أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد اللوزي - الأخوان المسلمين وحرب الوجود















المزيد.....

الأخوان المسلمين وحرب الوجود


أحمد اللوزي

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 14:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ما يحدث الآن في مصر يبتعد كل البعد عن مفهوم الربيع الثوري الذي لامسناه في بداية الثورة المصرية ثورة 25 يناير، فالحال الآن قد قلب كل موازين ومفاهيم الثورة ليتحول إلى صراع ارادات وبقاء بين متنافسين أساسيين في الطبيعة الجيوسياسية المصرية ولا ننكر أن لكل منهم قاعدته الجماهيرية الواسعة بغض النظر عن طريقة بناء هذه القاعدة أو تعبئة هذه الجماهير. ولكن اللافت للنظر بشكل مثير هو ما تقوم به جماعة الأخوان المسلمين في مصر والدول الآخرى المتواجد فيها تنظيمهم في محاولة منهم للضغط على الحكومات الأخرى بمساعدتهم في مطالبهم غير الشرعية. من خلال انطلاق الاخوان المسلمين في أماكن تواجدهم بحركات احتجاجية لتهيئة ظروف مساندة للحركة الأم في مصر من خلال البيانات السياسية والاعتصامات التي انطلقت عند أول شرارة في مصر.
وقد صور العديد من الأشخاص والحركات التابعة أن الصراع الدائر في مصر هو صراع ضد الحركات الدينية وبالتالي العلمانية ضد الاسلام بمفهومه الديني الشرعي، لمحاولة الاستفادة من الغريزة الدينية الشعبية وبناء أساس قاعدي شعبي كبير لمساندة عودة "الشرعية الدينية" كما أطلقوها على انفسهم. وقد طرح الأمر بمفهومين متقابلين العلميانية ضد الاسلامية، وللأسف فقد تم تداول هذا الموضوع كثيرا في مرحلة التحضير للثورة الشعبية واستمر حتى بعد قرار الثورة بفصل الدين عن الدولة نتيجة للتجربة الفاشلة التي حملها الاخوان المسلمون في طياتهم. فالأخوان المسلمون قد فهموا الشرعية بطريقة مختلفة بنسبية دينية مطلقة متناسين أن هناك ضرورة ملحة للتوجه نحو العلمانية للمساعدة في خروج مصر من بوتقة الاستبداد الذي كانت تعيشه ابان الحكم الزائل لثلاثين عاماً، باصرارهم على تحويل البلد إلى بحر من الدم تحت عنوان الشرعية والشريعة محدثين بذلك تحولاً فارقاً في مفهوم الدين والدولة.
ولتسليط الضوء أكثر فإن العلمانية هي مفهوم سياسي اجتماعي ولم يكن يوماً عقيدة أو دين فهو لا يتناول في تعريفه أي شيء عن الدين، بل يتحدث بشكل واضح عن معارضة للظلم والجور والتسلط والاستبداد والاستئثار والاضطهاد، وهذه الصفات يرفضها الإسلام بالنصوص القرآنية أيضاً. وهذا أساس ما انطلقت عليه ثورات الربيع العربي أيضاً. والعلمانية بمفهومها أن تكون العلاقة بين المرء وربه لا من خلال المرشد ومجموعة من الوسطاء، والنصوص القرآنية شاهد على ذلك، ولكن الاخوان المسلمون ومن يخطي خطاهم أبو إلا أن تكون لهم الكلمة الوحيدة حسب تأويلهم للنصوص من غير نظر ولا تفكير، مستوحين الأحقية في هذا ممن سبقهم في القول تقليدا لا بحثا.
فإذا عدنا إلى الوراء لسنوات طويلة، فسنجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مارس السياسة العلمانية، وبمفهومها الحرفي أنه قد فصل الدين عن السياسة في مواضع عديدة وبشكل أوضح في صلح الحديبية عندما قبل بشروط مخففة مقابل دخول المسلمين لمكة بسلام، وعندما وافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على كتابة بسمك اللهم بدلاً من باسم الله الرحمن الرحيم، ومحمد بن عبد الله بدلاً من محمد رسول الله، فإن ذلك يعطينا دليلاً واضحاً أن العلمانية ليست كفراً ولكنها تعني اصطلاحاً فصل المؤسسات الشرعية عن المؤسسات الدينية وبالتالي عدم خضوع مؤسسات الدولة لأي سلطة دينية، وهذا ما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم من فصل الدين عن السياسة لأنه أدرك وقتها بأن التعنت والتعصب الديني لن يزيد إلا سوءً ولن يتمكن من حل القضايا العالقة، ونحن نعلم أنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى بل هو بأمر الله "وحي يوحى".
من جهة أخرى فهناك حاجة للاستفادة من التجربة العلمانية التركية (بغض النظر عن سلبيات أو ايجابيات القائمين عليها حالياً) ولكنها نجحت نجاحاً باهراً في طرح النظرية العلمانية منذ تبنيها وتطبيقها بشكل ناجح بنسبة جيدة رغم أن الحزب الحاكم في تركيا العدالة والتنمية هو حزب ذا أصول اسلامية، حتى أن البعض أطلق عليه لقب العثمانيين الجدد. وللتوضيح فإن العلمانية التي انتهجتها معظم الدول هي علمانية الدولة وليست علمانية المجتمع، أي أن قرارات الدولة السياسية والاقتصادية والمتعلقة هي التي تخضع للعلمانية، بينما تبقى السلطة الشرعية الدينية للمجتمع. وإذا كان القضاء المدني الذي لا يأخذ بالقوانين الشرعية في الدولة العلمانية, فذالك من منظور حماية المجتمع ككل وليس لحساب فئة دون أخرى، ولنا تجارب عديدة في السيرة الاسلامية عن تجاوزات شرعية لصالح الوضع المدني. وهذا لا يتناقض مع الدين الاسلامي أو أي دين آخر، بل يساهم في توطيد العلاقة الاجتماعية كون الدولة لا شأن لها في دين المجتمع والأفراد، ولو أن العلمانية مناهضة للأديان، لتحولت كل الدول إلى كفار، ولما كان هناك تنظيماً قوياً للاخوان المسلمين في الأساس. فالعلمانية التي تكون في إطار دولة مدنية حديثة هي في صالح الدين اكثر من الدولة الدينية التي تستخدم الدين، فالعلمانية تحمي من تسلط بعض الأشخاص على قوت البلد بحجة الدفاع عن الدين؛ وبدليل أن الاخوان المسلمون لم يغيروا مفهوم القضاء المدني إلى القضاء الشرعي إبان فترة حكمهم في مصر، لأنهم يدركون تماماً أن ذلك محال، وهذا بحد ذاته اعترافاً منهم ضمنياً على الأقل بضرورة العلمانية.
وكما قلنا سابقاً في بداية الربيع العربي، بأن الحركات الإسلامية التي انتقلت مباشرة وعشوائياً من تبني قضايا الحياة الاجتماعية إلى نظام الحكم السياسي، أي بمعنى التحول من قيادة المجموعات إلى قيادة الدولة المدنية، ليس بالأمر البسيط والسهل بل انه يدخل بمرحلة التعقيد والانهيار البطيء لأركان الدولة. وأن هذه الامتيازات التي أعطاها الشعب بطريقة أو بأخرى في حينها لهذه الحركات والفعاليات الجدلية ما هي إلا ظاهرة ظرفية مرتبطة بخيارات ظرفية أيضاً لم يكن هناك بديل لها، وهي قابلة للتغيير في أي وقت بسبب انعدام الرؤية الواضحة والبرنامج الواضح لهذه الحركات، ولأن الانطلاق العشوائي غير الممنهج لاحتجاجات الحركات الإسلامية هي ليست من منظور المخالفة الصريحة للعقيدة والدين ولكن من باب التنافس السياسي للوصول إلى السلطة التنفيذية لتعطيل أو إفراز قرارات قد لا تكون في سياق النهضة الإسلامية وإنما لهدف الاعتراض وهذا بحد ذاته تناقض واضح في أهدافهم التي ترفض أي بديل لمنظومتها الفكرية وليست الشرعية أو التشريعية. ودليلها ما تقوم به جماعة الأخوان المسلمون في تبيني المجموعات الاسلامية المتطرفة في سيناء وغيرها رغم أنها كانت من أشد المعارضين لهم في السابق، فالاخوان ينوون استنزاف الجيش والدولة لصالح بناء دويلاتهم المفتتة، متناسيين ن مصر لا تقبل التقسيم.

فإذا كانت العلمانية هي ضد الاسلام الحرفي كما يعتبره السلفيون والاسلاميون، فهل ما يحدث الآن في مصر من قتل وحرق وتعنت من قبل الاخوان ومناصريهم يخدم الاسلام الحقيقي، أو هو جزء من الاسلام؟ بالتأكيد سيكون جوابهم بأن القتل حلال إذا كان دفاعاً عن الاسلام، وأنهم مرتدون! ولكن ماذا ان كان من يُقتَل من المؤمنين أنفسهم؟ هل يستطيع الأخوان المسلمون تكفير كل من هو ضدهم؟..
"ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً" صدق الله العظيم



#أحمد_اللوزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيَّ على الأكباش !
- لو سألنا القرود عن السبب ...
- الإثارة و الاستجابة في سلوك أتباع الصحابة
- الحركات الاسلامية ووهم الدولة


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد اللوزي - الأخوان المسلمين وحرب الوجود