|
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(3)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 17:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لقد تكون للرعاع ايديولوجيتهم الخاصة،وبات لهم ممثلين كزعماء وقادة،لمجموعة من التنظيمات الرعاعية الصلبة جدا:ميليشيات"دينية وطائفية وعرقية وعشائرية ومناطقية"ومجموعات ارهابية مسلحة تستخدم الدينوية كغطاء لعملياتها الاجرامية ضد المجتمع،فجزءا من هذه التنظيمات،وحسب تركيبها وطابع نشاطها،اقرب للجمعيات السرية والباطنية،وهي تلتزم"بقوانين"سلوكية خاصة بأفرادها.هذه التشكيلات عبارة عن عصابات،ومجموعات لصوصية،بعضها يتستر بالدين والطائفة والمذهب،وفي بعض الاحيان تشارك بالحياة السياسية،وتفرض ارادتها وان بشكل غير رسمي..ولكن تبقى شرائح المعدمين بكتلتها الاكبر مرتبطة بعراها التقليدية(القبلية،والدينية،والطائفية،والعرقية،والمناطقية)والتي تلعب دورا هاما للغاية.فبدون تلك الصلات يصعب على تلك الفئات الصمود والاستمرار في الحياة،فتلك العناصر تضطر احيانا لاتباع سلوك طفيلي في توفير معاشها،وعلى حساب الجماعات التقليدية:"كالاقارب،والعشيرة،والطائفة"ومن خلال المناسبات الاجتماعية والدينية من:زواج وموت واعياد واحتفالات دينية ومناسبات الزيارات للائمة والاولياء وغيرها حيث يتوفر الطعام والشراب بسخاء ولاسابيع ودون توقف..تبدو وضعية البروليتاريا الرثة سيئة للغاية في بلدان التخلف والفقر،وهي تجتذب المزيد وبأستمرار لافواجا جديدة من الفئات الفقيرة جدا بالدرجة الاولى،حيث فقدت كل شيء حتى الامل الانساني في الخلاص من وضعها الشديد البؤس،ولانحدارهم وانسلاخهم من عدة طبقات ،فهم ليسوا ولا يشكلون طبقة بالمعنى الاجتماعي الاقتصادي.وسرعان ماتتحول هذه الخصائص الاجتماعية والنفسية الى طابع ثابت وسمة خاصة تنتقل الى جحافل المسحوقين الجدد،وكأنها متوارثة وصفة يمررونها لاجيالهم الناشئة.ان اهم ماتتميز به هذه الفئات وبشكل عام هو:الامية،والاهمال واللامبالاة من ناحية الصحة والنظافة،والتشرد الدائم،والخضوع للواقع المزري،واستباحة الاخلاقيات والقيم ،وهذا مايشكل صيدا سهلا لبعض التنظيمات السياسية لاستغلالهم وتجنيدهم كقواعد اجتماعية مشحونه ومعبأة للتحول الى قوة ضاربة،فتجيشهم خدمة لاغراضها السياسية الحقيرة في بعض التحركات والمواقف،ولنوع من استعراض القوة مع الثورة او ضدها،وحسب الاتجاهات السياسية لمن يقف خلفهم،وهذا ماجرى في التاريخ المعاصر فقد استعملتهم الفاشية الايطالية لضرب الحركة العمالية اليسارية،ووظفهم النازيون ايضا في سحق الحركة العمالية الماركسية في المانيا،واستخدمهم فرانكو في اسبانيا لضرب الجمهورية،وايضا ماحدث لدينا في العراق في انقلاب شباط63 الفاشي،فقد جندهم الانقلابيون الفاشست في حملات صيد ومطاردة الشيوعين والديمقراطيين والوطنيين ومارسوا ابشع اساليب التعذيب والقتل..هذا السيل المتدفق من :المتسولين والعاطلين والمفلسين والجياع والمهجرين والنازحين في الداخل والخارج،في المناطق الرئيسية من المدن،تؤثر جدا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية لتلك البلدان.ان هذه الظاهرة الاجتماعية والسياسية الكارثية،تفرض على القوى السياسية اليسارية والديمقراطية الاقتناع الكامل بأن اي نموذج غير اشتراكي للتطور الاجتماعي والاقتصادي،عبث،وذو افق مسدود،ولن يحل مشاكل هذه البلدان المتفاقمة بشكل جذري وفاعل،ومهما تكن شعاراته وطروحاته العقيمة،فكل النماذج غير مؤهلة ولا تصلح لتوفير حلولا ناجعة لمشاكل معقدة وعصية على الحل وباهضة التكاليف وستكون مفرخا لمزيد من البؤس اذا لم تتدارك من الآن،فالمشاريع الرأسمالية واقتصاد السوق التابع في البلدان المتخلفة تظل في جوهرها وفي الواقع قاصرة وضعيفة في مردودها اجتماعيا واقتصاديا.فالجيوش المتلاطمة من المسحوقين والمهجرين والعاطلين والارامل والايتام،من ساكني الصرائف والاكواخ وبيوت الصفيح والعشوائيات التي تطوق المدن وتنتصب داخلها،وتتغلغل في مدننا،وتملأ شوارعها بباعة الاكشاك والارصفة،والمتسولين الذين يجوبون كل المناطق وعلى مدار اليوم،وماسحي الاحذية والنشالون والتسكعون،ليست هذه النماذج نتيجة لتدهور وانحلال القطاعات الانتاجية التقليدية والفتية فقط،بل هو ثمرة مباشرة لادخال النمط الرأسمالي التابع والطفيلي بصورته العاجزة والمشوهة الى الحياة الاقتصادية في العالم الثالث.والسبب الرئيسي لظاهرة المعدمين والرعاع،هو فترات الحكم الديكتاتوري على الشعوب مابعد المرحلة الكولونيالية،وكذلك المستوى المتدني لقوى وعلاقات الانتاج المحلية،والانفجار السكاني المتنامي للقادرين على العمل،والذي يتجاوز الامكانيات المتوفرة،للاستيعاب المخطط لهذا الكم الهائل من السواعد والافواه،فما يتم استيعابه من القوى العاملة لايتجاوز2% من مجموع الباحثين عن عمل .وفي بلدنا حيث لازراعة ولا صناعة ولا خدمات،والاقتصاد ريعيا والكل عالة على النفط اي مستقبل لهؤلاء؟!.ان التزايد الهاءل لحثالة البروليتاريا يصبح واحدا من اخطر المشاكل الاجتماعية-الاقتصادية،والتي تحتاج لمعالجات وحلول سريعة وجذرية وشاملة من خلال التخطيط والتنمية ووضع البرامج الاستثمارية الفعالة.فخطورة هذه الظاهرة الاجتماعية تنبثق من حيث ان الجياع والمعدين الذين يشكلون القطاع الاجتماعي الاسفل في المجتمع مؤهلون موضوعيا(كما وصفهم ماركس في حينه)للقيام"بأحط الاعمال اللصوصية وبأقذر انواع الانحلال الخلقي".وحين درس لينين ظاهرة الرعاع والمعدمين انطلاقا من الواقع الروسي عشية الثورة،اكد ان النفسية الاجتماعية لهذه الفئات تتسم"بالتذبذب الطفيلي وعدم الكفاءة لخوض النضال"وقد وصف لينين المتشردين:"بأنهم الفئة الاجتماعية المعادية للبرجوازية وللموظفين الرجعيين وفي نفس الوقت للسلطة العمالية".وقد ذكر لينين مرارا ان البروليتاريا الرثة تتكون اساسا من الفئات الاجتماعية التي انحدرت الى الدرك الاسفل للبنية الاجتماعية خلال عملية التطور الرأسمالي.ولقد اثبتت حركات التحرر الوطني في العالم الثالث صحة هذا التحليل ودقته خاصة في:الهند الصينية،وفي اندونوسيا،وفي الشرق العربي،وفي افريقيا الاستوائية،وفي غيرها من بلدان.وتقتضي الحقيقة العلمية ان لانسبغ بعض القيم العاطفية الرفيعة على فئات حثالة البروليتاريا بشكل مطلق!وان نتذكر ان الظروف القاسية جدا اجبرت الكثير من المعدمين والرعاع للاندماج والعمل في زمر مسلحة وغيرها من التجمعات اللصوصية والاجرامية وتجار السوق السوداء وتهريب المخدرات والممنوعات(المافيات وشبكات الدعارة وتجارة الرقيق الابيض،مشكلين بصورة او باخرى اليد القوية الضاربة والعيون السرية العميلة للسلطات الفاشية والرجعية والديكتاتورية:فقد تم استخدامهم كما ذكرت من قبل الفاشيون في انقلاب شباط الاسود63 كمعذبين وقتلة لابناء الشعب العراقي الاحرار،واستخموا وعلى نطاق واسع من قبل الثورة المضادة للعسكر الفاشيون في اندنوسيا ايلول1965 حيث اظهر الكثير من المتشردين والرعاع في عالم الجريمة المنظمة قسوة وعنفا لامثيل له اثناء عمليات النهب والحرائق وسفك الدماء والذي تعرض له الحزب الشيوعي الاندونوسي ،وقد اكدت احداث اندونوسيا المأسوية والتي راح ضحيتها مئات الالاف من الشيوعين،صحة التقيمات الماركسية للعناصر والجماعات الرعاعيةواللومبنبروليتاريا في العالم المتخلف.... .................................................................................................................................................................................................. يتبع.. وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللومبنبروليتاريا/ مقاربة اجتماعية اولية للمفهوم..(2)
-
اللومبنبروليتاريا / مقاربةاجتماعية اولية للمفهوم..
-
المرأة وخيوط ارديان!/المتاهة والوعي...(3)
-
كل عام وانتم بأنتظار الخير!!ويأس مديد!!
-
المرأة وخيوط ارديان!/المتاهة والوعي...(2)
-
المرأة وخيوط ادريان!/المتاهة والوعي...
-
الدوغما القهري/صورة دوريان جراي السياسية!!!
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(الاخير)
-
البروليتاريا..الحاضرة في الاذهان والغائبة عن الاعيان!!!
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(2)
-
تروتسكي والثقافة/قراءة في الادب والثورة..(1)
-
بورتريه ميكروسكوبي لوطن مابين القهرين!!!
-
عذراء الكومون الحمراء/لويز ميشال..ضمير الذاكرة
-
ثورة 14 تموز1958 الخالدة/تحت مشرط الهذيان والتزييف المثلوم!!
...
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(الاخير)
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(7)
-
فهود3تموز/المجد لانتفاضه عصية على النسيان!!
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(6)
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(5)
-
ماركس والتحليل النفسي/تجربة فيلهلم رايخ..نموذجا(4)
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|