أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - العراق ومشكلاته الثلاث!















المزيد.....

العراق ومشكلاته الثلاث!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1199 - 2005 / 5 / 16 - 11:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما كان الحديث يجري عن النظام الاستبدادي السابق, كان يشار إلى واحدة من أبرز سماته السلبية الكبرى, ألا وهي تفاقم الفساد العام والفجوة المتسعة في دخل العائلات السنوية مصحوباً بإرهاب شنيع من جانب الدولة ضد المجتمع بهدف الحفاظ على النظام وعلى السمات التي كانت تميزه. وخلال السنوات الأخيرة من عمر النظام حصل انفلات في الأمن الاقتصادي حيث بدأت الجماهير تعاني من السرقة وقطاع الطرق وامتلأت السجون بالمجرمين الصغار, في حين كانت الدولة أكبر مجرم يعيث في البلاد فسادا. وكان على رأس هؤلاء الطاغية صدام حسين. وكانت معاناة المجتمع كبيرة من كل ذلك وكان ينتظر الخلاص بأي شكل كان.
سقط النظام العنصري في العراق بالحرب الخارجية بعد أن عجز الشعب وقواه السياسية عن إسقاطه, رغم أن النظام كان جاهزاً للسقوط تحت ثقل أوزاره. وترك المستبد بأمره صدام حسين للمجتمع تركة ثقيلة, ترك له كل أمراض وعلل نظامه المتعفن, التي عجز الناس عن تحملها بسبب ثقلها الشديد على أنفاس وحياة ومستقبل الناس.
تمنى كل الناس البسطاء بصدق تام وتوقعوا أن ينتهي كل ذلك مع سقوط النظام. وإذا بهم يواجهون البعض من قوى المعارضة السابقة ممن كان جائعاً للسلطة والنفوذ والجاه والمال, وسعى ليحل محل النظام السابق في نهب الدولة وسرقة البلاد والاغتناء على حساب الناس وخزينة الدولة والمجتمع, ويفتح له الجديد من الحسابات في بنوك الأردن وبريطانيا وبقية الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وحصلت مشاركة بين القديم والجديد من آكلي السحت الحرام, من سارقي لقمة عيش الشعب, سواء أكانوا من العراقيين أم من الأجانب الذين وجدوا في العراق فرصة للاغتناء, كما حصل في برنامج "النفط مقابل الغذاء" وما بعده.
عندما بدأتُ أتحدث مع الناس, مع عدد كبير من الناس من أوساط المثقفين والمتعلمين والمسؤولين والكسبة والحرفيين والطلبة وأصحاب المخازن, والكثير من الأصدقاء الطيبين, في الجولة الكثيفة التي قمت بها إلى العراق, شعرت بأن الناس راحت توجه أصابع الاتهام إلى الدولة كلها, إلى مؤسساتها والكثير من رجالها وتضع النقاط على الحروف وتمتلك من المعلومات ما يشيب له الرأس ويبعث على التقزز. أعرف بأن هناك من هو نظيف وأمين للمجتمع في مختلف أجهزة الدولة, ولكن المشكلة تكمن في كون الفساد قد تحول إلى نظام مؤسس ومتكامل ومتعدد الأوجه ليس الآن بل في ظل النظام السابق ولا يزال سائداً حتى الآن وسيبقى لفترة غير قصيرة كما يبدو لمن يدرك العمق والسعة التي انتشر فيها الفساد المالي والإداري في الدولة والمجتمع.
ومن حق الكثير من المناضلين, الذين ناضلوا طوال نصف قرن أو أكثر, أن يتساءلوا: لِمَ ناضل هؤلاء الناس طيلة السنوات المنصرمة؟ هل من أجل أن يملأ البعض الكثير من هؤلاء جيوبهم بالنقود ويشيدوا القصور الفخمة ويمارسوا الخيانة الفعلية للشعب والوطن ويتركوا غالبية السكان تعيش في الفقر والفاقة, أم أنهم ناضلوا من أجل هذا الشعب بكل مكوناته القومية والدينية والمذهبية والفكرية والسياسية؟ هل ناضلوا من أجل الحصول على وظيفة عبر واسطة معينة, وبدونها يستحيل عليه الحصول على عمل أو وظيفة حكومية في داخل البلاد أو خارجه؟
لقد كان السياسي العراقي المعروف في العهد الملكي علي جودت الأيوبي يقول ما مضمونه أن العراق أصبح كالسفينة التي تشتعل فيها النيران, وعلى من فيها أن يأخذ ما يمكن أخذه منها ويغادر السفينة قبل انحدارها إلى قاع البحر أو احتراقه معها!
هل نحن نسير إلى هذا المنحدر, أم علينا جميعاُ المشاركة الفعلية في إطفاء الحرائق التي أشعلها النظام السابق في البيت العراقي ويحاول البعض ممارسة وجهة نظر علي جودت الأيوبي في العراق.
بدلاً من تحويل قصور صدام حسين وأقاربه ووزرائه إلى مراكز للثقافة والفنون والمتاحف وما إلى ذلك, أصبحت بيوتاً خاصة لبعض أو كل الوزراء وللكثير من المسؤولين لمدة 25 عاماً وبأجور زهيدة, مع راتب تقاعدي يؤمن عيشاً رغيداً في عراق اليوم.
علينا أن ندرك بأن الفساد شكل قاعدة أساسية لإرهاب النظام المخلوع من جهة, وللإرهارب الذي تمارسة قوى الإرهاب المنفلتة من عقالها في العراق من جهة ثانية. ولذلك فنحن أمام مكافحة الظاهرتين في آن واحد, بسبب الترابط العضوي والتشابك بين الظاهرتين الخطرتين.
ولكن الفساد الوظيفي والإرهاب يرتبطان بظاهرة أخرى هي البؤس الذي يلف نسبة عالية من سكان العراق. ورغم استطلاع الرأي الأخير الذي يشير إلى وجود 25% من سكان العراق يعانون من حالة الفقر, فأن الواقع يتجاوز ذلك بكثير ويصل إلى أكثر من 50% من السكان. كما أن التوزيع غير العادل للثروة في المجتمع وطريقة استثمار الموارد المالية المتأتية من النفط الخام وضعف تأثيرها على حياة الناس هي الأخرى تدفع بعدد غير قليل من الناس باتجاهين, وهما: الفساد الوظيفي والاجتماعي من جهة, والانخراط في العمليات الإرهابية من جهة أخرى, للحصول على مصدر رزق إضافي يوفر له ما يريده. وهي ظاهرة سلبية وخطرة ولكنها لا تقاوم بالحديث عن الأخلاق والمثل, بل بانتهاج سياسة أخرى تكافح الظواهر الثلاث في آن واحد, ظاهرة الفقر والتوزيع غير العادل للثروة والإرهاب. إنه الثلاثي الذي يستوجب العمل الجاد سياسياً وليس عسكرياً فقط. إن لجنة النزاهة لا يمكنها أنت تعمل الكثير في مجتمع يفرخ يومياً ويعيد إنتاج عدم النزاهة لأسباب موضوعية وذاتية في آن.
أيها السادة الوزراء, أيها المسؤولون في كل أنحاء العراق, أنتم أمام مسؤولية كبيرة تمس مصالح الشعب ومستقبله, وعيون الشعب مفتوحة عليكم قبل غيركم, وتنظر إليكم بصرامة وتصلها أعمالكم الإيجابية والسلبية, عيوبكم وحسناتكم. الشعب كما يقول المثل العراقي بصواب "مفتح باللبن", ويتمنى المجتمع, ولن يرحم الشعب أبداً في أحكامه, ويأمل أن يكون السادة المسؤولون قدوة للآخرين بالحسنات وليس بالسيئات. وعلى كل منا أن لا يسكت عن السوءات والأعمال الشريرة, فالساكت عن الحق شيطان أخرس!
أتمنى للحكومة الجديدة, رغم أنها ليست حكومة وحدة وطنية, كل الموفقية والنجاح في أداء مهماتها الكبيرة رغم قصر الفترة المتبقية, كما أتمنى أن ينتهي الأخوة في كردستان العراق من تجاوز المشكلات القائمة والبدء بعقد اجتماعات البرلمان وانتخاب هيئاته وتشكيل الحكومة الفيدرالية الكردستانية الموحدة أيضاً, إذ أن الأيام تمر أيضاً والناس تتساءل: لِمَ هذا التأخير غير المبرر والمضر بوحدة كردستان وتطلعات الشعب فيها, وأتمنى أن تكون الحكومتان عند حسن المجتمع العراقي. فالمهمات كبيرة وثقيلة والوقت ليس في صالح العراق.
أتمنى أن تعمل الحكومتان المركزية والفيدرالية, سواء تلك التي شكلت على نطاق العراق, أم التي نأمل أن تشكل بسرعة في كردستان العراق, بشفافية عالية ومجاهرة وصراحة تامة, فبدون هذه المبادئ وقواعد العمل النزيه ستزداد عدم ثقة الناس وتتسع الفجوة بين القيادات السياسية والمجتمع وخاصة الكادحين والفقراء منهم, وهم يشكلون الغالبية العظمى من المجتمع.
وعلينا أخيراً أن لا ننسى بأن كردستان العراق تشكل اليوم ضمانة كبيرة لتحقيق الديمقراطية في العراق وتجاوز محاولات فرض حكومة ونظام ديني متخلف على المجتمع, كما أن الديمقراطية في العراق ضمانة أكيدة لتطور فيدرالية كردستان وتحقيق السعادة للجميع. ومن هنا تنشأ بأن نجاحات كردستان العراق هي نجاحات لكل العراق ومكافحته للظواهر الثلاث مساهمة في مكافحة ذلك على صعيد العراق كله.
14/5/2005 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة محاولة للاستجابة إلى استغاثة الكاتبة المصرية ال ...
- دعوة عاجلة إلى القوى الوطنية والديمقراطية في سوريا والعالم ا ...
- هل من جديد في اتحادية كردستان العراق وفي حياة الشعب الكردي؟ ...
- رسالة احترام واعتزاز إلى الأخ الأستاذ هاشم الشبلي
- هل من جديد في اتحادية كردستان العراق وفي حياة الشعب الكردي؟ ...
- يا سيدي السيستاني: هل يكفي أن ترفضوا نشر وتعليق صوركم, أم يف ...
- من هم وقود قوى الإرهاب في العراق وكيف نواجههم؟
- هل يسمح المجتمع باستمرار -نظام الفساد الوظيفي- سائداً في الد ...
- جولة في المشهد الإرهابي العراقي الراهن!
- ! لنجعل من مشروع الجامعة المفتوحة في الدانمرك أحد مناهل العل ...
- هل يمكن استشراف مستقبل العراق الديمقراطي في ضوء منجزات فترة ...
- هل تعمي الكراهية الشوفينية البصر والبصيرة؟
- هل هناك من مقاومة مسلحة شريفة في العراق؟
- هل التأخير في تشكيل الحكومة وخلافها مبرر أم غير مبرر؟
- هل تحاول بعض قوى الإسلام السياسي فرض ولاية الفقه ووليها على ...
- رسالة مفتوحة إلى الأخ الفاضل الأستاذ صلاح بدر الدين
- ما هي المهمات التي يناضل من أجلها التجمع العربي لنصرة القضية ...
- إلى الشعب الكردي في كردستان العراق وإلى الأمة الكردية في كرد ...
- الجامعة العربية ورياح التغيير العاصفة!
- ما النهج الذي تمارسه قناة الفيحاء بشأن أحداث البصرة؟


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - العراق ومشكلاته الثلاث!