|
الواقع السياسي في مصر وغيرها من بلدان النظام الأنتقالي والمعايير العالمية للديمقراطية
رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي
(Reyad Taha Shamsan)
الحوار المتمدن-العدد: 4206 - 2013 / 9 / 5 - 14:28
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الثورة المصرية في ٢-;---;-----;---٥-;---;-----;--- يناير ٢-;---;-----;---٠-;---;-----;---١-;---;-----;---١-;---;-----;---م قامت ضد نظام الأستبداد والفساد ومن أجل الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الأنسان وبناء الدولة المدنية - دولة النظام والقانون. واحد من الأسباب الرئيسية لحصول ثورات التغيير الديمقراطي في مصر وغيرها من بلدان الربيع العربي يكمن في استحالت القيام بأي اصلاحات ديمقراطية فعلية في هذه البلدان نتيجة ضعف أو انعدام المعارضة الديمقراطية الحقيقية. و بشكل عام احزاب المعارضة لم تكن تملك أي مشروع سياسي وما كانت تطمح إليه دائماً فقط هو المشاركة أو الوصول إلى السلطه ليس إلا و قد تفاجئت مثلها مثل الأنظمة بهذه الثورات. ولأن ثورات التغيير الديمقراطي ثورات شعبية عفوية أي لم تكن تمتلك قيادة منظمه سياسياً خاصة بها عدى القيادة الميدانية التي تديرها تركت فراغاً تنظيمياً و سياسياً حاولت القوى السياسية المعارضة من احزاب الأسلام السياسي والأحزاب العلمانية بمختلف اتجاهاتها أن تشغله بأنظمامها لهذه الثورات ونجحت في ذلك إلى حد كبير. وبعد فترة من بداية الثورات لم تشكل فقط هذه الأحزاب احد المكونات الرئيسية والمهمة لهذه الثورات بل اصبحت تتصدرها في وقت لم تكن فيه جاهزة لمشروع الدولة المدنية و الديمقراطية بمعاييرها العالمية وهي حتى الآن (هذه الأحزاب) لا تمتلك أي مشروع ديمقراطي وهذا ما أثر ويؤثر على سرعة و مسار هذه الثورات في تحقيق اهدافها المرحلية و الأستراتيجية. وهذا القول لا ينفي مطلقاً عدم الأعتراف بوجود توجهات ديمقراطية ليبرالية ناشئه على مستوى فئات كانت أو افراد داخل وخارج بعض المكونات السياسية بما فيها الأسلامية، والقبول المبدأي من قِبل كثير من القوى السياسية بفكرة بناء الدولة المدنية و ضرورتها، و انفتاح بعض احزاب الأسلام السياسي على الأقليات من غير المسلمين. لكن للأسف لم يصبح بعد هذا الأتجاه هو السائد. بل ويمكن التأكيد ايضاً أن قيام ثورات التغيير الديمقراطية قد أثرت تأثيراً كبيراً في خلق مناخ سياسي ديمقراطي مشجع لبدايات تشكل اتجاه الحراك الديمقراطي الليبرالي وأن كان بدرجات متفاوتة ليس فقط في بلدانها بل وعلى مستوى بلدان المنطقة عموماً، بالأضافة إلى تهيئة الأجواء السياسية لأمكانية ولادة احزاب جديده و ديمقراطية، لأن مطالب الشعوب في بناء الأنظمة الديمقراطية اصبحت ضرورة يقتضيها واقع حاجة التطور الداخلي والخارجي لكل بلد وليس نوع من أنواع الترف السياسي. في جميع الأنظمة المدنية الديمقراطية الجيش لا يتدخل في شؤون الحكم ولا في الصراعات السياسية وتنحصر مهامه فقط في المحافظة على كيان الدولة من تهديدات محتملة داخلية أوخارجية إلا أنه في البلدان ذات الأنظمة الأستبدادية على العكس من ذلك تماماً تنحصر مهامة بدرجة رئيسية في حماية الأنظمة والنخب الحاكمة. ثورات التغيير الديمقراطي لم تعمل فقط على إجتذاب قوى المعارضة إلى مسارها بل وعملت على تفكيك منظومة الأنظمة السياسية في هذه البلدان وأجبرت المؤسسات العسكرية في تحديد مواقفها طواعية أو بالأكراه فيما يتعلق بالمستجدات السياسية . الجيش في تونس رفض توجيه آلياته ضد الشعب، والشرطة والأجهزة الأمنية لم تكن ترغب في مواجهتة وهذا ما سهل عملية اسقاط النظام الأستبدادي . واصبح الجيش يشكل الضمان للشرعية الدستورية. الجيش في مصر مارس موقفاً حيادياً مما ساعد في هزيمة النظام. الجيش في كلاً من تونس ومصر حافظا علي كيان الدولة من التفكك في ظل إنهيار القبضة الأمنية في بداية الأنتصار للثورة. الجيش في اليمن أنقسم بين معارض ومؤيد للثورة، وأنظمام الجيش المنقسم إلى جانب الثورة لعب دوراً مهماً في أنهيار نظام الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة. الجيش في ليبيا انقسم بحسب المكونات القبلية، وبقيت فقط تقاوم الثورة الوحدات الخاصة الأمنية والتشكيلات شبه العسكرية المعنية بحماية القذافي ونظامه والذين هم اساساً ينتمون إلى عشيرته . بلا شك تحقيق التحول الديمقراطي في بلدان الربيع العربي لا يمكن أن يكون إلا على أساس بناء الدولة المدنية. ومكانة ومستقبل جميع الأحزاب أي كانت توجهاتها تحدده بدرجة اساسية العلاقة أو الموقف من هذا المشروع الديمقراطي الذي تتطلع إليه جميع الشعوب العربية .اضافة إلى ذلك الدولة المدنية هي ظاهرة عامة ذات توجه عالمي ليس فقط يخص بلدان العالم الغير اسلامي وأنما أيضاً البلدان الأسلامية وتركيا نموذجاً. فمبادئ الدولة المدنية لا تتناقض مع مبادئ الأسلام ويكفي أن نشير هنا إلى أن كثير من القيادات الأسلامية عندما تعرضت للبطش في بلدان الأستبداد السياسي فضلت أن تلجئ إلى بلدان الديمقراطية المتطورة وليس إلى بلدانة عربية آخرى اسلامية، ومارست نشاطها الديني والسياسي في هذه البلدان بكل حرية اكثر من غيرها من البلدان الأسلامية . ومعادات الأديان هو بحد ذاته تطرف سياسي لا يقل خطورة عن التطرف الديني. والأسلام دين الأعتدال والوسطية.
وهنا ينبغي عدم الخلط بين مفهوم الأسلام كعقيدة دينية و الأسلام كايديلوجية سياسية لأحزاب بذاتها، حيث من الممكن في حالات كثيرة أن لا يتطابقا وهذا ما يبدو واضحاً في الأختلاف الفكري حتى بين أحزاب الأسلام السياسي نفسها. احزاب الأسلام السياسي هي عبارة عن اتجاهات متعددة مثلها مثل الأحزاب العلمانية و هي احزاب في الغالب فكرية أكثر مما هي سياسية وما جعلها تحظى بشعبية أكثر من غيرها من الأحزاب هونشاطها الأجتماعي الخيري، وتعرض هذه الأحزاب للملاحقات و المطاردات والسجون والمعتقلات، من قبل الأنظمة الأستبدادية قبل ثورات الربيع الديمقراطي في عدد من البلدان جعلها تكسب تعاطف الناس إلى حد ما والشعوب لم تختبر حكمها بعد وأعتقاد العامة من الناس بعدم ممارستها للفساد والعبث بالمال العام الذي يشكلان اساس جميع المشاكل في دول المنطقة . بينما الأحزاب العلمانية سواءً كانت يسارية أو يمينية اثبت عجزها في التعبير عن أردة شعوبها وتحقيق تطلعاته سواء من خلال تواجدها في نظام الحكم او في موقف المعارضة وهذا ما جعلها أقل شعبية من احزاب الأسلام السياسي. العالم الغربي ادرك تماماً هذه الحقيقة وهذا ما جعله يسارع في الوقت المناسب في القيام بتطويرعملية التواصل وخلق العلاقات مع احزاب الأسلام السياسي المعتدله كونها المؤهلة شعبياً أكثر من غيرها في الوصول إلى السلطة عبر صناديق الأنتخابات مع محاولة الحفاظ بالقدر الممكن على العلاقة مع الأحزاب والقوى العلمانية. وعلى الواقع العملي احزاب الأسلام السياسيى و خاصة جماعة الأخوان المسلمين حققت نجاحاً اكثر من غيرها من الأحزام العلمانية اثناء الأنتخابات الديمقراطية و النزيهة و وصلت إلى السلطة في تونس ومصر وفي ليبيا إلى حد ما. ولكن ربما طموح جماعة الأخوان المسلمين في مصر في تحقيق اهدافها الأيديلوجية دون الأهتمام بمعالجة القضايا الرئيسية الأقتصادية والأجتماعية والأمنية أو عدم القدرة وهو الأرجح على حلها بسبب الأخفاق في ادارة شئون الدولة لأي كان من الأسباب والعوامل سواءً كانت موضوعية أو ذاتية داخلية أو خارجية أدى إلى تفاقم الأزمة وبروز تداعيات خطيرة انعكست سلباً على تطور جميع الأوضاع السياسية المصرية الداخلية والخارجية. إخفاق جماعة الأخوان المسلمين في مصر في ادارة شئون الدولة يبدو واضحاً من خلال بعض الوقائع، وسنشير هنا إلى بعض منها - أتخاذ قرارات ذات اهمية غير مدروسة مثل الأعلان الدستوري الذي تم التراجع عنه. - لم يستطيع الأخوان المسلمين تقديم نظام سياسي بديل أفضل من الأنظمة السابقة بل وصول الأسلاميين إلى السلطة ادى إلى مواجهات بين السنة والشيعة على الصعيد المحلي والدولي. - فشل الرئيس مرسي في ضمان مشاركة واسعة من الشعب في الحياة السياسية في البلاد وتبديد شكوك قوى المعارضة العلمانية ضده. - التعيين في المناصب الهامة فقط على جماعة الأخوان أو القريبين منهم ايديلوجياً أدخلت الرئيس مرسي في مواجهة مع معظم النشطاء السياسيين. - وجود أزمة ازمة اقتصادية وأن كانت جذورها تمتد إلى ما قبل وصول جماعة الأخوان إلى السلطه ومن الصعب معالجتها كلياً بفترة وجيزه. لكن حكومة جماعة الأخوان ليس فقط لم تتمكن من خلق أي بوادر لحل هذه الأزمة وأنما ايضاً لم تفلح حتى من الحد من عدم زايدة تدهور الحالة المعيشية والأمنية للمواطن المصري وسقوط بعض الضحايا من المحتجين.
ونتيجة لأستمرارية وزيادة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية للمواطن المصري وصل الأستياء الشعبي إلى ذروتة في يونيو ٢-;---;-----;---٠-;---;-----;---١-;---;-----;---٣-;---;-----;---م ، وكان من الضروري معالجة الوضع القائم بشكل فوري بأتخاذ عدد من الأجراءات العملية بما في ذلك احتمال أجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة الذي كان بأمكانه إذا ما تم حتى الأعلان عنه تفويت الفرصة على حصول الأنقلاب. لكن وعلى الرغم من ادراك الأخطار القائمة و تطابق وجهات النظر بين المعارضة و جماعة الأخوان المسلمين وهذه المرة كحزب حاكم حول ضرورة القيام بعدد من الأجراءات بما في ذلك تشكيل حكومة بديله و تشكيل لجنة لتعديل الدستور تأكيد رئيس الدولة حينها في التمسك بالسطة وعدم التنازل عن حقه في الرئاسة حتى أنتها الفترة المقرة دستورياً أعطى الجيش مبرراً بأن يقوم بحركته الأنقلابية التي تم الأعلان أو التحذير مسبقاً عن أمكانية حدوثها من منطلق الحرص حسب رأي قيادة الجيش على عدم زيادة تدهور الأوضاع وخروجها عن نطاق السيطرة والدخول في مواجهات يمكن أن تؤدي إلى حرب اهلية خاصة في ظل وجود التظاهرات المليونية المؤيدة والمعارضة وسقوط عدد من الضحايا في فترة تزايدت فيها تدهور الحالة الأمنية والأقتصادية . بكل تأكيد الديمقراطية لا تقتصر فقط على صناديق الأنتخابات ولا تنتهي عند هذا الحد وإنما تبتدي. الديمقراطية هي عبارة عن نظام متكامل وتعني بدرجة اساسية التنظيم السياسي لسلطة الشعب الذي يقوم على اساس ضمان المواطنة المتساوية والمشاركة العادلة للجميع في ادارة شؤون الدولة والمجتمع. ومن أهم خصائص الديمقراطية إلى جانب تقسيم السلطات الأعتراف والقبول بأن الشعب هو مصدر السلطة والشرعية والسيادة، واولوية سيادة حقوق الأنسان على سيادة الدولة، و اتخاذ القرارات بأرادة الأغلبية مع الألتزام بأحترام حقوق الأقليات، وسيادة القانون الذي يعتمد في اساسه على احترام وضمان حقوق الأنسان، ومبدأ الشفافية والعلنية والتعددية... الخ .
ولكن عدم توافر بعض هذه القيم أو كلها أو غيرها من القيم الديمقراطية لا يعطي بأي حال من الأحوال أي تبرير للأنقلابات العسكرية و عدم اللجوء إلى الآليات الديمقراطية. وفي نفس الوقت صناديق الأنتخابات وحدها لا تعطي الحق في التمسك بالسلطة وعدم التجاوب مع أرادة الشعوب. و ما قام به الجيش المصري من الناحية القانونية يعتبر عمل غير ديمقراطي في مجتمع الدول الديمقراطية وأن كان مغلفاً بالأحتجاجات الشعبية وأقتصاره على السيطرة على زمام الأمور وتسليم السلطة ظاهرياً لقوى مدنية . فقد كانت توجد خيارات آخرى ديمقراطية ولم تجري حتى المحاولة في استخدامها مثل اللجوء إلى الشعب من خلال آلية الأستفتاء العام . عدم تقبل الوضع الراهن في مصر على المستوى الدولي يظهر في مواقف غالبية اعضاء المجتمع الدولي، وبالذات الأتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية التي ضمنياً ادانت الأنقلاب وحملت المسؤولية جميع اطراف الصراع عن ما آلت إليه الأوضاع من حالة مأساوية، وطالبت من الجميع أحترام حقوق الأنسان وحرياته واطلاق سراح السجناء السياسيين ودعت الأطراف المتنازعة إلى الحوار البناء والمصالحة. ومواقف هذه الدول لم تقتصر على الجوانب السياسية والأخلاقية بل والتحذير بأتخاذ الأجراءات القانونية من خلال التهديد بوقف المساعدات الأقتصاديه، وبدأت بأتخاذ بعض الأجراءات العملية الأولية، إلى جانب دول آخرى ادانت الأنقلاب بشكل رسمي كقطر وتونس وتركيا والاتحاد الأفريقي، بينما دول قلة ايدت الأنقلاب ضمنياً على أعتبار أنه حالة مؤقته ستطوى صفحته بأجراء الأنتخابات النيابية والرئاسية المبكرة بأستثناء المملكة العربية السعودية والأمارات العربية المتحدة والكويت والأردن التي ايدت ودعمت الأنقلاب رسمياً خشية من تمدد تأثير جماعة الأخوان المسلمين إلى اراضيها. مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة أدان العنف في مصر ودعا الأطراف المتنازعة إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس." وعبر عن تطلعه إلى وضع حد للعنف، و تحقيق التقدم نحو المصالحة الوطنية. تضييق الحريات وأنتهاكات حقوق الأنسان وارتكاب جرائم ترتقي إلى مفهوم الجرائم ضد الأنسانية وفقاً للقانون الدولي الجنائي قد لاقت هي الأخرى أدانه وتنديد كاملين من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحقوقية. وما يجري في مصر حالياً لا يعتبر شأناً داخلياً ليس فقط لأن قضايا حقوق الأنسان والديمقراطية وسيادة القانون تعتبرشأناً عالمياً قبل أن تكون شأناً داخلياً، ولكن ايضاً لما يمثله استقرار مصر من أهمية لأستقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم . واستقرار مصر في ظل هذه الظروف والمعطيات لن يأتي إلا من خلال نبذ العنف، والالتزام بمبادئ العدالة والقانون و أحترام حقوق الأنسان والمبادئ الديمقراطية، والتوافق المبني على قبول الآخر. و دائماً في المراحل الأنتقالية من الضروري أشراك كافة القوى الفاعلة في عملية البناء الديمقراطي ودون ذلك من الصعب أن لم يكن من المستحيل إيجاد إي استقرار . المظاهرات السلمية لا تمثل عملاً ارهابياً وأنما هي حق ديمقراطي وعلى الدولة تقع مسؤولية حمايتها، ومكافحة الأرهاب من واجبات الدولة و الدولة بهذا الخصوص لا تحتاج لأي تفويض من الشعب. الأحداث في مصر تؤكد من جديد ضرورة بناء الدولة المدنية. وهذه الأحداث كشفت عن مدى عدم جاهزية جميع الأحزاب السياسية بمختلف اتجاهاتها للدولة المدنية و للديمقراطية بمعاييرها العالمية، وهنا تكمن المشكلة. وهذه خاصية عامة لجميع الأحزاب في بلدان الربيع العربي. عدم تحول الأحزاب العلمانية في جميع البلدان العربية بعد إلى احزاب اللبرالية الديمقراطية الحقيقية جعل البعض منها يحاول الأستفادة من اخطاء نظرائهم احزاب الأسلام السياسي أو المراهنة على حدوثها من اجل تعزيز مواقفهم داخلياً وخارجياً بمغازلة الغرب من خلال اكليشة مكافحة الأرهاب واظهار انفسهم بأنهم البديل الأفضل وليس من خلال إجراء التحولات الديمقراطي داخل مكوناتهم وتقديم مشروع ديمقراطي لبناء الدولة المدنية . وفي هذه الحالة وفي هذا الواقع السياسي المعقد في بلدان الديمقراطية الناشئة والمليء بالمتناقضات تحتل قضية إيجاد دستور للدولة المدنية مكانه واهمية خاصة ذات أولوية في مسار التغيير الديمقراطي الشامل. وفي ظل مرحلة الأنتقال من انظمة الفساد والمحسوبيات والأدارة السيئة والأستبداد إلى الأنظمة الديمقراطية والحكم الرشيد من الضروري المشاركة الواسعة للقوى السياسية والمجتمعية في إدارة شؤون بلدانها في ظل حكومات كفائات بغض النضر عن ما تفضي إلية الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية مما سيجعل هذا التخلص او التقليل من تأثير وجود بقايا الأنظمة السابقة والمضي قدماً نحو ارساء نظم ديمقراطي وتحقيق بداية للتنمية أمراً مؤكداً اتجاهات بناء الدولة المدنية على ضوء جميع المعطيات السياسية والأقتصادية والثقافية والأجتماعية يتطلب بدرجة اساسية: - استقلالية الأديان عن سلطة الدولة واستقلالية السياسة عن المؤسسات الأمنية والعسكرية - إرساء مبدأ التخلي عن فرض وصاية القوى العلمانية على الشعب والقوى الأسلامية عن الأسلام والمسلمين ونشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان ومناهظة التطرف والعنصرية بكل اشكالها وصورها - استقلالية القضاء واعادة بناءة على اسس مبادئ العدالة والنزاهة والكفاءة وهذه قضية حيوية خاصة للبلدان التي تعاني اساساً من انعدام القضاء - انشاء هيئات مفوضة لحقوق الأنسان والأقليات ( القومية واللغوية الثقافية والدينية أوالمذهبية ) يرأسها مفوض منتخب من قبل البرلمان واصدار قوانين خاصه بهذا الشأن. - الأستفادة في قضايا مكافة الفساد من تجربة سنقافورة التي كانت تعتبر من أكثر الدول فسادا وأصبحت اليوم نموذجاً للشفافية والخلو من الفساد و تجارب غيرها من الدول التي تغلبت على هذه الظاهرة الخطيرة - حظرقيام أي احزاب على أساس طائفي أو مذهبي أو مناطقي
طبيعة العلاقة بين النخب العسكرية والسياسية في الأنظمة الأستبدادية البوليسية في جميع البلدان العربية بنيوية وتكاملية وأن تفاوت دور وتأثير المؤسسات العسكرية على السياسة العامة وتدخلها في العملية السياسية، ومدى الأندماج والشراكة في المصالح بين نخب سلطة الدولة والنخب العسكرية في هذا البلد او ذاك. ولهذا من بين أهم المشاكل التي ستواجه عملية البناء الديمقراطي إلى جانب بقايا الأنظمة الأستبدادية تبرز معضلة تغيير نوعية هذه العلاقة بين المؤسسات العسكرية والأمنية وسلطة الدولة على أسس مبادئ الدولة المدنية، و واحد من الأسباب التي ستعيق إلى حد كبير حل هذه المعضلة هو بقاء الكوادر القديمة في صفوف الجيش والقيادات العسكرية المرتبطة بالأنظمة السابقة والمتأثرة بالفكر السياسي القديم . أن جميع بلدان الربيع ليست بحاجة إلى دساتير أحزاب أو دساتير توافقية وأنما إلى دساتير دول مدنية. مشروع دستور الدولة المدنية ينبغي أن يصاغ من قبل اخصائيين في القانون الدستوري والقانون الدولي و بمشاركة خبراء سياسيين لكي يتجاوب مع حاجة التطور الداخلي والخارجي لهذه الدول، وليس حاجة الأحزاب في الوصول إلى السلطة والأحتفاظ بها. لا جدال في أن كل بلد له خصوصياته، لكن هذا لا يعني عدم وجود اتجاها عامة خاصة فيما يتعلق بحقوق الأنسان وسيادة القانون، و لهذا سيكون من الأفضل أن ادخل ضمن المبادئ أو الأحكام العامة التي تشكل البدايات الرئيسية للدساتير و التي تحدد فيها عادةً هوية وبناء وشكل الدولة ما يلي: - التأكيد عل أن الأنسان وحياته وكرامته وشرفه قيم اجتماعية عليا مصانه وفي آمان ولا يمكن المساس بها، وأن ضمان حقوق وحريات الأنسان يحددان مضمون واتجهات نشاط الدولة . و تثبيت وضمان حقوق الأنسان تعتبر المهمة الرئيسية للدولة. - التأكيد على أن النظام القانوني يستند على المبادئ التي بموجبها لا يمكن ارغام أي شخص على عمل شئ ما لا تستدركة التشريعات النافذة، وعلى أن جميع اجهزة الدولة وموظفيها ملزمين على تأدية واجباتهم فقط وفق الصلاحيات الموكلة اليهم واتباع الأساليب في تنفيذ مهامهم الذي يحددها الدستور والتشريعات النافذة. -الأعتراف بأن الشعب هو المصدر الوحيد للسلطه ومن يتمتع بالسيادة وهو من يملك حق تحديد وتغيير البناء الدستوري، ولا يحق للدولة أو أي من اجهزتها أو المسؤولين فيها انتزاعه . ولا يحق لأي كان اتنزاع أو الأستيلاء على السلطة. - الأعتراف بأولوية الدستور أمام جميع القوانين، وعلى أن تتخذ جميع القوانين بموجب الدستور وأن تتوافق معه. والتأكيد على النفاذ المباشر للقواعد القانونية للدستور، و حق ضمان اللجوء المباشر إلى المحاكم من أجل حماية حقوق وحريات الأنسان والمواطن التي يكفلها الدستور. - الأعتراف بمبدأ سيادة القانون والزامية تطبيقه التأكيد في الدستور على أن الأسلام المصدر الأساسي للتشريع او مصدر اساسي للتشريع وليس المصدر الرئيسي و الوحيد لا يعني بتاتاً الخروج عن الأ سلام أنما يعني هذا أن تتفق تشريعات الدولة مع النصوص في القرآن والسنَّة، ومعروف أن القرآن والسنة تتضمن عدد من القواعد الأساسية المحددة والمفصلة والقواعد العامة وهي الغالب ، ولهذا تأتي مصادر آخرى مثل الأجتهاد والأجماع، وهذا يعني أن النظام القانوني في الدول الأسلاميه ليس منغلق هذا أولاً. وثانياً المبادئ الأساسية والقواعد العامة للقانون لا تتعارض مع الأسلام. وثالثاً القوانين الوضعية إلى جانب القوانين الأسلامية موجودة في جميع الأنظمة القانونية للدول الأسلامية. للأسف من يعتقد أن هناك خلاف جوهري بين تعاليم الأسلام والمعايير الدولية عن حقوق الأنسان لم يطلع أو لم يستوعب احدهما أو لا يريد أن يقبل بذلك. البعض يحاول أن يحصر حقوق الأنسان على ما يطلق عليه بحق تكوين الأسر للمثليين الذي منحته بعض الدول وهذا شأنها، وهذا الحق لا يعتبر اساساً من ضمن المعايير الدولية لحقوق الأنسان الألزامية لجميع الدول وقد لا يعلم الكثيرين بوجود دول غير اسلامية ومن الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن رفضت هذا الحق لأن اخلاق شعوبها لا تتقبل الموضوع حتى من حيث الفكرة. أن اختلاف السياسة والديانات لا يعيق وجود قانون دولي واحد وعام، و جميع الدول الأسلامية اعضاء في الأمم المتحدة وبهذه الصفة يتوجب عليها تنفيذ جميع الألتزامات التي يحددها ميثاق الأمم المتحدة الذي يشكل أساس القانون الدولي والذي بدوره يستند على حقوق الأنسان والدول . ومفهوم حقوق الأنسان في الأسلام يتطابق مع المعايير الدولية بهذا الخصوص. الإسلام جاء بالعديد من القواعد والأحكام التي تعد أسساً للقانون الدولي ومنها: العدل والمساواة بين الشعوب، وتحريم العدوان، وتفضيل السلم على الحرب ما أمكن ذلك، وكفالة الحرية الدينية، ورد العدوان ونصرة المظلوم، وتقييد الحروب بقواعد إنسانية، ومنح الأمان للمتحاربين، والرأفة بالأسير، وتقديم العون للاجئ من الظلم، والوفاء بالعهد ... الخ. فماهي المشكلة إذا تضمنت دساتير دول الديمقراطية الناشئة التأكيد بأن المبادئ والقواعد العامة للقانون الدولي المعترف بها عموماً والأتفاقيات الدولية النافذة التي ابرمت وتمت المصادقة علي الزاميتها تعتبر جزء من النظام القانوني الوطني، والأشارة إلى أن عقد الأتفاقيات الدولية التي تتناقض مع الدستور من الممكن فقط بعد إجراء التعديلات الدستورية اللازمة. الباب الثاني من الدستور ينبغي أن يتضمن حقوق و حريات و واجبات الأنسان والمواطن. وضمن هذا الباب تدخل جميع الحقوق والحريات الأساسية التي تتضمنها المعاهدات الدولية بهذا الخصوص. بعدها تأتي الفصول الأخرى حسب ما هو معمول فيه في دساتير الدول الحديثة وبما يتجاوب وخصوصيات كل دولة. وقبل الأستفاء على مشروع الدستور ينبغي توضيح ومناقشة جميع مواده عبر مختلف وسائل الأعلام و بإسهاب حتى يتمكن المواطن البسيط من استيعاب حقوقه ويستطيع من التعبير عن أرادته الكاملة اثناء الأستفتاء العام. الدستور ينبغي أن توافق عليه الغالبية المطلقة على الأقل بنسبة لا تقل عن ثلاثة ارباع من جميع الأصوات
#رياض_طه_شمسان (هاشتاغ)
Reyad_Taha_Shamsan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|