أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عفيف رحمة - الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية















المزيد.....

الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4197 - 2013 / 8 / 27 - 16:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لو دققنا بموضوعية سياسات الأنظمة المتعاقبة على سوريا منذ الإستقلال حتى يومنا هذا، لوجدنا أنها ودون إستثناء عملت على جعل القضايا الوطنية الداخلية رهينة للمناخات الإقليمية والدولية، ربما كحالة إنعكاس لتجذر وترسخ حالة التبعية في ثقافتنا ووجداننا نتيجة شطط فترات الإستعمار، أقله منذ بداية الخلافة العثمانية حتى خلاصنا من الإنتداب الفرنسي.
وإذا ما وجدنا ما يبرر هيولة اليقظة الشعبية، فإننا لا نجد تبريراً للخاصة النخبوية، إلا إذا قدرنا أن هذه النخبة التي صنعت الأنظمة لم تكن مقتنعة بالعمق الوطني والبعد الوجداني لهذا الإستقلال، وأنها إنطلقت بحكم موقعها من فوقية معرفية لم تسمح لها أن تدرك قدرة طاقاتنا الشعبية الخلاقة على تجسيد هذا الإستقلال سياسياً كان أم إقتصادياً وإجتماعياً.
لقد آثرت هذه النخبة على ترجمت فوقيتها المعرفية بجعل الهوية السورية أمانة أو رهينة للنزوات السياسية، وتحويل البلد سوريا من بلد يطمح لإعادة تجذر هويته الحضارية إلى بلد لا يستطيع أن يحيى إلا بإطار المعادلات الخارجية عربية كانت أم إقليمية أو دولية !
إقتصادياً تحولت سوريا، من بلد قادر ضمن غنى إمكاناته أن يعيش بمستوى مقبول من الرخاء رغم حداثة ولادته، إلى بلد الهجرات والأزمات الإقتصادية والسياسية؛ صحيح أن سوريا عبر تاريخها المعاصر لم تمد يدها إلا نادراً لصندوق النقد الدولي طلباً لقروض ومساعدات، لكنها بالمقابل بنت برامجها على وهم مساعدات دول النفط الخليجي؛ وصحيح أن سوريا لم تكن معوزة إقتصادياً ولكن الأصح أن كامل طاقاتها وخبراتها ويدها العاملة بدل أن توظف للتطوير والتنمية الإقتصادية المتوازنة قدمت رخيصاً وبتفاخر لتنمية دول الجوار العربي والخليجي بشكل خاص؛ وصحيح أن سوريا قل ما تعتمد على الخبرات الخارجية لكن الأصح أنها الدولة الأكثر تصديراً للعقول والطاقات الفنية بشكل هجرات مؤقتة أو دائمة.
لقد سعت جميع هذه الأنظمة لإعتماد خطاب سياسي مغلف بقناع قومي لتستر عجزها عن حماية وترسيخ مقومات الإستقلال الوطني للدولة والمجتمع... إهمال في تطوير مؤسسات الدولة الراعية لمصالح المواطن، هلهلة الأنظمة والقوانين، شخصنة الدولة والسلطة، غياب الرؤية والستراتيجية البعيدة للتطوير الإقتصادي الزراعي والصناعي.
هدر الطاقات البشرية وتهميشها، تراجع واضح في مستوى الإبداع والقدرات العلمية والفنية، إزدياد معدل الهجرة الدائمة نحو الغرب وتنامي تسرب الطاقات البشرية والثروات المالية نحو اسواق الجوار التي تطلب العمل والعمالة... وبالإجمال تحول البلد سوريا من كونه تاريخياً سلة إقتصادية متكاملة إلى بلد البدائيات الإقتصادية والمهنية.
لقد عاشت سوريا في ظل حلول نرجسي للخطاب السياسي إعتمدته النخبة الحاكمة في مختلف مشاريع البناء الوطني الذي كان بعد الإستقلال أحوج ما يكون للحرية والديمقراطية والإنفتاح على الطبقات الشعبية لإعادة تكوينه الحضاري.
إندفع هذا الخطاب على سطح السياسات في العقود الأربعة الماضية بذات التواتر الذي إندفعت به شكليات النهضة الإقتصادية التي لطفت من الشرعية القصرية لهذا الخطاب الذي تميز بالشطط السياسي القومي على الصالح الوطني، منهجاً لم يكن ممكناً أن يكون إلا بقلب المفاهيم، حيث سيطر الطابع الشخصي في معالجة الشؤون السياسية، الإدارية والإقتصادية، فاتحاً الباب لتطور نهج سوري خاص تحول عبر الممارسة إلى ثقافة عامة تغلب فيها الخاص على العام والفرد على الجماعة والذاتي على الموضوعي.
وفي عملية إسقاط لهذا النهج حدث هذا الحلول النرجسي في السياسة الخارجية، فأعطي كبير الأهمية للشأن الخارجي على حساب الشأن الداخلي الذي أهمل أو بأفضل الأحوال دفع للمرتبة الثالثة وذلك بجعل القضايا الداخلية من مهام الصف الثالث أو الرابع من القيادات السياسية ومن أعلن ولاءه دون ولاء، حيث إحتلت هيبة وأمن المؤسسة الحاكمة المرتبة الثانية من ترتيب اولويات السلطة.
في هذا الإطار ونظراً لغياب الإرادة والرؤية السياسية الحكيمة لدى هذا الرتل من المسؤلين الذين بحثوا عن مصالحهم الشخصية دون مصلحة المجتمع والوطن، كان اللجوء للمعالجة الأمنية السبيل الأمثل لإلباس المجتمع قناع الإستقرار، فأنعكس ذلك بتنامي الفساد حتى اصبح منظومة عضوية متكاملة مع كيان الدولة...
حسابياً وموضوعياً كانت وستبقى القضايا الداخلية أكثر إتساعاً وأكثر تعقيداً، في حين تكاد السياسة الخارجية أشبه بلعبة تحدد بمجموعة من القوانين والضوابط الدولية التي تسهل تطبيق هذه السياسات، ولا يشترط في هذه اللعبة إلا ان يتمسك كل لاعب بشروطه الوطنية ليأخذ دوره وحقه بالقدر المستطاع الذي تسمح به التوازات الدولية، لكن التي تفرضها القوة الداخلية...
الموقف من الصهيونية كحركة عنصرية وغازية، العلاقة مع الدول الرأسمالية القديمة والجديدة التي تطبق السياسات الإحتكارية واللاهثة بتكوينها البنيوي للسيطرة على مصادر الطاقة، التحالف الإقتصادي والثقافي مع الدول الناشئة المماثلة ببنيتها ومشاريعها التنموية مع رؤيتنا ومشاريعنا في التنمية والنهضة... كل ذلك واضح ويمكن جعله بسيطاً لو أردنا، ودولاً كثيرة تعمل بهذا المنظور ولم يعرف تاريخها أنها تمترست وراء رداء المقاومة وحفر خنادق الصراع مع الآخرين لإنجاح سياساتها الخارجية.
في علاقتنا مع العروبة إعتمدت السياسات المتبعة على المراهنة بالداخلي وبالوطني لتثبيت موقعنا في الساحة العربية فلا نجحنا عربياً ولا حافظنا على قوتنا وإستقرارنا داخلياً. كان الداخلي والوطني ضحية ترجيح الخاص على العام حيث استهتر به إلى حدّ الإستخفاف والعبث.
التخطيط، التنمية، البناء، العدالة الإجتماعية، التربية، التعليم، الصحة، الضمان الإجتماعي والصحي، الثقافة، الكرامة، الإستقرار كلها قضايا وطنية لا تقاس ولا تدار بقواعد ثابتة ومتفق عليها كالقضايا الخارجية لأنها قضايا تفاعلية بين الدولة والمجتمع وتفاعلية مع الزمن وتفاعلية بين مكونات المجتمع بتعدديته الثقافية والتراثية وإنتمآته الفكرية والعقائدية.
أخطىء الف والف مرة من إعتقد أن القضايا الخارجية أعقد وأهم من القضايا الداخلية. إن إنتهاج سياسات مبدئية قائمة على أسس وطنية كانت كفيلة بمعالجة جميع القضايا الخارجية، لتأتي الحلول بعدها دون كثير عناء. ولم يكن ضرورياً إتباع أي منهج سياسي إستعراضي للقول بالعبقرية والحكمة السياسية إلا لأنه وسيلة من وسائل إبتزاز الداخل والخارج.
هنا في الداخل كان يمكن للحاكم أن يراهن ليفوز وإن فاز إستمر وإكتسب الرضى الوطني، لكن ولصعوبة الرهان على النجاح الداخلي تم معالجة القضايا الوطنية بعقلية الأمر والنهي بإستخدام الآلة الأمنية بتشكيلاتها الحزبية والعسكرية، وإستدارت أنظاره وإهتماماته نحو الخارجي حيث الإستعراضات السياسية وحيث يستطيع الممثلون المهرة تسويق أنفسهم كصناع بطولات وشهود على التاريخ.
هكذا كانت إستمرت سياساتنا الداخلية منذ الإستقلال رغم تبدل الوجوه والتسميات والأشكال، وهكذا دخل الوطن بنفق الأزمات الوطنية المتلاحقة حتى وصلنا إلى طريق مسدود، تفرض الحتمية التاريخية الخروج منه لأنه لم يعرف شعباً عاش بحالة مماثلة أطول من ذلك، ولا يمكن أن نخرج إلا بإعادة ترتيب الأولويات وجعل القضايا الداخلية على رأس أولويات المهام الوطنية، ولنجاح هذه المهمة لا بد من مشاركة مختلف طبقات الشعب، أي إعادة الحق للديمقراطية بأن تجد مكانها في إدارة الدولة والمجتمع، أي رد الإعتبار للحياة السياسية السليمة؛ لكن قبل البدء لا بد من رد الإعتبار للمواطن، أي رد الإحترام والإعتبار لكرامته الإنسانية ولحقه بالعدالة ولحقه بأن يشارك في صنع القرار الوطني، بمعنى أوضح رد الحق للمواطن بأن يكون مواطناً لا مهاجراً وحاكماً لا محكوماً.



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيرو دولار زيرو روبل
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة
- -المعارضة وقاعدة حكم السلطة في ميزان الأزمة السورية-
- جنيف 2 و أوهام التغيير
- الفساد منظومة ظل الدولة
- مراهنات النظام وآثارها في تعميق الأزمة الوطنية الكبرى في سور ...
- التعليم في سوريا ومشكلاته
- البحث العلمي في سوريا-حقائق ومؤشرات
- فساد النظام وتجلياته في معالجة القضية السورية
- الوجه الديني في تكوين الأحزاب اليسارية
- قراءة طبقية في جذور الأزمة السورية-حقائق ومؤشرات البيئة الإج ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عفيف رحمة - الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية