أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - وهم أسلمة الكافر بطبعه














المزيد.....

وهم أسلمة الكافر بطبعه


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 18:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من عشرات السنين، بالتحديد أوائل القرن الماضي حين تحللت الخلافة الإسلامية في اسطنبول العثمانية إلى دول قومية شتى كان في مقدمتها الدولة التركية الأتاتوركية، نسبة إلى مؤسسها الجنرال مصطفى كمال أتاتورك، قد ظل الإسلاميون يناصبون الدولة القومية كما نشأت عبر العالمين العربي والإسلامي العداء الشديد ويحملونها ومنظريها ومؤسسيها ورموزها وأنصارها حتى اليوم المسؤولية الكاملة عن اندثار حكم الخلافة والشريعة الإسلامية، وما ترتب عليه من شرذمة وإضعاف للعالم الإسلامي ووقوعه فريسة سهلة حتى اليوم تحت الهجمات الاستعمارية الغربية. وربما حتى الآن، لا يزال معظم الإسلاميين على قناعة راسخة من أن القوة لن تعود للمسلمين قبل أن تتحد الأمة الإسلامية في كيان سياسي متحد أولاً، سواء في شكل الخلافة القديمة نفسها أو في صيغ عديدة أخرى أكثر حداثة وملائمة للعصر مثل ’الدول المتحدة الإسلامية‘، الولايات المتحدة الإسلامية‘، ’الأمم المتحدة الإسلامية‘، ’اتحاد الجمهوريات الإسلامية‘...الخ. في كل الأحوال، الدول القومية هي التي تآمرت على الخلافة الإسلامية وفي النهاية أتت عليها ووزعت أشلائها فيما بينها، أو هكذا على الأقل كان ولا يزال يعتقد المنظرون الإسلاميون.

بالنظر إلى ظروف نشأة وغاية ومضمون أيديولوجيا الإسلام السياسي الواسعة الانتشار، هذا العداء الإسلامي للدولة القومية كان معلوماً ودوافعه مفهومة بشكل جيد. لكن في تطور مثير بعد تفجر ثورات الربيع العربي في تونس ومصر تحديداً، التحق الإسلاميون فجأة بركب الدولة القومية، وحتى أصبحوا من أشد وأشرس المدافعين عنها وعن الديمقراطية الانتخابية بعد تصدرهم السلطة في تونس واحتكارهم لها في مصر! هل كفر الإسلاميون بثوابت الدين الإسلامي وأيديولوجيا الإسلام السياسي المتوارثة في أدبياتهم حتى يؤمنوا هكذا فجأة أخيراً بمبادئ وقواعد وأصول الدولة القومية المناقضة بالكلية؟!

الدولة القومية بطبيعتها كافرة بلا دين- بمعنى أن هي ’محايدة‘ ومنصفة تجاه الأديان والمذاهب المختلفة للمواطنين المتساوين خلافاً لذلك في كافة الحقوق والواجبات وفقاً لتعريف العلمانيين، و’كافرة‘ وناكرة لسيادة دين أو مذهب الأغلبية وأحقيته في الهيمنة على الأقليات الدينية والمذهبية الأخرى وفقاً لتعريف الإسلاميين. من ناحية أخرى، حين تنحاز الدولة القومية لعقيدة أو ديانة معينة، حتى لو كانت دين الأغلبية، عندئذ تتحول الأقليات الأخرى من مواطنين متساوين مع الأغلبية إلى مجرد رعايا أو تابعين لهم- أهل ذمة لا أهل حق. هذا بالضبط كان مركزهم القانوني خلال جميع عهود الإمبراطورية المسيحية والخلافة الإسلامية المتزامنة والمتشابهة. لكن من لحظة اعتماد ’المواطنة‘ شرطاً قانونياً وحيداً للتمتع بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على قدم المساواة التامة بين المواطنين دون أي تفرقة على أساس الدين أو المذهب أو المعتقد أو الجنس أو العرق أو لون البشرة، أصبحت الدولة القومية من منظور الدين ’كافرة‘- لا تؤمن بأي دين معين ولا أي دين على الإطلاق. علاوة على ذلك، الدولة القومية لا تميز إيجاباً أو سلباً بين المؤمن والكافر، ولا يعنيها ولا يؤثر فيها على الإطلاق من حيث حقوق وواجبات المواطنة إيمان المؤمن ولا كفر الكافر- الكل أمام القانون سواء.

إذا كان الوضع كذلك، والإسلاميون يعرفونه ويفهمونه جيداً من عشرات السنين، لماذا هذا التهافت الفجائي ذوداً عن دولة قومية كافرة من أساسها؟! في إجابة مختصرة، الإسلاميون بعد طول مقاومة وحرب يائسة ضد طاغوت الدولة القومية اعترفوا أخيراً بهزيمتهم وضعف حيلتهم مقارنة بقوة ومقدرات الدولة الهائلة؛ لكن هم، في الوقت نفسه، لم يعترفوا أبداً بخطأ أيديولوجيتهم أو تصورهم لما ينبغي أن يكون عليه شكل الحكم والمجتمع في بلد أغلبية مواطنيه من المسلمين، أو من مذهب إسلامي معين. هكذا فرض عليهم الحل نفسه: لماذا لا نؤسلم ما لم نستطيع القضاء عليه؟! إذا كانت ’الدولة القومية‘ قد أصبحت- شئنا أو أبينا- حقيقة تاريخية ومادية عملاقة لا يمكن إنكارها أو اعتراض طريقها، لماذا لا نكون برجماتيين ونقبل الدولة كأمر واقع ونحاول تسخيرها لخدمة مصالحنا وأهدافنا، بعد تعديلات بسيطة تجعل ’هوية الدولة‘ هذه المرة إسلامية بدلاً من سابقتها القومية الكافرة؟ في قول آخر، قد يفكر الإسلاميون سراً في أنفسهم أن "طالما بقيت إستراتيجيتنا العليا إسلامية ثابتة، ما الضير في القبول تكتيكياً بمنظومة ومؤسسات وقدرات الدولة القومية حتى لو كانت كافرة؟!"



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في آداب الصراع المسلح بين الدولة والثوار
- الدولة الرب
- الإخوان لا يتعلمون الدرس
- على طريق الإصلاح الديني-3
- على طريق الإصلاح الديني-2
- على طريق الإصلاح الديني
- المقدمة إلى الإصلاح
- ليبرالية مفلسة من داخل الصندوق
- خرافة الليبرالية الإسلامية والتفكير من داخل الصندوق
- ليس دفاعاً عن الإخوان
- مشكلة ضمير البرادعي
- عن فوائد الحروب
- ليبراليون في بيادة العسكر
- عن ديمقراطية الإسلام السياسي الموعودة
- 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - وهم أسلمة الكافر بطبعه