|
النصر الناتج عن العنف مكافىء للهزيمة !
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 19:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
النصر الناتج عن العنف مكافىء للهزيمة ! ليس بالأمر السهل ولا الهين أن يحقق أي كان انتصارا ما ، لكن الأصعب أن يعرف يعرف قيمته ذلك الانتصار الذي حقق ، وكيف يحافظ عليه ويتصرف فيه ، لأن الانتصار عامة وبعد الثوارت خاصة ، ليس هو الخروج للشوارع لبضعة أسابيع أو شهور ، والإنتهاء منها بطرد الحاكم الدكتاتور أو قتله ، بل هو كل تلك الدينامية التي يتمخض عنها -والتي قد تستمرّ لسنوات . ومن هذا المنطلق فالانتصار الباهر الذي تحقق للثورة المصرية لم يكتمل ، لعدم حسن تصرف من ركب عليه من الإسلامين ، بعد أن اعتبروه ثمرة جهودهم وحدهم دون غيرهم ، فأبعدوا كل فصائل شعب قوامه أزيد من 90 مليون نسمة ، بتراثه الحضاري المدني والديني والتاريخي الممتد لآلاف السنين ، والذي لم يرفع قط ، شعارات دينية ، ولا طالب بحكم الإسلاميين أبدا ، بل ثار من أجل الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ، وغيرها من المطالب التي لم يتحقق منها شيء .. بعدما كان من المفروض منهم وفيهم ان يقودوا الإنتصار الكبير الذي حققه الشعب المصري بدمه وروحه ، نحو العيش بصفاء في وطن حر انساني يسوده الإخاء والمحبة ، وتنعدم فيه الولاءات الأولية القبلية والعشائرية والطائفية والدينية والاثنية ، وينعم فيه المواطن المصري البسيط بالرخاء والسلام ، بدل ذلك الاختلاس الفاضح لإنتصاره ، والركوب عليه ، وتحويله من صراع ثوري طبقي الى صراع مسخ طيفي وطائفي اسغل للهجوم على حقوق المصري المقهور ومكتسباته ، بالعنف والعدوانية المادية منها والمعنوية ، من شتائم وسباب وتحقير ومغالطات وتشويه واستخفاف وتنغيص حياتي وتحسيس بالنقص والدونية والخطيئة وقلة القيمة والاحترام ، إلى الضرب والسحل والتقتيل والتنكيل وتدمير كل مرافق البلاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ما عجل بالإطاحة بهمجية الكثير من قيادات التنظيم المريض بحب الكرسي ، وفرض الوصاية على الشعب برمته ، الذي لم يصل بعد –في ظنها- درجة الرشد ، وأنه يمكن أن يُسحر بالخطاب الديني ، ويُغرى بالسلوك الإسلامي ، ويُخدر بأمل دولة الخلافة .. وحين بدا لهم استحالة تحقيق ما سعوا إليه, بعد أن وصلوا إلى السلطة في لحظة عبثية غير قابلة للتكرار, واختلطت عليهم المفاهيم ، وضاعت أمامهم السبل والقيم ، وأعماهم العناد المرضي ، والهوس الهستيري للتحكم في الرقاب، ، وأصبح انتماؤهم للوطن مجرد عنوان فى بطاقة يسكنون فيه أجاسدا دون أن تسكن فيهم روحه ، لجؤوا للعنف والإرهاب ، بعد أن توهموا أنهم قادرون علي هضم شعب عظيم كمصر، وأن لديهم قدرات خارقة تمكنهم من تطويعه وأخونته ، ورفعوا السلاح في وجه كل معارض لمنهجية القمع والتخريب والدمار العاتي الذي يؤمنون به ، والذي سلطوه من على منصة رابعة ألسنة الشر، على مصر والمصريين ، تقذفهم منها ، بكل عزم ووضوح ، باقذع الكلمات واوسخ المفرادت في خطاب يحتوي كل انواع السب والشتم والتجريح والاستخفاف والاستهتار والاحتقار والتقليل من شأن اي شيء غير اخواني ويدعون باسم الله، لإسكات صوته ، وكسر قلمه ، وتحطيم معنوياته ، ونسفه وإعدامه وإبادته . وكما هو رائج لدى الكثيرين ، أن البعض ينتصر ، لكن لا يعرف كيف يصنع الانتصار ، وإذا حدث وانتصر ، بطريقة أو بأخرى ، كما هو حال الإخوان ، الذين لم يعرف أحد لماذا لم يحسنوا استثمار ما احتكروه من انتصار الشعب المصري ؟ وكيف لم يتحملوا مسؤولية الحفاظ على لحظاته الحرجة المنفلتة بسرعة البرق ؟؟. إنه ما من شك في أن إضاعة الإخوان لمثل هذه الفرص الذهبية ، الفريدة المتفردة ، وغير القابلة للتكرار ، ليفرض على الإنسان العادي قبل المهتم والمتتبع السياسي ، العديد من الأسئلة الحائرة ، والتساؤلات المحيرة ، حول السبب الرئيس في ذلك ، مثل: هل كان ذلك بسبب قلة الذربة وانعدام التجربة في مواجهة المستجدات وضعها الجديد ، كما في المثال الشعبي المغربي الدارج : "اللي ما موالف بسروال ، كيضيق فيه " ؟ أو ، هل كان البسبب لغباء جيني طبيعي فيهم ؟ أو لتبلد مزورع في خلايا اجسادهم سارٍ في دمائهم ؟ أم هو بسبب تهورهم الخارق ، وعنادهم اليائس ، وتسرعهم الأخرق ، في وصول للحكم والسلطة ، الهوس الجنوني الدفين في نفوسهم مند 80 سنة ، والذي قاد هياجهم المشؤوم بسرعة مجنونة نحو الهروب بعيداً في طريق السيطرة والأخونة والسلفنة للتمكين من الدولة والمجتمع، بموجات ومستويات خطيرة من العنف والإرهاب والدم والتقتيل الذي بدأ في سيناء والقاهرة ومناطق متفرقة من البلاد في عملية انتحار سياسي غريب . خلاصة القول أنه وكما يقال في الأوساط الشعبية "أن كل ما يأتي سهلا سريعا ، يذهب بسهولة وبسرعة أيضا " ، وقد قال المهاتما غاندي نفس الشيء تقريبا : "أن النصر الناتج عن العنف مكافىء للهزيمة ، لأنه سريع الانقضاء " تماما كالانتصار الإخواني الذي جاء على انقاد قهر الشعب وتجويعه ، ومن منطلق العنف والعدوانية ، المركب الاساس في تكوين الجماعة الأيديولوجي والديني الذي تحول إلى رغبة غامرة في السيطرة وفرض التسلط والسيطرة على باقي طبقات المجتمع المصري ، والذي حاول الدكتور صفوة حجازي التبرأ منه ، ومن جماعته ، ورميه من ورائه قبليتهم وطائفيتهم وهوياتهم ؛ والذي مهما تفنن في تدبيج الحلف بالأيمان المغلظة ، وتكرارها ثلاثا ، لإثبات أنه ليس "إخوان" ولا صلة له بحركتهم ، وأنه من جرائمها براء ، ومهما تفلسف ليل نهار ، ولعب على ألف حبل وحبل ، للبرهنة على أنه لم يكن يعلم بوجود السلاح برابعة ، وأنه لو كان يعرف بوجود سكين من "بلاستيك" بها يراد به قتل شرطي أو عسكري ، لإنسحب منها على الفور ، ومهما حاول وحاول ووضف السيد صفوة حجازي كل مبررات الدنيا ، فإن المنطق لن يسعفه في ذلك ، فإنه سيكون كمن يحاول إخفاء الشمس بالغربال" كما يقال ، لأن الواقع والوقائع تكذب كل المزاعمه ، واحداث رابعة لازالت شاهدة على شطحاته وهو يلقي ، في حماسة المنتصر الذي لا يقهر، عشرات الخطب المحرضة على الارهاب والقتل من فوق خشبة منصتها ، وأنه مهما حاول التراجع عن أقواله ، المسجلة بالصوت والصورة على فيديوهات تضم عشرات اللقات الصحفية ، والتصريحات النارية ضد الشعب والجيش والشرطة ، والتي لن ينسى المصريون والعالم منها ، تصريحه المدوي بالوعد والوعيد والتهديد بحرق مصر والذي قال فيه بحماسته الهستيرية الشديدة ، التي كانت تزداد تماديا وقلة ادب وشراهة ، كلما علت اصوات المعتصمين ، وتأججت شراهة ميولاتهم للدمار والخراب حيث قال : "من يرش مرسي بالماء سنرشه بالدم " ، ودون نسيان جوابه عن سؤال حول قرار وزارة الداخلية بفض اعتصامي النهضة ورابعة قال : " احنا مستعدين، ولو رجالة يجو يفضوا اذا كانوا مستعدين لذلك ، وحيشوفوا آلاف الجتث الي حتموت ، احنا موضيين ومغتسلين ، واكفاننا موجودة ومستعدين لهذا الفض .. فكيف بالله يتصور الداعية المحترم صفوة حجازي ، ان يصدقه أو يثق به احد بعد كل هذا ؟ وكيف يصدق من انقلب وخان جماعته وعشيرته، وتنصل من المبادئ والقيم التي كان ينادي بها وانكرها في اول استنطاق للشرطة التي كان يتوعدها بالويل والشر ، ويبررذلك بالتوسل والبكاء ، حتى صدق فيه قول الشاعر: كل خائن يختلق لنفسه الف عذر وعذر ... ليقنع نفسه بانه فعل الصواب . إن صفوة حجازي والكثير من "الإخوانية" أمثاله ، لا يقدرون إلا على الهروب والقفز من السفينة بدافع الخوف والأنانية باحثين عن الخلاص الشخصي ، عملا بالمبدأ الانتهازي "راسي يا راسي" و" وبعدي الطوفان " وذلك كلما احمرت العيون ، ودقت ساعة المعقول والحسم .. ونفس السيء انتهجه الإحواني أو السلفي ، لا فرق ، ذو اللحية الطويلة الشعتاء ، الذي شوهد على جميع شاشات كل الفضائيات وهو يصيح مرعدا مزبدا ، في رابعة يوم 3 يوليو ، مهددا المصريين عامة والسيسي خاصة بقوله : أقول لسيسي ، انذر ، فانك صنعت طالبا جديدة في مصر ، فعلت الاستشهاديين الجدد ، وانا بحدرك ، ارجع الامور الى نصابها ، والا حتلاقي الجموع كلها حتفجر مصر ، وانت الذي كتبت شهادة وفاة كل من يعارض مرسي ، وبكرى تشوف " ، والذي سرعان ما تملص من كل أقواله و خرج على الناس في مظهر غير الذي كان عليه قبل فض رابعة والنهضة ، مسالما تضرعا يعتذار للمصريين على ما بدر منه في لحظة حماسة وغضب افقده صوابه ، لكنه الاعتذار الذي لا يقبل من أي كان ، إلا بعد القصاص كما قال أحد الشعراء : إِن الخيانةَ ليس يغسِلُها … من خاطئٍ دمعٌ ولا ندمُ . وهذا إن دل على شيء ، فإنما يدل على أن النظام الإخواني ، نظام كرتوني واهن كبيوت العنكبوت ، يعتمد على التهويل الإعلامى الذى يضخم من قوته وقدرته على إحكام سيطرته على مقاليد البلاد والعباد ، أما الشعوب فهي دائما الأقوى والبقى ، لأنها شعوب مسالمة لا تمتلك سلاحاً ، ولكن تمتلك إيماناً بحريتها وإرادة وعزيمة أقوى وأفتك من أي سلاح . حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعاقة في المغرب وحقيقة الولوجيات! الجزء الثاني .
-
ثقافة السير بين الواقع والمأمول !
-
لماذا لا يأتي المهدي وجودو أبدا ؟؟
-
الإسلاميون والعفو الملكي عن مغتصب البراءة !؟
-
الإعاقة في المغرب وحقيقة الولوجيات!
-
كلام غير مقبول من وزير سابق !
-
الجدارن فضاء مثالي لتصريف المكبوتات.الجدارن فضاء مثالي لتصري
...
-
من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
-
الديمقراطية والإسلام السياسي
-
هل الدين هو السبب فيما يحدث من صراع بين الناس ؟؟
-
قمة الخداع والنفاق !
-
توحيد الصيام بين الشعوب العربية والإسلامية
-
مذاقُ لحمِ الخيل خير أم لحم الحمير؟؟؟
-
الخرافات الإخوانية !!
-
الصحة ليست ترفا ينعم به الأغنياء ، ويستجديه الفقراء !!
-
أفول نجم إخوان مصر يزلزل باقي الأنظمة الاستبدادية الاستعبادي
...
-
سقط وهم الخلافة، و لم يسقط الإسلام ؟
-
تجربة الإقتراب من الموت !؟
-
لا حزن يعدل حزن الفقد بالموت ، ولو كان موت كلبة !!
-
اقتباس ، أم سرقة فاضحة ؟
المزيد.....
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|