أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 1200 - 2005 / 5 / 17 - 10:21
المحور:
الصحافة والاعلام
يواجه العراقيون معضلة حقيقية تؤرق حياتهم، وتعصف بمقدرات بلدهم، تمليها واحدة من إشكاليات المرحلة الحالية، ألا وهي تحديد الأولويات التي يفترض بالعراقيين أن ينهضوا بها في الوقت الحاضر، وتبلورت شأنها شأن كل المعطيات على الأرض لتغدو موضوع خلافي شامل، تتمظهر في طريقة مواجهة الاحتلال، ولا يمكن اعتباره حالة مجردة قائمة بذاتها، بل يرتكز من دون شك على أسس سابقة ومستجدات افرزنها عملية التغيير، ولذلك يطفو على السطح بأوجه متعددة، ويؤجج ما كان قائماً بين جبهتي الضحية والجلاد من صراع مرير.
لا أحد يستطيع أن ينكر حق الشعوب المحتلة في مقاومة الاحتلال بشتى الوسائل الممكنة، ولا أن يطعن في مشروعية المقاومة، وليست مثار اختلاف على الإطلاق، وهي حق مشروع للشعوب المحتلة مكفول من الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، ولكن ما يجري على ارض العراق اليوم بعيد كل البعد عن مقاصد هذه المفردة الشريفة، بل هو إرهاب بكل معنى الكلمة لإشاعة المناظر الوحشية المتقنة، وتوزيع الموت والدمار والخوف والفزع بشكل يومي في أنحاء مدن وربوع العراق، وتحت وطأة موجات العنف، وحمامات الدم، يغادرنا في سمو كل يوم جمع من الضحايا الأبرياء من أبناء الوطن.
ولان بقايا الجلادين ومن يناصرهم من الظلاميين يعرفون جيداً دور ميدان الفكر والكلمة في راهننا الاستثنائي لذلك يوجهون بنادقهم نحو أصحاب القلم والثقافة، وتطال أفعال الغدر والأجرام اليائس الأدباء والمثقفين العراقيين، سعياً لقمع صوت المثقف العراقي الحر.
ولكنهم لا يدركون أن دماء الضحايا التي خضبت الأرض الطيبة أترعت نسغاً صاعداً يحمل أحلامنا الوردية نحو الفجر، ويمنحنا فرصة الأمل لنرقب وهج قرص الشمس الزاحف، وتلويحة أصابع شهدائنا من حملة اليراع، وهي تخط في الأفق شعارات وطنية صادقة، وبديهيات تبارك إرادة الشعب، عنوانها حتمية انتصار الكلمة على الرصاصة، وحتمية انتصار الشهادة على السيف.
ولكم أن تعلموا يا أيها الصامتون، يا من طالتكم يد الغدر، وحملتم بيرق الشهادة، إن من الباقين على قيد الموت يغذون السير على خطاكم، ولن يجف مداد أقلامهم، وسيكتبون بكاءاً وحزناً وأملاً عن هيبة موتكم، الموشح برائحة الأرض ورائحة الحروف، وعن ثقافة حزينة، وعن وطن حزين، وعن وليد في المخاض لم يولد بعد.
سلاماً لشهدي الكلمة الحرة، نجم عبد خضير وأحمد أدم، وسلاماً لشهداء العراق الأبرار من العرب والأكراد والتركمان والكلدان والآشوريين والأرمن واليزيديين والصابئة، من المسلمين والمسيحيين، من السنة والشيعة، ومن كل الأقليات.
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟