|
نجاح الأحزاب الإسلامية فيما فشلت فيه إسرائيل
ذ. الكبير الداديسي
الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 23:14
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نجاح الأحزاب الإسلامية فيما فشلت فيه إسرائيل ذ.الكبير الداديسي
كتب وقيل الكثير فيما يعيشه العالم العربي بعد إزهار ربيعه ،وتسلق الأحزاب الدينية سلالم السلطة بعدما كانت في المعارضة أو السرية مما غير في أطراف الصراع وآلياته ، فتعددت المواقف والأفكار المؤيدة أو المناهضة لأطراف الصراع الجديد حول السلطة وتبقى أرض الكنانة باعتبارها قلب العالم العربي الرابط بين مشرقه ومغربه خير ما تجسد فيه هذا الصراع بعد وصول الإخوان والسلفيين ممثلين في حزب العدالة والحرية وحزب النور إلى الحكم كان من نتائج الربيع العربي وصول أحزاب إسلامية إلى أعلى هرم في السلطة وتمكنت من التحكم في دواليب الدولة بعد قلب الأنظمة (تونس وليبيا ومصر ) أو أصبحت مساهمة في التسيير بعد توافقها مع الأنظمة الحاكمة ( المغرب والأردن ) ويبقى القاسم المشترك بين كل هذه الدول التي نجحت فيها الأحزاب الإسلامية هو فشل هذه الأحزاب في تحسين أوضاع المواطنين وشؤون حياتهم المعيشية ، وأن من وصل للحكم مارس الفساد الحكومي، ومن لم يصل له بعد ظل يلوح بالعنف والترهيب إما بحمل البندقية لقتل كل من يقف أمامه أو توعد الحاكمين بخسارة الدنيا والآخرة . كما أثبتت التجارب في أفغانستان ، باكستان ، السودان ، الصومال أن الأحزاب القائمة على أساس ديني ( مثلما هو الأمر في الدول العربية ) بقدر ما كانت قادرة على اكتساح أصوات الناخبين كانت فاشلة وعاجزة عن تسيير شؤون البلاد والعباد ، وأن نجاحها في الانتخابات كان دائما يقابله فشل ذريع في تدبير الشأن العام ، لأن لها شعارات رنانة خادعة تدغدغ العواطف والأحاسيس وليس لها برامج اجتماعية وسياسية قادرة على حل المشاكل ، فقد ينخدع الناخب وتجعل الشعارات الإنسان البسيط - الذي اعتاد رؤية بعض الإسلاميين يقدمون خدماتهم في المساجد أو خارجها ، في القرى النائية ،أووسط المدن المكتظة وخاصة في أحيائها الشعبية ، تحت أعين السلطة حينا ، وفي سرية أحيانا كثيرة - تجعله يرى في الإسلاميين منقذيه من الضلال ، بعد أن تظاهر عدد منهم أمام عينيه بالزهد في الحياة ، وتفضيل شظف العيش على رغده فاقتنعت الملايين بأنهم يحملون الإسلام بين جوانحهم وقد يعيدون الخلافة الرشيدة ، ويكون الحاكم منهم فاروق عصره ، أو نسخة مما يروى في الكتب عن عمر بن عبد العزيز . لذلك إذا تقدم أي إسلامي للانتخابات سيكون لا محالة فائزا لأن الناخب يعتقد أن الإسلاميين إذا تقلدوا مناصب الحكم سيجتثون جذور الفساد، ويفضلون المصلحة العامة ، وينتصرون للفئات المستضعفة ، ويمحون الجماعات المارقة التي اقتبست علم وثقافة التمدن الغربي وصناعة الغرب الكافر فتشبهت بالكفار في اللباس ونمط العيش ، وقد يعيدون الحضارة الإسلامية إلى قيادة قطار الحضارة الإنسانية.... هكذا بدأت الأحلام تكبر ، ومن حق الكل أن يحلم ...خاصة بعد هبوب نسائم الربيع العربي ، الذي كان الفرصة المواتية لوصول الإسلاميين للحكم بعد سنوات من الاضطهاد لكن وما أن تبوأ الإسلاميون كراسي الحكم في عدد من الدول العربية ، حتى تبين أن الشعار غير الممارسة ، والكلام غير الفعل ، التنظير غير التطبيق .... فالخطاب الديني واحد من السهل توظيفه لإحاطة صاحبه بهالة من القداسة تجعل من الصعب انتقاده وإبراز عيوبه ، كما يسمح له بجمع كل السلط تحت جبته ، ومن انتقده فهو كافر خارج عن الملة والجماعة ، ومدسوس هدفه تقويض الشريعة ، وتشويه الإسلام... وأن كل منتقد أو رافض أو مختلف ليس سوى من الدمى والطائرات الورقية التي يتحكم الغرب والصهيونية في خيوطها ، متناسيا أن السياسة فن الممكن ، وليس مجالا لأحكام القيمة المطلقة ، وأن السياسي معرض للخطأ والمحاسبة وفي القول المأثور ( أنتم أدرى بشؤون دنياكم ) خير دليل على أن أمور الدنيا تتطور وتتغير في مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية مع ثبات مجالاتها العقدية والدينية ....
فإذا كانت من فضائل للربيع العربي فأهمها أنه قذف بالإسلاميين للحكم ونزع عنهم تلك القداسة التي يحاولون الظهور بها بأن جربوا الحكم كغيرهم وفشلوا في تدبير الشأن العام ، وأفسدوا وطبخوا الدساتير في عجلة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، واضطروا في حالات كثيرة إلى تقديم الوعود والكذب والتبرير فظهروا كأي أناس عاديين قد يصيبون وقد يخطئون ، وقد تعوزهم الوسائل والإمكانيات فيضطرون لتقديم صور غير حقيقية عن الواقع... فكان من الطبيعي خروج الجماهير تدعوهم للرحيل ، بعدما كانت تلك الجماهير تعتقد أن الإسلاميين سيجعلون بلادهم جنات نعيم تجري الأنهار من تحتها ، وتجعل الفقراء في عيشة راضية .... انقشعت غيوم الربيع العربي ، وظهر الإخوان أناس لا يهمهم إلا الكراسي والحكم ، ولو اقتضى الأمر إحراق مصر والمصريين واستباحة مقدسات ورموز ومؤسسات من هم خارج صفهم ... فغاب ما كانوا يتظاهرون به من تكافل وتآزر ،ودود عن قيم المواطنة والتسامح والديمقراطية ... وكرسوا اختزال الوطن والدولة في طائفة دينية همها تهميش وإقصاء الآخر في وطن متعدد الأعراق والأديان ، بالاعتماد على تجييش الجماهير الأمية الجائعة التي لا تعرف أن تسيير البلاد يكون بالبرامج والخطط وليس بالكلام والشعارات ، وقد سبق في تركيا - القائمة على قوانين حديثة – حل حزب الرفاه القائم على أسس دينية رغم اكتساحه للانتخابات البلدية والتشريعية بحجة انتهاكه للدستور ، وقبل نجم الدين أربكان الحكم ولم يسع إلى إحراق تركيا وكان بإمكانه ذلك كما تم حل حزب الفضيلة وقبل أعضاؤه القرار ، فيما رفضت الأحزاب الإسلامية العربية فهم الدرس السياسي فأشعلت جبهة الإنقاذ النار في الجزائر لأكثر من عقد من الزمن ، وقسمت أحزاب كحزب الله ، وحماس والإخوان المسلمين البلاد تقسيما إذ قضت حماس على الوحدة الفلسطينية ، وجعل حزب الله لبنان دولتين في دولة واحدة و قسم مرسي المصريين وهم بذلك يحققون ما لم تحققه الصهيونية و أشد أعداء مصر وفلسطين ولبنان ، بل إن العدو الخارجي ( إسرائيل ) كان في الغالب عامل وحدة للشعوب العربية وها هي أحزابه الإسلامية تهدد بتقسيم البلاد بعدما قسمت العباد ... الخروج من النفق المظلم الذي تعيشه مصر اليوم ليس بالوقوف إلى جانب طرف ضد طرف آخر وإنما بسن قوانين - دولة عصرية الوطن فيها للجميع والدين لله- تمنع الترخيص بإنشاء أحزاب على أسس عرقية ، دينية ، جنسية أو قبلية ، لأن السياسة تقوم على النسبية ، والمراوغة ، والوعود ، ولأن السياسي معرض باستمرار للنقد والتعريض .... فيما الدين يرتكز على المطلق والتقديس والعصمة... ورجل الدين لا يجوز وضعه موضع نقد، ومن فعل فهو كافر ملحد جاحد مرتد وحكم المرتد واضح في الإسلام.....
#ذ._الكبير_الداديسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول مقبرة تستهوي زائرها بالمغرب
-
ضد التمييز : ماذا لو فكرالحاصلون على الباكالوريا في محاكمة ا
...
-
الخوف من رمضان يحتم تعجيل و تكديس المهرجانات بالمغرب !!!
-
قضايا عشر حول باكالوريا هذا العصر
-
وهل يصلح قاون لزجر الغش ما أفسده الدهر
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|