أحذروا.. الديناصور يبتلع البصرة

مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 23:02
المحور: الصناعة والزراعة
    

يلوذ الكثير من المواطنين أثناء انقطاع التيار الكهربائي مساءا بسطوح منازلهم هربا من جحيم حرارة غرف نومهم ، فيفرشون سطوح المنازل منذ العصر ، وما ان تحين ساعة الصفر ( لحظة انقطاع التيار ) حتى يهرعون بصحبة اطفالهم اليها ، وقد تكون هذه فرصة لهم للتمعن بمنظر السماء الذي ينمي لديهم الإحساس بعظمة الكون ويربي عندهم نزعة التأمل ويمنحهم - وهم يجوبون الآفاق ويتنقلون بين الغيم وفوق أكتاف القمر وعبر النجوم المتلألآت مستشفين من خيوط ضيائها املهم بغد مشرق - مشاعر مفعمة بالرومانسية والخيال والتفكر بخلق السماوات ،لكن ما يعكر صفو تلك السويعات الرومانسية عدوان ( البعوض والاتربة ) ، فالبعوض المشاكس بلدغاته المزعجة واعداده الكبيرة والتي تعاظمت كثيرا في السنوات الاخيرة نتيجة لتوقف عمليات المكافحة الجوية صار رفيقهم الدائم ،اما الاتربة فهي المشكلة الكبرى لنوم السطوح ،فلقد تعاظمت العواصف الترابية كثيرا في السنوات الاخيرة نتيجة لقلة الغطاء النباتي او ما يسمى بالتصحر الذي عانته اغلب مناطق العراق ، فالغطاء النباتي في تراجع مستمر ، وحتى المحاولات الحكومية للحد من هذه الظاهرة لم تحقق اهدافها لاصطدامها بأهم عقبة وهي توسع رقعة المواقع النفطية على حساب الاراضي الزراعية ، فألاف الدونمات من الاراضي الزراعية تم فسخ عقودها والاستحواذ عليها من قبل وزارة النفط في محافظة البصرة ،فأحاطت المواقع النفطية بالبصرة من كل اتجاه وهي بتقدم مستمر ، واذا اخذنا بنظر الاعتبار بان التخطيط المستقبلي لإنتاج العراق من النفط في السنوات القادمة والاستثمارات العملاقة والتي يراد لها ان تصل بإنتاجنا النفطي لعشرة ملايين برميل يوميا ،وهذا يعني بان مزيدا من الاراضي ستتحول من اراض خضراء تلطف الاجواء وترطبها وتنتج الاوكسجين الى مناطق ملوثة للبيئة تزيد من حرارة الجو ،فكما هو معلوم بان عمليات استخراج النفط يصحبها نواتج هيدروكربونية وغازات تحرق دون استفادة منها لا كما تفعل البلدان الاخرى وهي ذا ضرر بالغ بالبيئة ويسبب مشاكل صحية كبرى ، علاوة على ما تحدثه الاليات والمعدات العملاقة من خلخلة لسطح التربة مهيئة الاسباب الحتمية لنشوء العواصف الترابية التي ستكون وبالا على المصابين بالمشاكل التنفسية ، والادهى من ذلك لو شعر احدهم بعدم استفادته واسرته من هذه الزيادة .
اصبح استخراج النفط وتصديره ضرورة حتمية ، فهو اليوم يشكل عصب الاقتصاد العراقي ومرتكزه الاساسي وعلينا بذل ما بوسعنا لنقلل من المخاطر البيئية ، فلم تعد البصرة كسابق عهدها ، فلقد اجهزت الحروب وقسوة الطبيعة من تملح المياه وغيرها على اكثر النخيل ، النخيل الذي كان يقف كطود شامخ حاضنا مدينة البصرة حاميا لها من العواصف ملطفا بذراعيه الممتدتين على ضفتي شط العرب ، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن فقد اجهز على الجزء الاكبر من نخيل البصرة ، فعلينا ان نعمل اليوم على اعادة هذه الشجرة لسابق عهدها ، وزراعة مصدات رياح من اشجار كبيرة تتلاءم والظروف المناخية في محيط البصرة وبعدة خطوط ، وهذا هو الاختيار الوحيد فالديناصور النفطي مستمر بابتلاع مزارعنا .

#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات