|
دستور سنية شخلع
محمد طه النحاس
الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 11:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل أقل من عام تم إقرار الدستور الأسود دستور العهر 2012 والذي تم تمريره رغماً عنّا جميعاً، في ساعة متأخرة من ليل القاهرة وعلى فراش نجس وملاءة عفنة قذرة في سابقة لم تحدث في تاريخ أي دولة بالعالم - حتى الدول المشتهرة بتقنين العهر والدعارة-، وفيما يعد اغتصابا حقيقيا لإرادة المصريين، قامت شرذمة حقيرة من القوادين على رأسهم القواد الأعظم حسام الغرياني بهتك عرض مصر ووضع دستورها. وكما كان متوقعا ومنتظراً لملمت مصر أخيرا في الثالث من يوليو المنصرم حاجياتها وهرعت بجراحها الدامية من وقع الاغتصاب وألقت بثوب العهر الذي كانت ترتديه رغما عنها وقررت التخلص من هذا الدستور الدنس أو على الأقل عدم ارتداء هذا الثوب بصفة مؤقتة حتى تتمكن من ترقيعه.
واليوم وبعد قراءة سطحية متعجلة للمسودة المبدئية للتعديلات الدستورية المقترحة على دستور العهر 2012، أستطيع أن أقول وبكل أريحية واطمئنان أنهم يريدون لمصر أن ترتدي ثوب الراقصة بديلاً عن ثوب العاهرة وسأشرح لكم كيف يحدث ذلك في السطور اللاحقة.
القاري الجيد للتعديلات سيدرك بلا أدني تردد أن الدستور الجديد سيجعل من مصر كالراقصة التي رقصت على السلم فلم يرها القاطنون بالأعلى ولم يسمعها من بالأسفل، وأخص بالذكر المواد الأساسية المحددة لشكل الدولة وماهيتها وهويتها والمواد الخاصة بمجال الحريات وحقوق الإنسان وهذا ما يعنيني بالأساس.
-بداية القصدية كفر كما يقولون، فالمادة الأولي تصر وبكل بجاحة ووقاحة على تظل مصر جزءاً من مجتمع متخلف رجعي بل ويجبرونها على الفخر بهذا الانتماء بزعمهم أن مصرَ جزء من الأمتين العربية والإسلامية وفي تجاهل تام لهوية مصر المصرية وإصرار وقح على إلحاقها بثقافة اشتهرت بالجهل والتخلف والعنصرية وبالدليل، مثل تلك المادة لا أذكر أني وجدت لها مثيلاُ في اي من دساتير العالم بمن فيهم الدول المتخلفة، لم أجد مثلا في دستور أي دولة أوروبية نصاً يؤكد أن الشعب الفرنسي جزء من الأمة الأوروبية والمسيحية.
_ المادة الثانية لن أخوض فيها كثيراً لأننا مللنا من خوضنا في هذا الأمر، فمثل تلك المادة هي السبب الحقيقي في معاناتنا، تلك المادة التي لم تكن موجودة في الدساتير المصرية بدءاً مما كان يسمى بمجلس المشورة في عهد محمد على عام 1829 ومرورا بدستور 1982 والذي كان يسمى باللائحة الأساسية، ودستور 1923 ودستور 1930 بل حتى أن دستور 1954 في عهد مجلس قيادة ثورة يوليو لم يشتمل على تلك المادة التي استحدثها علينا الرئيس المؤمن أنور السادات في خطوة منه لمكافحة الشيوعية والإلحاد، تماما كخطوة التصالح مع التيار الإسلامي، ومازلنا حتى الآن نعيش نعيش ملحمة من الأثار السلبية لهاتان الخطوتان وسنظل كذلك حتى تقضي مصر أمراً كان مفعولا.
-المادة الثالثة ينطبق عليها نفس الأمر وفيها تكريس للدولة الطائفية المنقسمة على نفسها والتي تخصص قوانيناً خاصة فقط وحصريا للمصريين المسيحيين واليهود.
_ المادة العاشرة تجعل من الدين قواما وأساساً للاسرة المصرية، اي دين تقصدون؟ الإسلام أم المسيحية أو اليهودية؟ ومن سخرية القدر أن هناك تنافر شديد بين بعض أصول تلك الديانات، فكيف تكون هي المقوم الاساسي للأسرة؟
-المادة 20 تجبر الطلاب والدارسين على تلقي الجهل والخرافة في جميع مراحل التعليم الأساسية والثانوية عبر إصراراها على تعليم الدين في المدارس، الدين الذي هو بالأساس أصل كل الشرور التي نعيش فيها وبين كل دين ودين تنافر وعداء.
- المادة 47 هي أم المواد الغريبة المتناقضة الكارهة لنفسها وهي كل الهزل والمهزلة ولو نطقت تلك المادة لشخرت شخرة عالية تدوى لها الأسماع ، ستجد في هذه المادة تناقضا عجيباً غريباً بين إقرار حرية العقيدة والاعتقاد وبين حصر تلك الحرية بين ديانات ثلاث دون غيرها، عن أي حرية عقيدة تتحدثون؟
أفيقوا أيها السادة إما المدنية الحق والتي لن تتحقق إلا عبر اعتناق العلمانية مذهبا للتعايش وإما لن تتقدموا خطوة للأمام وستظل مصر كما هي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ندّعي الحرية والتحرر وفي نفس الوقت نتبنى مباديء تكرس للعنصرية والفاشية الدينية، إما عاهرة أو شريفة، لا يمكن للعهر والشرف أن يجتمعا سوياً بأي حال من الأحوال.
#محمد_طه_النحاس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|