|
الأزمة السورية المشكلة والحل
هيام محى الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 04:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما بدأت المظاهرات الشعبية السورية المطالبة بالديمقراطية والحرية وتغيير النظام في مارس 2011 ، ظن الكثيرون أن هناك إجماعاً شعبياً حاسماً كما حدث في تونس ومصر ، وأن الشعب السوري وجيشه سوف يتوحدان على مطلب واحد ويتحقق نفس سيناريو إسقاط النظام والانتخابات والدساتير الجديدة واستعد تيار الإسلام السياسي في سوريا بقيادة جماعة الإخوان هناك للوثوب على السلطة كما فعل في تونس ومصر ، وحشد قواه وتنظيماته وأعد سلاحه لضرب التيارات السياسية الأخرى في الوقت المناسب سائراً على نفس نهج جماعة الإخوان في مصر خاصة وأن تنظيم الإخوان في سوريا له ثارات قديمة مع نظام البعث السوري سالت فيها الدماء بقسوة شديدة فهم يحملون لنظام الأسد البعثي أضعاف ما حمله إخوانهم في مصر لنظام مبارك ، وكانت الصدمة القاسية لإخوان سوريا هي انحياز الجيش السوري لنظام الأسد واستماتته في الدفاع عنه ولا تتسع مساحة هذا المقال لمناقشة الأسباب التي أدت إلى تأييد الجيش السوري للنظام ووقوفه ضد الثورة ، ولكن ما يهمني هنا هو النتائج التي أسفر عنها دفاع الجيش عن النظام ، والتي أدت إلى تدخل القوى الإقليمية والعالمية في الشأن السوري بصورة أدت إلى تحويل المطالب الشعبية من خلال التظاهر إلى حرب أهلية باستخدام السلاح فمثلث الحلف الإيراني السوري مع حزب الله اللبناني يمثل كابوساً لإسرائيل والولايات المتحدة ، كما أن اعتناق هذا الحلف للمذهب الشيعي يهدد المملكة السعودية ودول الخليج العربي السنية المذهب والتي تعتبر إيران عدوا إقليمياً يجب قص حجمه وتقليم أظافره حتى لا تتكرر عملية غزو لإحدى دوله كما فعل صدام حسين سنة 1990 حين غزا الكويت فظهور قوة إقليمية مجاورة لدول الخليج خطر غير مضمون العواقب فالثراء الأسطوري لهذه الدول يجعلها كنزاً شديد الإغواء لهذه القوى ، كما أن مصالح روسيا مع المثلث الشيعي ومع سوريا بالذات يصعب التفريط فيها فالقاعدة الوحيدة للأسطول الروسي في البحر المتوسط هي ميناء طرطوس السوري وتكاد تكون منفذها الوحيد للمياه الدافئة ، فدخلت كل هذه القوى في الشأن السوري داعمة للأطراف المتصارعة بالتسليح والتأييد السياسي ، مما شكل قوة عسكرية مسلحة من المساعدات الأوربية والأمريكية عرفت باسم الجيش الحر تدعمه إلى جانب الولايات المتحدة وأوربا الغربية قوى إقليمية مثل تركيا وقطر ، واسهمت كل من السعودية والامارات والكويت لدعمه ماليا أيضا ، كما كثفت ايران وروسيا دعمها لنظام الأسد بالمال والسلاح وأسهم حزب الله بالمقاتلين في صف النظام ، وتحولت الأرض السورية من أقصاها إلى أقصاها إلى فوضى عارمة سقط فيها عشرات الآلاف من القتلى ومئات الآلاف من المصابين في مآساة إنسانية بشعة ، لتحقيق أهداف وسياسات لقوى خارجية على حساب الدم العربي السوري ، واعتبرت الولايات المتحدة ما تحقق في سوريا جزءا هاما من خطتها عن الشرق الأوسط الجديد ونظرية الفوضى الخلاقة التي كان تيار الإسلام السياسي حجر الزاوية في تنفيذها في السودان وتونس ومصر وليبيا ، فتدخلت وسلحت وحركت خلفها ذيولها الأوربية في هجوم إعلامي كاسح استغل طغيان نظام الأسد وقسوته وقام بتشويه صورته وتكوين رأي عام عالمي مضاد له تمهيداً لضربة وتمكين حلفائه من الحكم في وسوريا واستعادة تدجينها لصالح الولايات المتحدة وتأميناً لإسرائيل من آخر جيش معاد لها في المنطقة بعد تحييد الجيش المصري بمعاهدة السلام وتدمير الجيش العراقي خلال حرب تحرير الكويت ، ويستخدمون دول المنطقة في تحقيق أهدافهم تحقيقاً لمصالح ضيقة ومخاوف مصطنعة. وقد عجل سقوط الإخوان في مصر وعجز الولايات المتحدة عن كسر إرادة الشعب المصري بالتدخل العسكري لأمريكا في سوريا باندفاع لا ينظر للعواقب ، والروس يعلمون ضعف الموقف الأمريكي واندفاعه غير المحسوب ويستغلون ذلك ، كما يعلم ذلك الإيرانيون والسوريون أيضاً ومن هنا جاءت لهجة الخطاب الواثق لنظام الأسد على التهديدات الأمريكية ، والثبات الروسي في معارضة ضرب سوريا والتهديدات الإيرانية لأمريكا وإسرائيل مما يجعل تنفيذ ضربة أمريكية مؤثرة ومرجحة لكافة الجيش الحر ضرباً من الخيال ، وإذا حدثت فستكون لمجرد حفظ ماء الوجه. ولا أرى مخرجاً لجميع الأطراف إلا يتقديم تنازلات جادة وموجعة تتمثل في. أولاً: خروج الأسد ونظامه من الحكم وعلى حلفائه التضحية به وبحزب البعث أيضاً. ثانياً: منع تيار الإسلام السياسي من ركوب الموجة والتسلق للحكم إرضاء لدول الخليج وتسكيناً لمخاوفها. ثالثاً: تمكين التيار الوطني القومي غير البعثي من استعادة الحكم في سوريا والحفاظ على العلاقة الخاصة بروسيا. رابعاً: إخراج تركيا وإيران معا من اللعبة الإقليمية حيث يمثل تدخلهما الغبي خطراً داهماً على استقرار المنطقة وهذا السيناريو سيكون مرضياً للأطراف الرئيسية في اللعبة ويعيد سوريا إلى أمتها العربية وصورتها الوطنية دون إضرار جسيم بمصالح القوى الكبرى [ أمريكا – روسيا – أوربا الغربية – الصين ] ودون تفجير المنطقة وأشباح مخيفة لحرب عالمية ثالثة ، فهل تلتقي الأطراف الفاعلة على هذا الحل أو قريباً منه حتى تنجوا المنطقة والعالم أجمع من خطر تدمير شامل. هيام محي الدين
#هيام_محى_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المهندس هشام نجار تحاوره الصحفية والإعلامية هيام محى الدين
-
* ماذا يريد الإخوان *
-
الشرق الأوسط بين جبهتين
-
الصفعة السعودية وسقوط المشروع الأمريكي
-
بطولات خالدة
-
الجمعية العمومية للشعب المصري ونضج الوعي السياسي
-
الإعلام والمجتمع
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|