أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية














المزيد.....

تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4186 - 2013 / 8 / 16 - 00:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد استغل إخوان مصر منذ تأسيسهم في سنة 1928، ثم اتبعتهم في ذلك ما كان يسمى بـ"الجماعة الإسلامية" ("حركة الاتجاه الإسلامي" ثم "حركة النهضة" لاحقا) في تونس في السنوات السبعين من القرن الماضي، ظرفا يتسم بالجهل وبالتخلف وبصدمة الحداثة و بالتقسيم الجغرافي والسياسي بُعيد اندثار الإمبراطورية العثمانية، لكي يقحموا الإسلام السياسي كبديل عن الحداثة.

لكن لم يقابَل عمل الإخوان ، على مَر العقود، بعمل علمي و ممنهج و متأصل من طرف النخب الفكرية والمتعلمة والسياسية من شأنها أن تُكذّب النظريات الإخوانية على حلبة الإبداع الفكري و العلمي والإنتاج الذي سيفرزه، وذلك بفضل الانكباب على البحث العلمي و إرساء سياسات مناسبة في التربية والثقافة والتصنيع. حينئذ تحوّلت المشكلة من صراعٍ حول كيف ننهض كعرب ومسلمين إلى حوار طرشان يحوم حول عموميات. والأدهى والأمرّ أنّ هذه الأخيرة صارت تفرض نفسها كأصول ومرتكزات وثوابت.

ونذكر كأمثلة على هذا الانزياح في أساليب تبويب الأولويات تلكم المسائل المتعلقة بحق التشكل الحزبي على خلفية دينية من عدمه، و بجواز مزج الدين بالسياسة من عدمه، وبالمطالبة بتطبيق الشريعة والتنصيص عليه في الدستور المدني من عدمه، وبمشروعية تأسيس الدولة الإسلامية من عدمها، وبمسائل أخرى غريبة مثل جهاد المناكحة، وبأخرى ثانوية مثل التحجب وارتداء اللحية، وبأخرى مُسقطة مثل إرضاع الكبير ومفاخذة الصغير وغيرها.

والذي حصل في الأثناء أي في خضمّ هذا التحوّل في طرائق تشخيص المشكلات الخالي من السند الفكري العميق هو أن فقدَ المجتمع معنى "الحقيقي" و"الأصلي" و"الضروري" وصار يتعامل مع مشكلاته بمعانٍ موازية وإنشائية لكنها للأسف فرضت نفسها كواقع لا ينبغي التغافل عنه مثل معضلات العنف والاغتيال السياسي والإرهاب والحرب (سورية) ومن مواجهة دامية (الاقتحام الأمني لاعتصامَي "رابعة" و"النهضة" بمصر) التي تعيشها مجتمعاتنا حاليا.

وكم نرغب في الاعتقاد أنّ ثورة الشعب المصري الثانية (في 30 جوان/يونيو) ثم ثورة الشعب التونسي (بالخصوص وبمفعول التراكم، ابتداءً من اليوم الذي اغتيل فيه محمد البراهمي في 25 جويلية/يوليو 2013) هي ثورة على هذا التزوير الشنيع في العقائد الإسلامية وعلى تبعاته في المجالات كلها.

لذا نميل إلى استنتاج أنّ النخب في هاذين المجتمعين (بانتظار لحاق ليبيا وغيرها بهما) مطالبة بأن تعيد قراءة الواقع وبأن تعيد تشخيص المشكلات الحقيقية من المنظور الجديد، منظور استرجاع المعاني المفقودة على امتداد عقود. وإلا فسوف يتواصل التراشق بالتهم المضللة على غرار تسمية حركة التحرر في مصر بـ"الانقلاب" من طرف خصومها، واقتفاء النظير الإخواني في تونس أثرَ النسخة الأصلية (المصرية)، بينما الانقلاب الحقيقي مازال في عِداد المرغوب فيه والمأمول والضروري: الانقلاب على الطرائق القديمة المضللة والمعيقة لكل تحليل صائب للواقع والتي تخدّر الإرادة وتحطم القدرة على اتخاذ القرار السياسي الصائب.

فقط بواسطة الانقلاب المعرفي والمنهجي بإمكان مجتمعاتنا التغلب نهائيا، لا فقط على الفكر الإخواني، وإنما أيضا على الفكر الذي تتبناه الجهات الأجنبية التي كانت، و لا تزال إلى حدٍّ كبير، مساندة للإخوانية وداعمة لها بالمال وبالأفكار وبالمخططات. وبالتالي فالمطلوب الانقلاب على الجهالة وعلى العمالة. وإلا فلا الولايات المتحدة ولا البلدان المتقدمة الأخرى ستقبل ببلدان الثورة الثانية كمُحاورين حقيقيين لها، بل كمنافسين لها ويحظَون بكل احترام وتقدير، في مختلف مجالات النشاط الإنساني، إلا في حال أثبتت هذه البلدان جدواها في القضاء النهائي على اللبس والازدواجية من داخل جسمها أولا وبالذات. فالغرب المهيمن لا يصدق من لا يصدق نفسه من باب أولى ويثق بها.

في هذا الإطار نتمنى أن تكون طفرة الوعي الثانية التي حصلت لدى شعبَي مصر وتونس (وحتى ليبيا وسورية طبعا لكن بأساليب مختلفة) موَلدة لآثار إيجابية على مسار الانتقال السياسي. ولكي تَثبُت حركةُ الوعي وتَبلغَ نقطة اللارجعة يتوجب تحويل الصراع من الحلبة التي يتراءى فيها للعموم في صورته الحالية، حلبة التدافع و"الزلزلة" والصدام والعنف والتقاتل، إلى حلبة الحوار الوطني الحقيقي والمُجدي .

لكن ما من شك في أنّ هذا الأمر ليس بالهيّن لمّا نعلم أنّ النخب التربوية والدينية والإعلامية والثقافية و السياسية والحقوقية والقانونية وغيرها في بلداننا لم تتحرر بعدُ من الأضرار الجسيمة التي تركها لديها تزوير العقائد وتدجين المعاني الأصلية للمفاهيم وبالتالي مازالت تقيم الحوار تلو الآخر بنفس الوسائل المعرفية التي هي نتاج رديء للتزوير والتدجين.

هذه هي النقطة التي تتنزّل فيها الضرورة العاجلة وهي المتمثلة في تشكّل نخب جديدة تكون ماسكة شيئا فشيئا بآليات الفهم العلمي والممنهج للواقع المتشعب لتعوّض نخبا أضحت تنتج تحاليل مجانبة للصواب لواقع متأسلم. بكلام آخر، أضحى هذا الواقع عصيا عن التشخيص إلا على كفاءات ذات صلوحية غير مستهلَكة.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: اقتراح بعث سلطة من الفكر الإسلامي لتعديل السياسة
- تونس: إنقاذ وطني بلا سلطة للتجديد الديني؟
- المجتمع والإخوان: طرقُ الباب بلا تطرّق إلى الأسباب؟
- مصر وتونس: انقلاب الضلالة أم انقلاب على العمالة؟
- تونس: على النهضة أن تغير اسمها أو أن تتحول إلى جمعية
- تونس: توحيد العقيدة التشريعية ضمانة الإنقاذ الوطني
- تونس: اعتصام الرحيل وعربة بلا سبيل؟
- لماذا هناك سلفيون وإخوان وما البديل؟
- الاغتيال السياسي في بلاد الإسلام والإسلام الموازي
- هل اغتيلت الديمقراطية باغتيال محمد براهمي؟
- هل من انقلاب علمي على الإسلام السياسي؟
- متى سيمرّ العرب من الديمقراطية التابعة إلى المصلحياتية؟
- تونس: باكالوريا أم امبريالية الرياضيات؟
- تونس: هل انقلبت علينا الديمقراطية؟
- تونس: هل التجديد التربوي مسألة مباهج أم مناهج؟
- من تحزب خان..
- تحكمت بنا كلمة فاستباحتنا موزة..
- تونس والسلفية: هل عُدنا إلى التعلل بدولة القانون؟
- ما البديل عن الديمقراطية الإرهابية؟
- المشروع العربي التونسي: -مدرسة ومجتمع الغد-


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - تونس ومصر: واقعٌ متأسلم ودامٍ، ونخب منتهية الصلوحية