عبدالله حسين حميد
الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 14:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قاتلوهم يعذبهم الله
تعرفون ابو الاعلى المودودي فقد ملئت كتبه اصقاع الدنيا , اخذ عنه سيد قطب شراسته في تفسير الايات و الاحكام ولو وجد سيغموند فرويد حاضرا لشاهدنا الكثير من القواسم المشتركه بينهما من عبث الطفوله البائسه وعقدة اديب والافراط في ذبح الاب الى اخره من عقد النقص , فالقضيه ليست لها علاقه بالقرأن الكريم وتفسيراته هذا ما حدث مع ليوناردافينشي عندما قرأ العلماء شذوذه الجنسي من خلال تلك اللوحات الرائعه , وكذلك فان غوخ في الآم فرتر , كثيرون هم من تحولت العقدّ النفسيه عندهم الى ابداعات تقارب الاعجازات , لايغيب عن بالنا ما زخرت به كتب ابن تيميه من تكفير و تخوين ومهاره في تفسير الايات و الاحاديث مما يتيح له الحكم من خلالهما وقتل اعدائه من خلال رؤيه قرأنيه دون ادنى تأنيب للضمير فكان القرأن هو الكفيل لراحة ضميره .
لايمكن تجاهل المكان و الزمان كعوامل مهمه في طبيعة الافكار تطرفها وغلوها او تسامحها واعتدالها كذلك تلونها بين هذا و ذاك وغياب المرأه او حضورها في حياتهم له دور عظيم في تكوين القناعات , من قسوة و عطف فقد عانا ابن تيميه في مسيرته من خيانات بعض قواده مما جعله يعمم التكفير والشك على طائفة دون غيرها مستنبطا احكامه القرأنيه مؤمنا بقطعيتها لانها مستنده الى القرأن و السنه .
كذلك لقد كفّر سيد قطب الحاكم ومساعديه وكل من يعينه على تنفيذ احكامه من شرطه وجيش ومسؤلين و قيادات حتى وصل به الحد الى انه انه كفّر عامة الناس من بسطاء فقراء لانهم لايثورون على الحاكم الكافر و يستكينون لحكمه , اي الافراط في التكفير _ القتل _ لاشباع رغباته المكبوته ممن يمثلون الاب عنده.
نرى في مكان اخر ان سيد قطب يمعن في تنظيف المجتمع ونقله من سلة الزباله الى حمام الطهاره لانه يكره النجاسه فقد علم منذ الطفوله المبكره ان الزنا هي لوثه لايمكن ان يتطهر المرء بعدها , وهذا انما يدلل على رمزيه هاملت الذي عشق امه , حيث يقول أن الامه عادت الى الجاهليه حتى المسلمون هم كفار جاهلون دون علم حتى يعودوا عوده صحيحه ثم ان دمهم و اموالهم و اعراضهم حلال .
يقول سيد قطب في كتابه في ظلال القرأن ( لقد استدار الزمان كهيئة يوم جاء هذا الدين الى البشريه بلا اله الا الله فقدارتدّت البشريه الى عبادة العباد و الى جور الاديان ونكصت عن لا اله الا الله و ان ظل فريق منها يردد على المأذن ( لاله الا الله ) دون ان يدرك مدلولها ودون ان يعي هذا المدلول وهو يرددها ودون ان يرفض شرعية الحاكميه التي يدعيها العباد لانفسهم وهي مرادف الالوهيه سواء ان ادّعوها كأفراد او كتشكيلات تشريعيه او كشعوب) ص1057
وفي مكان اخر يؤكد سيد قطب على تكفيره الافراد و الجماعات من المسلمين حيث يقول ( البشريه بجملتها بما فيها اولئك الذين يرددون على المأذن في مشارق الارض و مغاربها كلمات لاله الا الله بلا مدلول ولا واقع , هؤلاء اثقل انما و اشد عذابا يوم القيامه لانهم ارتدوا الى عباده العباد من بعد ما تبين لهم الهدى ومن بعد ان كانوا في دين الله , فما احوج العصبه المسلمه ( اي الاخوان ) أن تقف طويلا امام هذه الايات البينات وما احوجها ان تقف امام ايه الولايه .
لقد افرد سيد قطب و اسهب في تكفير الامه من حكام و افراد و جماعات بناءا على تأويلات مأخوذه من سابقيه بدءا من الخوارج و شيخه ابن تيميه والوهابيه , مرورا بأئمه الشيعه الذين خرجوا على الحكام بأجسادهم العاريه تاركين خلفهم اولادهم و اموالهم ومناصبهم طالبين الشهاده واضرب اوضح مثل على هذا بعد خروج الحسين ابن علي هو خروج يحيى ابن الحسين في اليمن وابوه زيد رغم انه كان اعلم علماء عصره في ذلك الوقت لكنه فضل الخروج على الحاكم و قتل , وكذلك عبد الله ابن الزبير واعتصامه في الكعبه , طبعا مع الاخذ بعين الاعتبار الاختلاف العقائدي بين ائمه الشيعه و عقيدة سيد قطب السلفيه ( المتمثله في احمد ابن حنبل و القائلين بالحديث من الوهابيه و الحشويه .
ويدلل سيد قطب في تفسيره على ضلال الامه و اشراكها بالله فيقول ( من الشرك الواضح المظاهر الدنيويه ( لغير الله ) في تقليد من التقاليد كأتخاذ اعياد و مواسم يشرعها الناس ولم يشرعها الله و الدينونه في زي من الازياء يخالف ماأمر الله به من البشر ويكشف او يحدد العورات ) في ج4 – ص 2033
كما يقول سيد قطب ( أنه ليست على وجه الارض دوله مسلمه ولا مجتمع مسلم , قاعدة التعامل فيه هي شريعه الله و الفقه الاسلامي) في ظلال القرأن ج42122
ومهما حاول الاخوان ان ينفوا عقيده التكفير عن سيد قطب فلن ينجحوا في ذلك لانها ملازمه لنهج وهويه لايمكن الفصل بينهما , فما هو جوهر الاخوان بدون تراث سيد قطب ؟
وما هي برامج الاخوان السياسيه و الاقتصاديه و الاجتماعيه و التجاريه اذا نحن فصلنا عقيدة و توجهات سيد قطب عن جسم الاخوان وهياكله التنظيميه ؟
وهنا يقول سيد قطب ( النجاة للعصبة المسلمه من ان يقع عليها العذاب الا بأن تنفصل عقيديا وشعوريا ومنهج حياة عن اهل الجاهليه من قومها حتى يأذن الله لهما بقيام دار اسلام تعتصم بها والا ان تشعر شعورا كاملا بأنها هي المسلمه و ان ما حولها جاهليه واهل جاهلين ) ج4 2122ص وكما قلت سابقا ان سيد قطب شكل ركيزه اساسيه في تكوين الاخوان لايمكن معها النظر الى الاخوان بدون النظر الى سيد قطب كمنظّر لهذا الحزب , خاصة انه لم يظهر بعده اي من المثقفين الاسلاميين ممن طوّر هذا النهج او حسّنه , وهذا ما احرج الاخوان في صراعهم مع الحكومه على مدى ال50 سنه الاخيره في ان يثبتوا للاخرين عزوفهم عن التكفير و الارهاب وتبنيهم خط الاعتدال وقد باءت هذه المحاولات كلها بالفشل الذريع , فما كان كتاب المرشد الثاني للاخوان حسن الهضيبي ( دعاة لا قضاه ) الذي يتبرء فيه من مقالات سيد قطب وينفي عن الاخوان عقيدة الارهاب و التكفير ليذهب ادراج الرياح وقيل أنه استعمل على سبيل (التقيه) ولتبرئه ساحة المرشد من اعمال الارهاب انذاك .
ولم تنجح جميع المحاولات التي بذلها الاخوان لنفي عقيدة التكفير و اعمال الارهاب عنهم ففي معالم على الطريق يثبت سيد قطب مره اخرى مما لا يدع مجالا للشك في ان الاخوان يعتقدون في مبدء التقيه واستحداث مصطلح التكفير المستتر لتجنب بطش جمال عبد الناصر ففي معالم على الطريق يقول ( يدخل في اطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها انها مسلمه ) ص101
في مرحله التكفير المستتر و اعتماد مبدء التقيه يدرك الاخوان حجم المأزق الصعب مع العالم الحر و الديمقراطي , فهم بذلك يؤسسون الى حقبه قادمه في صراعهم مع الكفار من ابناء جلدتهم , سواء في الداخل او في الخارج , ومع الكفار العالميين وادراكهم انهم لن ينجحوا الا بأعتماد هذين المبدئين و ان الصراع الظاهر او الخروج على الحاكم لن يؤدي بهم الا الى التهلكه مستفيدين من تجارب الماضي القاتم .
لقد بدء الاخوان في فبركه عمليه الاصلاح وخداع القبول بالاخر و المشاركه في الحكومات في عهد حسني مبارك , والاندماج في العمليه الديمقراطيه , وارسال رسائل معتدله متناغمه مع السياسات الدوليه , لكسب الثقه والابتعاد عن التاريخ الاسود قدر الامكان , لكن القطبيون ( جناح الصقور ) لا زالوا هم من يحركون الاخوان من امثال محمد بديع و محمود عزت و محمد مرسي و اخرين هم من يشكلون العصب الرئيسي والحافظ لتراث سيد قطب التكفيري الاقصائي .
ولعل خروج قيادات مهم من الاخوان (الحمائم ) امثال الدكتور ابو الفتوح و الخرباوي يعطي مؤشرات قويه على ان عقيدة التكفير المستتر لا زالت هناك اضف الى شعار التمكين و السيفين الذين لامكان لهما في ظل العمل الديمقراطي , وخلوهما من معناهما في ظل العمل الجماعي بين مكونات المجتمع المصري او العربي , فأي تمكين هم ينشدون ولمن يستلّ السيفين , اسئله يصعب الاجابه عليها من قبل الاخوان .
أمين ع أحمد
بوخارست 2013-08-28
#عبدالله_حسين_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟