هذا التطور المهم بعرض بعض التحديات القيمية و المعرفية فيما ساحاول في مقالات لاحقة مناقشة عناصر اخرى و هي كثيرة....
و حيث أن الهوية تشكل احد اهم المرتكزات في بناء أي تشكيل سواء كان هذا التشكيل يتعلق بتنظيم سياسي او اقتصادي او اجتماعي ... او أنها تتعلق ببناء شعب او أمة فان من الضروري أن نناقش أساس هذه الهوية خاصة أننا نعتقد أن العناصر التاريخية ليست هي وحدها الحاسمة في عالم اليوم بكل تطوراته التكنولوجية و الاجتماعية التي تجد امتداداتها عبر التطور السياسي و الاقتصادي.... بل نعتقد أن الأسس التاريخية و اللغوية و الثقافة العامة المشتركة ... و هي الأسس الكلاسيكية التقليدية للهوية... يجب أن تدرس و تقيم بل و ينبغي إعادة تعريفها في ضوء التطور الحاصل في العقود الماضية و التطور القادم في العلاقات بين المجموعات البشرية.. و كذلك بين الفرد و الجماعة بالإضافة الى العلاقة بين الدولة و المجتمع حيث تنتشر قيم حقوق الإنسان و الديمقراطية و الشفافية و المحاسبة ... الخ...
من هنا فان الملاحظة الأولى ... هي أن هوية الامة الكردية لابد ان تتسم بقيم إنسانية تتجاوز الاختزالات التقليدية... هذا لا يعني أن تكون أمة إنسانية ليبرالية جامعة لكل البشر كما قدمتها بعض المدارس الفكرية او الديانات تاريخيا.... و إنما يمكنها أن تؤسس مفاهيمها و خصوصيتها بشكل لا يشكل تحديا او تجاوزا لخصوصيات الامم الأخرى... و لعل اهم أساس هو الابتعاد عن الدوافع نحو الانتقام او الانتقاص من قيم الأمم الأخرى و خاصة العرب و الفرس و الترك الذين عانى الكورد من هيمنتهم عبر السنوات الطوال...
هوية الأمة الكوردية يجب أن تؤسس لمفهوم امة خلاقة متعاونة متعاضدة و متضامنة ليس فقط بين شرائحها المختلفة ... بل أيضاً بين الذين يحملون تلك الهوية و يؤمنون بقيمها و بين الذين يحملون قيما لهوية مختلفة و يؤمنون بامم مختلفة...
ثانيا...مع كل الاحترام للبنى الاجتماعية التقليدية إلا أن هذه الهوية لابد أن تؤشر الى وجود حضاري تفاعلي للأمة الكردية... أي التأكيد على أن اللامة الكردية هي أمة مدنية لا تؤسس بناها الاجتماعية و السياسية على أساطير الأولين بغض النظر عن القيمة التاريخية لتلك الأساطير و إنما على أسس تطورية للعلاقة بين الفرد و المجتمع من جهة و من جهة ثانية بين التطور في المجتمع الكوردي و تطور المجتمعات المحيطة بل و تطور المجتمع الكوني بكل ما تحمله قيمة التطور من متغيرات و تحولات...
ثالثا... الهوية الجديدة لابد أيضاً أن تقدم الأمة الكردية على أساس واقعي فيما كل ما يتعلق بالطموحات السياسية و الاقتصادية... شاًنها في ذلك شاًن التلاقح بين استراتيجيات التطور الاجتماعي مع التطور المادي في عالم تتغير فيه القيم على نسق متسارع مع التطور المادي خاصة التطور التكنولوجي... على هذا الأساس فان العلاقات بين الدولة و المجتمع و كذلك بين الأمة الكوردية و الامم الأخرى لابد أن تبنى على أساس حقيقة التطور المتسارع و أساس استراتيجيات قابلة للتطبيق و التحقيق..
رابعا... بناء على ما تقدم فانه من الضروري الأخذ بنظر الاعتبار بان مفهوم الأمة... مثله مثل كل المفاهيم الأخرى... هو مفهوم تطوري متغير... بل أن الامم ذاتها تتغير وفق التطور العام في العلاقات بين البشر... سواء كانوا أفرادا او مجموعات... هذا لا يعني إلغاء للأسس التاريخية و اللغوية و غيرها... لكن أهمية المفهوم التطوري أساسي في جمع شتات أمة مثل الأمة الكوردي تعرضت الى إلتقسيم بشكليه العمودي و الأفقي ... أي السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي-الثقافي بجانب التقسيم الجغرافي... بكلام اخر حيث شهد كل قسم من أقسامه الرئيسية الى مسار تطوري يختلف عن المسار التطوري في الأقسام الأخرى..... هذا الاختلاف في المسار التطوري بكل أشكاله ينسحب أيضاً على الكثير من الشرائح داخل كل قسم..
هذه المبادئ العامة التي عرضت هنا بشكل مختصر جدا سيتم في المقالات التالية تطويرها و مقارنتها للعناصر الأخرى المكونة للامة و منها العلاقات السياسية بين القوى الرئيسة و كذلك دور مختلف الشرائح و المكونات الأخرى..
أتوقف هنا و أرجو أن تكون هذه المقالة و المقالات القادمة مساهمة متواضعة في النقاش العام و الضروري في هذا الموضوع الحيوي الذي قد يغير الكثير في الشرق الأوسط.... كل النقد و التعليقات مرحب بها... سنتابع...
#اكرم_هواس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوهم العظيم...
-
الكون و الكونية و بينهما العشق..
-
الانقلاب ....نموذج ديمقراطي جديد..؟؟..
-
البرزاني وذاكرة الطائرات الحربية....
-
مندلي ما زالت تنتظر...3
-
مندلي ما زالت تنتظر...2
-
قصر... الأوهام..
-
مندلي ما زالت تنتظر....1
-
نكبة..... ام عيد النكبات...؟؟؟...
-
9 نيسان و الفتح العظيم..!!!؟؟؟!!!..
-
مأساة الفيليين ... و الاستثمار السياسي
-
تشافيز... و مشروع الواقعية الحالمة..
-
المرأة و داروين...
-
التحرش الجنسي في منطقة فراغ الواقع-اجتماعي
-
وطن الانسان
-
غزة...ديبلوماسية الدماء..
-
مصر...الثورة و الحرب...
-
العراق... ازمة مستدامة..
-
موسم الاعياد....موسم الاموات... و لكن...
-
مصر... ايران... وسجال الحرب القادمة
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|