نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1198 - 2005 / 5 / 15 - 12:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
كلنا شركاء في الوطن .كم يستهويني هذا العنوان الرائع لتلك النشرة الإليكترونية التي تحمل في ثناياها الخيرة ,رائحة سورية,وطعم ,وهمّ سورية,وأوجاع سورية ,وحب سورية ,وأواظب على تقليبها ,ومتابعتها برغم من استرساليتها بشكل مفرط أحيانا الذي ينم عن طبيعة الكرم والجود ,وبذل كل مافي النفس والعقل والقلب لتقديم وجبة فكرية لذيذة تشبع النهمين الذين لايشبعون من بحور المعرفة,وفيافي الكلمة,والكرم الطائي عادة متأصلة عند الأحبة في الشام.ولا أخفيكم أن البعض يطلق عليها أحيانا بعض السهام ,ولكن لابأس ,فهذه هي العادة التي تقابلها الأشجار المثمرة. وكم تسعد بذاك الحراك الفكري الحماسي المضطرم زهوا بأن هذه الأرض ماعقرت قط ,وما أمحلت,وما فتئت تنجب البررة ,بغض النظر عن اختلاف أفكارهم, التي هي في النهاية تبتغي وجه سوريا الألق والنضر.
لم يترك الزملاء الأفاضل الأعزاء بابا إلا وطرقوه وهم يتناولون الشأن السوري الهام والعزيز على أبنائه البرررة المخلصين جميعا,ولم يتركوا معبرا إلا وولجوه,اومدخلا إلا ودخلوه ,أو حلا إلا وقدموه ,أو لغزا إلا وفسروه,أو عيبا إلا وشرحوه,أو سرا إلا ونبشوه ,وهم يبحثون عن مخرج لمأزق بات الجميع يدرك مخاطره وأهدافه الشريرة البعيدة , ولم يتركوا زفرة إلا وزفروها وهم يرون بعض السحاب الداكن يعلو الأفق البهي الجميل,ولم يتركوا أنة إلا وأطلقوها وهم يعيشون المخاض العسير, كما أن معظمهم يتحرك بدافع وطني نبيل وسام هدفه النهائي تعرية كل تلك الظواهر السلبية المريرة التي يعيشها ,ويعانيها السوريون ,وما المانع أن تظهر جلية لإبعاد أية مخاطر محتملة يضمرها القراصنة المتربصون شرا بالوطن الغالي,وإن كانت اللهجة ,ورد الفعل أحيانا قاسية وشديدة فيما يقولون,والصرخةعالية مدوية فيما يعلنون,فهو من شدة الألم الكامن ,وإدراكا للخطر الداهم ,وهو بكل حال لا يعني الردة, والخيانة ,والوقوف في صف الأعداء ,وتصنيفات المروق والخروج من الملة الوطنية .وعلى كل من يعطي نظرة نقدية لهذا الحراك الرائع - الذي هو بالمآل بشائرخير وخلاص شامل وخروج من عنق الزجاجة ,ولو كان موجودا أصلا لما وصلت الأمور لما هي عليه الآن - أن يبتعد كليا عن ثقافة وفلسفة التخوين وإطلاق الأحكام الجاهزة المسبقة,والتهم التي لا أرضية لها,وتوزيع شهادات الشرف,والوطنية من عل على من يشاء,ويمنعها عمن يشاء بدون حساب,ويحتكر العصمة ,والنزاهة ,والاستقامة الوطنية ,وقد تابعنا قمة الواقعية السياسية,والبراغماتية الاستشرافية ,والتواضع "الاستراتيجي"بصورة واضحة,لاتقبل الجدل واللبس, وهي ثحدد وقوع أخطاء وحدوثها.فهل ينكر ذلك "كويتب" بائس,أو خفير متعيش منتهى طموحه أن يرقى ليصبح عريف بدون ركن في توالي الأيام حين يحال على التقاعد,ويلازم الفراش.وليس أحد ,يحمل جبال الحب والآلام ,بحاجة لأي كان ليوزع عليه شهادات محو أمية في حب الأوطان تصدرها الدكاكين والبقاليات وشيوخ الكتاب الجهلاء الذين يتاجرون بخردات باليات.فلم يكفر العاشقون المحبون في كل الأزمنة ,ويصبح كلامهم كفرا ,وزورا وزندقة ,وعصيا على الهضم والابتلاع؟
فهذه الكوكبة الرائعة من الأقلام الحرة,وتلك الطليعة المتنورة والواعية من السياسيين المخلصين والبراغماتيين الواقعيين, والثلة المتألقة من الكتاب على اختلاف مشاربهم ,ومذاهبهم الفكرية , واتجاهاتهم السياسية المختلفة, ولاضير ,طالما أنها تعكس طبيعة التنوع والخصب المميزة ,هم ضمير الشعب,والبوصلة التي يتحرك بهديها الجميع ,ووجدان الأغلبية الصامتة ,والمصمّتة ,والمهمشة,والناطق باسمها ,والمعبر عن تطلعاتها وآمالها.فليس كل من كتب كلمة ,أو دبج مقالا ,أو جهر بفكرة فيها الصالح العام والحب والولاء والانتماء اللصيق لأرض الآباء ,وقدم تحليلا صادقا وأمينا,ورسم لوحة صافية وواضحة ,أصبح في خانة الأعداء والمعارضة.فتراب الوطن الغالي مسؤولية مقدسة للجميع بلا استثناء ,وحين يشير أحدهم إلى مكمن للخطأ,وموئل للفساد,وبؤرة الخطر الكامن ,فإنما هو يقدم مساعدة جليلة لمن هو معني بالأمر غايته القصوى درء الأذى ,وإبعاد شبح الخطر,ونزع فتيل أي انفجار محتمل,بعيدا عن التقاريرالكاذبة,والصور المنمقة,والتهم الملفقة. وكم كبرت كل الأطياف المتباينة بالوطن ,وكبر بها ,عندما رفضت ذاك الداء البغيض للاستقواء بالغرباء,والذي تروج له بعض الأفكار .وكل ذاك الحراك هو في النهاية والمحصلة من أجل سورية ,وعيون سورية التي يتمنى الجميع ألا يصيبها سوء ,وأذى ,وأن تبقى قبلة مقدسة يمارس فيها السوريون طقوس العشق الأزلي للأرض ,وحضنا دافئا لأبنائها جميعا ,يعودون إليه لينعموا بالسلام والطمأنينة كلما ضاقت بهم الدنيا,وعصفت بهم الأهوال والمشقات,وقابلتهم عاديات الزمن.
كلنا شركاء في وطن يتسع لكل أبنائه ,وطن مابرح ينجب ويولد الحضارات ,ويخترع الأبجدية,ويصدر رسل الخير,وحملة بيارق النور,ورسل الكلمة الحرة التي أغنت البشرية على مر العصور الطويلة . ومن أجل سورية القلب ,وبؤبؤ العين الذي نرى من خلاله الحياة,والحب الكبير المخبأ في الصدور تستنفر العقول,وتشحذ الهمم ,وتخفق القلوب.ومن أجل سورية التي نحب, ونقدس يجب ألا نوفر أي جهد ,أو فكر,أو وقت,أو عمل إلا وبذلناه كل في مجال اختصاصه وعمله . فلا وقت للنظر بالساعة,والوقوف على أطلال الشموليات ,والفكر البائد المنقرض الذي "أرشفه "العالم كله في أقبية الزمان , وأصبح في حكم الماضي السحيق, ولاوقت للصور الحزينة التي تختزنها الذواكرالمتعبة من انتظار الحلم الوطني القادم,كما أنه لاوقت للاستماع للأصوات النشاز المكفّرة للمؤمنين الميممين وجوههم شطر الأوطان.ولاسلاح لدى أولئك الكتاب سوى الورقة ,والقلم ,والكلمة ,التي تخرج غاضبة في كثير من الأحيان,وتعبر بعفوية عن حالة القلق ,والغضب,والجيشان.
كما أننا لسنا بحاجة إلى أي كاوبوي أرعن ليدلنا كيف نعيش ,وكيف نتصرف ,وكيف نتدبر أمورنا,ويعلمنا كيف نحبو ,وكيف نمشي في طريق الحياة .أو إلى موافقة أي من الغرباء البدائيين الرعاع علينا ليصنفنا مع البشر المتحضرين القادرين على التحكم بمصائرهم ,وحياتهم ,وحاجاتهم الفيزيولوجية,وانتاج طرق الحياة العصرية التي تمكنهم من العيش وتحقيق الوفرة ,والازدهار.كما أننا لسنا بحاجة إلى أن نطلق الحملات العامة في ماوراء البحار,فهنا فقط نتعرف على عظمة هذا الإنسان عندما يطلق له العنان ليسابق كل الكائنات في الوصول خلف المجرات,فالسوري هو من ولّد الحضارة,وحملها ذات يوم مضى إلى كل القارات,قبل بوش ,وشيراك وورثة كرومويل في ويندسور ,وقبل أن توجد دول كثيرة على خارطة العالم المعاصر.فحين كان زيت الزيتون السوري يضيء ليالي روما الظلماء (وهي واشنطن تلك الأيام)وحيث كان بترول تلكم الأيام, أين كان أباطرة المعايير المزدوجة ,وسدنة النفاق الأشقياء؟وكان السوريون على الدوام حملة مشاعل العلم والثقافة والضياء. والسوريون يغزون العالم,وأطباؤها ,وجراحوها المهرة يتألقون إبداعا في كل مشافيه ويعيدون البسمة والحياة للآلاف, ورجالها الأفذاذ الأشاوس يسطرون ملاحم النجاح في كل بقعة تطؤها أقدامهم المباركة.فمن هو هذا المارينزي المتوحش الذي يريد أن يعلم هؤلاء الحضارة,وأبجديات الحياة ؟
كلنا شركاء في الحب, والانتماء,والغيرة,والألم ,والفرح,والحاضر,والماضي,والمستقبل,والخير,والعمل,والبناء, والانتاج, والمسؤولية,والمعاناة,والموت والحياة.كلنا شركاء, في السراء والضراء.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟