|
لماذا تراهن قطر على الحصان الخاسر؟
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 4201 - 2013 / 8 / 31 - 02:55
المحور:
حقوق الانسان
لا أحب في الواقع التقليل من شأن دولة لصغر مساحتها، أو قلة عدد سكانها، أو لأن تطورها جاء من الذهب الأسود وليس من أدمغة علمائها! كنت دائما أرى نظرة شاعرنا الكبير نزار قباني، رحمه الله، استعلائية طاووسية عندما يتعلق الأمر بخليجنا العربي، كأن المشرقي والمغربي جاءا بشعلة الحضارة، أما الخليجي فقيمته في بئر النفط. وعندما ألقى قصيدته في مهرجان قرطاج لثلاثين عاماً خلت وقال فيها( يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وعلى جبيني وردة وكتاب، إني الدمشقي الذي احترف الهوى فأخضوضرت لغنائه الأعشاب)، ترك النظامين، التونسي والسوري، بمعتقلاتهما التي يعجز شعاع الشمس عن اختراق زنزانات فيها، فسجناؤها منسيوها، ثم تهكم على دول الخليج العربي والعقال والدشداشة ( في عصر زيت الكاز يطلب شاعرثوباً وترفل بالحرير قحاب، والعالم العربي يخزن نفطــه في خصيتيه وربك الوهاب )! هذه المشاعر التي جعلت شعراء كثيرين وأدباء وإعلاميين يقللون من شأن الخليج كأن حكام الخليج هم الذين يفتحون السجون والمعتقلات في تونس بن علي وسوريا الأسدين، الأب والابن، ومبارك وسوزانه وجماله ومشيره، وبيوت الأشباح في السودان الطيب الجميل الذي قبــََّـحه طاغيتان، النميري والبشير، فكان الأول عراب الفلاشا، ومر الثاني على هذا البلد الطيب فقســَّــمه إلى بلدين، أسمر و.. أكثر سمرة! لن أدافع بعد هذه التوطئة قيد شعرة عن النظام في قطر، رغم أن لي تجربة سيئة، في الدوحة، لو حملها جبل لخرّ متصدعا من هولها وثقلها، لكنني أحاول أن أفهم الموقف القطري، فهذا بلد أعرفه منذ زيارتي الأولى عام 1989، وأعرف أنه كان إلى عهد قريب يختلط فيه الموقف الوطني مع التسامح، ولعلي أتذكر عندما ضرب مصرَ زلزالٌ عنيف في أكتوبر 1992، فقامت قطر على الفور باقامة حفل دعمٍ على مدى ثلاثة أيام تحت شعار ( في حب مصر )، وجمع القطريون مبلغاً كبيراً لمساعدة المتضررين في مصر، فدخلت الأموال في كرش مبارك و.. جيوب رجاله. وكانت لي صداقات دافئة مع بعض عشاق مصر القطريين، ومنهم عميد الصحافة ناصر العثمان، والشيخ حمد بن سحيم آل ثاني، والراحل عبد الرحمن سيف المعضادي وكيل وزارة الإعلام لشؤون الإذاعة والتلفزيون، وصاحب أكثر التسجيلات ندرة في العالم العربي. وخَبـَـرْتُ التسامح عندما نشرت مقالا في (طائر الشمال) عن الضرورة الأخلاقية لعودة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني إلى وطنه لئلا يأتيه ملك الموت في الخارج فيعود إلى أولاده وأحفاده في نعش ينزلق من أحشاء الطائرة في مطار الدوحة الدولي. واستجاب لندائي الأمير( السابق ) الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فعاد والده. وكان لي موقف آخر عن التسامح عندما كنت عام 1992 في معرض الدوحة للكتاب وفاجأني التلفزيون في المعرض بسؤال على الهواء مباشرة عن العناوين التي أبحث عنها، فرددت تلقائيا: أبحث عن الكتب التي قامت وزارة الإعلام بمنعها! واستقبلني العاملون بالوزارة في اليوم التالي ضاحكين، فقد كنت في قطر ضيفاً عليهم. ماذا حدث في قطر؟ لماذا يريد الشيخ حمد بن خليفة أن يترك لابنه الأمير الشاب أعداء وخصوماً، خاصة في مصر، وهو الشيخ الشاب الذي لا تتحمل عظامه كراهية من عشرات الملايين من المصريين؟ لماذا يختار الديوان الأميري عصابة الاخوان المسلمين والمزايدين دينيا والمرتبطين بالقاعدة وفرق الارهاب في كل مكان، وفي المقدمة سيناء؟ لقد خرج شعب مصر كله، تقريباً، مرتين: الأولى ضد مرسي، والثانية لصناعة شرعية شعبية جديدة ممثلة بالجيش مشروطــة باستتباب الأمن والانتقال لاحقا إلى الديمقراطية؟ الآن تقف قناة (الجزيرة)، الممثل الشرعي والإعلامي الوحيد للسلطة في قطر، موقفا منحازاً وصريحا ضد أحلام وأماني شعبنا في مصر، الباحث عن دولة مدنية مسالمة لا يتلون فيها المصحف بلون الدم القاني! مصر باقية بإذن الله، ولكن تراكم الغضب والحزن في قلوب المصريين نحو أشقائهم في قطر يــُـكــَـوِّن جرحا لا يندمل إلا بعد زمن طويل. لماذا لم تحاول الشيخة موزة أن تقنع الشيخ حمد بن خليفة بتغيير موقفه، وهي السيدة التي كانت شعبيتها في مصرأضعاف شعبية السيدة سوزان مبارك؟ لماذا يترك والد الأمير لابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تركة ثقيلة من الكراهية في العالم العربي، ويضحي بمصر كلها من أجل جماعة لو أتيحت لها الفرصة لرفع خلافتها الوهمية في قطر لما ترددت هنيهة واحدة؟ حتى لو كان للشيخ حمد بن خليفة موقف قرضاوي ومرسي ينحاز للحصان المريض، أعني قوى المزايدة الدينية، فليفكر قليلا في ابنه الشيخ تميم الذي لن يستطيع تحمل معاداة نظامه لمصر والمصريين. إن العاملين في ( الجزيرة ) ليسوا مقتنعين بما يلقونه في آذاننا من هراءات متحيزة بصفاقة، ولو جاء الأمر من الديوان الأميري لهم أن يرقصوا عجين الفلاحة، ويعودوا إلى الرشد.. إلى الانحياز لمصر، لركعوا لأبي الهول صباح انبلاج فجر جديد. ومع ذلك فأنا ضد أي تهكم وسخرية قبانية من قطر وشعبها، وواثق ، أو على الأقل أتمنى، أن تعود قطر سريعا إلى أحضان مصر، فقرضاويها يشعل، وطيب أزهرمصر يطفيء، وعشرات الآلاف من المصريين يعيشون في قطر مع أشقائهم القطريين. الدين عظيم والحصان الديني أعرج ولا يصل إلى نهاية السباق
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستعمار الجديد يقرأ في الكتب المقدسة!
-
رسالة تحريض إلى السيسي!
-
حوار بين سمكتين في قاع البحر!
-
لا تفرحوا بالسيسي الآن!
-
لا أُصَدّق أنكَ لسْتَ قاتلاً!
-
الخطاب الذي قد يُلقيه مرسي!
-
حوار بين إخوانجي و .. فلولي!
-
مصر في 30 يونيو .. الاحتمالات المتوقعة!
-
حوار بين مواطن مصري و .. الرئيس القادم!
-
خرافة سحب الثقة!
-
تساؤلات لا تبحث عن اجابات!
-
ألف ليلة و .. ليلة، يرويها طائر الشمال
-
رسالة مفتوحة إلى أحبابنا .. شركاء الوطن!
-
تحيتي إلى الثيران!
-
سيدي الذئب .. الحِمْلانُ تشكرك!
-
والله لا يسامح غير الغاضبين!
-
لا فائدة في العصيان المدني إلا إذا ...
-
حواريو الديكتاتور الديني هم شياطين البؤس المصري!
-
ثلاثة أيام في لندن!
-
عشرون جريمة ارتكبها مرسي .. مئة حُكم بالإعدام أفلَتَ منها!
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق
...
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
-
كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا
...
-
-المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على
...
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|