أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المعضلة الغربية حيال الصراع السوري














المزيد.....

المعضلة الغربية حيال الصراع السوري


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4205 - 2013 / 9 / 4 - 23:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


يبدو أن القوى الغربية تواجه معضلة صعبة في تعاملها مع الوضع السوري إثر المجزرة الكيماوية في الغوطة الشرقية في 21 من آب الماضي. فإذا اكتفت بضربات عقابية محددة لمواقع عسكرية للنظام، كان مستبعدا أن يؤدي ذلك إلى تغيير مهم في مسار الصراع السوري. وهو ما يحكم على الضربة بأن تكون مثل قلّتها، ويعود على القوى الغربية ذاتها بتراجع في الصدقية التي يفترض أن الضربة تعمل على إنقاذها. وهذا لأنها استنفرت العالم واستعرضت قواها، ثم لم تستطع ممارسة تأثير حاسم على سير الأوضاع السورية. فما تكسبه من صدقية على مستوى ردع النظام تخسره على مستوى محدودية التأثير.
أما إذا استهدفت الضربة الغربية إسقاط النظام، فإنها في الحسابات الغربية تكون قد أزالت عائقا أمام مجموعات جهادية، يظن في الغرب أنها تشكل متن المقاومة المسلحة في البلد. هذا غير صحيح، وعدا أنه الفكرة التي يحب النظام السوري إعطاؤها عن الثورة، فإن توسع مراتب هذه المجموعات الجهادية مرتبط بصورة مباشرة بالعطالة الدولية حيال تمادي النظام في العنف والإجرام ضد محكوميه المتمردين.
ويبدو أن القوى الغربية على أرضية حساباتها الخاصة لا تستطيع استهداف النظام دون استهداف المجموعات الجهادية، ما يوجب تدخلا أوسع نطاقا، وأطول أمدا وأعلى كلفة، ويقتضي من تلك القوى التزاما سياسيا وأمنيا واقتصاديا حيال البلد الممزق. وهذا ما لا تبدو مستعدة لتحمله بعد تجاربها العراقية والأفغانية، وما يتعذر كل التعذر بناء حدا أدنى من الإجماع الداخلي في أي منها حوله.
وفي المحصلة لا يبدو أن هناك خيار غير معضل أمام القوى الغربية والمركز الأميركي. فإذا تدخل الغرب قليلا كان تدخله معدوم النتيجة حتى على استعادة هيبته. أما إذا تدخل أكثر واستهدف النظام، فسيتعين عليه أن يتدخل أكثر من أكثر ويستهدف الجهاديين أيضا.
قد يمكن القول إن القوى الغربية تحصد اليوم ما زرعت طوال عامين ونصف، وأن الامتناع عن فعل شيء مهم طوال هذه الفترة كان فعلا سيئا جدا. وأن هذا الامتناع هو ما غذى نزعات عدمية وجذرية في المجتمع السوري، وولد بيئات مرحبة بجهاديين أجانب ومنتجة لجهاديين محليين. بعيدا عن أن تفعل أي شيء للتقليل من ظهور التيارات الجهادية، تنسجم محصلة السياسة الغربية بالأحرى مع تكاثر الجهاديين وانتشارهم. نتذكر طلبات المساعدة منذ خريف 2011: حظر جوي، ممرات إنسانية آمنة... ثم في وقت لاحق أسلحة دفاعية أكثر فاعلية، وكلها لم تلق استجابة تذكر أو لقيت استجابة واهنة بلا تأثير. كان من شأن استجابة مثمرة أن تقوى مواقع وتأثير تشكيلات المعارضة الأقل تطرفا، وتقطع الطريق على ظهور وتجذر الاستعدادات العدمية.
اليوم، ومع صعود الجهاديين، يبدو أنه توفر للقوى الغربية مسوغ وجيه لأن تقف في وضع هاملت، عاجزة عن حسم خياراتها.
والحال أن هذه الخيارات تنحصر واحد من اثنين. إن كان العدو هو الجهاديين، فإن المسلك الصحيح يتمثل في إعادة تأهيل النظام ومساندته ضدهم، وإن ربما بعد تأديبه. يقايض بقاؤه مع أدبه. هذا يوجب قطيعة مع السياسات التي أخذت تتبلور منذ بدايات "الربيع العربي"، وتميل إلى الترحيب بالتغير السياسي في البلدان التي شهدت ثورات. مآل الأوضاع في مصر وليبيا، واليمن، قبل سورية ذاتها، يبدو أنه يدفع نحو مراجع هذه السياسات، لمصحلة دعم الاستقرار والجهات التي توفره. لكن يبدو عسيرا على القوى الغربية التحول نحو هذا الخيار في الوقت الراهن لأنها وجهت سياساتها طوال عامين وأكثر ضد النظام وإلى جانب معارضيه من جهة، ولأن من شأن ذلك أن يمنح إيران ووكيلها اللبنانى انتصارا يبدو أن تلك القوى غير مستعدة الآن لقبوله. أما أن في ذلك خيانة للشعب السوري وخذلانا للمعارضة، فمن يبالي؟
لكن هناك خيار آخر معاكس، ينطلق من افتراض أن نهاية النظام هي نقطة بداية نهاية الجهاديين، وأن سورية تحتاج إلى بداية دولة أو مركز وطني شرعي، تتجه إليه الأنظار والجهود، ويعمل على نزع الشرعية من التشكيلات الجهادية والمتطرفة، وعلى تطوير سياسات اجتماعية واقتصادية وأمنية لمواجهتهم. سورية اليوم لا تملك أي شيء في مواجهة هذه التشكيلات. تملك فقط النظام الأسدي، وهذا نهاية دولة وليس بدايتها، وهو بالقطع ليس مركزا وطنيا عاما، واستمراره، وهو عدوان مستمر، يشكل مناخا مناسبا لظهور واتساع مراتب الجهاديين.
الافتراض الغربي بأن النظام متراس متقدم في الحرب ضد الجهاديين صوري وخاطئ. حتى لو تغاضينا عن أشكال من التواطؤ والألعاب الخفية بين الطرفين، فإن بقاء النظام مصدر قضية عادلة للجهاديين وشرطهم الوجودي.
السياسة الصحيحة، تاليا، هي المساعدة على تخليص سورية من نظام يثور ضده السوريون فعلا منذ عامين ونصف، ودخل الجهاديون المشهد بعد نحو عام من الثورة، واتسع دورهم بعد نحو عامين، ومراتبهم ليست مرشحة لغير التوسع كلما طال عمر النظام. من شأن طي الصفحة ألأسدية أن يغير البيئة السياسية والنفسية داخل سورية وحولها، ويطلق تفاعلات أكثر اعتدالا وأقل ثأرية وغضبا.
لعله فات الوقت منذ الآن على توقع نتائج إيجابية سريعة لتغيير المسار في هذا الاتجاه. لكن لا نتائج إيجابية لغير السير في هذا الاتجاه. يتعين تغيير النموذج الهادي للسياسة أو افتراضاتها الأساسية، وتحديدا التحول من افتراض أن العلاقة بين النظام والجهاديين محكومة بمحصلة صفرية، بحيث أن المزيد من النظام يعني القليل من الجهاديين، والقليل منه يعني الكثير منهم، إلى الافتراض المعاكس: الكثير من النظام يعني الكثير من الجهاديين، والخلاص من النظام هو باب وقف صعودهم وتخفيف وزنهم. هذا ما يمكن أن يكون الأساس العقلي لسياسة مغايرة، ينتفع منها السوريون، ولا تتضرر منها أية مصالح غربية مستنيرة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو نجم القدموسي
- أبو قصي الغزلاني: صورة مقاتل
- أبو ياسين الميداني: بورتريه مقاتل
- أبو خالد الغزلاني: صورة مقاتل
- لا جديد في المذبحة، إنها النظام
- إصابات بسلاح كيميائي في الغوطة الشرقيّة
- جريمة قتل طفل باسم دين!
- صورة الطفل الذبيح من بانياس
- حوار في شأن الدين والسياسة والإصلاح الديني. أسئلة ريتا فرج
- حوار في شأن ألإسلام والتطرف والإرهاب والتسامح/ أسئلة محمد ال ...
- حوار في شؤون الثورة السورية/ أسئلة جواد صايغ
- حوار في شؤون شخصية وعامة، من الغوطة الشرقية/ أسئلة غسان المف ...
- صورة، علمان، وراية/ مقاربة اجتماعية رمزية لتفاعل وصراع أربع ...
- رسالة إلى المثقفين وقادة الرأي العام في الغرب -
- في نقد -سياسة الأقليات-/ حماية الأقليات من الأكثريات، أم كفا ...
- من -الإسلام- إلى المجتمع/ مقاربة جمهورية علمانية
- وطنيون وخونة وطائفيون...
- الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج!
- متى تفجرت الثورة، وأين؟
- حوار حول الثورة السورية في عامين


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المعضلة الغربية حيال الصراع السوري