|
نحن نعيد انتاج عالمنا ... افكارنا DNA النظام الاجتماعي
رمضان سيد
الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 01:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في داخل كل خلية حية يوجد حامض نووي اسمه ال:DNA يحوي التعليمات الوراثية اللازمة لأداء الوظائف الحيوية لكل الكائنات الحية. وهو يعتبر المسؤول عن التخزين الطويل للمعلومات الوراثية التي تؤدي الى اعادة انتاج الخلية او الكائن الحي. الافكار و القيم التي نحملها تلعب نفس دور ال DNA في اعادة انتاج واقعنا على نفس الطريقة السائدة مرة بعد اخرى. عندما تنصح اولادك و تقول لهم مثلا لا تسرقوا فانك في الحقيقة في صدد اعادة انتاج قيم سائدة اجتماعية مصدرها وجود ملكية الاشياء و’’ ما هو لك و ما هو ليس لك ’’. لو كنت تعيش على جزيرة تتوفر فيها جميع ما يحتاجها البشر فانك لن تنصح ابنائك بهذه النصيحة لانه لن يكون هنالك شيئا يمكن سرقته. انت لا تقول لابنائك لا تسرقوا الهواء او الماء مثلا لانه موجود بوفرة ولكن فكرة السرقة تتضمن في داخلها وجود شئ نادر يملكها البعض و لا يحصل عليها الجميع. وهكذا فان جميع قيم الفضيلة و الرذيلة و غيرها من القيم على غرار حب العمل و الوطن و ما الى ذلك هي قيم ترتبط وجودها بطريقة الحياة السائدة, وهي جيدة او سيئة ضمن هذا النمط من الحياة الذي نعرفه. نحن اذن ننتج قيم هذا العالم الذي نتذمر من مساوئه وما نقوم به عندما نعلم ابنائنا على القيم السائدة هو اعدادهم ذهنيا لاعادة نمط الحياة السائدة من خلالهم مجددا.. هذا لا يعني ان السرقة جيدة ولكنه يعني انه عمل سئ طالما سار العالم على الطريقة السائدة في الحياة. لاجل نشر قيم جديدة للعالم الجديد لا يكفي ان تقول بانك ضد الملكية او ضد الراسمالية لان هذا لن يغير القيم السائدة التي ينتجها جميع افراد المجتمع يوميا و في كل تفاصيلها. علينا ان نقدم نموذجا لطريقة اخرى للحياة تجعل القيم السائدة بليدة و غبية وتقوم بتفتيتها لتنشئ قيم جديدة هي قيم المجتمع الجديد الذي انت بصدد بناءه. الشئ نفسه ينطبق على فكرة القومية, فالفكر القومي هو النتاج الطبيعي لاقتصاد قائم على الانانية و المنافسة و المصالح و الاستعباد. حيث تقوم الشعوب بقهر واستغلال بعضها البعض للحصول على امتيازات اقتصادية, و لا يمكنك الحديث عن الانسانية و الاخوة و المحبة بين الشعوب طالما كانت العلاقة بين البشر علاقات استغلالية. لاجل تحقيق المحبة الحقيقية بين البشر و انهاء النزعات القومية و الطائفية و الدينية التي تفرق بين ابناء الجنس البشري وتدفعهم الى قتل احدهم للاخر و اقصاءه ينبغي ان تقدم نموذجا جديدا للحياة مبنية على اساس التعاون بين البشر و لا يكون فيها الاستعباد و الاستغلال امرا ممكنا. عندما تنتشر قيم الانسانية بالافعال لا بالادعاءات تزول النزعات القومية وتنتشر القيم الانسانية بدلا عنها. ان الاقتصاد القائم على الموارد هو نظام اجتماعي و طريقة للحياة تجعل من قيم هذا العالم الاقتصادية و الاجتماعية قيم بالية بليدة و سخيفة ليس بالدعوات الفارغة بل عن طريق تحقيق الوفرة في المنتجات و الغاء النظام القائم على النقود حيث يمكننا لاول مرة ان نعيش معا كبشر و ان نتشارك موارد الارض لتحقيق اعلى مستويات المعيشة لكل انسان على سطح هذا الكوكب. في الاقتصاد القائم على الموارد لن تبقى هنالك وسائل تركم الثروات وهي الملكية و النقود. و لن تعود هنالك ضرورة لوجود الدول و الحكومات و الجيوش بعد اعلان الارض و ما عليها ارثا مشتركا لكل البشر. هذا النمط الجديد من الحياة كفيل بهدم جميع القيم و الافكار السيئة و اللا انسانية التي نحملها في عالمنا الحالي لبناء قيم انسانية جديدة هي قيم الانسان المتحضر المتكامل لاول مرة في التاريخ. ان سلوكنا الحالي و جميع قيم عالمنا هي منتوجات طبيعية لطريقتنا في الحياة و التي تعزز التفرقة و الكراهية و المنافسة و الجهل و القتل و سفك الدماء و استعباد البشر لبعضهم البعض. هذه القيم نحن نتعلمها و نعيد تعليمها و نفتخر بها و لكن في النهاية علينا ان نعلم بان كل ما في هذا العالم من مساوئ هو ليس من عمل الاشرار و الاعداء بل انه نتاج خالص لواقعنا المادي الذي نعززه عبر قيمنا الفكرية ال DNA الذي يعيد انتاج حضارة القتل و الكراهية التي نحملها و نورثها وهي لن تتغير بدون تغييرنا لها.. ان ال DNA الذي ينتج نظامنا الاقتصادي و الاجتماعي يمكن تغييره عبر الوعي و عبر تقديم نموذج جديد لنظام اجتماعي جديد قابل للحياة و التطبيق و هنالك ارضية مادية لانتاج قيم جديدة لعالم جديد.
#رمضان_سيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاليات الخفية لحروب انقاذ الدولار
-
العراق و بوادر الثورة الاجتماعية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|