أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن الشرع - بين الدعاء والفتوى...من ساجدة عبيد الى المشروع التايلندي















المزيد.....

بين الدعاء والفتوى...من ساجدة عبيد الى المشروع التايلندي


حسن الشرع

الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 15:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد ظهيرة يوم عمل متعب جئت كعادتي أقضي بعض الوقت مع العاملين بمكتبي لاضفاء بعض المرح محاولا سدل الستار عن تعب ذلك اليوم بالمزحة تارة وبالمعلومة الخفيفة أخرى وبيت شعر أحيانا. لم تتسنى لي البداية حين قطع لأمر مبتسما أحد المساعدين قائلا: أحدهم يطلب مقابلتك ..أنه شخص اميريكي شاب ترافقه سيدة :قلت نوشك أن ننهي عملنا لهذا اليوم ..حاول أن تفهم ما يريد وتجيبه. قال أنه يتكلم عن أمر آخر ..حري بك أن تسمعه !.دعه يتفضل .قال: إذن سأصحبه الى مكتبك ..قلت: لا. دعه يدخل الى هنا حيث أنا أقف. شاب وسيم بملامح أوروبية ولهجة أميريكية..يلفت نظرك حسن إختياره لألفاظه وتعابير وجهه بإيماءات وإيحاءات شرقية وكأنك تتحدث الى رجل دين في إحدى محافظات فراتنا أو دجلتنا ..رجل دين متواضع ليس من شأنه الفتوى ..تساعده في تعبيراته تلك السيدة الشابة شرقية الملامح تارة بالبسمة وأخرى بهزة الرأس أو بقول القبول والموافقة على ما يقول وما أقول وما يقوله الأخرون.
هل بإستطاعتنا مساعدتكما يا سيد؟ نعم .فأنتم من يستطيع مساعدتي ولقد عييت كثيرا قبل وصولي إليكم. أنا مارك جورجيس من سان فرانسيسكو مهتم بالفن الشعبي الموسيقي العراقي.. فنون الغجر والجوبي على وجه التحديد. قال ذلك وكأنه علم ما يدور في خلدنا من خلفيات عن هذا الشأن فأضاف أنا في الحقيقة أميركي من أصول عراقية وأبي مهاجر من تلكيف في شمال العراق .أدركت همه وفهمت قصده ..قلت : هذا اللون مما تسميه فنا غالبا ما ينظر له في العراق بأنه نوع من النشاط الهابط والذي قد لا يمت للفن بصله فهو قد يتخذ من فنون الموسيقى والغناء مدخلا للهبوط الأخلاقي بإتجاه الكسب والتكسب عبر آليات الجسد بتسخير إيقاعي بدائي في مجتمع يكون الشباب معظم أفراده ومازال للحرمان الكعب المعلى في بنيته النفسية و الإجتماعية ...لقد هز مارك رأسه موافقا لما أقول لكنه لم يظهر حماسا لتفهم خلفية هذا الواقع .. قطعت ما ينوي قوله حين طلبت منه أن يحدد ما الذي بإمكاني تقديمه له قال أني أحاول أن أجد طريقة للوصول الى (ساجدة عبيد). لا أعرف لماذا إنصرف تفكيري مباشرة الى ما رسخ في ذهني يومها عند قول أحدهم من على منصة متظاهري شعبنا في الأنبار (جوبي إسلامي )..الفتوى مرة أخرى ...لا أعرف من يحتاجها ومن سيعمل بها ومن يفتي بها
لم يفكر أحد من متظاهري الأنبار وقياداتهم بالدعاء وهم خير من عرف أن نوحا دعا ربه إذ غلب ..(فدَعا ربَّهً أنّي مغلوب فانتصر)..ربما كان الدعاء عندهم أو عند بعضهم حيلة العاجز وملجأ الضعيف.
...لقد وضعنا مارك أمام تحدي ثقافي أو أخلاقي ..كما وضعنا من يفتي في سوح العمل السياسي.. فالفتوى سهلة هذه الأيام لكن العمل بها مكلف وصعب وربما كان محرما طبعا من النواحي الأخلاقية والإنسانية ولا أقول الدينية فذلك ليس من شأني
أسفرت الحرائق التي نشبت في غابات جزيرة جاوة الغربية الأندونيسية عن تصاعد الدخان الذي سرعان ما يتأثر برطوبة الجو الكبيرة في تلك المنطقة الإستوائية من العالم مكونة نوع من الدخان الضبابي الذي إجتاح مجموعة دول جنوب شرقي آسيا وخاصة إندونيسيا وسنغافورة وماليزية وبروناي وتايلاند وغيرها من دول الإقليم وقد لفت سحب الضباب الدخاني معظم مدن ماليزيا ففي العاصمة كوالالمبور التي لم تشهد تساقط أمطار خلال الايام العشرة التي سبقت الحادث ..لزم الناس بيوتهم ومن تشاهده في الشارع لابد أنه يرتدي كمامة تحميه من استنشاق ذلك الضباب وعطلت السلطات الدراسة في المدارس وإنخفض سعر صرف العملة المحلية على إثر تراجع النشاط الإقتصادي والسياحي على وجه الخصوص قبل أن يتنادى رجال الدين الإسلامي الماليزيين لقيام صلاة الإستسقاء طلبا لنزول المطر في أندونيسيا ليطفئ حرائقها فتنكشف سماء ماليزيا .فعلا نزل المطر في كوالالمبور وأنكشفت السماء وأنخفضت درجات الحرارة عدة درجات وقيل أن الضباب الدخاني توجه في طريقه نحو الشمال الى تايلاند.
لقد كان البعض فخورا بذلك الانجاز إذ فشل في حل المشكلة المسؤولون في دول الإقليم. لقد كانت النشرة الجوية المعلنة قبل أيام عدة تشير إلى سقوط الأمطار ...لكن أحدا لا يجرؤ على مجرد الإشارة الى ذلك ففيه تشكيك لا يتقبله الناس.
لقد إنصرف ذهني إلى مقارنة صعوبة المهمة في بلداننا في الشرق الأدنى أو الأوسط كما يسميه البعض فغالبا ما يتهكم الناس إن لم يسقط المطر فإن سقط فلا يسند الى صلاتهم مهما كان الأمام مخلصا وجادا ومؤمناً. استسقاؤنا طلبا للغيث بعد قحط قد يلم بنا لسنين عديدة وليس لبضة أيام كما هي الحالة في إستسقاء الماليزين ..كما أننا نرغب أن نستسقي في مواضع صلواتنا وليس عبر الحدود وعبر البحار ..
إنها ليست إلا دعاءً والدعاء يرد القضاء لمن يؤمن به ..ما حدا بأحد المثقفين العراقيين المعروفين الى نشر دعاءٍ على حسابه في الفيسبوك داعياً ربه أن يجعل المال النيابي التقاعدي السحت سما في بطون النواب العراقيين ..
أخبرني صديقي الذي عاد للتو من رحلته السياحية الإستطلاعية القصيرة إلى تايلاند حين سألته عن ما يستحق أن يشد الرحال إليه قال لي: لاشي جديد مما تبحث عنه ويستحوذ على إهتماماتك الثقافية ..ثم قال: لقد ندمت كثيرا لتلك الرحلة فهم ينظرون اليك من حيث أنك مشروع لإستدرار المال بكل الوسائل ولا سيما البغاء الذي يكوّن العنصر الأساسي في العمل السياحي وهو من أهم روافد الإقتصاد التايلندي.. ولأنني أنتمي إلى ثقافة مختلفة فليس بوسعي أن أتفهم الدوافع التي تقود شعبا وليس الأفراد فيه الى هذا الفعل دون تردد لفتوى بوذية أو مسيحية أو حتى إسلامية ..كلاً في موضعها وظرفها..هنا توجهت بالسؤال لصديقتي الصينية المسيحية المثقفة وهي سيدة فاضلة شاكيا لها صعوبة فهمي وتفهمي لهذا السلوك ودار بيننا نقاش محتدم في ما يعرف بعلم الأخلاق حول الصواب والخطأ الجمال والقبح و الحلال والحرام ...إنتهى الحوار بدعوتها لي دون إحراج بأن أحترم وأقدر فعل البغاء التايلندي لا لشيء إلا لمجرد أنها ثقافة شعب ووسيلة عيش وأسلوب مبني على حسابات الجدوى الإقتصادية العلمية. تذكرت مارك جورجيس وقصته عن ساجدة عبيد التي ستستحق العفو حتما إن فكرت في مشروعية المشروع التايلندي.
كان يخط خطاً على الارض برأس سيفه الحبشي عندما كان يستمع الى سورة مريم قال النجاشي لا يوجد بين ديننا ودينكم سوى هذا الخط ..وينسب للامام علي بن أبي طالب(ع) قوله: ما بين الحق والباطل أصابع أربعة ...وما بين التكفير والتكبير لا شيء أو كل شيء..في ظل هذه الفوضى الفكرية قررت الأستمتاع بالإستماع وليس بالقراءة فللقراءة حصة من التأريخ والتاريخ لابد له أن يوجب الفتوى ...المغنية تغني فيكبر أحد الحاضرين ويصفر آخر طالبا الإعادة فيصفق الجمهور ...التصفيق في تراثنا يعد أهانة وهو مما ينهى عنه قال الله تعالى : وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً... والمكاء : الصفير . والتصدية : التصفيق..لكن تكبير صاحبنا لن يوقع الضر فيمن حضر وطرب وهو غير من كبر فذبح قربة الى من أكبر وكبّر..
للدعاء وظيفة وللفتوى وظيفة وكم هو جميل لو دعا أهل الفتوى بدل أن يفتوا ...دعوات للعراقيين بالسلام وللماليزين بالمطر على إندنوسيا وللتايلنديين بالرخاء من غير بغاء.



#حسن_الشرع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلمٌ جَلَبٌ ورأسُ كوبٍ في وِعاءِ نفطٍ
- عشيرة بريمر وثقافة الاحذية
- الغراب والوحي
- نقرتان باليمين
- صحة صدور حلم
- عبود لا يغني
- عبود يغني
- حلم ابنتي
- انصاف الدال على الف دال ..
- قراءة معاصرة في وصية انكيدو
- قول على قول
- معلول المنقول و دلالة المعقول
- سعدي
- مذكرات زبال في ليلة رأس السنة
- مقامات عراقية
- هو الأفضل
- في الثقافة العراقية
- أفاعي الناصرية
- رمضان كريم
- سباستيان سوريا


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن الشرع - بين الدعاء والفتوى...من ساجدة عبيد الى المشروع التايلندي