أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مجدى زكريا - الوجهان المتضادان للنار - الوجه المفيد (2)














المزيد.....

الوجهان المتضادان للنار - الوجه المفيد (2)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 4190 - 2013 / 8 / 20 - 08:09
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


مع ان النار تحدث الخراب والدمارفهى من ناحية اخرى تفيد افادة كبيرة انواعا كثيرة من النباتات والحيوانات. وفى الواقع , تلعب ايضا دورا مهما فى الحفاظ على توازن الطبيعة. فكيف تفعل ذلك ؟
النار واحدة من اصدقاء الانسان القدامى. فقد أدفأته , اضاءت لياليه , وطبخت طعامه. استخدم سكان اوستراليا الاصليون طريقة للاعتناء بأراضيهم. فقد كانوا يشعلون نيرانا صغيرة الالسنة وغير شديدة لتخفيض تراكم المواد النباتية الميتة والجافة التى هى الوقود الرئيسى للحرائق الجامحة. واستعمال النار بهذه الطريقة المضبوطة مكن السكان الاصليين من استخدام الارض لاعالة انفسهم يفعالية وفى الوقت نفسه المحافظة على البيئة الطبيعية للنباتات والحيوانات. كما خفض من احتمال ان يعلق الناس فجأة بحبال الحرائق الجامحة الخطرة.
عندما اتى المستوطنون الاوربية الى اوستراليا قبل اكثر من 200 ستة , ابتدأ هذا التوازن الهش بين الانسان والطبيعة والنار يتقلقل. فمن وجهة نظر الاوربيين , كانت الحرائق البرية شيئا تلزم مكافحته. فقل حدوث الحرائق البرية , ولكن بسبب تراكم المواد
الميتة والجافة , فان الحرائق التى اندلعت صارت اشد والسيطرة عليها اصعب. ولكن فى السنوات الاخيرة , تعلمت الحكومات من سكان اوستراليا الاصليين وطورت استراتيجية تدعى الاحراق المراقب. وهذا الاسلوب يسمح للنيران بأن تشتعل بطريقة مضبوطة لمنع حدوث المزيد مكن الحرائق الجامحة المسببة للكوارث. وهذه الاستراتجية تقوم على اشعال نيران صغيرة فى غير موسم حرائق الاحراج. وهذه النيران تتحرك ببطء , السنتها قصيرة , وتزيل طبقة " الوقود " من دون الاضرار بالاشجار. وعموما يطفئها ندى المساء.
ان الهدف من تنظيم حدائق الاحراج باستخدام الاحراق المراقب هى حماية الحياة والممتلكات وفى الوقت نفسه المحافظة على تنوع النباتات والحيوانات المحلية. والاحراق المراقب يخفض من اجتياح بعض انواع الاعشاب الضارة الدخيلة. ويساعد ايضا على المحافظة على البيئات الطبيعية اللازمة لحفظ الحيوانات المحلية.
ان بعض انواع النباتات تعتمد كما يبدو على النار لتساعد بذورها على الانبات. فبعض البذور لديها قشور خارجية صلبة جدا بحيث تكون النار ضرورية لشقها لتتسرب الرطوبة الى الداخل. ويشير البحث ان الدخان المتصاعد من الحريق يساعد ايضا البزور ان تنبت. فهناك نحو 70 عنصرا فى الدخان يعتقد انها عوامل تحفز البذرة على الانبات. واحد هذه العناصر المهمة هو ثنائى اكسيد النتروجين.
ان الارض المحروقة حديثا تنتج تربة غنية بالمواد المغذية كالنتروجين والفوسفور. فالنار تطلق المواد المغذية المخزونة فى نثار الاوراق , تساهم فى نفاذ المزيد من اشعة الشمس الى الارض , وتخلق غطاء تربة مثاليا لتمد النباتات الجديدة جذورها فيه. فالسنطيات مثلا , تنبت بذورها بعد حدوث حريق وهى تنمو وتزدهر فى ظل الاحوال التى يخلقها الحريق.
ويبدو ايضا ان حيوانات كثيرة تستفيد من الاحوال التى تلى الحريق. وخصوصا من النمو الجديد للنباتات التى تكون طرية وريانة. فبعض انواع حيوانات الكنغر والولب تفضل الغابات التى تحرق مرارا ويقال انها تعتمد فى العيش على النار. وذلك لان النباتات التى تقتات بها وتتخذها مأوى تعتمد بدورها على النار لكى تتكاثر من جديد وتبقى.
ان الوجهين المتضادين للنار يصيران مفهومين اكثر , لكن تفاعل النار مع البيئة امر معقد. ولا يزال هنالك الكثير لتعلمه. فكيفية تأثير النار فى انواع معينة من النباتات والحيوانات هى امر يتطلب المزيد من الدراسة. وكيفية تفاعل النار مع بيئتنا وتأثيرها فيها من نواح عديدة تتطلب ايضا المزيد من البحث. وبعض الاسئلة التى تلزم الاجابة عنها هى : هل الحرائق هى احد العوامل التى تسبب مفعول الجنة ؟ اى تأثير هنالك لدخان الحرائق فى انماط الطقس ؟ وكيف تسلك النيران ؟
حاليا , هنالك برامج كمبيوتر مصممة للتنبؤ بسلوك النيران , وعملها هو تحليل المعلومات المتعلقة بالوقود , بالاضافة الى الحرارة , سرعة الرياح , والاحوال الجوية الاخرى. ومن المؤسف ان هذه البرامج ليست دائما دقيقة , ولا يمكنها ان تتنبأ بظواهر غير مألوفة كما عندما تشب النيران مندفعة الى الامام بغتة او تتأجج على نحو مفاجئ. ففى حرائق سيدنى التى اندلعت سنة 1997 , قتل اثنان من الاطفائيين الخبراء بسبب احد هذه الاندفاعات المفاجئة , التى تسمى على نحو ملائم " السنة الموت ".
ان الحرائق الكبيرة على وجه التخصيص يصعب التنبؤ بها , لانها تولد طقسها الخاص. ويشمل ذلك الرياح القوية , السحب , وحتى العواصف الرعدية. ورياح هذه الحرائق الكبيرة يمكن ان تغير اتجاهها او سرعتها فجأة , جاعلة النيران غير مستقرة.
نعم , يمكن ان تكون النار عدوا مخربا ومدمرا حين تصبح فوق نطاق السيطرة , ولكن يمكن ان تكون ايضا صديقا مفيدا. فهى تلعب دورا حيويا فى دورات الطبيعة لتجديد الارض والمحافظة على تنوع متوازن من الحياة النباتية والحيوانية.
يشبه وضع الدول كثيرا وضع الغابات التى تحتاج الى حريق غير مضبوط لكى تتجدد وترجع اليها حيويتها. وغالبية دول العالم المتحضرة بما فيعا اوروبا والاتحاد السوفيتى واليابان , مرت بهذه التجربة الحارقة , وخرجت منها , قوية متماسكة , ومتمدينة حضارية.
ونحن فى البلاد العربية والشرق الاوسط عموما , ربما مررنا بحرائق لكن لم تكن قوية كفاية لتصنع التغيير المطلوب لكى نأخذ بأسباب الحضارة والرقى. وهنا فى مصر وقد بتنا مثقلين تحت عبء التاريخ والدين , نبدو فى اشد الاحتياج لحريق الغابة الغير مضبوط , لكى نخرج وقد تخلصنا تماما من عبودية الدين والتاريخ لكى نأخذ بأسباب الحضارة , ويكون لنا دورنا البارز وسط الدول الحضارية والمستنيرة , ويبدو اننا فى الطريق الى الحريق الكبير.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجهان المتضادان للنار (1-2)
- الفلسفة اليونانية - هل أغنت المسيحية ؟ (2-2)
- الفلسفة اليونانية - هل أغنت المسيحية ؟ (1-2)
- الحياة - ثمينة ام عديمة القيمة ؟
- الوثيقة العظمى وسعى الانسان نحو الحرية
- حكم رجال الدين _ هل هو الجواب ؟
- هل يمكن للتماثيل ان تقربكم اكثر الى الله ؟
- توقير التماثيل - موضع نزاع
- ما معنى ان يدير المرء الخد الاخر ؟
- مشاعر الذنب - هل هى سيئة دائما ؟
- لماذا الخوف من اله المحبة ؟
- هل الخوف ردئ دائما ؟
- كتاب حرم كتبا اخرى
- صفحة واحدة تخترق الظلمة كنجم
- افرح بامرأة شبابك
- استفيدوا من حياتكم الى اقصى حد
- الجميع يستفيدون من الرياضيات
- ماذا نتعلم من الاطفال ؟
- الالغاز الالهية وقصد الله
- كيف تنشط ذاكرتك ؟


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - مجدى زكريا - الوجهان المتضادان للنار - الوجه المفيد (2)