رشيد الدرقاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 20:07
المحور:
المجتمع المدني
قطاع التعليم بالمغرب
شهد المغرب في السنوات الأخيرة عدة تحولات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية كبرى، على اعتبار أن المغرب من بين بلدان العالم الثالث التي تنشد التطور ، وتصبو إلى تحقيق التنمية ، وما لا يختلف عليه اثنان ، أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم ، وأن المراحل التي عاشها ، سواء قبل أو بعد الاستقلال ، قد أحدثت تغيرات جذرية سواء على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، والتي لم يسلم منها المجتمع القروي بالمغرب .
وعليه فالمغرب القروي شهد تغيرات عديدة يؤكدها الواقع حاليا ، رغم أن الفصل بين القروي والحضري خصوصا في مجتمع كالمغرب يعد أمرا صعبا ، لأنه على حد قول مجموعة من الباحثين يعيش على وقع خليط يجمع بين ما هو تقليدي وحداثي ، حيث يصعب وضع حدود لكل منهما.
لقد كان العالم القروي بالمغرب دائما محط تساؤل في مجموعة من الدراسات التنموية التي قام بها العديد من المفكرين والباحثين أمثال بول باسكون ، محمد جسوس ورحمة بورقية وإدريس بنسعيد والمختار الهراس و ،وارنست كلنر، وكريكوري لازاريف .، جاك بيرك،روبير مونطاني.....الخ.
كل هذا يجعل من الوسط مجالا خصبا ومهما في الدراسات السوسيولوجية المغربية ، لذلك ليس من الغريب أن توصف السوسيولوجيا المغربية في مرحلة من مراحل تطورها على أنها السوسيولوجيا القروية بامتياز .
وبطبيعة الحال فإن السوسيولوجيا القروية كانت ولا تزال محط اهتمام العديد من الدارسين والباحثين ، خصوصا أن المجتمع القروي الآن يعد مجتمعا انتقاليا يشهد خلخلة في بناه التقليدية ببروز مظاهر تحديثية على كافة المستويات ، لأن هذه التغيرات والتحولات ليست وليدة الآن ، وإنما هي نتاج لصيرورة تاريخية ، لهذا فمن غير البديهي أن نتصور المجتمع القروي التقليدي ثابتا ساكنا ، كما ذهبت إلى ذلك بعض الدراسات الأنثربولوجية .
ورغم كل التحولات الاجتماعية والثقافية التي عرفتها البوادي المغربية ، فإن المغرب لم يرق ولم يصل إلى حد إحداث تغير جوهري للوضع ، ولهذا المطلب عمل جاهدا من أجل تحقيق التنمية على إصلاح العديد من القطاعات ، ومن بينها قطاع التعليم ، لأنه توصل أن هذه التنمية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق التعليم والمؤسسة التعليمية ، لذلك قام بإنشاء بنية تحتية مهمة في عدة مدن وقرى بغية تعميم التمدرس في الوسطين معا ، وبلوغ أهداف الإصلاح بالبحث عن وسائل وآليات جديدة وكفيلة لاتخاذ الإجراءات العلمية كمعالجة ظاهرة الاكتظاظ بمدارسنا التعليمية ، والتي تعتبر إحدى العوامل الرئيسية في التعثر والهدر المدرسي ، وإحدى العوائق القوية التي تحول دون نجاح العملية التدريسية.
وبالرغم من كون الدولة قامت بعدة مجهودات ومخططات الميثاق الوطني للتربيةوالتكوين قصد النهوض بهذا القطاع الحيوي، إيمانا منها بتحقيق التنمية والرفع من نسبة التمدرس وخصوصا في الوسط القروي ، إلا أن هذه الإصلاحات كانت جزئية طفيفة ، نظرا لتداخل القطاعات فيما بينها ، لأن المسألة التعليمية كان ينظر إليها دائما من الوجهة السياسية أكثر مما يتم تناولها من الجانب التربوي أو السوسيولوجي ، رغم أن هذه القضية كانت محط اهتمام العديد من الدارسين والباحثين الأكاديميين والسوسيولوجيين الكبار ، كما كتبت عدة مؤلفات ونشرت عدة مقالات حول هذا الإشكال المطروح .
وأمام هذا الوضع حاولت الدولة أو الوزارة الوصية تعميم هذا القطاع في كل بقاع المملكة، وخاصة في العالم القروي، لأنه لازال يحتاج إلى مجموعة من الشروط التي لا تتوفر الآن إلا في مناطق قليلة محسوبة على جهات سياسية معينة.
غير أن الاستخلاص الأساسي الذي يمكن الخروج به هو أن الدولة وحدها غير قادرة على النهوض بهذا القطاع ، لأنها كانت دوما تنظر إلى الإصلاح من زاويتها الخاصة ، لذا فإننا نعتقد أن مجابهة هذه العوائق يعد من بين أهم الأدوار التي ينتظر من الجمعيات غير الحكومية القيام بها ، لأن هذه الأخيرة تحظ بمكانة مهمة في المجتمعات الحديثة ، كمجال حر ومحايد سياسيا ، حيث في بعض الدول تشرك المنظمات غير الحكومية في اتخاذ القرارات.
وعليه فإن عائق التعليم في المغرب وخاصة بالوسط القروي ، لا يمكن اختزاله في عنصر أو عنصرين ، بل يتعلق الأمر بوضع عام يمثل واقعا ماديا وموضوعيا لا نستطيع تجاهله وخصوصا أن العالم اليوم يسير بوتيرة سريعة ، ولا يعترف إلا بمن يمتلك القوة المعرفية ، وكل هذا لن يتأتى إلا عبر تعليم جيد وذو جودة. يتلاءم مع متطلبات العصر ، إذ لايمكن الحديث بتاتا عن تنمية إذا كان نصف المجتمع يعاني الأمية والتجهيل . إن ربح الرهان يقتضي العناية بهذا القطاع.
ولقد اهتدت المجتمعات الحديثة وعبر مختلف مؤسساتها المحلية إلى توفير مجموعة من الخدمات في عدة قطاعات ، وعلى رأسها قطاع التعليم ، وذلك من أجل تسهيل ولوج بعض الفئات الاجتماعية المهمشة ، وخاصة سكان العالم القروي إلى الاستفادة من إحدى الحقوق الأساسية والحيوية والمتمثلة في الحق في التعليم . من هاته الزاوية ينظر إلى الخدمة الاجتماعية كجسر يمكن بعض الفئات المحرومة من الحق في المعرفة أسوة لباقي الفئات المحظوظة ، وكمفتاح يسمح للدولة بإدماج مختلف الشرائح الاجتماعية
#رشيد_الدرقاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟