أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - متى يتنحى العرف أمام القانون..؟















المزيد.....

متى يتنحى العرف أمام القانون..؟


إيمان أحمد ونوس

الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 21:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




من المعلوم جيداً أن مجتمعات الشرق العربي والإسلامي تخضع لقانون العرف والدين أكثر مما تخضع للقانون المدني أو الوضعي، وهذا ما يجعلها ماضية في الشكل القبلي في مجمل علاقاتها(الاجتماعية والسياسية والاقتصادية و... الخ) ذلك الشكل الذي ساد زمناً غير قصير إلى أن جاء زمن الاستعمار الذي أدخل بعض المفاهيم عن شكل الدولة وأسسها ونظامها، إضافة إلى الحركات التنويرية والإصلاحية في معظم هذه الدول، وهذا ما أدى بدوره إلى بدء التلاشي الظاهري للعلاقات القبلية في المجتمع( مع بقائها ضمنياً)، حيث حلّت الأسرة الكبيرة أولاً، ومن ثمّ تقلّصت إلى نواة الأسرة المكونة من الأبوين والأبناء فقط.
ولكن، ورغم كل التغييرات المذكورة، فإن الاحتكام في حل النزاعات والخلافات بقي في كثير من الأحيان تحت مظلة الأعراف القبلية والدينية أكثر مما هو للقوانين الوضعية التي شرّعتها الأنظمة الحديثة في تلك البلدان، وعزز هذا الوضع أن تلك الأنظمة اعتمدت في دساتيرها الفقه الإسلامي مصدراً للتشريع إلى جانب القوانين الوضعية التي تحكم حياة الناس.
فالتشريع الديني يدخل في صلب العلاقات الإنسانية والاجتماعية في معظم هذه البلدان، لاسيما ما يتصل منها بالعلاقات الأسرية، أي قانون الأحوال الشخصية الذي ينظم علاقات الزواج والطلاق والإرث والنفقة و... جميع المسائل ذات الصلة، وبالتالي فإن التغييرات الطارئة على تلك المجتمعات لم تنعكس على ممارسات الناس بشكل يتماهى مع تلك التطورات كخروج المرأة للعلم والعمل والحياة العامة خارج جدران البيت، حيث أصبحت شريكة للرجل في تقاسم مسؤوليات الحياة والأسرة كاملةً. هذا الوضع الجديد الذي يستدعي وجود قوانين متطورة ترتقي لما وصل إليه المجتمع، لأن التشريعات الدينية التي سُنّت منذ قرون لم تعد مناسبة لإنسان العصر الحديث وعلاقاته الجديدة بمجمل محيطه العام.
ولكن علينا ألاّ نتجاهل أن القوانين الوضعية أيضاً حملت روح التشريع الديني من حيث النظرة إلى المرأة والتعامل معها في أروقة القضاء والقوانين، أي أن أغلب تلك القوانين هي قوانين تمييزية ضد المرأة لصالح الذهنية الذكورية في المجتمع، ولا غرابة في ذلك لأن من يسن تلك القوانين هم رجال القبيلة ذاتها الذين يحملون في نسغ تكوينهم تلك المفاهيم والأعراف التي تتدخل بشكل مباشر وغير مباشر أثناء صياغتهم للقوانين المدنية.
من هنا نجد أن التغييرات التي تطال بعض القوانين ستأخذ وقتاً ليس بالقصير حتى تتجذّر في أذهان الناس وممارساتهم اليومية، باعتبارها وافدة على ما تمّ التعارف عليه في الحياة المجتمعية. وهذا ما يتضح تماماً في ما يُعرف بجرائم الشرف مثلاً، تلك الجرائم الذي وقف ضدها كل نشطاء المجتمع ومثقفيه، وبعد جدال وحملات مناهضة لها جاء المرسوم/37/ لعام/2009/ الذي عدّل المادة/548/ ورفع عقوبة القاتل في جرائم الشرف إلى الحبس سنتين... ولكن ما الذي حصل..؟
جاء المرسوم رقم/1/ للعام /2011/ والذي تشدد أكثر في عقوبة مرتكبي جرائم الشرف، وجعلها ما بين/5- 7/ سنوات سجن...
فهل بإمكاننا فتح أفق الأمل في خفض عدد جرائم الشرف بعد ذلك..؟
تلك الجرائم التي أدانتها كل الأديان، وأفاض رجال الدين في الحديث عنها، ووجوب رفضها رفضاً قاطعاً.
لكن ما الذي حصل...؟ هل انخفضت نسبة هذه الجرائم..؟ هل أخذ الناس بآراء رجال الدين رغم رسوخ ما يقوله هؤلاء الرجال في حياة الناس بجوانب أخرى..؟
هل امتثل الناس لآراء ومناشدات رجال الدين برفض تلك الجرائم، واعتبارها قتل نفس حرّم الله قتلها بغير حق...؟
لماذا لم تُجدِ الوسائل المذكورة نفعاً في قمع تلك الظاهرة...؟
بالطبع لن تجدي نفعاً لعدة أسباب أهمها:
- سيادة العرف على كل القوانين الدينية أحياناً، والوضعية دائماً بسبب الذهنية السائدة في نسغ التفكير المجتمعي والتشريعي منذ قرون.
- لأن رجال الدين يحملون ذات الذهنية الذكورية تجاه المرأة والتعامل معها، وإلاّ لكانوا اتبعوا سياسة التحريم ضدّ مرتكبي هذه الجرائم، كما يتبعونها في أمور أخرى كتحريم الخمر والربا وما شابه من أمور حرّمها الدين، وعزز هذا التحريم رجال الدين في أحاديثهم وخطبهم الدائمة، وبالتالي لاقى ويُلاقي هذا التحريم الاستجابة القوية من المجتمع، بعكس القتل بدافع الشرف الذي يصمّون أذانهم ويشيحون ببصرهم وفكرهم عنه.
-تعزيز بعض القوانين للعرف في معالجة ما يعترضها من قضايا، وهذا ما هو وارد في في القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 تاريخ 18/5/1949 المادة/1 الفقرة 2/ والتي تقول: " فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه، حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم توجد، فبمقتضى العرف، وإذا لم يوجد، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة."
وكذلك قانون الأحوال الشخصية السوري الذي اعتمد العرف في قبول الزواج مثلاً في مادته السادسة التي تنص على: " يكون الإيجاب والقبول في الزواج بالألفاظ التي تفيد معناه لغة أو عرفاً."
وكذلك في المادة/55/ من ذات القانون والتي تنص على: " يجوز تعجيل المهر أو تأجيله كلا أو بعضاً وعند عدم النص يتبع العرف."
- قصر مدة الحبس في القوانين المدنية، وبالتالي لا تُعتبر رادعاً قوياً يستحق الوقوف عنده، إضافة إلى الثغرات الموجودة في تلك القوانين، والتي يَنْفَذُ من خلالها بعض القضاة أصحاب الذهنية المضادّة لقضايا المرأة وحقوقها العامة، كالمادة/192/ وسواها من مواد مشابهة في قانون العقوبات والتي يجب إلغاؤها فوراً، وليس فقط الاكتفاء بتعديل المادة/ 548/ ورفع مدة السجن إلى خمس أو سبع سنوات.
إن التعديلات التي طالت مؤخراً بعض القوانين( الدينية والمدنية) تُعتبر خطوة أولى( لكنها ناقصة) في إحداث التغيير المنشود اجتماعياً لصالح المرأة والكثير من قضاياها العالقة، لاسيما فيما يخص جرائم الشرف. غير أنه مهما ارتقت تلك التعديلات والتغييرات في هذه القوانين، لا تصل إلى مستوى ما يضمنه قانون مدني عصري شامل لكافة مناحي العلاقات الاجتماعية والأسرية، لذا نأمل أن لا يطول الزمن حتى نصل للتعامل من خلال قوانين مدنية تعزز مبدأ المواطنة والمساواة وفق ما ينص الدستور وعلمانية الدولة، كما نأمل أن نصل لقانون أسرة عصري يواكب المتغيّرات الاجتماعية على كافة المستويات، ولاسيما ما يخص قضايا حقوق المرأة بما كفله الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.



#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون مكافحة الدعارة في مجتمع يعجُّ بها بأشكال متعددة...
- تمييز لا إنساني ضدّ المرأة والطفل في قانون الجنسية السوري
- تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يخص قضايا المرأة
- تعديل قانون الأحوال الشخصية ضرورة يفرضها الواقع
- لنجدد المطالبة برفع التحفظات عن السيداو
- المجتمع السوري.. والحاجة إلى إعادة التأهيل
- كيف نتصدى للأزمة والغلاء وجشع التجّار؟
- الحكومة تُدربنا على رفع الدعم..!!!!
- في عيد العمال العاملة السورية بين الواقع والتحديات
- الاغتصاب أحد أسلحة الحروب تداعياته.. وآلية التعامل مع الضحاي ...
- الأمم المتحدة تُقرُّ إعلاناً لإنهاء العنف ضدّ النساء والعنف ...
- قضايا المرأة في بوتقة الشأن العام فلتكن حاضرة في كل تحرّك وط ...
- أمهات سوريا.. وقفة خشوع لصبركن العظيم
- شروخ الأزمة السورية تنتهك كيان الأسرة
- في عيد المرأة.. نساء بلادي المعمّدة بالدم يتشحن بالذلّ والحز ...
- أخلاقيات مشوّهة في أزمات قاتلة
- الأنوثة بين سندان الحاجة ومطرقة القيم والقانون
- التحرّش الجنسي.. أخلاقيات شاذّة منحطّة
- إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة جريمة لا تُغتفر
- وللرجل- الحاضر الغائب- متاعبه وهمومه


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إيمان أحمد ونوس - متى يتنحى العرف أمام القانون..؟