أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ساعة الصفر السورية في واشنطن!















المزيد.....

ساعة الصفر السورية في واشنطن!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد جفاء طويل ثم عداء مستحكم، اختارت واشنطن اللحظة التاريخية لتوجيه ضربة عسكرية إلى سورية، فقد استغلت انطلاقة الثورة السلمية السورية، التي قمعتها دمشق بالقوة، لاتخاذ إجراءات من شأنها شنّ حرب ناعمة ضد سورية، مبتدئة بالحصار، ولا سيّما إدراج قيادات سياسية واقتصادية في دائرة الحظر والملاحقة، فضلاً عن التضييق السياسي الذي وصل إلى درجة عزل النظام السوري وتحشيد الحلفاء الإقليميين والدوليين ضده، من خلال استمرار الحرب النفسية وتشجيع النزاع الداخلي المسلح.
ظلّت سياسة الحرب الناعمة مستمرة طيلة العامين ونصف الماضيين، لا سّيما باحتدام الصراع بين السلطة والمعارضة في سورية وارتفاع منسوب العنف إلى درجة خطيرة في ظلّ نشاط بعض الجماعات الارهابية والتكفيرية بما فيها الدولة الإسلامية للعراق وسوريا. ولعلّ هدف تلك السياسة هو زعزعة الكيان السوري وشن حملة إعلامية ضده باعتباره خارجاً على الشرعية الدولية، لا سيّما باستخدامه الأسلحة المحرّمة دولياً، وهو ما حصل في الغوطتين الشمالية والشرقية في 21 آب (أغسطس) 2013، حيث سقط أكثر من ألف إنسان ضحايا أبرياء.
وجاءت تلك اللحظة التي انتظرتها واشنطن، ولا سيّما الادارة الأمريكية لتطوي تردّدها ولتقدِمْ على عمل عسكري محدّد، وهو عبارة عن رسالة شديدة اللهجة إلى سورية بقصف منشآت حيوية ومخازن أسلحة ومقار قيادة وغيرها، علماً بأن تيار الحزب الجمهوري داخل الكونغرس يريد أكثر من ذلك، وهو من المتحمسين لتسليح المعارضة وتوجيه ضربات عسكرية للنظام ومعه جزء من الحزب الديمقراطي، مقابل رأي الرئيس أوباما ومعظم أركان ادارته بما فيه البنتاغون (وزارة الدفاع) والمخابرات المركزية الأمريكية CIA ووزارة الخارجية ومستشار الأمن القومي، فإنهم سعوا لتجنّب العمل العسكري قدر الإمكان والاكتفاء بممارسة ضغوط إقليمية ودولية على المستوى السياسي وأقل منه على المستوى العسكري، وذلك لغاية اتهامهم الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيماوية المحرّمة دولياً، الأمر الذي دفع الرئيس أوباما إلى اتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، وسعى للحصول على موافقة الكونغرس عليها بهدف إعطائها شرعية أكبر!
وخلال الفترة الماضية استخدمت واشنطن سياسة العصا والجزرة، فحاولت سياسياً الضغط على الحكومة السورية لقبول الشروط الأمريكية، ولا سيّما التخلّي عن الأسلحة الكيمياوية التي يسميها البعض " سلاح الفقراء" مقابل الاعتراف بالأمر الواقع، وخصوصاً ببقاء القنبلة النووية "الإسرائيلية"، أي التسليم بالتفوق "الإسرائيلي"، يضاف إلى ذلك مطلب فك الارتباط مع إيران وحزب الله.
وبلا أدنى شك فقد أنهكت الحرب الناعمة سورية، وعمّقت من التناقضات الداخلية لدرجة يكاد فيها الكيان السوري أن يتصدّع، لولا بعض عناصر التماسك التي لا تزال مستمرة، وخصوصاً في الجيش، تلك التي تعتبر قوية حتى الآن لاعتبارات مناطقية وفئوية، لتبدأ بعدها واشنطن بمرحلة جديدة، وهي مرحلة القضم التدريجي وهذا الخيار توصلت إليه واشنطن بعد اتهامها للقيادة السورية باستخدام الأسلحة الكيمياوية، وذلك بالتفكير بتوجيه ضربات عسكرية محدودة ومحدّدة للقضاء على القدرة الصاروخية والجوية والتكنولوجية وضرب البنية التحتية العسكرية، سواء مراكز القيادة أو السيطرة أو المطارات أو الرادارات أو شبكة الاتصالات أو غيرها وهو ما وضعته في مرحلتها الثانية من الحرب المحدودة بعد الحرب النفسية الناعمة.
وحسب تقدير الستراتيجية الأمريكية فإن نجاح هذه الضربات في فترة زمنية معقولة سيمكّنها من إعادة التوازن بين أطراف النزاع (الحكومة والمعارضة) والسيطرة على مخازن السلاح الكيماوي والاستراتيجي السوري، وقد تدفع بعض فرق الكوماندوز للتسللّ على الرغم من أن الإدارة الأمريكية عبّرت أكثر من مرّة بعدم إرسال قوات برّية أمريكية إلى سورية. ولعلّ الهدف الأساسي من توجيه هذه الضربات إنما هو لحماية "أمن إسرائيل" وضمان استمرار تفوقها العسكري في المنطقة، مع نزع عنصر المبادرة من سورية لسنوات غير قليلة.
وقد تذهب واشنطن إلى استخدام طائرات الشبح من قواعدها الجوية في المنطقة، وذلك ترافقاً مع صواريخ كروز وتوماهوك التي ستنطلق ضد المواقع السورية، وقد لا تدوم الحرب هذه طويلاً وقد تكون على شكل متقطع ولكنه متواصل، باختيار أهداف محددة، كما حصل في السيناريو العراقي، الذي استمر لسنوات طويلة، خصوصاً في مرحلة الرئيس كلينتون وسياسة الاحتواء والاحتواء المزدوج " العراق- إيران".
وحتى الآن فإن الأطراف ذات العلاقة ستكون أقرب إلى المتفرج، فإسرائيل سوف لا تدخل حرب تخوضها نيابة عنها واشنطن أو بما يحقق أهدافها، وروسيا " لن تدخل الحرب ضد أحد" حسب تصريح وزير خارجيتها سيرغي لافرورف، وإيران لن تغامر بمستقبلها في دخول الحرب وإن كانت تقف إلى جانب حليفتها سورية، وتزوّدها بالسلاح والخبرة وتشجع حزب الله على التعاون إلى أبعد الحدود، خصوصاً وأن هذه الحرب لا تسعى إلى إسقاط النظام في هذه المرحلة حتى الآن، بلحاظ رد الفعل الروسي والإيراني فيما إذا واصلت واشنطن مشروعها الحربي المحدود.
أما المرحلة الثالثة من الحرب فقد تصل إليها واشنطن، لتبدأ بنشر الفوضى الخلاقة وتفريعاتها الدينية والطائفية والإثنية، بهدف استنزاف المجتمع السوري، حتى ينهار النظام، ويتشظى المجتمع إلى طوائفيات ومناطقيات ودوقيات سنية، علوية، درزية، كردية مع ذراع مسيحي بامتداداته المختلفة وفي ظل هجرات تطال المجموعات الثقافية المختلفة.
ولهذا فإن الإدارة الأمريكية وهي تدرس سيناريوهات الحرب فإنها ترجّح خيار الضربات العسكرية الجراحية، محتفظة بعدم تدخل أحد، لأن الهجوم الواسع الذي يهدف إلى إطاحة النظام سيلقى حالياً رد فعل كبير، ولهذا فإن الخيار العسكري المحدود سيخدم الستراتيجية الأمريكية البعيدة المدى، وقد تذهب واشنطن بعدها إلى إعلان بعض المناطق كملاذ أمن Save Haven وبعضها كمنطقة حظر جوي NO Fly Zone ، وذلك بهدف توسيع دائرة القضم.
وقد حذّر الجنرال دمبسي قائد الأركان الأمريكي الادارة الأمريكية من الخيار العسكري الشامل ضد سوريا، معتبراً ذلك لا يخدم المصلحة القومية الأمريكية وأنه يعارضه بشدّة، ولكن رأي القيادات الصهيونية العسكرية في حديثها مع وزير الدفاع الأمريكي هيغل كان مختلفاً، فحتى احتمال إطلاق صورايخ ضد " إسرائيل" استبعدته هذه القيادات، مؤكدة بأن الرئيس الأسد لن يجرؤ على اتخاذ قرار خطير لمهاجمة "إسرائيل" وفي حال أقدم على ذلك فإن "إسرائيل" ستردّ الصاع صاعين لإعادة سورية إلى العصر الحجري، وهي نفس العبارة التي استخدمها جيمس بيكر في حواره مع طارق عزيز في جنيف عشية الحرب على العراق عقب غزو الكويت.
وسعت واشنطن إلى إيجاد غطاء قانوني لهجومها ضد سوريا حتى وإن كان من خارج الأمم المتحدة، سواء محاولات الثلاثي الأمريكي والبريطاني والفرنسي إقناع شعوبهم بأن النظام السوري استخدم السلاح الكيمياوي في الغوطة، وأنه يمتلك أكبر مخزون في العالم، وأن ذلك يشكل خطراً على سلم وأمن العالم والمنطقة، بما فيها أمن "إسرائيل" حليفتهم، وكذلك فإنه يشكّل خطراً على الأمن القومي الأمريكي، لأن هذا الأخير يشمل العالم كله، ناهيكم عن ذلك فإن صورة الأسد كدكتاتور ترسخت في الإعلام الأمريكي والغربي مثلما هي صورة صدام حسين، حتى وإن لم يتمكن رئيس الوزراء البريطاني كاميرون من الحصول على تأييد مجلس العموم البريطاني للمشاركة في الضربة العسكرية، وذلك لجهة التجربة العراقية المريرة، وارتفعت نبرة الحديث في باريس وبرلين باتجاه انتظار نتائج البعثة الدولية بشأن استخدام الأسلحة الكيمياوية.
إن التعكز على "حق" القوة يعطي لواشنطن "قوة الحق" ويجعلها تبرر أعمالها بما فيها ما يلحق أذى بالمدنيين أو ما تسميه أحياناً ضرب أهداف "صديقة" أو ذات أعراض جانبية، سواء الحرب ضد الإرهاب أو فرض حصار على شعب بحجة تسلط حاكمه أو استخدام طائرات بلا طيار أو غير ذلك. ولعلّ تلك ذرائع جاهزة تلتجئ إليها واشنطن كلّما شعرت بأن الأمر تجاوز حدود القانون والأخلاق والمنطق، وهو ما حصل لدى فضيحة سجن أبو غريب ذات الشهرة الواسعة.
لا تزال ساعة الصفر السورية في واشنطن وفي حين يترقب الملايين من البشر الضربة العسكرية، فإن معاناة السوريين تزداد تفاقماً سواءً كانوا لاجئين أو نازحين أو ينتظرون صواريخ لا قدرة لديهم على ردّها!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المسيحيون أقلية مضطهدة؟
- أوراق خيرية المنصور وشجرة يوسف شاهين
- الرسالة الأمريكية لسورية!
- خريطة التغيير العربية: إضاءات في أطروحات مغايرة!
- تكلفة العدالة الانتقالية !!
- عنصرا اليقظة: الحرّية والقانون
- المبدع في حضوره وغيابه
- وجها الإرهاب: القاعدة ونظام المحاصصة!
- الجامعة وهجرة العقول!
- تصادمت السياسات فانفجر الدم
- مثقف اليوم
- العراق ومشاريع التقسيم!
- آفة التمييز العنصري: هل من علاج؟
- لاهاي وهاجس العدالة!
- نشيد موطني والأَخوَان فليفل
- 45 مليون لاجئ يؤرقون العالم
- مكبّ النفايات الأمريكية
- العدالة الانتقالية: مقاربات عربية للتجربة الدولية!
- العدالة الانتقالية: عفو مستتر أم آلة انتقام؟
- شرنقة الفصل السابع


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - ساعة الصفر السورية في واشنطن!