|
ما رايك في التدخل العسكري الاميركي في سوريا؟
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 4204 - 2013 / 9 / 3 - 12:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما رايك في التدخل العسكري الاميركي في سوريا؟ وجهت ادارة الحوار المتمدن دعوة الى كتابها للمشاركة بابداء ارائهم في " التدخل العسكري الأمريكي وحلفائها في سوريا". وبما ان التهديد الاميركي اصبح قابلا للتطبيق في اية لحظة وفقا لخطاب اوباما اصبح على من يريد المشاركة في هذه الدعوة ان يترك الدعوات الاخرى مؤقتا لابداء رايه في هذا الموضوع فورا. كان الوضع السياسي السوري منذ زمن بعيد شبيها بوضع العراق اثناء حكم صدام. هو حكم حزب البعث، نظام حكم فاشي وجبهة مع الحزب الشيوعي شبيهة بجبهة الحزب الشيوعي العراقي مع حكومة صدام الفاشية. ولكن الجبهة العراقية لم تدم طويلا اما الجبهة السورية فدامت وما زالت قائمة حتى اليوم. وادى دوام هذه الجبهة الى ان الشيوعيين واليساريين يخاطبون حافظ الاسد بلقب الرفيق كما خاطبوا سابقا صدام وميشيل عفلق بالرفيق. اضافة الى الدكتاتورية الحديدية المفروضة على الشعب السوري نتذكر جرائم الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين والمنتفضين اللبنانيين عند احتلال لبنان وتهيئة الظروف المناسبة لاسرائيل في احتلال لبنان. استمر هذا الوضع الدكتاتوري في حكم بشار الاسد الذي استولى على الرئاسة عن طريق التوريث رغم ان عمره لم يسمح له بالرئاسة حسب القانون فابطل القانون لصالح توريثه. واضفيت على حكومة حافظ الاسد وبشار الاسد صفة القوة المهددة والمقاومة لاسرائيل من قبل الاوساط الشيوعية واليسارية اعتباطا رغم ان صفة سوريا ضد اسرائيل لم تكن سوى ما يشبه خراعة الزرع التي تخيف الطيور ولا تمسها بسوء. فسوريا لم ترد على اسرائيل رغم الهجومات المتكررة على مواقع هامة في سوريا. وحلت فترة ما يسمى الربيع العربي بثورة الشعب التونسي ثم ثورة الشعب المصري اللتين نجحتا في ازاحة الرئيسين والسير في طريق التحول الديمقراطي. ولكن ما نجحت ثورة الشعب التونسي والشعب المصري في تحقيقه لم تنجح فيه الثورات التي تلتها في ليبيا واليمن اذ استطاعت حكومة القذافي والحكومة اليمنية ان توجه الجيش ضد المتظاهرين السلميين. وبهذه الطريقة تحولت الثورات السلمية الى ثورات عنفية كما شاهدناه في ليبيا واليمن. وجاء دور الشعب السوري باعلان ثورته السلمية طلبا للتغيير. وقد بقيت الثورة على سلميتها عدة اشهر دون ان تلبي حكومة بشار اي مطلب من مطالب الجماهير الثائرة. وكما هو الحال في جميع الاحوال اعلنت الحكومة عن نياتها لاجراء الاصلاحات التي يطالب بها الشعب ولكن شريطة ان يبدأ ذلك بالتوقف عن المظاهرات. وهذه لعبة معروفة لدى الحكومات التي لا تنوي الاستجابة لمطالب جماهير شعوبها. وبعد استمرار المظاهرات السلمية لعدة اشهر قررت الحكومة تحويل السلمية الى حربية بالهجوم على الشعب على انه حركة ارهابية ينبغي القضاء عليها ودامت هذه الحرب ضد الارهاب حتى يومنا هذا. قيل في حينه ان الشعب السوري يؤيد حكومته ورئيسها بشار الاسد وان المظاهرات يقوم بها خمسة الاف ارهابي تقوم الحكومة بالقضاء عليهم. ودامت هذه الحرب ضد الارهاب اكثر من سنتين وما زال الارهابيون يحاربون الدولة والدولة تعمل على القضاء عليهم. حين قدم الشعب السوري اكثر من مائة الف قتيل اكثرهم من الاطفال والنساء والشيوخ واصبح الملايين من الشعب لاجئين في دول الجوار وداخل سوريا وامتلات السجون بابناء الشعب السوري وهدمت المدن بحيث اصبحت ركاما. خلال هذه الحرب الطويلة ضد الشعب السوري تدخلت فئات من دول عربية اخرى بحجة الجهاد ضد الحكومة السورية ومساندة الثورة الشعبية فاصبحت فعلا فئات ارهابية تحارب لاغراض سياسية مستقبلية بعد انتهاء الحرب. وهذه الفئات المتدخلة كلفت الشعب السوري خسائر اضافية بصرف النظر عن طبيعة هذه القوى المتدخلة. وهكذا اصبح الشعب الثائر يجابه قوتين مختلفتين، قوة الدولة وقوة المتدخلين واصبحت الحرب كانها حقيقة حرب ضد الارهاب ولا وجود للثورة الشعبية. شنت الحكومة السورية اسوأ حرب ضد شعبها عرفها تاريخ القرنين. استخدمت كل الاسلحة المتطورة التي حازت عليها من اجل الدفاع عن الدولة السورية ضد اي عدوان عليها لقتل وابادة شعبها. وهكذا اصبحت الحكومة السورية برئاسة بشار الاسد مجرمة حرب مضاعفة. مجرمة حرب لانها تستعمل اسلحة الدمار الشامل ومجرمة حرب لانها تستعمل هذه الاسلحة ضد شعبها. كانت مواقف العالم الامبريالي مختلفة. كانت روسيا والصين مؤيدة ومساندة للحكومة السورية في حرب الابادة التي تشنها ضد شعبها. روسيا خصوصا ساندتها لانها ربما اكبر مشتر لللاسلحة الروسية المتطورة ولان الملجأ البري الوحيد للاسطول الروسي في البحر الابيض المتوسط هو سوريا ومن دون السواحل السورية قد لا يستطيع الاسطول الروسي البقاء فيه. ولم تقتصر مساندة الامبريالية الروسية على بيع الاسلحة بل اشترك الجيش الروسي في العمليات الحربية بصورة فعلية وعن طريق ارشاد وتدريب الجيش السوري على استخدام الاسلحة المتطورة التي تبيعها للحكومة السورية. كذلك ايدت ايران الحرب السورية ضد شعبها حتى بارسال الجنود الايرانيين للاشتراك في الحرب ضد الشعب السوري. وساند حزب الله اللبناني حكومة الاسد اعلاميا لفترة طويلة ثم بارسال جنود حزب الله للحرب مع بشار الاسد ضد الشعب السوري. اما الطرف الاخر من العالم الامبريالي فقد ايد اعلاميا الثورة الشعبية السورية وتحدث عن مساعدة الثورة بالمساعدات المتنوعة وحتى بتزويد الثوار بالاسلحة والمعدات اللازمة ولكن كان كل ذلك مجرد كلام. فليس من مصلحة الدول الامبريالية مثل الولايات المتحدة والدول الامبريالية السائرة في ركابها انكلترا وفرنسا والاتحاد الاوروبي انجاح ثورة الشعب السوري لان استمرار الحرب وتدمير الدولة السورية يتفق مع مصالح الولايات المتحدة في تحقيق الشرق الاوسط الجديد. واكتفى اوباما بتهديد الحكومة السورية بان استخدام الاسلحة الكيماوية خط احمر لا يمكن للولايات المتحدة ان تسكت عنه بدون معاقبة. فالعالم الامبريالي في وضعه الحالي مع ازماته الاقتصادية والمالية والسياسية ليس بامكانه ان يقوم باية حركة تقدمية لمصلحة الشعوب بل كل ما تستطيعه هو تحطيم جميع الحركات الثورية التي تقرب القضاء على النظام الامبريالي ذاته. اعلن اوباما ان استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري يشكل خطرا على امن الولايات المتحدة. وهذا كذب فاضح ونفاق. فالولايات المتحدة اكبر مجرم حرب في تاريخ البشرية واكثر الدول استعمالا للاسلحة الممنوعة ابتداءا من القنبلة الذرية التي مسحت من على الكرة الارضية مدينتي هيروشيما وناكازاكي بسكانهما في بضع ساعات وباستعمالها افظع اسلحة الدمار الشامل في حروبها الاستعمارية في ارجاء العالم. الاسلحة الكيماوية تقتل بشرا عند استخدامها وينتهي الامر اما اسلحة الدمار الشامل التي استعملتها وتستعملها الولايات المتحدة فلا تقتل البشر الاحياء حاليا فقط بل تقتل الاجيال القادمة لمئات السنين بعد القائها مثل اليورانيوم المنضب الذي استعملته في حربها ضد العراق واففانستان والصومال ويوغوسلافيا وفي جميع بلدان ما يسمونه العالم الثالث الذين لا تعتبرهم بشرا اصلا. واليوم تهدد الولايات المتحدة الحكومة السورية بمعاقبتها على استخدام السلاح الكيماوي بضربة عقابية بسيطة لا تهدف الى ازاحة حكومة بشار بل تؤدبه قليلا وتتركه يشن حرب الابادة على الشعب السوري. اما جامعة حكومات الدول العربية فكما كان تاريخها منذ تاسيسها تكتفي بعقد المؤتمرات واتخاذ القرارات التي تنتهي عند الانتهاء من كتابتها. ويرسل بعضها المجاهدين الى الجهاد ضد الشعب السوري ويفتي علماؤها بعهارة نكاح الجهاد وتكتفي باعلان ضرورة انهاء القتال بالحوار السلمي. الخلاصة هي ان الدول الامبريالية لا يمكنها بطبيعتها الامبريالية ان تقدم اي عمل في مصلحة الشعوب مهما كان يبدو كذلك. ولن يكون اي هجوم تشنه الدول الامبريالية على سوريا حاليا في مصلحة الشعب السوري او في مصلحة ثورته, ان مصلحة الدول الامبريالية بشقيها الروسي الصيني والاميركي الاوروبي هي في تقسيم الشرق الاوسط وتفكيكه لمنعه من ان يشكل قوة تهدد النظام الامبريالي. وهذا يشمل الهجوم المتوقع من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها على حكومة بشار. في الختام اود ان اناقش راي الدكتور عبد الحليم قنديل الذي اتتبع تحليلاته الثورية الرائعة في برنامج ساعة مصرية. فقد كان رايه في العدوان الاميركي المرتقب ضد سوريا بانه في مصلحة اسرائيل وانا اختلف معه في هذا. صحيح ان كل سياسات الولايات المتحدة بما فيها العدوان الحالي المتوقع تبدو كانها تجري لصالح اسرائيل وان الولايات المتحدة تعتبر صيانة اسرائيل واجبا مقدسا لها وان سيطرة اللوبي الصهيوني تسيطر على سياسة الولايات المتحدة. ولكن الواقع هو خلاف ذلك. فالدولة الامبريالية الاميركية لا يمكن ان ترعى مصالح اي دولة كواجب مقدس بما في ذلك سلامة اسرائيل. الواقع هو ان اميركا حين تقف مواقفها الثابتة الى جانب اسرائيل من الناحية الدولية او العملية تدافع عن نفسها. فاسرائيل في الواقع سلاح اميركي في الشرق الاوسط والدفاع عن هذا السلاح هو دفاع عن النفس. اسرائيل هي دولة مرتزقة للولايات المتحدة وجيشها هو جيش مرتزقة تستخدمه في تحقيق مصالحها في الشرق الاوسط. شباب اسرائيل ذكورا واناثا هو جيش مرتزقة اميركي يدفع اجوره الشعب الاسرائيلي وتشتري سلاحه الحكومة الاسرائيلية على حساب دافع الضرائب الاسرائيلي وان مساندة اللوبي الصهيوني الاميركي ناجمة عن الحفاظ وتوسيع استغلال الاقتصاد الاسرائيلي من اجل الارباح الامبريالية. ظهر ذلك باروع صوره في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان حيث جرت الحرب كما في كل حروب اسرائيل باعطاء الضوء الاخضر الذي يعني امر الولايات ببدء الحرب وفي قرار الاستمرار بالحرب رغم رغبة الحكومة الاسرائيلية بانهائها وقرار انهاء الحرب حين قررت الولايات المتحدة انهاءها. مع عاطر تحياتي للدكتور العزيز عبد الحليم قنديل.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ثمة خطر اندلاع حرب اهلية في مصر بعد الثورة؟
-
رسالة اخوية الى تمرد وخصوصا الى قيادة تمرد٢-;-
-
رسالة اخوية الى تمرد وخصوصا الى قيادة تمرد۱-;-
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٤-;-
-
تهنئة للشعب المصري على انتصار ثورته
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٣-;-
-
راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو (تتمة)
-
راي من بعيد حول الثلاثين من يونيو
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-٢-;-
-
حول ماركسية يعقوب المحنطة
-
حول -حسقيل قوجمان في أعلى مراحله-۱-;-
-
تحية الى زينة محمد
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها۷-;-
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها6
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٥
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٤
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٣
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها٢
-
الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها١
-
هل ثمة برجوازية طفيلية وبرجوازية لا طفيلية؟٢
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|