أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - دولة القبيلة بين القيم والمصالح














المزيد.....

دولة القبيلة بين القيم والمصالح


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1198 - 2005 / 5 / 15 - 12:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مازال هيكل الدولة في العديد من دول العالم الثالث، يستند إلى القبيلة في إدارة شؤونها وأصبحت القبيلة تشكل العمود الفقري لأجهزتها القمعية للحفاظ على سلطتها والسعي لإخضاع الآخرين لمشيئتها. فكلما عظم شأن القبيلة (عدداً وعدة) وكان لها من التحالفات القبلية المساندة أكثر، كلما سنحت الفسحة لها لتوارث الحكم عبر الأجيال.
إن دولة القبيلة لا شأن لها بنشوء وتطور الدول الحديثة في العالم، إنها نظام خاص يستمد (شرعيته) من الأعراف والقيم القبلية المتوارثة عبر الأجيال. ولاتهتم بصلاح الأمة وتطورها، وتُسخر جميع موارد الدولة لأجل تقوية أجهزتها القمعية وشراء الذمم وتعزيز صلاتها الدولية لتثبيت أقدامها في الحكم ولأمد غير محدود.
وتعد الدولة القبلية ورموزها، دولة استبدادية لاتسعى لإخضاع جميع فئات المجتمع لتوجهاتها حسب، بل إلى إخضاع أبناء القبيلة ذاتها وبصور شتى، ولن تتوانى عن استخدام العنف المفرط مع وجهاء القبائل والعشائر المتحالفة معها حينما تتقاطع مصالحها معهم.
يرى ((أبن خلدون))" تتولد عن العصبية (التي هي الرابط الدينامي-السيكولوجي والمجتمعي) أحزاب قوية تصبح قاعدة لتغيرات سياسية، ولتكون إمبراطوريات أو ملكيات جديدة. إلا أن ميل الكائنات البشرية طبيعياً إلى السيطرة والحكم، يدفع الرئيس الذي يتوفر على أكبر عدد من المناصرين المنتمين لنفس العصبية إلى الانفراد بالحكم وإحكام القبض عليه. فيضطر إلى أن يواجه مهمة صعبة وحرجة في آن واحد، هي إجبار الجميع على الخضوع للسلطة المركزية".
إن التضامن والولاء المطلق لرئيس القبيلة السمة الأساسية لتنامي نفوذها وفرض سطوتها وتحالفاتها على القبائل الأخرى بغرض تعظيم نفوذها وفرض هيمنتها على كافة أرجاء الوطن تعزيزاً لدولة القبيلة. ويعود تعاظم دور رئيس القبيلة قبل نشوء الدولة القبلية إلى مدى قدرته على تحقيق رغبات وطموحات رموزها المتنفذين باعتبارهم أعضاء مشاركين في اتخاذ القرارات الخاصة بشأن القبيلة وتحالفاتها.
ولكن بعد نشوء الدولة المحتكرة لوسائل العنف الحديثة ينفرد رئيس القبيلة في السطوة، فيقرب الموالين ويبعد المشكوك في ولاءهم ويغدق بالأموال والمكافآت على الداعمين لسلطته ولايتوانى عن استخدام العنف المفرط والبطش ضد المناوئين.
إن سطوة الرئيس في الدولة القبلية وتحكمه بموارد البلاد والعباد، يؤدي مع الزمن إلى إحداث نوع من التقسيمات الجديدة داخل القبيلة ذاتها تحكمها سياسة (الجزرة والعصا) ويصبح الرئيس الآمر الناهي لدولة القبيلة والآخرين مجرد تابعين ينفذون رغباته مقابل منحهم بعض النفوذ والجاه.
يعتقد ((أبن خلدون))" لايظهر الرئيس المتبوع إلا في البداوة وقبل تأسيس الدولة، وبعد تأسيسها ينقسم الناس فيها إلى مراتب وطبقات يعلو بعضهم على بعض. ويكون الملوك في أعلى تلك الطبقات، ويفرضون التعاون على الناس بالإكراه بغرض صنع الحضارة".
تحدث تقسيمات في جسم القبيلة نتيجة إحكامها السيطرة على الدولة، وتلك التقسيمات تفرز عصبيات وطموحات جديدة لدى بعض فئاتها بغرض تحقيق المزيد من النفوذ والجاه أو لشعورها بأنها لم تنال من النفوذ والجاه ما يجب مما يدفعها إلى التآمر على الرئيس بغرض الاستيلاء على دولة القبيلة وتحقيق طموحاتها الكامنة. وغالباً ما تسفر عنها مجازر دموية تنفذها الفئات المتآمرة، بحق أبناء العمومة أو الأخوة أو الأخوال بغرض إزاحتهم عن السلطة والاستيلاء على مقدرات الدولة.
ويمكن تأشير حالة الصراعات الدموية بين أفراد دولة القبيلة أكثر في دول وإمارات الخليج العربي، حيث يتآمر الابن على أبيه والأخ على أخيه، ويرتكب الأخ مجازراً وحشية بحق أسرة أخيه بغرض إزاحته عن السلطة وبدعم من جهات دولية لديها من المصالح الاستراتيجية في البلد ما يدفعها (عند تقاطع مصالحها مع رئيس دولة القبيلة) إلى تدبير المؤامرات ضده بغرض إزاحته عن السلطة وتنصيب أحد أفراد عائلته يدين بالولاء والطاعة لأولياء نعمته من الدول الأجنبية.
يتحدث ((أبن خلدون)) عن الصراعات داخل دولة القبلية قائلاً:" تحمل العصبية هرم الدولة على كتفيها، وتحفر قبرها بيدها. ذاك أنه ليس لرئيس القبيلة وسيلة لتوطيد دولته سوى العصبية. غير أن القبيلة التي هي منبع السلطة السياسية كثيراً ما تماري ثم تعارض بعنف السيادة وما منحتها لرؤساء الدولة. آنذاك يتسرب الفشل إلى الدولة، فلا تجد لديها أية عصبية للدفاع عن نفسها".
إن دولة القبيلة، دولة غير مؤسسية تستند في هيكلتها على مجتمع القبيلة القديم. فتضع على رأس كل (مؤسسة) من مؤسساتها شيخ أو أمير تابع لقبيلة السلطة وبغض النظر عن كفاءته وقدرته على إدارة شؤون المؤسسة. إن من أوليات مهامه فرض هيبة وسطوة القبيلة على العاملين فيها وترسيخ الاعتقاد لديهم بأن القبيلة هي أساس الدولة وعيونها الأمنية الساهرة على مراعاة مصالح القبيلة واستمرار سطوتها على مؤسسات الدولة تحقيقاً لمبدأ القيم البدوية في توزيع مغانم ( النهب والسلب) للدولة على أبناء القبيلة حسب نفوذهم وقوة شكيمتهم وقدرتهم على الدفاع عن دولة القبيلة.
وحتى تستقيم الهيمنة والسطوة لدولة القبيلة ولأمد غير منظور، تسعى للمحافظة (وترسيخ) مفاهيم النظام القبلي في المجتمع وعرقلة عمليات التحول المفترضة لنظامها القبلي نحو أنظمة عصرية تتوافق وعصرنة المجتمع للحاق بركب المجتمعات الحديثة.
هذا بالرغم من سعيها لتشجيع أبناءها على الدراسة والتحصيل العلمي، من أجل تدارك سُبل العصرنة والتقدم لتبادل المصالح مع دول العالم الأخرى. لكنها بذات الوقت تعمل على تأطير صلاحيات نخبها العملية وتحدد مساراتهم بما يخدم مصالح دولة القبيلة دون غيرها، تحاشياً لأي تغيرات قد تفرضها نخبها العلمية على مرافق الدولة تعمل على خلخلة بنية دولة القبيلة وبالتالي تفرض عليها نهجاً إصلاحياً يمس بنية الدولة مما يفقدها القدرة على التحكم بموارد البلاد والعباد.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلوب المقاومة السلمية ضد الأنظمة المستبدة
- انماط السلوك غير السوي في المجتمعات المقهورة
- الخطاب العلني للقوى المقهورة ضد القوى القاهرة
- لقاء صحافي مع الباحث وخبير المياه في الشرق الأوسط السيد صاحب ...
- سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع
- استحقاقات الرئاسة القادمة
- مَلكة الإبداع بين العبقرية والالهام والفطرة
- قيم الراعي والقطيع السائدة في الكيانات الحزبية
- الحكمة والحقيقة في الفلسفة
- مراتب المعرفة عند الفلاسفة
- ماهية الإحساس والمعرفة في الفلسفة


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - دولة القبيلة بين القيم والمصالح