عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 16:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
* المقرر الإلهي
حسب التصور السماوي للأديان، لا زال يؤمن أغلب المسلمين أن الإسلام قد نزل عن طريق الوحي من عند الله في السماء. هذا النزول يضعه المسلمون في شكل أشبه بالمقررات الدراسية المعهودة منذ القدم وسط البشر، لكن مع اختلاف وحيد وغير قابل للتقليد أو التكرار أن واضع المقرر في هذه الحالة هو الإله الخالق نفسه وليس للبشر المخلوقين من دور سوى محاولة الفهم والتطبيق الصحيح. وبالنظر إلى الهوة الشاسعة فيما بين السماء والأرض، كان لابد من وسيط لديه القدرة على الاتصال بالاثنين معاً؛ هذا الدور قد لعبه الرسل والأنبياء، الذين كان دورهم الأساسي يتمثل في نقل الرسالة، أو المقرر الإلهي، وتأدية الأمانة كاملة إلى البشر. ثم بعد زوال هذا الوسيط النبوي وانقطاع الوحي الإلهي، كان بذلك وضع المقرر الديني قد اكتمل تماماً ولا طريق آخر على الإطلاق لزيادته أو إنقاصه أو تحريفه حرفاً واحداً. كلام الله لا يغيره أقل من إله مثله.
بالنظر إلى منشأه الإلهي، من الطبيعي أن يصبح هذا المقرر مقدساً ولا يمكن أو يتصور على الإطلاق أن تشوبه أي شائبة أو يحتاج أي إصلاح، تحديداً من طرف البشر المخلوقين. هل يتصور أن يصحح المخلوق على خالقه؟!
كل الكلام عن الإصلاح الديني وفقاً لهذا التصور السماوي للإسلام لا يعدو كونه إصلاحاً في وسائل وطرق التدريس، أو حتى في المدرسين أنفسهم؛ لكن هو لا يتطرق أبداً إلى المنهج ذاته، الذي قد وضعه الله بنفسه لخلقه وأوصله لهم في هديه وكتبه ورسالاته عبر ملائكته وأنبيائه ورسله.
من هذا المنطلق، قد كان ولا يزال حتى اليوم متوقعاً ومنطقياً أن ترسو أغلب سفن الإصلاح الديني الإسلامية المشرعة في مرسى تجديدي ضحل جداً لا يتجاوز ’إصلاح الخطاب الديني‘، في حين أن المطلوب ’إصلاح الدين‘ ذاته.
#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟