أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء جوزيف اوسي - العملة السورية بين مطرقة المركزي وسندان الأزمة















المزيد.....

العملة السورية بين مطرقة المركزي وسندان الأزمة


علاء جوزيف اوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 16:19
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بعد مرور عامين ونيف على الأزمة السورية، وما رافقها من تداعيات سياسية واقتصادية، والتي ترافقت مع العقوبات التي فرضها المعسكر الغربي ومشايخ الخليج والعثمانيين الجدد، والتي ولدت ظروفاً قاسية أمنياً وسياسياً واقتصادياً، انعكست على السوريين وفاقمت الفقر والبطالة والتضخم لمستويات غير مسبوقة، في وقتٍ أمسى سعر صرف الليرة مقابل الدولار حديث المواطن السوري وهمه اليومي. خاصة بعد أن فقدت الليرة نحو 75% من قيمتها، فقد أدى تقلب سعر الصرف وعدم ثباته في السوق المحلية إلى تبعات سلبية، تمثلت في ارتفاع أسعار السلع والخدمات وإضعاف الثقة بالعملة السورية، وتآكل دخول الشرائح الفقيرة نتيجةً لارتفاع الأسعار ودولرة الاقتصاد.

في هذه الأوضاع غير المستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كثر الحديث عن دور مصرف سورية المركزي في المحافظة على استقرار العملة ومسؤوليته في تدهور قيمتها، وسط تساؤلات عديدة حول إجراءاته والأدوات النقدية التي استخدمها، سواء خلال الأزمة أو قبلها، إن جاءت منسجمة مع الواقع المعيشي المتردي للمواطنين وخطوة في ضمان حياة كريمة لهم..!

خطوات.. ولكن!
اتخذ المصرف المركزي إجراءات عديدة منذ بداية الأزمة، لكنها لم تؤد بمجملها إلى نتائج ملموسة في السيطرة على أسعار الصرف، بل أدت إلى انخفاض غير مبرر في احتياطيات المركزي من القطع، وذلك نتيجة لعدم وجود سياسة نقدية كلية واضحة وشاملة ومتماسكة، بل انحصرت سياساته بإجراءات وتعاميم، والاعتماد في التدخل بشكلٍ أساسي على شركات الصرافة، مع إهمال دور المصارف العاملة. وعلى الرغم من تمكنه (المركزي) من خفض سعر صرف الدولار إلى حدود 175ليرة سورية في الأيام الأخيرة. إلا أن هذا الإجراء تم على حساب استنزاف كميات غير قليلة من الاحتياطات الأجنبية، وليس بفضل كفاءة وصواب السياسة النقدية. وهي خطوة انتقدها العديد من الاقتصاديين واصفين أن اعتماد المركزي على آلية البيع بالمزاد في بيع القطع لتموين السوق و(التي سماها المركزي جلسات التدخل)، ليست سوى جلسات يتم البيع فيها لمن يدفع أكثر، وهو ما يعدُّ رفعاً رسمياً لسعر القطع في السوق، فضلاً عن أن المزاد يُسهل تهريب العملة الأجنبية، إضافة إلى اعتماده سياسة تعويم غير معلنة لسعر القطع. وبالمقابل لعبت شركات الصرافة دوراً سلبياً خلال الأزمة، مدعمة ذلك بسياسات متقلبة من المركزي، فلعبت دور الوسيط الأساسي بين احتياطي القطع الأجنبي الموجود بالمركزي وبين أصحاب الأموال، على الرغم من أن هذه المكاتب هي من حيث المهمة حلقات وسيطة وخارج إطار قوى العرض والطلب على القطع الأجنبي في السوق السورية. فبدا المركزي في موقف ضعيف أمام تغيرات أسعار الصرف المتواترة، واقتصرت إجراءاته في أحيان كثيرة على تنظيم عملية البيع والشراء؛ دون أن تحمل أي إجراء اقتصادي قادر على دعم قيمة الليرة السوية ووقف تدهورها أمام الدولار. أضف إلى ذلك التصريحات الإعلامية التي زادت من القلق والخوف على مستقبل العملة السورية في الأوساط النقدية، كما زادت في انخفاضها أكثر.

ومؤخراً أجاز المركزي السوري للمصارف الخاصة بيع العملات الأجنبية للأفراد مباشرة بهدف الحد من تدهور سعر العملة المحلية في مقابل الدولار، وهو ما يهدف حسب الحاكم (إلى توسيع عملية التدخل التي يقوم بها المصرف المركزي للحفاظ على سعر الصرف عند مستويات مقبولة ولجم عمليات المضاربة على سعر صرف الليرة السورية).

لقد اعتمد المصرف المركزي، حسب الباحثة الاقتصادية د. رشا سيروب، (سعر الصرف هدفاً نهائياً لا هدف وسيطاً، علماً أن سعر الصرف هو انعكاس لقوة الاقتصاد ولمدى الثقة بالنظام المصرفي المحلي الذي يعزز الثقة بالعملة المحلية، وبالتالي سعر الصرف هو نتيجة لسياسات متبعة وليس هدفاً أو وسيلة لتحقيق هدف. وبذلك ابتعد المصرف المركزي عن تحقيق الهدف الأساسي المعلن هدفاً نهائياً، وهو استقرار أسعار السلع في الأسواق، وأخلَّ بالتزامه في تدعيم السياسات الاقتصادية على المستوى الكلي في مجال تعزيز النمو الاقتصادي والتشغيل)، (الأخبار 10/7/2013).

ونوهت الباحثة سيروب بأن مفهوم استقلالية المصرف المركزي استخدم على نحو خاطئ، فوفقاً للإجراءات والقرارات النقدية المتخبطة والمتعارضة والمتناقضة بعضها مع بعض بين الحين والآخر. أو القرارات التي قد تكون صحيحة لكنها صدرت في الوقت غير المناسب (متأخرة)، يبدو جلياً عدم وجود أي تنسيق أو اتفاق بين الحكومة وبين المصرف المركزي، وكأن (المركزي) يقوم باتخاذ قرارات ارتجالية بمعزل عن الاقتصاد الوطني. فاستقلالية المصرف المركزي لا تعني الانعزال عن السياسات الاقتصادية الكلية، بل على العكس فإن قوة استقلاليته وفاعلية قراراته تتناسب ودرجة التنسيق والتشاور مع السلطة التنفيذية، وبالتحديد مع وزارة المالية.

عودٌ على بدء
بالعودة إلى جوهر المشكلة السياسية الاقتصادية وبعيداً عن موضوع القطع فإن المشكلة تتعلق بتقلص مساحة الإنتاج المحلي، والاعتماد اعتماداً كبيراً على الاستيراد من الخارج، مما دفع المضاربين وتجار العملة لرفع الأسعار والتلاعب فيها بغية تحقيق مكاسب كبيرة.
وبغض النظر عن تجاوزات تجار العملات وشركات الصرافة التي ارتكبها العديد منهم، وتوقيف العديد من المضاربين فيجب ألا يضارب على العملة الوطنية على حساب تمويل المستوردات، وهو ما يوجب إلغاء دور الشركات الوسيطة في تمويل العمليات التجارية البعيدة عن اختصاصها وإسناد هذه المهمة إلى المصارف العامة أو الخاصة، والتنسيق مع وزارة الاقتصاد ومديرية الجمارك العامة، للمطابقة بين مبيعات المزاد بغية تمويل مستوردات القطاع الخاص وإجازات الاستيراد الممولة فعلياً من أموال المزاد. وهنا تبرز إشكالية أخرى تتمثل بعدم تطابق تكاليف الاستيراد الواردة في وثائق الاستيراد مع التكاليف الفعلية على نحو يستنزف القطع الأجنبي ويفقد الخزينة العامة رسوماً جمركية تعد إيراداتها من حق المواطن.

مع تأكيد ضرورة وضع سلم أوليات، لتمويل المستوردات بأسعار قطع مختلفة.

الإنتاج
إن السياسة النقدية المتبعة للمصرف المركزي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي عن طريق الوصول إلى سعر صرف ثابت ومستقر لليرة، ولكن ذلك لا يتم في بلد يعاني اختلالات هيكلية في القطاعات الانتاجية ومن بطالة مستفحلة. فاستقرار سعر صرف العملة الوطنية مرتبط بعوامل كثيرة، من بينها قوة النشاط الإنتاجي في القطاعات السلعية الزراعية والصناعية والقطاعات الخدمية.

إن إعادة التوازن إلى قيمة الليرة السورية يتطلب دعم هذه القطاعات في إطار سياسة اقتصادية كلية يقع على عاتق المركزي وضعها، شريطة أن تكون السياسة النقدية أحد مكوناتها.

والعمل على إعادة تأهيل المصانع والمعامل للقطاعين العام والخاص وتدوير عجلة إنتاجها من جديد، والعمل على توفير المناخ الاستثماري الرحب الجاذب للقطاع الخاص، وانتهاج سياسة نقدية ومالية مستقلة عن التدخل الخارجي، الأمر الذي سيؤدي إلى خلق دورة اقتصادية تساهم في زيادة الطلب على العملة السورية وصعود الليرة السورية أمام العملات الأجنبية. فاستقرار قيمة العملة وقدرتها التنافسية أحد المؤشرات الأساسية على فاعلية وصواب السياسة النقدية.

ختاماً إن الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها سورية تفرض القيام بإجراءات استثنائية، والبحث عن حلول غير تقليدية، لتعزيز القدرة التمويلية للدولة، وذلك بواسطة إجراءات وقرارات تساعد في تأمين السيولة للخزينة العامة، مع تأكيد إيقاف بيع المواطنين القطع مهما كانت مبررات ذلك حالياً، لئلا ينعكس سلباً على سعر الليرة والاقتصاد الوطني برمته. مع التركيز على تلبية الاحتياجات الأساسية التي تنحصر في زمن الحرب بالغذائية والطبية، والعمل على نحو متواز على تحفيز ثقة المواطن بالليرة السورية وبالسياسات النقدية.



#علاء_جوزيف_اوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أخر تحديث لـ سعر الدولار اليوم في البنوك بتاريخ 15 من أبريل ...
- أخر تحديث لـ أسعار البنزين والديزل في الإمارات بعد انخفاص سع ...
- مصر تمنح -الرخصة الذهبية- لجميع الاستثمارات السعودية دعما لت ...
- ارتفاع إيرادات المنطقة الحرة السورية الأردنية بنسبة 780% في ...
- الاتحاد الأوروبي يسعى إلى اتفاق تجاري عادل مع واشنطن
- الصين تدعو أميركا للامتثال للقانون الدولي بعد أنباء عن عزمها ...
- تحويلات المغتربين الباكستانيين عند مستوى قياسي جديد
- مصر تتفاوض مع أمريكا لتقليل الرسوم الجمركية على صادراتها.. و ...
- -أوبر- تمرر زيادة الوقود وترفع أسعار رحلاتها في مصر
- إندونيسيا تعتزم طرح مقترح اتفاق تجاري مع أميركا وعينها على ر ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء جوزيف اوسي - العملة السورية بين مطرقة المركزي وسندان الأزمة