أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - -الوسيط الصادق- ليس أهلاً للثقة















المزيد.....

-الوسيط الصادق- ليس أهلاً للثقة


نعوم تشومسكي

الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتزامن المحادثات المستمرة حالياً بين إسرائيل وفلسطين في القدس مع الذكرى العشرين لاتفاقية أوسلو. وقد تساعد نظرة إلى طبيعة هذه الاتفاقية ومصيرها على إعطاء تفسير للتشكيك السائد بشأن المفاوضات القائمة.

في سبتمبر 1993، أشرف كلينتون على مصافحة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في حديقة البيت الأبيض – فيما شكّل ذروة "يوم مهيب"، وفقاً لما وصفته الصحافة.

وقد جاءت المصافحة بمناسبة إعلان مبادئ تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، جاء بنتيجة اجتماعات سرّية في أوسلو برعاية الحكومة النرويجية. وكانت المفاوضات العلنية بين إسرائيل والفلسطينيين قد انطلقت في مدريد، في نوفمبر1991، وقد بدأتها واشنطن، وسط هالة النصر في أعقاب حرب العراق الأولى. ومن المعلوم أن هذه المفاوضات تعرقلت، لأن البعثة الفلسطينية، بقيادة القومي المحترم حيدر عبد الشافي، أصرّت على وضع حدّ لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية الخارجة على القانون في الأراضي المحتلّة.

وفي الخلفية المباشرة للمفاوضات، صدرت عن منظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيل، والولايات المتحدة مواقف رسمية حول مسائل أساسية. وفي إعلان نوفمبر 1988، دعت منظمة التحرير الفلسطينية لإنشاء دولتين على الحدود المتعارف عليها دولياً، وكانت الولايات المتحدة قد صدّت الاقتراح في مجلس الأمن باستعمال حقّ "الفيتو" عام 1976، وظلت ترفضه، متحدّيةً بالتالي القبول الدولي الكاسح الذي ناله.

وفي مايو 1989، ردّت إسرائيل، معلنة أنه لا يمكن إنشاء أي "دولة فلسطينية إضافية" بين الأردن وإسرائيل (باعتبار أن الأردن دولة فلسطينية بحسب ما تمليه إسرائيل)، وأن المزيد من المفاوضات سيجري "وفقاً للتوجيهات الأساسية للحكومة الإسرائيلية". وصادقت حكومة بوش الأب على هذه الخطة من دون أي مؤهلات، ومن ثم أطلقت مفاوضات مدريد بصفتها "وسيطا صادقا". ومن ثمّ في عام 1993، ظهرت في إعلان المبادئ صراحة بالغة بشأن تلبية مطالب إسرائيل، إلا أنّه لم يورد حتّى ذكر الحقوق الوطنية الفلسطينية. وكان مطابقاً للتصميم الذي صاغه دينس روس، كبير مستشاري كلينتون في شؤون الشرق الأوسط ومفاوضي كامب ديفيد في العام 2000، وقد أصبح فيما بعد كبير مستشاري الرئيس أوباما. وبحسب ما شرحه "روس"، تبرز احتياجات لإسرائيل، في حين أن الفلسطينيين لديهم رغبات، وهي طبعاً أقل شأناً.

وتنص المادة الأولى من إعلان المبادئ على أن النتيجة النهائية للعملية تقوم على "مستوطنة دائمة بالاستناد إلى قراري مجلس الأمن 242 و338"، اللذين لا يذكران الحقوق الفلسطينية، باستثناء إحالة مبهمة لتسوية عادلة لمشكلة اللاجئين. ولو أن "عملية السلام" تبلورت وفقاً للمضمون الواضح الذي نصّ عليه إعلان المبادئ، لتخلّى الفلسطينيون نهائياً عن أي أمل بنيل عدد محدود من الحقوق الوطنية على أرض إسرائيل.

وتفيد مواد أخرى من إعلان المبادئ بأن السلطة الفلسطينية تمتد على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، إلاّ بالنسبة إلى بعض المسائل التي ستتم مناقشتها في مفاوضات الوضع الدائم، أي القدس، والمستوطنات، والمواقع العسكرية والإسرائيليين – أي إلاّ بالنسبة إلى كل المسائل المهمّة.

إلى ذلك، ستبقى إسرائيل مسؤولة عن الأمن الخارجي، والأمن الداخلي والنظام العام للمستعمرات والإسرائيليين. ويمكن للإسرائيليين، من قوات عسكرية ومدنيين، مواصلة استعمال الطرقات بحرّية داخل قطاع غزة ومنطقة أريحا، وهما منطقتان تعهدت إسرائيل الانسحاب منهما – في نهاية المطاف.

وباختصار، لن تطرأ أي تغييرات ملحوظة، حيث إنّ إعلان المبادئ لم يشمل حتى كلمة عن برامج الاستيطان في قلب الصراع: فحتى قبل اتفاقية أوسلو، كانت المستوطنات تقوّض الآفاق الواقعية بنيل الفلسطينيين أي حق فعليّ بتقرير مصيرهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ الانصياع لما يسمّى أحياناً بـ"الجهل المقصود" وحده كفيل بجعل المرء يصدّق أن اتفاقية أوسلو هي درب يوصل إلى السلام. ولكن على الرغم من ذلك، كاد يشكّل عقيدة في أوساط المعلّقين الغربيين.

ومع انطلاق مفاوضات مدريد، توقّع "داني روبنشتاين"، أحد المحللين الأكثر اطّلاعاً في إسرائيل، أن تنجح إسرائيل والولايات المتحدة في إرساء نوع من "الاستقلال الذاتي الفلسطيني، إلا أنه سيكون استقلالاً ذاتياً على طريقة مخيّمات أسرى الحرب، حيث يمتلك السجناء حرية ذاتية تخوّلهم إعداد الطعام من دون تدخّل وتنظيم مناسباتهم الثقافية". وتبيّن أن "روبنشتاين" على صواب.

لقد بقيت برامج الاستيطان مستمرة بعد اتفاقية أوسلو، وأبقت على الزخم الكبير ذاته التي بلغته عند تبؤ إسحاق رابين منصب رئيس مجلس الوزراء في عام 1992، فاتّسع نطاقها كثيراً باتجاه شرق مدينة القدس الكبرى التي تمّت مصادرتها بصورة غير شرعية. وكان "رابين" قد شرح أن إسرائيل قادرة على الاستيلاء على "معظم أراضي فلسطين سابقا التي تشكّل القدس عاصمتها".

وفي تلك الأثناء، تحرّكت الولايات المتحدة وإسرائيل لفصل غزّة عن الضفة الغربية عن طريق منع النفاذ إليها، فيما شكّل انتهاكاً واضحاً لبنود الاتفاق، ما يضمن بالتالي انعزال أي كيان فلسطيني محتمل عن العالم الخارجي.

وتلا اتّفاقيّة أوسلو عدد من الاتفاقيات الإضافية بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي صاغت بمزيد من الوضوح بنود الاستقلال الذاتي لمخيّم الأسرى. وبعد اغتيال رابين، تبوأ "شيمون بيريز" منصب رئيس مجلس الوزراء. ومع رحيل "بيريز" عن منصبه عام 1995، طمأن الصحافة بأنه لن يكون هناك أي وجود لدولة فلسطينية.

واستنتجت العالمة النرويجية "هيلدا هنريكسن فوجي" أن "اتفاقية أوسلو قد تشكّل دراسة حالة مثالية للشوائب" الكامنة في نموذج "توسط طرف ثالث، هو دولة صغيرة، في صراعات غير متماثلة إلى حدّ كبير، ما يطرح بالتالي سؤالاً حول ما إذا أمكن أصلاً أن يكون نموذجا من هذا القبيل مناسباً".

لا شكّ في أنّ هذا السؤال يستحق التفكير، لا سيّما أن الرأي الغربي المثقّف يتقيّد الآن بالافتراض السخيف الذي يشير إلى أنّ رعاية أميركية ستسمح بإجراء جدّي لمفاوضات ذات مغذى بين إسرائيل وفلسطين– مع الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة ليست "وسيطاً صادقاً"، إنّما هي شريك فعلي لإسرائيل.

ومع انطلاق جولة المفاوضات الحالية، وضّحت إسرائيل مرة أخرى موقفها، عن طريق "زيادة حجم "قائمة الأولويات الوطنية" لتشمل إعانات خاصة للمستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، ومن خلال المضي قدماً بمشاريعها الهادفة إلى بناء سكّة حديد تسمح بدمج أكبر للمستوطنات ضمن الكيان الإسرائيلي.

وحذا أوباما حذو الدولة الإسرائيلية، وعيّن "مارتن إنديك" في منصب كبير المفاوضين، علماً بأنّه شريك مقرّب لـ"دنيس روس"، ويُعرف عنه أنّه عضو في مجموعة الضغط المؤيدة لإسرائيل، وأنّه يشرح أن العرب غير قادرين على استيعاب "المثالية" و"رحابة الصدر" المنبعثة من كل الجهود التي تبذلها واشنطن.

توفّر المفاوضات غطاء لاستيلاء إسرائيل على الأراضي التي تودّ السيطرة عليها، ومن المفترض أن تسمح للولايات المتّحدة بتجنّب المزيد من الارتباك في الأمم المتحدة. وبعبارة أخرى، قد توافق فلسطين على إرجاء المبادرات التي قد تعزّز مقامها في الأمم المتحدة – وهي مبادرات قد تُرغَم الولايات المتحدة على صدّها، بالتعاون مع إسرائيل، بيد أنه من المستبعد أن تسهم المفاوضات في إحراز تقدّم على صعيد التوصل إلى اتفاقية سلام ذات مغزى.



#نعوم_تشومسكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الذي يمتلك العالم؟ (6-6)
- من الذي يمتلك العالم؟ (5)
- من الذي يمتلك العالم؟ (4)
- من الذي يمتلك العالم؟ (3)
- من الذي يمتلك العالم؟ (2)
- من الذي يمتلك العالم؟ (1)
- «سنودن» وطائرة «موراليس»
- من يملك الأرض؟
- تفجيرات بوسطن... وتداعيات برامج «الاغتيال»
- فلسطين... والحفاظ على الكرامة
- في ظلّ الرأسمالية... هل تصمد الحضارة؟
- من يملك العالم؟
- أخطر تهديد للسلام العالمي
- ما بعد الهجوم على غزة
- غزة... أكبر سجن في العالم
- قضايا غائبة في الانتخابات الأميركية
- قضايا يتجنبها أوباما ورومني
- شبح هيروشيما
- قمة -كارتاخينا- ... وتراجع النفوذ الأميركي
- الاعتداء على التعليم العام


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نعوم تشومسكي - -الوسيط الصادق- ليس أهلاً للثقة