|
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح التعليم المصرى
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4190 - 2013 / 8 / 20 - 20:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا : 1 ـ التعليم هو صناعة الانسان . يولد كل فرد من البشر صفحة بيضاء ، ثم تتم صياغتها بما يتعلمه الطفل من الأسرة والمدرسة والمجتمع ، ويمارس إختيارته بالرفض والقبول ليصبح فيما بعد مجرما ، ارهابيا ، مسالما ، مستقيما ، متفاعلا ، سلبيا ، الخ ... وفى كل الأحوال تلعب المدرسة دورا أكبر فى تنشئة الفرد فى أخطر مراحل العمر ، من الحضانة الى التعليم الثانوى . 2 ـ والتعليم نوعان : تعليم معرفى حقيقى ، وتعليم للجهل والخرافة . التعليم المعرفى الحقيقى هو السائد فى الغرب ، وهو سائد جُزئيا فى التعليم المصرى فى المواد العلمية ( الرياضيات ، العلوم الطبيعية ، الجغرافيا والفلسفة ..). تعليم الجهل والخرافة هو الأغلب فى مادة التربية الدينية ، وما يتصل بها فى مواد القراءة والتاريخ ، حيث تأتى موضوعات دينية للقراءة واللغة العربية ، وحيث يتم فى التاريخ تجاهل الحقبة القبطية المصرية ، بينما يتم تدريس التاريخ ( الاسلامى ) بصورة مغلوطة ، تُسهم فى نشر الجهل وتغييب العقل . 3 ـ الخطورة فى تعليم الجهل أنه خاضع لدين أرضى مسيطر سائد كالتشيع فى ايران والسُنة فى مصر . ولارتباطه بالدين والاعتقاد فهو يبدأ وينتهى بنفى العقل وتأكيد الانصياع والتسليم وتحريم النقاش والنقد ، ويستلزم هذا سيادة منهج التلقين والحفظ فى التعامل مع التلاميذ . وفى النهاية يتخرج الطالب وقد أصبح يحمل شهادة علمية يزداد بها جهلا ، ويتخصص بها فى نشر الجهل ، ويتمسك بجهله لأنه يحسبه دينا . وهذا الجاهل الذى يحمل شهادة علمية ( حتى لو كانت دكتوراه ) يتفوّق عليه فلّاح أُمّى لا يقرأ ولا يكتب ، إذا كان هذا الفلاح الأمّى يستعمل عقله . وفى حياتى عرفت من لا يعرف القراءة والكتابة ، ومعلوماته عن الاسلام بضع آيات من القرآن ، ولكنه ذو عقل يقظ لمّاح ، لا يستسيغ ما يسمع من شيوخ التليفزيون والمساجد ، ويستشهد عليهم ببعض القليل من الآيات التى يعرفها . وكنت أتخيل لو أن أولئك الناس أخذوا حظّهم من العلم الصحيح ، فماذا سيكون وضع مصر ؟ 4 ـ لذا فإن الخطورة العظمى فى تعليم الجهل أن الدولة تنفق البلايين ليتخرج الملايين من الجهلاء فى الأزهر وفى التعليم العام ، متأثرين بمناهج التعليم فى الأزهر وفى مادة التربية الدينية وملحقاتها فى التعليم العام ، وبتأثير مماثل من المساجد والاعلام والقنوات التليفزيونية وبرامجها الدينية ومساسلاتها التاريخية . وفى النهاية ، وبعد عمل شاق إستغرق أربعين عاما تقف مصر على حافة حرب أهلية ، وتشهد مصر لأول مرة فى تاريخها التليد العتيد مئات الالوف من الشباب الاخوانى والسلفى الوهابى يستبيحون دماء إخوانهم المصريين لا فارق بين مسلم سنى أو شيعى ، ولا بين مسلم أو مسيحى ، فقد إعتبروا مصر وطنهم ( دار حرب ) واعتتبروا أخوانهم المصريين أعداءا يجب قتلهم ، والسبب بسيط هو كما قلت من قبل فى عنوان عن ثقافة الاخوان ( إما أن نحكمكم وإما أن نقتلكم ).!. سُخرية مريرة مُفجعة ، أن تنفق مصر مئات البلايين من الجنيهات خلال أربعين عاما على الأزهر والتعليم ، كى تنشر الجهل وثقافة الارهاب والتطرف والتعصب وثقافة القتل دفاعا عن الخرافات الدينية ولفرضها على المجتمع عنوة . جهادنا فى إصلاح التعليم المصرى 1 ـ ولقد نشرت مقالا فى التسعينيات فى روز اليوسف أطالب فيه باصلاح التعليم فى مادة التربية الدينية بالذات ، وتشجع د سعد الدين ابراهيم فأسسس فى مركز ابن خلدون مشروعا لاصلاح التعليم المصرى بمنحة اروبية ، وقدمت فيه دراسة نقدية لمناهج التربية الدينية فى التعليم المصرى ، وقدمت مناهج مقترحة للتربية الدينية فى المراحل الثلاث : الابتدائى والاعدادى والثانوى ، كما كتبت لهم سيناريو درامى عن التسامح المصرى فى العصر العباسى ، وسيناريو آخر تسجيلى وثائقى عن مشاركة المصريين فى مولد السيدة العذراء فى كنيسة مسطرد بالقليوبية . وتم انتاجهما وعرضهما على كبار المثقفين المصريين فانبهروا بهما . وأسهم زملاء تربيون فى تقديم مقترحات فى مواد التاريخ والقراءة . ونوقشت هذه المقترحات علنا فى مؤتمرات حضرها تربيون وأساتذة جامعات ومفكرون وسياسيون وصحفيون ، وبعثنا بها الى الأزهر والكنيسة ومجلس الشعب والرئاسة ، ووزارة التربية والتعليم ودور الاعلام نطلب العرض والنقاش لننبّه على أهمية إصلاح التعليم المصرى . وكانت النتيجة هجوما عارما من الرئاسة ومجلس الوزراء ومجلس الشعب والصحافة الدينية والحزبية والمستقلة قاده الاخوان والسلفيون وخلاياهم النائمة فى تلك المؤسسات . ولكن هذا لم يمنع مركز ابن خلدون من تطوير المشروع بعقد جلسات تطبيقية فى اجازة منتصف العام ( 1999 ) حيث تم طرح المناهج على مدرسين فى التعليم المصرى للنقاش ، ثم قام أولئك المدرسون بتجربة تطبيقية فى تدريسه لبعض مجموعات من الطلبة من مراحل التعليم الابتدائى والاعدادى والثانوى . وفى النهاية هدأ هجوم الصحف ، وبعض من تسرّع بالهجوم بدأ يتراجع ، ويتفهّم ، بل وبعضهم أخذ يدافع عن المشروع مستدلا بما جاء فى الكتب المقترحة. 2 ـ ولكن لم ينس مبارك هذا ، خصوصا وقد إقترن مشروع إصلاح التعليم بمشروع آخر لا يقل خطورة ، وهو ( تعليم المصريين حقوقهم السياسية والانتخابية ) ، وقد سار هذا المشروع على نفس خطى مشروع التعليم فى العلنية والخروج من بين جدران مركز ابن خلدون للتفاعل المباشر مع الناس ، تحديا لجهاز أمن الدولة . لذا فإن مشروع ( تعليم المصريين حقوقهم السياسية والانتخابية ) كان يعقد مؤتمرات علنية مع الناس فى القرى والمدن والمدارس ونوادى الشباب ، مع ملاحقة مستمرة من أمن الدولة لارهابنا وارهاب الناس ، ومع ذلك لم نتوقف وكان الحضور فى إزدياد ، وأغاظ أمن الدولة أن أهل القرآن بالذات كانوا عنصرا أساسا فى المشروعين ، فقد كنت الخطيب الأساس فى المؤتمرات الجماهيرية لمشروع ( تعليم المصريين حقوقهم السياسية والانتخابية ) كما كنت الاساس فى مشروع إصلاح التعليم المصرى . وفى النهاية إتّخذ مبارك قراره باعتقال أهل القرآن و د سعد الدين ابراهيم وغلق مركز ابن خلدون ، واضطررت للهرب لأنجو بحياتى ، لأن وجودى فى السجن حيث يسيطر الاخوان والسلفيون يعنى قتلى بلا تردد . أخيرا 1 ـ وثائق مشروع إصلاح التعليم ( خصوصا مادة التربية الدينية ) والهجوم الاعلامى والرسمى علينا لا تزال موجودة . وقد انشرها فيما بعد . ولكن ما يحدث الآن فى مصر دليل على أننا كنا ولا نزال على حق ، وأن الغباء الرسمى يجب أن يتوقف ليبدأ إصلاح فعلى فى التعليم الرسمى ليكون منزها عن التعصب والدعوة لأى دين . 2 ـ يجب إلغاء مادة التربية الدينية الحالية وأن يحل محلها مادة فى التعليم الأساسى يتربى فيها التلميذ على الأخلاق الحسنة والقيم العليا ومعرفة الدستور المصرى ( فى حالة كونه دستورا حقوقيا يدافع عن الحرية والعدل وحقوق الانسان والمواطنة) . ويجب تغيير منهج التاريخ ليركز على كل مراحل التاريخ المصرى ، وليناقش بموضوعية فتح العرب لمصر ، وإضطهاد المصريين ( الأقباط ) بعدها ، والتعريف بالحضارة الفرعونية كما ينبغى ، فمن العار أن يدرس التلاميذ فى الغرب الحضارة الفرعونية بتوسّع لا يوجد فى التعليم المصرى ، ومن العار أن تتحدث مناهج التاريخ الغربى عن الحقبة القبطية التى لا وجود لها فى التعليم المصرى ، بل من العار أن يتحدث القرآن الكريم عن مصر والمصريين ويعطى نماذج رائعة عن المصريين فى قصص يوسف وموسى ، ولا نرى إنعاكاسا لهذا فى مادة التربية الدينية التى كتبها الوهابيون الذين يحملون الجنسية المصرية ، ولا ينتمون الى مصر . 3 ـ بالتوازى مع ما سبق يجب إصلاح الأزهر ليكون مدافعا عن الحرية المطلقة فى الدين ، كما يجب الحدّ من سيطرة الكنيسة فى مصر على مسيحيى مصر . عندها يمكن تفهّم وتطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية . 4 ـ أما لهذا الغباء من نهاية ؟!!
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح المساجد:(4) مقتر
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح المساجد:( 3 ) جه
...
-
أقول لابنى حسام ..عن فضّ الاعتصام :
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح المساجد: ( 2 ) ج
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح المساجد: (1 ) مس
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح الأزهر:(4) مقترح
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح الأزهر:( 4 ) حتم
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح الأزهر:( 3 ) اصل
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح الأزهر:( 2 ) لمح
...
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاح الأزهر (1 )
-
تطبيق مبادىء الشريعة الاسلامية يستلزم إصلاحا تشريعيا حقيقيا
-
حوار صحفى كالعادة لم ينُنشر
-
كيفية تطبيق الشريعة الاسلامية فى لمحة سريعة
-
فساد الشريعة السنية نظريا وتطبيقيا
-
بيان المركز العالمى للقرآن الكريم بشأن الدستور المصرى المُقت
...
-
المبدأ السادس من مبادىء الشريعة الاسلامية : التخفيف والتيسير
...
-
المبدأ الخامس من مبادىء الشريعة الاسلامية : حق الحياة وحصانة
...
-
المبدأ الرابع من مبادىء الشريعة الاسلامية : العدل والقسط
-
المبدأ الثالث من مبادىء الشريعة الاسلامية : الحرية المطلقة ف
...
-
(أنا عندى أمل )، ولا يزال (عندى أمل ) بعد 21 عاما
المزيد.....
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|