أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ميلود بنباقي - النقد الأدبي














المزيد.....

النقد الأدبي


ميلود بنباقي

الحوار المتمدن-العدد: 1201 - 2005 / 5 / 18 - 09:20
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الشعر و الشعراء.

أعلن العدد التاسع و الستون(خريف 1992) من مجلة "مواقف" التي يديرها الشاعر أدونيس , أن الشعر لم يعد "ديوان العرب" , و أن الرواية سرقت منه هذا اللقب الذي استأثر به عقودا طويلة حقق خلالها تراكما كميا و نوعيا هائلا , و نقش ذاكرة لا تدرس معالمها .
و إذا كانت هذه الظاهرة قد عمت كل الأقطار العربية , فإن درجات و مستويات حدتها و تجليها تتفاوت من قطر لآخر. فالوضع الراهن للشعر الفلسطيني أو السوري يختلف عن مثله في مصر أو العراق مثلا.
و يقدم الشعر المغربي (الذي يهمنا في هذه المقالة) , نموذجا لهذه الظاهرة و تشابك خيوط العنكبوت فيها .
فما الذي حصل ؟
أي خلل أصاب هذا الشعر فأفقده سلطته و أبعده عن جمهوره ؟
هل هي أزمة ؟
من يقف عند ظواهر الأشياء ينفي ذلك نفيا قاطعا .إذ كيف يكون الشعر في أزمة , و الآلة الشعرية تدور و الدواوين تطبع (و لا تقرأ و لا تباع ) , و الشعراء ينظمون القصائد كل يوم ؟ فالشعر في الجرائد و المجلات و الإذاعة و الجامعة و الشارع و المقهى . هو معنا في كل مكان .
هذه الكثرة هي نفسها مظهر من مظاهر الأزمة , فهي توازي مفهوم "التضخم" في الأزمات الاقتصادية . إنها مؤشر على اختلاط الأصوات و تداخلها , و عدم القدرة على التميز و الأصالة, و على حالة الفوضى التي يعرفها الشعر(الأدب بصفة عامة) حيث يصعب التمييز بين الشاعر و المتشاعر و أخطر ما وصلنا إليه أننا أصبحنا نعتبر الشاعر هو من نشر ديوانا أو أكثر دون النظر إلى ردود أفعال القراء و حالات التلقي .
في ظل هذا التسيب يضيع الشعر الحقيقي وسط زحمة الكلام الكثير , و يتلاعب المتشاعرون بأذواق القراء(على قلتهم طبعا ) , بالتعاون مع جهات أخرى :التعليم , وسائل الإعلام , دور النشر والمطابع... فيهاجر المتلقي (هجرة شرعية و سرية) إلى خارج دواوين شعرائنا للبحث عن الشعر بعيدا عن هذه الأرض . و أكبر جريمة يقترفها المتشاعرون , هي جريمة إفساد الذوق العام و الانحراف بالشعر عن وظيفته النبيلة , الأولى و الأخيرة , و هي أن يثير فينا الإحساس بالجمال , فنحبه في كل مظاهره و تجلياته: في الحياة اليومية و العلاقات العائلية و الاجتماعية , و الممارسات السياسية و السلوكات الفردية و الظواهر الطبيعية ...و يبعث فينا الإحساس بالقبح فنكرهه في جميع عناوينه , في الفوضى و الظلم الاجتماعي و الفقر المسلط على عباد الله , و التخلف و الشطط و العنف ...و في اللغة و أساليب التعبير .
بعض الشعراء اليوم , يفتقدون الرقابة الفنية اللازمة التي تحدد لهم متى يتكلمون و متى يصمتون و ما ينشرون و ما لا ينشرون , فأنتجوا بدل القصائد كوارث , و فقد الشعر سلطته و هيبته الفنية و بريقه .
يحدث هذا و النقد شبه غائب. فإن هداه الله و حاول النهوض من رقاده لدراسة نص ما , فإنه يدرس كل شيء إلا النص الذي من أجله قام . يشترك في هذا النقد المتابع للأعمال الشعرية , و نظيره الذي يهتم بالأعمال السردية , الروائية و القصصية .فهو بدل أن يدنو بالقارئ من العمل الأدبي , يبعده عنه ليلقيه في متاهات نظرية الشعر أو نظرية السرد. فيستعرض نظريات نقاد من دول مختلفة , و تصوراتهم للأدب التي توصلوا إليها بعد استقراء متون إبداعية معينة. فهم انطلقوا من أعمال أدبية لصياغة نظرياتهم و مواقفهم و بناء مدارسهم النقدية, عكس نقادنا الذين ينطلقون من هذه المواقف و النظريات ليعكسوها على العمل الأدبي و يبحثوا لها عن أمثلة داخله , فإن غابت الأمثلة ولدوها توليدا و افتروا افتراء فيه إجحاف و انحراف عن جادة الصواب .
هكذا سجن النقد نفسه داخل قوقعات المدارس النقدية (الغربية) و أخذ يجتر آراء روادها, و لم يعد أحد من النقاد (إلا قلة) يجرؤ على الكتابة دون ذكر اسم أحد أولئك الرواد .
و انتقلت هذه الظاهرة إلى الإبداع نفسه , حيث راح بعض الأدباء يكتبون وفق ما قررته وصفات النقد الغربي.
غياب الضوابط و الرقابة الفنية و الجمالية , و وقاحة المتشاعرين , و تخاذل النقد, و عدم تبلور اتجاهات واضحة للشعر...تلك بعض مظاهر الأزمة التي أنتجت قصائد "باردة", و ركاما من مفردات انتزعت من المعاجم و رتبت حسب هوى منتزعها لتعطي ترفا و كتابة حسب مقاس "موضة"زائفة تفتقر للجذور و الأصول .
تخرج القصيدة من رحم المعجم لتطأ الورق دون مكابدة , أو توحد مع قضية(موضوع) , ليجد المتلقي نفسه أمام خليط لغوي , عوض نزيف روحي و وجداني:
. ليس ما تنزفه يا قلمي **** بعض حبر, إنما بعض دمي .
(نايف سليم )



#ميلود_بنباقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرى نجمة في الأفق
- لا أحد يقتل أحدا


المزيد.....




- اُعتبرت إدانته انتصارًا لحركة -MeToo-.. ماذا تعني إعادة محاك ...
- الحرب الأهلية في السودان تدخل عامها الثالث… نزيف أرواح متواص ...
- فيديو متداول لاكتشاف قاذفات أمريكية شبحية في الأجواء الإيران ...
- الإليزيه: استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر وطرد 12 من موظف ...
- إطلالة محمد رمضان وجدل -بدلة الرقص- في مهرجان -كوتشيلا-.. ما ...
- هل كشفت فيديوهات الصينيين التكلفة الفعلية للماركات الفاخرة؟ ...
- مطرب يقسم اليمنيين بأغنيته -غني معانا-.. ما القصة؟
- لقطات حصرية من الفاشر المحاصرة وسكانها يوثقون لبي بي سي صراع ...
- كيف جلب -بيع- جنسية الدومينيكا مليار دولار للدولة؟
- غزة.. موت ينتشر وأرض تضيق


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ميلود بنباقي - النقد الأدبي