أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - إنما أحب أخي إذا كان صديقي ..














المزيد.....

إنما أحب أخي إذا كان صديقي ..


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 299 - 2002 / 11 / 6 - 00:38
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



كنت كعادتي في ساعات بعد الظهر, أجلس أمام جهاز الكمبيوتر منقبا عن الأخبار والمواضيع كمن ينقب عن الذهب الأسود أو الأصفر في البحار والأنهار والجبال.

وإذ بجهاز الهاتف النقال يرن رناته المتعبة والبطيئة, تلك الرنات التي لا تتعبني وتجعلني غير مستعجلا للرد على من يطلبني في تلك الأوقات. لأنها أوقات عملي الذهني وساعات خروجي من محيطي المحلي وولوجي إلى عالمي الآخر, الكوني البعيد عن كل ما هو حولي. والقريب على كل ما يعنينا ونحن نصارع الزمان الهمجي بعصا التيسير و بعكازات عرفتها الدروب و لم تنكسر بفعل غروب نهارنا وأفول شمسنا وانكسار نهارنا على عتبة ليلنا. وقبل لأن أبدأ شكاية همي لنجمة تعودت محاكاتها نهارا, فهي من نجوم الظهر التي يراها الإنسان عندما تضيق به الدنيا وتضعه الحياة أمام خياران أحلاهما مر. ولأن الزمن العربي صار مر وكله مرارة منذ تقاتل الأخوة فقتلوا اخوتهم وتعاونوا على بعضهم بمساعدة الغريب.

رن جرس نقالي فنقلتني الرنة الأولى إلى ما هو أبعد من أفكاري, لما وراء البحار, ظننت بداية أن المتصل من بلادنا التي تحضر نفسها ليوم الغد,لرمضان المبارك, بكرم الناس على الإفطار وشهية الموائد والوجبات التي يتميز بها هذا الشهر الكريم, شهر الصيام والاطمئنان, بعيدا عن قلق الحاضر ومصائب الماضي ومشكلات الأتي من متاعب الحياة, وقريبا من الناس والأهل والخلان والأصحاب والأحباب, في أزقة الفقر الحافي والخبز الجائع, على مقربة من مآذن الله في مخيمات الغربة والجهاد, مع الأفاضل والأكارم, في ظل شجيرات الليمون والأسكيدينيا, وغير بعيد عن شاطئ البحر القريب و الممتد وجعا وألما وضياع من صيدا وعكا وحيفا وغزة إلى حيث أنا الآن في أوسلو البعيدة عن مآذن المساجد وعن قباب الجوامع في القاهرة والقدس ودمشق وبيروت وبغداد والبصرة والنجف ومراكش والقيروان و مكة والمدينة وعين الحلوة, مخيمنا الصغير المساحة, ذو الواحد كلم مربع فقط, الذي وجد مساحة لعدة مساجد تتسع لمساحة المد الإسلامي الذي قلب المخيم وخريطته البنيوية والعقائدية رأسا على عقب. فصار اليساري متطرفا إسلاميا وأصبح الإسلامي السابق يساريا بالنسبة للإسلامي الحالي. هناك هم أهلي وناسي وخلاني وجراحي وأحلامي وبقايا طفولتي وموتاي وأحيائي, وهناك يبدأ رمضان غدا كما سيبدأ هنا, لكني أنا وبحكم أنني لم أحضر رمضان أو العيد في بلادنا منذ هاجرت طيورنا الفلسطينية من جمهورية الحب والأحلام الثورية اللبنانية إلى بلاد الشتات والمنافي العربية والأجنبية. تراني الآن أتوق لليلة رمضانية مع الأهل حول مأدبة إفطار أو على سحور كان يسحرنا صغارا وصار أمنيتنا الآن بعدما كبرنا غفلة ونحن ما زلنا في السفر. ترى يا جميزة الذين لا جميز لهم سواك, هل لازلت تصارعين حركة السيارات والغبار بفعل التلوث الناتج عن سير الشاحنات والحافلات والسيارات, أم أنك أعدمت كما أعدمت شركات رأس المال ما تبقى من الشجر والرمال على طرق البلاد التي نحب.. أحبك فرحا وحزنا وضحكا وبكاء وحياة وموتا وصوتا وصمتا..

هناك في فلسطين الآن من هم صيام جوعا وليس تعبدا, حدادا وليس فرحا,ألا خفت خيول العرب لنجدة الأهل قبل أن تقع الواقعة ويصبح الصمت أقصى من النفاق. لست منجما يبحث عن الذهب الذي ذهب مع الريح وغاص عميقا في بحار العوز والعجز, كنت في الماضي مسافرا يبحث في الرحلات عن حل لغربته ولرغباته, أما الآن فأنا مسافر بدون حقيبة هي لي كما للآخرين الوطن, وبلا حصيرة هي فراشي وبيتي وكهفي حين تقتضي الضرورة. فكهفي قبري وقبري سفر الرجوع إلى الحقيقة, والحقيقة أننا لازلنا مسافرون في موت الحياة فينا, وغائبون في غياب الحضور فينا وصعود العجز على خراب عقولنا, وعاجزون في انكسار الفكر في فكرنا المهزوز. فتارة ندعو لنبذ الأحياء في دورهم أن حوصر الشهداء في قبورهم, وأخرى ندعو لمصالحة الحداثة والعولمة كي لا تهزم قلة الرجولة في رجالاتنا, ثقافتنا و شعاراتنا الوطنية والفكرية. الحداثة ليست لمن يبيعون التاريخ لمصلحة الحاضر, ولا لمن يشترون الحاضر ولا يفكرون بالمستقبل. العولمة تحدث العوالم بطريقة عليا,تضيف بعض الإضافات الديوثية المأخوذة من ثقافات سادوم,التي تسمح لصبيانها بمناكحة صبيانها, ولنسائها بمضاجعة فتياتها. علينا إمساك الحرية من رأسها ومخاطبة العقل فيها وعدم السماح لها بتجاوز حدود المعقول وردها عن الدخول في عوالم الحريات المنسوجة من التفاهات. فلا سادوم بيتنا ولا بيوت العهر الحر بيوتنا, نحن والشرق قدران متلازمان, فيصلان في الميزان, نزن الشرف بذؤابة حربة البندقية, تلك الجاهزة لاحتلال مكانة القلم في كل وقت وفي أي زمن.

عندما قلت ألو, رد الصوت البعيد رمضان كريم, رددت رمضان مبارك, وكنت لازلت أفكر بصاحب الصوت, ألم تعرفني يا صاح؟ قلت أنت يا نبي الجهاد في هذا الزمان اليعربي,وكان الصوت صوت صديقي الذي كان شيوعيا يؤمن بالعنف الثوري وصراع الطبقات والدياليكتيك وحرب الشعب الطويلة الأمد ورأس المال, ثم صار مسلما مؤمنا بالجهاد وسيلة وحيدة لأعادة الأمور إلى نصابها والأوطان إلى أصحابها. هذا الصديق والرفيق والأخ والشقيق,هو من أحب الناس إلى قلبي رغم افتراقنا  فكرا وجغرافيا. بعد تلك المكالمة تذكرت الحكيم الذي سئل عن أيهما أحب أليه أخوه أم صديقه؟ فقال : إنما أحب أخي إذا كان صديقي.

    * أوسلو نوفمبر 2002

 
 



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عجائب وغرائب 2
- شارون ونتنياهو أفضل من بيريز وشارون
- فارس بلا جواد, آخر الفرسان العرب
- تغلبت مصلحة فتح على مصلحة فلسطين
- سأحدثكم عن أيمن..
- من جنين إلى مستوطنة أرئيل المقاومة مستمرة في فلسطين..
- مقاطعة إسرائيل واجب قومي وأنساني وأخلاقي..
- الشيشان أرض الذئاب والعذاب
- خطة الطرق الأمريكية تعج بالإشارات الإسرائيلية
- الأمم المتحدة من روزفلت إلى بوش
- للحيوان في العالم الغربي مكانة أكبر من مكانة الإنسان الشرقي. ...
- ثلج, أطفال وغربة
- الناموس في عالم السياسة..
- 16 أكتوبر يوم لنصر لبناني جديد
- جنازة الكندري والهاجري تختصر كل شيىء ..
- سفير بريطانيا يجرأ على الكلام
- رحلة أخرى على شاطئ قرطاج - الجزء الثاني
- رحلة أخرى على شاطئ قرطاج - الجزء الأول
- الإرهاب في كلام الإرهابيين من قادة إسرائيل الإرهابية
- السابع من أكتوبر تاريخ فلسطيني جديد


المزيد.....




- بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش ...
- Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
- -القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
- -المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
- إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا ...
- ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني ...
- مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
- أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
- بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
- بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - إنما أحب أخي إذا كان صديقي ..