أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمزة رستناوي - في قصور الخطاب العلماني العربي ج 1/2















المزيد.....

في قصور الخطاب العلماني العربي ج 1/2


حمزة رستناوي

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 15:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



إن آراء المجتمع حول أي فكرة ليست إلا وليدة خبرته الشخصية في تطبيقها و انعكاسها على حياة أفراده . و في مقالي هذا سأعرض لأسباب قصور الخطاب العلماني العربي في استقطاب شرائح واسعة في هذه المجتمعات , حتّى أن غالبيّة الأحزاب و السياسيين و المثقّفين العرب العلمانيين أصبحوا يتحرّجون من نسبتهم أو التصريح بعلمانيتهم ؟!

و مقالي يمكن اعتباره كنقد ذاتي للتجربة العلمانيّة , حيث أن كاتب السطور هو من الذين يزعمون ليس فقط فائدة العلمانيّة , لا بل ضرورتها في تحقيق دولة مستقرّة عادلة , تقوم على المساواة في الحقوق و الواجبات بين مواطنيها.

و قبل الاجابة على التساؤل الذي طرحته بصدد قصور الخطاب العلماني العربي في بداية المقال سأعرض لأفكار أساسيّة و تأملات حول العلمانية قد تكون مفيدة للقارئ.

و في الجزء الثاني من مقالي سأعرض لأسباب قصور الخطاب العلماني العربي و ذلك بغية تجاوز قصور التجربة العلمانية في المجتمعات العربية الاسلامية.

*

العلمانيّة – التي أقصدها - هي الفصل بين الدين و السياسة , أي حياديّة الدولة تجاه عقائد مواطنيها , و عدم التميز بينهم و تصنيفهم على أساس الدين , فهي آلية لمنع استغلال السياسيين للدين بغية الوصول إلى السلطة و التشبّث بها .

*

العلمانيّة – التي أقصدها - تحترم عقائد المواطنين , وتصون الحرّيات الدينية لمواطنيها بقوة الدولة و القانون , و ليست علمانيّة تناصب الدين العداء و البغضاء.

*

عمليّا و نظريا العلمانيّة هي جزء من منظومة الدولة الحديثة الديمقراطيّة التي تحترم حقوق الانسان لمواطنيها , و أي حديث عن العلمانية بعيدا عن الديمقراطية و احترام حقوق الانسان سيُفقد العلمانية المغزى الايجابي لها , و سيحيلها إلى مجرّد دمية أو واجهة يستخدمها النظام الاستبدادي لتبرير استبداده و اقصاء خصومه السياسيين من تيارات الاسلام السياسي و الهيمنة على المجتمع , و هذا النموذج المنقوص و القاصر للعلمانية نجده في تجارب : سوريا و نظام البعث , تونس و نظام بورقيبة , مصر ونظام جمال عبد الناصر و ما بعده ..الخ.

*

العلمانيّة – التي أقصدُها - ليست عقيدة أو دين , بل هي طريقة في النظر الى الدولة و ادارتها كشأن دنيوي , و من الظلم المقارنة بين الاسلام و العلمانية , فتستطيع أن تكون علمانيا و مسلما متديّنا في الوقت نفسه , العلمانيّة لا تتدخّل في قضايا الايمان الشخصي و عقائد الناس , بل انّها تحفظ حريّة الاعتقاد للناس من خلال سلطة القانون و عبر آليات الدولة. فالعلمانية ما هي إلا أداة مفيدة يمكننا استخدامها لتجنّب الصراعات الطائفي و العقائدية في المجتمع , و ما تسبّبه هذه الصراعات من شلل لمفاصل الدولة و تعثّر لها. و العلمانية ليست غاية بحد ذاتها

*

لنقل العلمانية هي بوط ايطالي أصلي من ينتعله يستطيع العبور فوق أشواك و مستنقعات الطائفية و الحروب الاهلية و الاستبداد المتوسّل بالدين , أو الاستبداد المعادي للدين , و الحكم الجائر للأئمة و الموالي ..الخ.

*

لا يوجد علمانيّة واحدة , و نسخة مُدَشّنة نهائية لها في التجربة السياسية للمجتمعات الانسانيّة , فهي ليست أكثر من اجتهاد بشري , أثبتت التجربة التاريخية فائدته في حل عدد من الاشكاليات المتعلّقة بالحكم و طريقة إدارة الناس لشؤونهم , و كل مجتمع يستطيع تطوير نموذجه , فالنموذج الفرنسي للعلمانية أكثر تطرّفاً مقارنة بالنموذج الالماني أو الانكليزي حيث أن الأخيرين أكثر تقبّلا للدين كسلطة اجتماعية ذات حضور , فملكة بريطانيا تعد رسميا رئيسة الكنيسة البريطانية مثلا , و الحكومة الألمانية تقدّم مساعدات للمؤسسات الدينية المسيحية و اليهودية و الاسلامية.

*

إن لفظة العلمانية ذاتها إنما هي ترجمة خاطئة لكلمة ( Secularism ) في الإنجليزية ، أو( Secularite) بالفرنسية ، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ "العلم " ومشتقاته . فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (Science) والمذهب العلمي (Scientism) والنسبة إلى العلم هي ( Scientific ) أو (Scientifique ) في الفرنسية. والترجمة الصحيحة لمفهوم العلمانية هي (الدنيوية). العلمانية (بفتح العين)، نسبة إلى العالم (بفتح اللام) و ليس نسبة إلى العلم , و هذا التعريف للعلمانية هو الذي صاغه محمد عبده في قولته الشهيرة " لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين " وهو الذي صاغه سعد زغلول في قولته الشهيرة أيضاً : "الدين لله والوطن للجميع ".

*

إنّ نظم الحكم الديمقراطية العلمانية عند تطبيقها في المجتمعات العربية الاسلامية أو غيرها من المجتمعات , لن تأتي بجديد عموما على الصعيد الاجتماعي و الثقافي , سوى إطلاق حرّية الفكر و تنمية ثقافة الاختلاف و المحاسبة.

و سأثبت مثالاً قد يكون متطرّفا و لكنّي أظنّه مناسبا لتوضيح فكرتي.

عادة تُتّهم العلمانيّة – في بعض الأوساط المتعصِّبة و المنغلقة - بأنّها تحرّض على الرذيلة و الانحلال الأخلاقي و الادمان على الكحول و المخدرات لا بل "الشذوذ الجنسي"..الخ.

أكرر القول أن العلمانية كنظام حكم لا تتجاوز كونها آلية اجرائية لمنع استغلال الدين لأهداف سياسية ,مع احترام عقائد المواطنين و ثقافتهم و عاداتهم و تقاليدهم..الخ

و استنادا إلى دستور ديمقراطي علماني في بلد ذو ثقافته عربية اسلامية مثل سوريا , كيف سينعكس ذلك على قضيّة مثل " الشذوذ الجنسي " و لا حياء في العلم و الدين.

و فقاً لما يُسمّى عرفا و اصطلاحا ب : " الشريعة الاسلامية " ممارسة هذا السلوك حرام , ممنوع بقوة القانون , و يخضع لعقوبة اختلف الفقهاء في تحديدها.

و في دولة ذات دستور علماني ديمقراطي لن نجد حكما قانونيا مُسبقا حول هذه الممارسة "الشذوذ الجنسي " فالأمر يحال إلى المجتمع و هيئاته التشريعية كالبرلمان مثلا.

في بلد مثل سوريا , و في مجتمع مثل المجتمع السوري ذو الثقافة العربية الاسلامية المحافظة عموما , عند عرض قضية مثل "الشذوذ الجنسي " لإبداء الرأي بين الناس و الاعلام و من ثمّ التصويت عليها في البرلمان . أقول و بكل تأكيد ستكون الغالبية الساحقة من الأصوات مؤيدة لمنع هذه الممارسة , وضع لوائح خاصّة بها و بأمثالها من القضايا.

فالنظام العلماني الديمقراطي لن يلزم السوريين بتبنّي عادات و تقاليد و ممارسات قد تكون غريبة عنهم , و لا يوافقون عليها هم بأغلبيتهم .

*

النظام العلماني الديمقراطي يعيد الثقة بالإنسان - موضوع التكليف و الامانة الالهية - و يحترم خياراته , و يعطيه الفرصة لتصحيح هذه الخيارات . هو نظام يسحب البساط من تحت أرجل الأوصياء على حياة البشر و مستقبل الناس , سواء كانت هذه الوصاية و الاستغلال تتم بحجج دينية أو دنيوية , هو نظام إن أحسن تطبيقه يعزّز قدرة الناس على الاختيار و تقويمه بدالة التجربة.

*



#حمزة_رستناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الأكثرية و الأقلية و خراب سوريا الأسد
- ثلاثية التفسير و التبرير و النقد , و عامان من الثورة
- سوريا: تصحيح خطأ طائفي... بخطأ تاريخي
- أفكار عامة حول القضية الكردية في سوريا
- ثلاث دلالات لأحداث القرداحة الاخيرة
- عن كتيبة (الشهيد صدام حسين) و هوية الثورة السورية؟
- من ضريح (القائد الخالد)..إلى متحف الاستبداد
- دروس غير مستفادة : عن المسلمين و الدوغما و الفلم المسيء ؟!
- معاهد (أبو علي) بوتين لتحفيظ القرآن الكريم
- عن الأسد و الكراهية , و مستحقّاتها.
- حوار مع صديقي الصربي , و مجزرة سربرنتسا
- مصارحة عن العمليات الانتحارية / الاستشهادية في سوريا
- المنطق الحيوي و الموقف الغير حيويّ لرائق النقري ؟! ج 2 /2
- المنطق الحيوي : الموقف الغير حيويّ لرائق النقري ؟! ج1/2
- تنظيم القاعدة بين النموذج السوري و النموذج اليمني
- حوار على تخوم الطائفية: حمزة رستناوي- رائق النقري
- الطبعة السورية من شيطان القاعدة
- حول العنف , و لنا في العراق الفاشل قدوة لا تقتدى
- أدونيس في مرمى شباك الظلام.
- العنف شكل ,العنف مصلحة


المزيد.....




- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حمزة رستناوي - في قصور الخطاب العلماني العربي ج 1/2