أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام الفقعاوي - محاولة إجابة، في ضوء احتدام الصراع في الواقع العربي والفلسطيني باسم -الدين-، على سؤال أين البديل اليساري العَلماني الديمقراطي؟!:















المزيد.....

محاولة إجابة، في ضوء احتدام الصراع في الواقع العربي والفلسطيني باسم -الدين-، على سؤال أين البديل اليساري العَلماني الديمقراطي؟!:


وسام الفقعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 10:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


محاولة إجابة، في ضوء احتدام الصراع في الواقع العربي والفلسطيني باسم "الدين"، على سؤال أين البديل اليساري العَلماني الديمقراطي؟!:
في البداية أبدأ بما قاله أفلاطون في (محاورة الجمهورية) "إننا لا نناقش موضوعاً هيناً، إننا نناقش: كيف ينبغي أن يعيش الإنسان". وعليه سأتدرج في الإجابة بالقول: أن البديل العَلماني الوحيد والممكن هو العَلمانية، حيث يتم فصل الدين عن الدولة وعن السياسة (بمعنى فصل الدين عن مؤسسات الدولة والمجتمع السياسي ووضع التشريع كاملاً بيد المجتمع)، وهو موقف أو رؤية لا تتناقض مع العديد من الرؤى الدينية المستنيرة، كما نجد عند كل من رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، وعبد الرحمن الكواكبي، وخير الدين التونسي، وعلي عبد الرازق صاحب كتاب (الإسلام وأصول الحكم) وغيرهم، حينما ركزوا على أن العلاقة الدينية هي علاقة بين "الإنسان وخالقه"، أما الشؤون الدنيوية فلا يجوز للدين أن يتعرض لها (بمعنى عدم إنزال المُقدس "الدين" في وحل المُدنس "السياسة")، علاوة على أن النهضة الحقيقية تقوم على استبعاد سيطرة المراجع الدينية على عقول الناس.
فالعَلمانية تنزع عن العمل السياسي أية قدسية، انطلاقاً من كونه صراعاً من أجل السلطة وصراعاً بين مصالح فئات وطبقات وشرائح مجتمعية مختلفة. في وجه محاولة أحد أطراف الصراع "تقديس العمل السياسي" لتغليب وجهة نظره، وفرض سيطرته أو مصالحه على الأطراف الأخرى. وتجعل العَلمانية بالتالي الصراع السياسي أكثر وضوحاً وشفافية، وتحافظ في نفس الوقت على "الدين" في مجاله الخاص، كمجال يهم بالأساس عقائد الناس ومعتقداتهم ووجدانهم.
إن التأسيس لذلك يبدأ من خلال تشريع ذلك في دساتير الدول (وتحديداً الدول العربية وبلدان العالم الثالث أو التي يطلق عليها بالدول النامية أو المتخلفة). وهذا بالطبع لا يكفي وحده، لكن يجب العمل على مأسسة العَلمانية بحيث تغدو "ثقافة سائدة أو جزء من مكونات نظام الحياة". وأولى مقدمات ذلك هو أن يصبح التعليم وبكل مستوياته في تلك البلدان عَلمانياً ديمقراطياً، ويلاحظ من خلال التجربة التاريخية هو أن الدولة العَلمانية الديمقراطية هي بالضبط من تمكنت من القضاء عملياً على الاضطهاد الديني، بينما تعاني الدول غير العَلمانية كما هو حاصل الآن في العديد من البلدان العربية. حيث يأخذ الصراع على السلطة فيها طابعاً دينياً، من خلال تصويرها وكأنها مسألة صراع بين "الحق والباطل، الكفر والإيمان، أو قوى الخير وقوى الشر، من أجل حماية الدين مقابل من يستهدفه"، وهنا بالضبط تَصور وتتصور الجماعة/الجماعات المدعية بأن صراعها من "أجل حماية الدين" كأنها تعبر عن الفئة أو الطائفة أو الملة التي لها أحقية التحدث باسم الدين، وتنفي ذلك عن بقية المجتمع ككل، وعليه تستنفر كل ميكانيزمات الانقسام والاضطهاد والظلم والاستغلال والاستلاب والكبت ومصادرة الحقوق والحريات، وتغذي كل النعرات الطائفية والمذهبية والإثنية، وتستحضر مشاريع الفتنة. ليس هذا فحسب، بل تستدعي ودون أية التفات للمصالح الوطنية والقومية، التدخل الخارجي وتعمل على الاحتماء به على حساب البلد/الوطن وشعبه ومصالحه الوطنية والقومية... في حين لو أيِّ منا أعمل عقله ودقق في مجريات ما يجري في تلك البلدان، فلن يجده إلا صراعاً على السلطة ومن أجلها مُغلفاً ومُحتمياً بالدين وباسمه.
إن أهم شروط إقامة عَلمانية حقيقة هي إقامة ديمقراطية فعلية وليس صورية/شكلية. انطلاقاً مما ذهب إليه –بحق- أستاذ الفلسفة المصري د. إمام عبد الفتاح إمام في كتابه (الأخلاق والسياسة: دراسة في فلسفة الحكم) من أن "الديمقراطية هي تجربة الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن جنسه أو دينه أو عاداته وتقاليده". ولا بد من التوضيح أن عدم التمكن من تحقيق العَلمانية في البلدان العربية أو الإسلامية، بشكل عام، ليس خاصية ثابتة لهذا "الدين" بقدر ما هي نتاج لتجربة تاريخية محققة.
وللتوضيح أكثر في هذا الشأن، لندقق فيما لجأت إليه "حركات الإسلام السياسي" بعد وصولها لسدة الحكم في العديد من البلدان العربية، وتحت ضغط المطالب الديمقراطية للشعوب، من التنظير "لمفهوم الدولة المدنية" (الذي لم يمر من قبل ذلك في الدراسات السياسية الأكاديمية مطلقاً حسب قرآتي كمتخصص في العلوم السياسية)، والذي هو تحايل أو التفاف على عَلمانية الدولة، كما أنه لا يحل المشكلة من جذورها لأن "مفهوم الدولة المدنية" وإن كان يقر بالانتخابات وبالتعددية، فإنه يعتبر الإسلام هو الإطار المرجعي العام للدولة، وكذلك المصدر الرئيسي للتشريع إن لم يكن الوحيد.
لذا فإن المطلوب من كل العَلمانيين واليساريين الديمقراطيين وكل الفئات والشرائح والطبقات المُستغَلة والمُستلَبة "باسم الدين" مناهضة توظيفه واستخدامه من أجل تحقيق أهداف وأغراض ومصالح سياسية بالمُطلق. سواء في إطار صيغة الدين الرسمي لشرعنة الحكم وتأبيد السيطرة أو من طرف "حركات الإسلام السياسي، التي تهدف في آخر المطاف إلى بناء نظام ثيوقراطي/ديني أي نظام الحكم الإلهي أو الحق الإلهي.
إن دعوة المناهضة تلك تنطلق من فهم "صحيح للدين" ودروه في التاريخ البشري عموماً والعربي والإسلامي منه خصوصاً، الذي غدا جزءً مهماً من تراثنا وأحد مكونات التركيبة أو الواقع الاجتماعي والثقافي أو "الهوية العامة" إذا جاز التعبير، ننطلق في ذلك من إيماننا بحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية والعبادات بكل حرية، وباحترام كامل للمشاعر الدينية الشعبية، وضمان ذلك لعموم أفراد المجتمع على قدم المساواة.
وهنا بالضبط يجب التفريق بين الدين/الإسلام من جهة والجماعات الدينية/حركات الإسلام السياسي من جهة أخرى. وحول جوهر هذه الحركات والجماعات يذهب المفكر المصري د. عبدالله شلبي في كتابه (الدين والصراع الاجتماعي في مصر 1970-1985): إلى أنها تعمل على"إعلان إقالة العقل، واستقالة الإنسان العربي وعجزه عن القيام بدور بَنّاء في بِنَاء مجتمع تسوده العقلانية والحداثة والحرية والعدل، ومن ثم دفع الإنسان إلى تبني الخرافة والجهل وإغراقه في معارك وهمية خارج الزمان والمكان مع أشباح لمشكلات فيما وراء الحياة والتاريخ".
وهكذا فإن النظام العَلماني الديمقراطي، يضمن لكل إنسان الحرية الفردية في الاعتقاد والاعتناق والتعبير والرأي، كما لا يسمح بمصادرة الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية وغيرها تحت مبررات دينية أو غير دينية، ويفتح الباب واسعاً للإبداع بمختلف أشكاله ومستوياته الفردي منه والجماعي للتعبير عن ذاته دون أية قيود أو ضوابط تحد من قدرة الإنسان على تطوير ذاته وخدمة مجتمعه والإنسانية جمعاء.
وفي ظل الواقع الفلسطيني غير المعزول أو المفصول عن واقعه العربي، وفي ضوء معركة التحرر الوطني ذات الطبيعة الموضوعية والتاريخية الشاملة التي يخوضها الشعب الفلسطيني مع العدو الصهيوني، انحكمت رؤية حركات الإسلام السياسي إلى أن الصراع مع هذا العدو، هو صراع ديني بين اليهود من جهة والمسلمين من جهة أخرى، بما يَحصُر ويُضيّق الصراع في تلك الحدود. في حين ارتأت العديد من القوى والحركات والأحزاب الوطنية واليسارية العربية والفلسطينية وفي صلبها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الصراع مع العدو الصهيوني أرحب وأوسع من حشره في المنظور الديني، وذلك يعود إلى طبيعة ووظيفة ودور العدو الذي نواجهه، وارتباطه العضوي مع الإمبريالية العالمية قديماً وحديثاً، وعليه لا بد من أن يكون طابع الصراع بين كل قوى وحركات وأحزاب التحرر الوطني الفلسطينية والعربية من ناحية، وقوى التحرر العالمي من ناحية ثانية، على طريق انجاز تحررها الوطني وامتلاكها الحقيقي لمقدرات بلدانها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ورفضاً لكل أشكال الاحتلال والتبعية والاستغلال ونهب ثروات وخيرات تلك البلدان. تلك الرؤية أو المنظور العلماني اليساري للصراع، هو الذي حشد قوى وحركات من دول شتى من أربعة أرجاء العالم ومنهم من قدم روحه ودمه وحياته وشبابه في الأسر من أجل تحقيق أهداف وطموحات الشعوب في الحرية والانعتاق.
ولكي نصل لما سبق، تأتي أولوية بلورة البديل العلماني الديمقراطي اليساري الثوري برنامجاً وأداةً، بحيث يصبح هذا البديل ضرورة وواجباً وطنياً وقومياً واجتماعياً إنقاذياً في ضوء تعقيدات وتشابكات واقع الحال فلسطينياً وعربياً وتصاعد حدة الصدام والصراع على السلطة "بلباس واسم "الدين". لكن هذا البديل يحتاج كما يقول المفكر والباحث الفلسطيني الجاد غازي الصوراني في كتابه (المشهد الفلسطيني الراهن) إلى "أن يخرج (هذا البديل) من معاناته وأمراضه وسلبياته وأزماته الداخلية التي تطال (بناه التنظيمية، وممارسته –وعلاقاته مع الجماهير- وقدرته على بلورة برنامجه الاجتماعي البديل)".
إن خطوة تشكيل هذا البديل الذي من المفترض أن يغدو جزءً ومكوناً ومؤثراً رئيسياً في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً سيسهم في تحديد صورة المستقبل ارتباطاً بالمصالح الوطنية والقومية الحقيقية للشعوب العربية ومنها الشعب الفلسطيني وشعوب الإنسانية جمعاء.



#وسام_الفقعاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات في الحالة الفلسطينية... (الجزء الثالث)
- تساؤلات في الحالة الفلسطينية... (الجزء الثاني)
- تساؤلات في الحالة الفلسطينية... (الجزء الأول).
- زياد الدرعاوي (المخترع الفلسطيني) بانتظار (فلسطين أيدول)
- -انفلات إعلامي- أم منهجية مدروسة؟!
- تواصلاً مع الدكتور خضر عطية محجز.. احتراماً وإعلاءً لشأن الع ...
- فلسطين في الوعي الشعبي المصري
- هوغو تشافيز... عزاء وتضامن مع الذات..
- بين تصريحات عباس ومقالات الحمامي والصواف
- خطاب نتنياهو.. هل من جديد؟
- حق الاختلاف فلسطينياً
- المصالحة بين الإشهار وحقائق الواقع
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بين تجديد الذكرى والانطلاق نحو ...
- دقوا جدران الخزان


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام الفقعاوي - محاولة إجابة، في ضوء احتدام الصراع في الواقع العربي والفلسطيني باسم -الدين-، على سؤال أين البديل اليساري العَلماني الديمقراطي؟!: