نهاد عبد الامير الناصر
الحوار المتمدن-العدد: 4194 - 2013 / 8 / 24 - 00:08
المحور:
المجتمع المدني
في ماضينا الذي يصر دائماً على تكرار نفسه في حاضرنا بسلبياته أكثر من أيجابياته والذي يعطي بالنتيجة ملامح (واقعية) لمستقبلنا القريب والبعيد أيضاً ، وما يمثله الكلام عن الماضي من فرصة لكشف وإكتشاف أنفسنا من جديد حصانةً للحاضر ووقايةً للمستقبل , ومما يعنيه هذا من الوقوف على هوياتنا المختلفة والمتداخلة والتي لا تتقاطع الا عندما نستحضر شروطنا الضيقة والتي تستدعيها الظروف الآنية وتهديدات المجتمع ومشاكله , وهي التي دائماً ما تُعيد تشكيل وأبراز هوية ما على حساب باقي الهويات الاخرى داخل ذالك المجتمع المتنوع والمتعدد في الهويات (والانتماءات) رغم أن هذا لا ضير ولا حرج فيه ما لم يكن مناسبة للألغاء أو الاقصاء ,, بل كان مناسبة للتنوع والتعدد في الابعاد في حياة الانسان والمجتمع ,,
ماذا أريد أن أقول من هذا ...
أريد أن اقول أن هويتنا هي (هوية مركبة) لا يمكن اختصارها ببُعد واحد او اختزالها في جانب واحد فقط من شخصية الانسان عموماً (والعراقي خصوصاً) , نعم هي قد تبرز بهذا البُعد هنا وقد تغيب بذاك البعُد هناك وحسب لحظة التحدي والمواجهة , وعلى هذا تكون مسألة التبسيط في فهم الهوية مناسبة لأستدعاء الجهل وعدم المعرفة , أي الكثير من التسطيح وعدم الواقعية المُبشر بالكثير من القطيعة مع النفس ومع الآخر على حد سواء , وهذا التسطيح رغم ما فيه من راحة (واغراء) بالبساطة في فهم شخصية الأنسان الا انه يٌشير بصورة واضحة وجلية الى مشكلة (الكسل المعرفي) الذي تمارسه أغلب المجتمعات الجاهلة والغارقة في الأزمات والمشاكل والتي لم (ولن) تنجز مشروعها الحضاري والانساني ما دامت تمارس التبسيط والتسطيح في فهم وأدراك مركباتها الموضوعية في حياة الفرد والمجتمع على حد سواء ..
ثم ماذا بعد ..
من خلال هذا التنوع والتعدد والتراكب في الهوية يمكن ان يجد المثقف فرصة نوعية له لتكوين (منصة) جديدة وجيدة وواضحة تعكس كل ذالك التنوع في المجتمع ومن دون التماهي مع هوية بعينها , على أننا يجب أن نعرف ونفهم من تلك المنصة التي يُراد من المثقف أن ينجزها في المجتمع وفي معناها الوجودي (الصيرورة وليست الكينونة) ,, أي منتج قابل للتشكيل والتشكل والمشاركة والأسهام من الجميع , ويكون المثقف العراقي فيها - وبعنوانه الاشمل اختصاصاً وتخصصاً - مدعوا لأبراز ذالك التنوع في المجتمع وتوضحيه والتصريح به , أي يعكس حقيقة مكونات المجتمع الأصلية من دون ان يختزله او ان يملكه أي من تلك المكونات , بمعنى أنه (وببساطة) يقوم بكسر تلك الحدية في زوايا الأنتماء الاعمى لهذه الهوية أو تلك , كمقدمة لتدوير القضية وتلك الهويات وجعلها في الوسط , أي الاعتدال في الانتماء في المحصلة والذي من بركاته التقارب بين المختلفين في الوطن الواحد وعلى نصاب المواطنة التي تتجاوز الهويات ولا تتعداها ... !!
هل هذا حمل ثقيل وكبير نرميه على عاتق المثقف ,,
حسناً ...
خلال الايام القادمة (31 آب 2013) هناك مناسبة وفرصة كبيرة وذهبية كي يأخذ المثقف (وبكافة عناوينه الفرعية) دوره في المجتمع خاصة وأن المجتمع هذه المرة [ وبعد افلاس وفشل أغلب المشاريع التي لم توفر له الا المزيد من الموت والمزيد المزيد من الاهمال والاستغلال والاكثر من الضياع ] على أستعداد لتجربة البديل وبشروط أقل من السابق وبدعم أكثر اذا أثبت البديل جدارة حقيقية وأهلية ,,
هذه الفرصة يمكن أن يُحسن المثقف العراقي وبمختلف عناوينه في المجتمع من أدارة نفسه فيها كمقدمة لأدارة رغبات وامنيات وطموحات مجتمعه الذي يعيش فيه ولصالح الجميع بالمحصلة ,,
أريد ان أقول بأختصار وهدوء ,, لن يجدينا اليوم البحث عن أسباب ومبررات وشروط وظروف خاصة لخروج المثقف عن صمته والتحرك الفعال وقيادة الجمهور , او الكشف عن شخصيته المبهمة وشكلها وحدودها في المجتمع , والتي تراعي في اغلب المناسبات شروط المثقف نفسه اكثر من مراعاتها لشروط مجتمعه ,, وبفوقية عجيبة وغريبة تختصر قيمته اليوم في مجتمعه الذي لا يُعير اهتماماً كبيراً لمثقفيه سواءاً كان السبب فيه هو (المثقف) الذي لم يفهم مجتمعه ولم يُعبر عنه (تشخيصاً للمشكلة وممارسة للحل) ,, أو ان المجتمع نفسه لا يرى في مثقفيه حلاً واقعياً يساعد في التحديات (المفصلية) التي تواجه الناس في حياتهم واحتياجاتهم ,,
أقول هذا الكلام ونحن اليوم أمام حراك جماهيري واعي جداً تحول اليوم الى (مفاعل ذاتي) ونوعي أنتج لنا طاقات تجاوزت وعي النخبة بل وتقدمت عليه (ميسان وبغداد مثالاً) ومن دون أقصائية او شروط ضيقة او أحتجاز لمشروعها لنفسها أو لجمهورها (المتنوع) والواسع جداً اليوم ,,
يقول المهاتما غاندي (عليك أن تكون أنت التغيير الذي تريده للعالم) , فأذا لم يكن المثقف (بكل عناوينه) مشروعاً للتغيير في مجتمعه ,, كيف أذن للشعوب والمجتمعات ان تنهض .. !!!
هذه مسؤولية وجميعنا نتحمل جزء منها وكل واحد حسب مكانه وأمكانياته في المساهمة في التغيير المنشود ..
والمثقف هو من أبرز مناسبات ذالك التغيير بكل تأكيد ,,,,,
للحديث تتمة ......
#نهاد_عبد_الامير_الناصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟