نادين عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 4205 - 2013 / 9 / 4 - 09:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تتوانَ الدوائر الرسمية الغربية عن دعم الإخوان حينما كانوا فى السلطة، وهذا أمر مفهوم. فنحن نعلم دعمهم للاستقرار، واعتقادهم أن الجماعة كانت قادرة على إعماله. لكن الغريب فى الأمر هو استمرار هذا الدعم والتعاطف حتى بعد إزاحتهم من الحكم - ويمكن إعطاء تفسيرين لذلك على الأقل:
أولا: اعتبرت أغلب الحكومات الغربية ما يحدث فى مصر نذير حرب أهلية، قد تمتد على شاكلة السيناريو الجزائرى فى التسعينيات. فالغرب لم ينظر إلى الإخوان باعتبارهم طائفة سياسية أو حتى فصيلا له أعداد محددة من المناصرين بل بالأحرى اعتبروه ممثلا للتيار الإسلامى ككل. وبالتالى اعتقدوا أن إزاحتهم ستؤدى إلى نزاع ممتد فى مجتمع توهموا أنه منقسم على أساس هوياتى مدنى/ إسلامى. والحقيقة هى أنهم أغفلوا أن أغلبية المصريين ليس لديهم انتماءات أيديولوجية واضحة، وأن أغلب من انتخب منهم الإخوان لم ينتخبهم لإنهم إسلاميوين بل إيمانا بقوة تنظيمهم.
ثانيا: سعت الجماعة بكل ما تملك لتسويق ذاتها فى الخارج حينما كانت فى الحكم، فكانت ترسل من قيادات الجماعة من يجيدوا تكلم لغة الغرب حتى يوهموا الجميع أنهم بديل ديمقراطى ومعتدل. وبعد سقوط مرسى، ضغط لوبى الإخوان المنتشر فى الدول الغربية بشكل مكثف ومتتالٍ لتدخل حكومى غربى مباشر لإرجاعه فى البداية ثم للتوسط بعد ذلك. والحقيقة أن هذا التصرف وفّر للحكومات الغربية غطاء سياسيا تتمناه للتدخل فى الشأن المصرى تحت اسم «حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان»، وكأن مصر أصبحت دولة فاشلة تماما وفى حاجة إلى وصايا خارجية. وعلى صعيد آخر، محاولات التدخل الغربى تحت هذا الاسم مضحكة جداً، فأين كانت مثلا حماية حقوق الإنسان حينما استشهد 100 ألف مواطن فى سوريا؟ لماذا لم يتدخل أحد لحمايتهم؟ ولماذا لم تفكر الولايات المتحدة فى التدخل سوى اليوم؟
وأخيرا، نشير إلى أن التصريحات الأخيرة لعدد من قيادات الإخوان، والتى دعت الخارج للتدخل بزعم الوساطة، إضافة إلى بيانها المنشور قبيل احتجاجات 30 أغسطس، والتى دعت فيه صراحة لإحداث انقسام بداخل الجيش المصرى، كلها سلوكيات ليس لها سوى معنى واحد: عدم التمتع بالحد الأدنى من الوطنية. فحتى لو ارتأت القيادات أن جماعتهم تعرضت للظلم، فلا يوجد ما يبرر تخليهم عن القواعد الأولية للوطنية، فهم ليسوا أول قوى سياسية تتعرض لما تراه إنه غبن. قطعاً، هذا الأمر يخص القيادات فقط، فلايزال لأبناء الجماعة من السلميين مكان سياسى واجتماعى فى وطنهم. وفى كل الأحوال، الضغوط الغربية المرفوضة لا تبرر قبولنا انتهاكات الحقوق والحريات فى الداخل.
#نادين_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟