|
خواطرُ على هامش الدماء
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4195 - 2013 / 8 / 25 - 10:52
المحور:
المجتمع المدني
أكتبُ إليكم عصرَ يوم صعبٍ عصيب عسِر، 14 أغسطس 2013، حيث تجري الآن عملياتُ فضّ اعتصاميْ النهضة ورابعة العدوية المسلّحين. وكم تمنيتُ وناديتُ بأن يتم الفضُّ سياسيًّا، وسلميًّا، بأن يستجيب الإخوان لأيٍّ من مبادرات المصالحة التي سيقَت إليهم. وإلى صوت الأزهر الشريف يناديهم بالانضمام لصفوف الوطن. لكن الشيطان أبَى أن يكون للخير والجمال والمحبة آذانٌ تُنصت. الأحداثُ مُرّة ورائحة الدماء تحاصر أنفي وتوجعُ قلبي دون تمييز هوية صاحب الدماء. فالدماءُ جميعُها غالية، والروح من أمر الله ومعجزته الخاصة. الحال مرتبكة. نسمع الشيء وعكسه في الدقيقة ذاتها. قناة الجزيرة الكذوب تزعم أن هناك آلاف القتلى، ثم تأتي تصريحات الحكومة فتنفي هذا وتؤكد أنهم عشرات. والحق أنني أتساءل: كيف تجنّد الجزيرةُ مراسليها من مصر ليهاجموا وطنهم على هذا النحو المخجل؟! هل للمال سطوةٌ إلى هذا الحد حتى يخونَ المرءُ بلده؟ وتتوالى التصريحات المتضاربة ولا يقين هنالك إلا دماء المصريين ورائحة الإرهاب وحرق مصر على يد جماعة أخفقت في حب الوطن، مثلما أخفقت في حب الله وخشيته. ولكل ما سبق، سيكون كلامي هنا خواطرَ متشعّبةً وتساؤلاتٍ حائرةً، أكثر منها مقالا يدور حول فكرة واحدة. بدايةً أُحمّلُ المرشدَ محمد بديع، ومحمد البلتاجي، وصفوت حجازي، وعصام العريان، والحداد؛ الأب والابن، وخيرت الشاطر، ومحمود عزت، والمعزول المرسي العياط، ورفقاءهم وزر تلك الدماء التي أُريقت بسببهم، سواء من جانب جنودنا البواسل في الشرطة والجيش، أو من جانب الأبرياء المضلَّلين الذين خرجوا يعتصمون ويحملون السلاح في وجه مصر(!)، من أجل جاسوس يشتهي كرسي الحكم، وهو ليس أهلاً له. كل الدماء في عنق تلك الجماعة الفاشية المضلِّلة التي أوهمت البسطاءَ السذّج أنهم ينصرون الإسلام، وما الإسلامُ بحاجة إلى نُصرة أحد، فضلا عن أن يطلب النصرة من كذبة عملاء لأمريكا وبني صهيون، لم يحبوا مصر وعملوا على تفتيتها وبيعها بالقطعة للسودان وقطر وغزة من أجل رعاية مصالح أمريكا العنصرية في الشرق الأوسط. وكان -;---;--هدف قواتنا الشرطية والمسلحة هو فضّ الاعتصام بأقل دماء ممكنة.-;---;-- بينما كان -;---;--هدف الإخوان هو الزج بالبسطاء والفقراء والنساء والأطفال من أجل سقوط أكبر عدد من الجثامين، ثم المتاجرة بها أمام شاشات الغرب.-;---;-- خرج البلتاجي على قناة الجزيرة القطرية يقول: "ابنتي قُتلت". فكتبتُ له عزاءً متسائلا: "يا بلتاجي، أحسنَ اللهُ عزاءك في موت ابنتك. وأسألك: هل يستحق مرسي دمَ ابنتك؟ ودماءَ كل الأبرياء التي أُريقت اليوم، هل يستحق الكرسي نقطة دم منها؟" ثم جاء تكذيبٌ للخبر، فعرفنا أن السيد الإخوانجي يتاجر بدم ابنته مثلما تاجر بدم الأبرياء الذين صدقوه! والكلام ذاته أُشيع عن "حفصة" ابنة خيرت الشاطر وزوجها، ثم تم نفي خبر مقتلهما. وعند الله تستقرُ الحقائق. ومنذ بدأ فضُّ الاعتصامين حتى بدأ أنصار المعزول في حرق مصر كما توعّدوا وهدّدوا. قتْلُ مدنيين وترويعُ آمنين في مساكنهم واقتحامُ سجون وحرقُ مؤسسات وكنائس. و-;---;--الفتنة الطائفية هي الكارت الأخير في يد الإخوان، لهذا يحرقون الكنائس، لكي يعود المسلمون والمسيحيون للشقاق والفرقة بعد توحدهم، لكن الظهير الشعبي تصدى لهم وأحاط المسلمون الكنائسَ بأجسادهم، مثلما أحاط المسيحيون أشقاءهم المسلمين في ميادين مصر لحمايتهم لحظة الصلاة. يزعم الإخوان أنهم لا يتظاهرون من أجل مرسي بل من أجل الشرعية. وهنا أسألهم: لو كانت الصناديق المزعومة قد جاءت- جدلاً- بالفريق شفيق أو بأي مرشح آخر، وحدث أن خرج الشعبُ ضده وأسقطناه كما أسقطنا مرسي، هل كان الإخوان سيخرجون ليطالبوا بعودة "الشرعية" المزعومة كما يفعلون الآن؟ الإجابة معروفة. إنما هي شهوة السلطان وحلم السيادة الذي لم يبرحهم منذ ثمانين عامًا، ومن أجله ارتكبوا كل شرور البشرية من تآمرات وكذب واغتيالات وبيع ضمير وارتزاق بكلام الله وخيانة عهود وخيانة وطن. -;---;--متى يدرك الإخوان أن معركتهم ليست مع الجيش ولا الشرطة ولا حتى دولة مصر، بل معركتهم مع الشعب المصري كاملا؟ فهل تُهزم الشعوب؟ الآن تذيع وكالاتُ الأنباء خبر استقالة د. محمد البرادعي! يا إلهي! الآن؟ أستأذنكم لحظة حتى أفيق من الصدمة، فأنا من أكثر مَن أحبوا البرادعي وراهنوا عليه للنهوض بمصر! وقلتُ له: "أنت حرٌّ في قرارك، لكن توقيت الاستقالة يضع علامة استفهام إضافية تسبّب لي حيرة شديدة. خذلان جديد للشعب المصري يا دكتور. خسارة".-;---;-- هل يمكن المفاضلة بين مصر، وبين أي شيء في الوجود؟! فهل تجوز المفاضلةُ بين مصر العزيزة، وبين جماعة إرهابية تحرق مصر الآن بعدما أرهقتها عامين ومزقت نسيجها وأهانتها أمام العالم وكانت تخطط لجعلها إمارة تابعة لدولة قزمة، لا تكاد تبين على الخريطة؟ علامَ كان رهانك يا دكتور برادعي؟ هل كان لديك أملٌ في أن يتعلم اللا وطنيّ الوطنيةَ بعد شَيبٍ؟ هل راهنتَ أن ينصلح حالُ إرهابيين لا يجيدون سوى القتل والمتاجرة باسم الله؟! خاب رهانُك عليهم، مثلما خاب رهاني عليك! أرجو أن تقراوا خواطري هذي، ومصرُ في أمان كما وعد اللهُ في كتابه العزيز.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسلمو أمريكا وأقباط مصر
-
الأطفال والصوفة والأقباط، كروت الإخوان
-
أسود صفحة في كتاب التاريخ
-
أم أيمن، وأم الشهيد
-
هل أنت إرهابيّ؟
-
دستور جديد وإلا بلاش |
-
فساتين زمان
-
رسائل إلى معتصمي رابعة
-
مرسي وميمو... وفؤاد المهندس
-
المسلسل الهندي-;-: -;-الاتجار بالأديان في شريع
...
-
كلاكيت تاني مرة/ بالمرح والإبداع، المصريون يُسقطون النظام
-
دمُ المصريّ، الرخيص!!
-
حبّة تمر، وصليب أزرق
-
مقال الذي مُنع من النشر في عهد مرسي
-
عصام العريان، وحكايا عالم سمسم
-
الفريق السيسي، صانع الفرح
-
عزيزي مقهى إيليت
-
يعقوب، وطفل يحمل الكفن
-
مفتاح الحياة، يا مصرييييييين!
-
إيد واحدة
المزيد.....
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
-
ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها
...
-
العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|