|
دوافع وحاجات (مشاهدات من العراق)
جواد الديوان
الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 15:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حاول علماء النفس دراسة العلاقة بين الحاجات وسلوك الانسان باشكال عديدة، ومنها هرم ماسلو يوضحها بشكل مبسط. ففي اسفل الهرم الحاجات الفيزيائية متمثلة في الفسيولوجية (طعام وشراب وغيرها) والامن والامان (تجنب الهجمات والامراض الفتاكة وخسارة العمل وغيرها)، ثم الحاجات العاطفية في الحب والانتماء (الفرد جزء من مجموعة) والكرامة (احترام النفس "السيطرة والانجاز والمهارة" واحترام الاخرين له "الجوائز والتكريم والتشريف"). واخيرا قمة الهرم في تحقيق الذات، ويصله الانسان بعد تخليه عن القسوة نهائيا ولا يكون سببا في الالام الاخرين، ويشجع المواهب لدى الغير، ويقوم باعمال تستحق العناء والتمتع بتحمل المسؤوليات، ويفضل قناعة النفس ويبحث عن الحقيقة وان يكون عادلا. ويؤكد ماسلو بان قلة من الناس وصلوا لقمة الهرم ومنهم ابراهام لنكولن (الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الامريكية، وصاحب قرار الغاء الرق في 1865) وتوماس جيفرسون (ثالث رئيس للولايات المتحدة الامريكية وكاتب الورقة التي حملت اعلان الاستقلال الامريكي) وفرانكلين روزفلت (تم انتخابه اربعة مرات متتالية وله انجازات اقتصادية مهمة عوضا عن دوره في النصر في الحرب العالمية الثانية) وغاندي (الزعيم الهندي المشهور) واينشتاين (عالم الفيزياء المشهور). ولا مصلحة شخصية لماسلو في الاشارة الى الرؤوساء السابقين للولايات المتحدة الامريكية، ولكنه اشار الى انجازات لم تكن لتكرس سلطة شخصية وقائد ضرورة او مال لشخصه وعائلته او بناء مجد شخصي، ولكنها انجازات للامة. ومن المؤكد انها تختلف عن زج الشعوب في حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، ولم تحقق انجازات بعيدة الامد، بل خلفت اسماء مثل بطل الامة وبطل التحرير وقائد مجاهد ومحرر القدس وهكذا. تعثر العراقي في تحقيق حاجاته، وفقد الجزء الاكبر من قاعدة هرم ماسلو ابان الحصار وحروب المقبور الضرورة. ومن يراجع تقارير المنظمات العالمية والبحوث العلمية، يلاحظ تزايد وفيات الاطفال الرضع وما دون الخامسة من العمر، وتزايد الولادات بوزن ناقص وكذلك الخدج وانتشار سوء التغذية. كما لم يستطع العراقي ان يطمئن على نفسه وعائلته وهو محاصر من الامن وازلام النظام والتقارير الحزبية وقوانيين تنص على الاعدام (اقلها اعدام) ولا زالت الروايات في مجتمعنا. وفي السنوات التي تلت 2003 انتشر العنف، واندلعت حرب اهلية، ففقد العراقي الامن والامان مرة اخرى، اضافة الى اشكاليات الحاجات الفسيولوجية الاخرى. ومن لم يشبع الحاجات الادنى جزئيا او كليا لن يفلح باشباع حاجاته الاعلى. وهكذا اصبح من السهل حمل السلاح لاشباع حاجة الامن والامان، واسترزق الناس من الفدية والخطف والسرقة، ووسيلتهم سلاح مقاومة فكانت عصابات مسلحة وجيوش باسماء تاريخية لتقديسها واعمالها. وتاثرت الحاجات العاطفية سلبا فكان الانتماء الديني والمذهبي الاطار الواسع الذي يجمع الانتماء العشائري والحزبي، بل الانتماء والحب والتعاطف ضمن الطائفة الواحدة اكبر منه بين الطوائف، ولذلك جوامع محددة لهؤلاء ورجال دين لاولئك وهكذا. ولم يشهد العراق احزابا عابرة للطوائف، الا في النصف الاول من القرن الماضي. وكان البعث مؤسسة امنية لا حزبا. وتكاثر شيوخ العشائر فتحدد الانتماء باصغر الوحدات الاجتماعية بعد العائلة، فحصل عدد اكبر على المحبة والاحترام والتقدير. وهكذا يبحث العراقي عن الانتماء والحب باشكال عدة. والنوادي في العراق محدودة العدد لم تستوعب طلبات الانتماء، ولم يتم تنظيم فتح نوادي جديدة، فالاتجاه العام بالضد من النوادي وهاجمتها القوات الامنية، ربما لتحقيق نجاح ما بعد فشلهم امام الارهاب. شاعت الشهادات المزورة، ودافعوا عنها في الاعلام، ولم يتخذ في ذلك اجراءات حاسمة، وشغل اصحابها المناصب العليا، وباعتقادهم ان الادارة توقيع فقط! وربما ساهم بعض حملة الشهادات الحقيقية في ذلك للاسف الشديد. وضاعت فرص التنافس الصحيح في المدارس والكليات والدوائر ليتبعه ضياع الاعتبارات الاجتماعية. وتم تعديل شروط القبول في الدراسات العليا من اجل نائب او مسؤول. ومرة اخرى يفقد العراقي فرصة اشباع احترام النفس واحترام الغير لها. ان العثرات في كل مراحل هرم ماسلو لا تبشر بامكانية العمل من اجل تحقيق الذات. والاخيرة تتحقق بالصدق والالتزام بالاصالة والطيبة والجمال والانسجام والحيوية والتفرد بالانجاز والاتقان والابداع واكتمال الاعمال والعدل والتنظيم والبساطة والغنى، ويكون الشخص هادفا في الحياة. ربما اهمل العرب (العراقيون) العمل من اجل الانجاز والابداع ومنذ فترةطويلة. وفي السبعينات عاش العراق ببحبوحة اقتصادية حين تزايدت واردات النفط، تابعوا وانشغلوا بملاكم امريكي، وساهم رجال الدين بالدعوات لنصرته في مبارياته. ياسف الجواهري معبرا يا سالبا بجماع راحته اغنى الغنى واعز مسلوب ما الشعر؟ ما الاداب؟ ما بدع للفكر؟ ما ومضات اسلوب؟ شسع لنعلك كل قافية دوت بتشريق وتغريب
#جواد_الديوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذيان سياسي
-
الجلبي يكرم الاول على الرياضيات – كلية العلوم في جامعة بغداد
-
شخصية رحامية (افكار خاصة)
-
ثقافة العنف: نظرة خاصة
-
لو يسعى التيار الديمقراطي من اجل كتلة سياسية
-
ملاحظات حول مستقبل العراق
-
تغيرات في اليات التعليم الطبي
-
نائب
-
شخصية نرجسية (ملاحظات خاصة صدام حسين)
-
نموذج ام عراقية (والدتي)
-
ادوار سياسية
-
الاكاديمي والعمل السياسي في العراق
-
غضب الاطفال
-
اغنية خي خي وذكريات خاصة
-
العراق بحاجة لتحالف القوى الديمقراطية
-
ترقية علمية 1 - 2
-
نحو تحالف للقوى الديمقراطية في العراق مرة اخرى
-
احتفالية اليوم العالمي للفتاة في بغداد
-
حلم تحالف القوى الديمقراطية في العراق
-
نحو تحالف ديمقراطي في العراق
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|