|
الإخوان و السلفيين وجهان لعملة واحدة
رايس حسان
الحوار المتمدن-العدد: 4193 - 2013 / 8 / 23 - 05:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن ظهور التيارات الإسلامية متعددة الأطياف ، كان وليد الدعوة إلى التحرر من أغلال المستعمر الذي جثم على مقدرات الأمة عقوداً من الزمن ووصولا إلى عصر النهضة الحديثة .... ففي مصر ظهرت (جماعة الإخوان المسلمين) على يد مرشدها "حسن البنا" سنة1929 م على شكل حركة ثورية ضد الإنجليز في عهد الملك فؤاد ، كما يتوجه بعض الدارسين إلى أن السبب الحقيقي وراء ظهور الحركة هو القضية الفلسطينية ،و ما أثاره اليهود بعد ظهور كتاب (بروتوكولات ) حكماء صهيون و ترجمته سنة 1922م. أما الحركة السلفية فقد ظهرت على يد "محمد بن عبد الوهاب التيمي" في صحراء نجد سنة 1735 م ، وكان ذلك بعد الإتفاق الذي وقع بينه و بين الملك "محمد بن سعود" عرف حينها باتفاقية الدرعية القائم على تقاسم الملك و نصرة (الدعوة السلفية) ولا عجب أن "محمد بن الوهاب" الذي يطلق عليه هؤلاء لقب "سيدنا المُجدد" وُلد ومات قبل أن تبدأ الجولة الحديثة من الصراع العربي الغربي ، بحملة "بــونابارت" فهو قد ولد سنة 1703 م و توُفي سنة 1792 م ، و نشأ خلالها في بيئة نجد العربية البدوية ، التي ظلت بمعزل عن التأثيرات الحضارية إلى حد كبير و التي استمرت (فقط) في الإمتداد لبساطة الحياة العربية البدوية القديمة ؟ ؟ فلم تهضم أو لم تعرف العلوم و الفنون التي أثمرتها احتكاكات العرب الأوائل بالأمم التي فتحوا بلادها ...و تقبلت ما وافق بساطة البادية ، و رفض ما نحو الفلسفة و جدل علماء الكلام وكالعادة إهمال العلوم العقلية إهمالا شديداً . ومهما اختلفت دواعي ظهور هاتين الحركتين إلا أن الجميع يرى أن الشريعة هي مرجعه و مصدره ، كما نصت عليه أغلب كتب القوم ، في حين يتبادر إلى ذهن غير المُطلع عليهما بل و حتى من أتباع الحركتين ، تباينا في الرُؤى و الأفكار ، لكن المتعمق فيهما يدرك أنهما وجهان لعملة واحدة من حيث (المنهج الدعوي، العقيدة ، التعصب ) إن محاولة الإخواني لإنكار مبادئ السلفية هو كمحاولة الرضيع إنكار أُمه ، فكما ذكرنا أعلاه ، و حسب المنهجية التاريخية و التقيد باإطار الزمني ، يبقى المرجع إسلاما واحداً ، و كل ما فعله الإخوان و اختلفوا فيه مع السلفيين ليس في الأصول و القواعد ، بل في المنهج الدعوي ووسائلــه : فالإخوان و من سار في دربهم يرى أن له الحق في الدعوة في المسجد و في قبة البرلمان و أن لا مانع أيضاً من المداهنة مع غير المسلم و الظهور بالزي الغربي و التركيز على الساسة و الإعلاميين و المثقفين و أصحاب رؤوس الأموال و قضاء المصالح ، وتلميع الصورة في أغلب الأحيان من أجل مآرب أخرى ، و في أيامنا هذه لا تكاد تخلو منهم دولة ، وفي هذا السِجال الفكري يرى الباحثون في علم الإجتماع أنه لا فرق بينهما طالما هناك (تأثير من السلطة الدينية على السلطة السياسية ) و المنشأ واحد : فالحركة السلفية ظهرت على أنقاض الدولة العثمانية الممثة بــ" محمد علي باشا" في مصر و المدعوم من قِبل الأزهريين ، و الذين أصبحوا فيما بعد قادة للإخوان ، ولعل أهم ما قدمته الحركة في مجال الأدب الشاعر و الناقد "سيد قطب" وهو إله التكفير بلا منازع ؟ أما عن الحالة المصرية فقد تراجع الشعب المصري عن تأييده للإسلام السياسي الممثل بهؤلاء ، و لم يسمحوا للإخوان كأقلية بالإبتعاد بالثورة عن أهدافها و غاياتها ، خاصة و أنهم لم يقرأوا الثورة جيداً و جاء منهم : 1- عدم الإلتزام بطروحات ما كانت تقدمه الجماعة زمن المعارضة ، حيث جاءت مواقفها ومشاريعها وهي في قمة السلطة دون مستوى ما كانت عليه في مرحلة النضال 2- الجماعة و قعت أسيرة التفكير في كونها أغلبية برلمانية و بالتالي عمقت بعض المخاوف لدى الشارع المصري في التمادي بمشاريع الأسلمة و عدم الحفاظ على التنوع و المشاركة كضرورة تفرضها تركيبة المجتمع المصري 3- عدم طمأنة الشارع المصري بمستقبل مشرق للحياة المدنية بل و إثارة مخاوفه من ممارسات لم تكن معروفة من قبل ، كالإعتداء على الحريات كما في حادثة (قتل الشيخ شحاتة و جماعته) بجريمة التشيع خِلافاً لما عرف عن الشعب المصري من اعتدال ووسطية و قبول التنوع 4- أخطاء مرسي و التي اعترف بها شخصيا حتى آخر خطاب له ( الإعلان الدستوري المكمل، جعل القرارات الرئاسية غير قابلة للطعن ....) 5- عدم إبدائه المرونة في التعاطي مع الفوران الجماهيري و تمسكه بالشرعية في مجتمع حديث العهد بهكذا شرعيات ،خاصة و أن الديمقراطية لا تقتصر على مفهوم أغلبية الصندوق ، و هو الذي قال أنه تحت إرادة الشعب و سوف يغادر متى أراد الشعب ذلك 6- قطع العلاقات مع سوريا و المساهمة في عقد مؤتمر لإعلان الجهاد ، و الذي أطلق من خلاله مصطلح النظام الرافضي ؟ 7- سوء إدارة الأزمات (سد إثيوبيا نموذجاً) و المواقف غير المدروسة بالتهديدات التي أطلقها ضد أثيوبيا فيما لو راحت بتنفيذ مشروع السد هذا فقط ما تم التركيز عليه من أخطاء ساهمت بتراكمها المتسارع في التعجيل بإنهاء حكم الإخوان و الذي لا شك يُعد ضربة قاضية للإسلام السياسي في المنطقة .
#رايس_حسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
-
مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط
...
-
وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|