|
أسئلة مشروعة
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 4211 - 2013 / 9 / 10 - 08:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعرف أطفال سورية طريقة ظريفة لحل خلافاتهم، بأن يقطف المختلفان أية زهرة يصادفانها ويبدآن بقطف بتلاتها ويعدان:..بيصير ..ما بيصير حتى آخر بتلة التي بها تحسم النتيجة . يكاد السوريون جميعا يستحضرون طريقة سني الطفولة في حسم خلافاتهم حول احتمال حصول الضربة الأمريكية لسورية. فقسم منهم يرى أن الضربة لن تحصل بسبب عدم "كفاية" الأدلة، ويذهب بعضهم، وخصوصا من أنصار النظام، إلى أن الضربة لن تحصل بسبب ما يملكه النظام وحلفاؤه من قوة رد تحسب لها أمريكا وحلفاؤها حساباً، وهناك قسم ثالث يراهن على عدم حصول الضربة لأنها لا تخدم مصالح أمريكا وإسرائيل، وهذا يتجلى في التردد الواضح للقوى التي يمكنها تنفيذ الضربة في اتخاذ القرار. من جهة أخرى هناك قسم من السوريين يعتبر الضربة واقعة لا محالة لكنهم يختلفون في تقديم الأسباب. بعضهم يرى السبب في أن النظام قد تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية باستخدامه السلاح الكيميائي ضد شعبه، وهذا يمس كبرياء الدولة الأعظم. وهناك من يرى السبب في الخلل الكبير الذي حصل في موازين القوى على الأرض بين قوات النظام وقوات المعارضة ولذلك لا بد من الضربة لإعادة التوازن باعتبارها مسألة ضرورية لنجاح مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده( أو في حال انعقاده) في إنجاز تسوية سياسية. وقسم آخر يرى السبب في مصلحة إسرائيل المعنية قبل أي طرف خارجي بما يجري في سورية "عدوتـ"ها اللدودة، وهي تريد أن تقوم أمريكا بالضربة لتخلصها من البنية التحتية العسكرية السورية وقوتها الصاروخية والكيميائية الضاربة قبيل إنجاز أي حل سياسي للأزمة السورية. إن جميع الأسباب التي تساق من قبل هذا البعض أو ذاك من السوريين لترجيح وقوع الضربة أو عدم وقوعها لا تعدو كونها رهانات على يانصيب البتلات، أو أي شيء آخر يقبل العد.لكن ما هو خارج هذه الرهانات، ويرتسم على الأرض هو الاصطفاف الحاصل حول خيار الضربة، قبولاً أو رفضاً، سواء بين السوريين أنفسهم، أو على الصعيد العربي، والإقليمي، والدولي. الذين هم مع الضربة ويطالبون بها، بغض النظر عن الأسباب، التي يسوقونها لتبرير مواقفهم هم قسم من السوريين الذين طالهم عنف النظام، إضافة إلى أغلب المعارضة السورية في الخارج، ودول التعاون الخليجي، وتركيا، وفرنسا، وأمريكا، وإسرائيل، إضافة إلى دول أخرى عديدة في أوربا على وجه الخصوص، التي تريد "ردا قويا" على استخدام النظام للسلاح الكيميائي في الغوطة، لكن لا يرقى إلى مستوى توجيه ضربة عسكرية، ويتمثل هذا الاتجاه في الموقف الرسمي للناتو ودول الاتحاد الأوربي. على المقلب الآخر فإن من يرفض الضربة العسكرية الأمريكية يمثلون طيفا واسعاً من الشعب السوري إضافة إلى أغلب قوى وتنظيمات المعارضة السورية في الداخل، يضاف إليها دولا عربية مهمة مثل مصر والجزائر والعراق والسودان وتونس، عداك عن موقف إيران المعروف، وكذلك موقف روسيا والصين وإيطاليا ومجموعة دول البريكس، وموقف الفاتيكان وهو في غاية الأهمية المعنوية والسياسية. وينبغي أن لا نتجاهل أيضاً الرأي العام العالمي الرافض للتدخل العسكري الخارجي في سورية،وخصوصا الرأي العام في دول الاتحاد الأوربي وفي أمريكا ذاتها. وبالعودة إلى السبب المباشر، أو قل الذريعة المعلنة، لهذه المسرحية العالمية ذات الفصل الواحد، والمخرج الرئيسي الواحد،مع تعدد المخرجين المساعدين،علَّ حبكتها تقنع الجمهور، والتي موضوعها استخدام السلاح الكيميائي في بعض مناطق الغوطة الشرقية والغربية لا بد بداية من التأكيد على حقيقة تتفق حولها الآراء وهي أن نهج العنف الذي اتبعه النظام في الرد على مطالب الشعب المشروعة، وما خلقه من بيئة عنفية جعلت سورية أقصر طريق لطالبي حوريات الجنة، يرعاها ويسهر عليها، بتفرغ شبه كامل، السيد عزرائيل، هو الذي يتحمل المسؤولية السياسية عن استخدام الكيماوي وغير الكيماوي، بغض النظر عن المسؤولية الجنائية التي تحديدها هو من مسؤولية لجنة التحقيق الدولية. لكن بعيدا عن هذا الموقف المبدئي في تحميل النظام المسؤولية السياسية ثمة أسئلة كثيرة يتداولها الجمهور، لا أظن مخرج هذه المسرحية العالمية لديه أجوبة مقنعة عنها. من هذه الأسئلة التي تحابي النظام : مثلا لماذا استخدم السلاح الكيماوي في الوقت الذي صارت موازين القوى على الأرض لصالحه في أكثر من جبهة؟ بل وكان يستعد لهجوم شامل على الغوطة الشرقية؟!! ولماذا استخدم السلاح الكيماوي في وقت وصول لجنة التحقيق الدولية باستخدام السلاح الكيماوي إلى دمشق التي كان قد طالب بها أصلاً؟ ثم لماذا وافق على زيارتها لمواقع، غير خان العسل، كانت المعارضة المسلحة قد اتهمته باستخدام الكيماوي فيها؟ ولماذا أخرت الدول الغربية وصول اللجنة خمسة أشهر بعد حصول جريمة خان العسل الكيماوية؟ ولماذا لم توافق فرنسا وبريطانيا وأمريكا على تفويض اللجنة بتحديد المسؤول عن استخدام السلاح الكيماوي؟ بل لماذا عتمت تركيا على قصة اعتقالها لمجموعة إرهابية وفي حوزتها غاز السارين بعد أن كانت أعلنت ذلك؟ أسئلة كثيرة من هذا النوع يطرحها مؤيدو النظام. في المقلب الآخر يطرح المعارضون أسئلة أخرى لا تقل جدية عن أسئلة المولاة. من هذه الأسئلة مثلاً هل يعقل أن تستخدم المعارضة المسلحة الكيماوي ضد مناصريها؟ وهل هي قادرة على تصنيعه أصلاً؟ ثم لماذا لم تستخدمه ضد قوات النظام أو ضد مناصريه؟ ولماذا سمحت للجنة التحقيق الدولية بدخول مناطقها المنكوبة؟!! وهل يعقل أن تكون جميع الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا على خطأ وتقوم بناء عليها بتوجيه ضربة عسكرية للنظام قد تكون مكلفة لها مادياً، وخصوصاً سياسياً؟ وهناك كثير من الأسئلة المشابهة. إن مرور الأيام على جريمة استخدام الكيماوي في الغوطة، واستياء الجمهور العام خصوصا في الدول التي أعدت وأخرجت هذه المسرحية الدولية من جراء تناقض لغة اللاعبين وترددهم، الأمر الذي يبين أن ما هو مضمر غير ما هو معلن. وهذا ما جرى التداول فيه خلال اللقاء الذي تم على هامش قمة الدول العشرين في بطرس بورغ الروسية بين أوباما وبوتن. الذريعة هي استخدام الكيماوي والهدف هو تخليص سورية منه!!!! إذا قبل النظام التخلص من مخزونه الكيماوي ووافق على التوقيع على اتفاقية تحريمه فإن أمريكا وحلفاؤها يمتنعون عن ضربه.هذا التصريح لجون كيري لا شك بأنه أضاء الكثير من جوانب القضية وعلى أصحاب الأسئلة أن يفتشوا بأنفسهم عن أجوبة لتساؤلاتهم. من جهتنا أجوبتنا كانت واضحة منذ البداية وهي أن النظام يتحمل المسؤولية السياسية عن كل جرائم القتل التي تقع في سورية، وعلى لجنة التحقيق الدولية باستخدام السلاح الكيماوي تحديد المسؤولية الجنائية، وان الدول الغربية وما كانوا يسمون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري لا تهمهم مصالح الشعب السوري بل دمار سورية، وإن قصة الكيماوي بالنسبة لهم لا تعدو كونها ذريعة للضغط على النظام لتخليص سورية من قوة ردع مهمة جدا لديها في ظل عدم تحقيق تسوية سياسية للصراع مع إسرائيل،(ويبدو بحسب الأنباء أن النظام قد وافق على وضعه تحت إشراف دولي بناء على اقتراح روسي أمريكي)، ولا حل في سورية إلا الحل السياسي، وكلما تأخر دفع الشعب السوري ثمن هذا التأخير دمارا ودماءاً.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بانوراما الثورة
-
مذكرة تنفيذية لرؤية هيئة التنسيق الوطنية للحل السياسي التفاو
...
-
مثقفون وسياسيون رعاع
-
عفوا مانديلا نحن غير
-
للامنطق في - منطق الثورة والمعارضة-
-
السوريون وخطة كوفي عنان
-
روسيا والدم السوري المسفوح
-
مبادرة كوفي عنان إنقاذ للنظام السوري
-
عام على الثورة- الشعب يزداد تصميماً
-
النظام السوري والمآل المحتوم
-
حول دور القوى اليسارية في الربيع العربي
-
رؤية هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في
...
-
عندما تأسرنا الكلمات
-
النظام الذي نريد اسقاطه
-
سأظل أقتلكم حتى ترفعو السلاح
-
دلالات اجتياح حماة
-
مجريات وثائق المؤتمر التشاوي لبعض المستقلين والمعارضين غير ا
...
-
قراءة متانية في خطاب الرئيس بشار الأسد
-
قراءة في رؤية لجان التنسيق المحلية لمستقبل سورية السياسي
-
عبد الرزاق عيد وإعلانه في الخارج
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|