|
العنب العربي ليس موجود كي نتقاتل عليه
سمر الحرة
الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 00:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العنب العربي ليس موجود كي نتقاتل عليه
هناك مثل شعبي جميل يفيد في حل النزاع (بدك عنب والا تقاتل الناطور) لكن للأسف لا ينطبق هذا المثل على النزاع العربي القائم لأن هناك نواطير و ليس هناك عنب والنزاع قائم لقتل الناطور فحسب والناطور يثبت يوما بعد يوم للشعب انهم لا يملكون عنبا. إن العالم العربي يعاني حالة افلاس على جميع الصعد أولها الصعيد الانساني. ناهيك عن الجوانب الحضارية الأخرى المتمثلة في الأخلاق المنفتحة ووضع المرأة والتقدم على الصعيد العلمي والصناعي والثقافي. فالعرب شعب مستورد لكل شيء. إنه ولو جاز التعبير مقلب نفاية. إنه شعب اعتاد التقليد الاعمى و استيراد كل شيء. لكنه عندما يريد ان يحافظ على شيء من انتاجه فلا يحافظ إلا على الشيء الرديء عديم القيمة. بماذا يتغنى العرب في أوطانهم... بخبز التنور، أم بالأبنية الحجرية القديمة التي بناها اجدادهم، أم بالشرف المزيف الذي تمر من تحته جميع الاوساخ ولا يستطيع ردعها! بعد ان انتابتنا موجة من التفاؤل القلق عندما بدأت الثورة العربية على الانظمة، اكتشفنا أن شعبا كهذا لا يمكن ان يفهم معنى كلمة ثورة. إنه كمن سمع عن الثورة الفرنسية فقام بشراء مقصلة و قطع رؤوس جميع الابناء. هذا ما فهمه العرب!! وهذا ما يحصل على أرض الواقع. لا شيء سوى الدماء والخراب. إنه شعب لا يعلم معنى البناء...إنه شعب مدمر أخلاقياً وانسانياً وضميرياً. فكيف لفاقد الشيء أن يعطيه! عندما خرج الشعب العربي من بيته ليصنع ثورة، لم يكن يعلم إلى أين يذهب، لقد خرج و حسب، كطفل لا يملك ما يحميه، خرج من بيته فخطفته الذئاب في الطريق. فمنذ أن بدأت الثورة والهدف غير واضح المعالم، لا يوجد وجهة محددة في حين كان عليه أن يرسم خطة محكمه لنظام دولة يضم جميع فئات الشعب بطريقة يتمكنون فيها من العيش بطريقة سلمية والغاء كافة العقبات التي تحول دون ذلك. لكنهم فعلوا العكس حرفيا. الأمر الذي استغلته الحكومات التي كانت تحقق شيئا من هذا الهدف ولو شكليا وبالقمع. فالشعب السوري مثلا كان يتعايش بسلمية رغم وجود 58 طائفة مختلفة فيه في ظل النظام الاسدي وليس معنى ذلك ان شكل الحكم الديكتاتوري كان مقبول لأنه كان سلم شكلي ما ان لعبت به الفوضى حتى اظهر كل ما يخفي تحته من احقاد طائفية. ولدى البحث عن الهدف من الثورة بدأت اطياف الثورة بادراك الضياع، ووجد الشعب الثائر نفسه مفلساً لا يملك سوى الدين الذي لطالما سيره كي يدله على الهدف وهكذا سقط مجددا كلعبة سهلة في يد الدولة المتمرسة في موضوع اللعب على الوتر الديني والطائفي لتثبت للشعب المفلس. أنه الحل الوحيد لإعادة الامن. وبما نراه الآن من الممارسات اللاأخلاقية والدموية التي تجري على يد الثوار، فإن فشل ثورة كهذه هو أمر محتوم لأنها تثبت يوما بعد يوم جدوى الحكم الدكتاتوري لشعب مفلس اخلاقياً وثقافياً وضميرياً. فنحن لا نريد المباهاة بخبز التنور وما شيده اجدادنا من قلاع، بل نريد اثبات القدرة على العيش الوطني الحضاري الاخلاقي الحقيقي مع جميع أطياف الوطن في ظل دولة تعلو فيها كلمة القانون على الاعتقادات الشخصية الأمر الذي سيضع الدولة في ازمة حقيقية مع ديكتاتوريتها التي لم تعد تجدي نفعاً. فالديكتاتورية كالسجان سيبقى له عمل قائم ما دام هناك مجرمون يجب ان يوضعوا في السجن وهذا ما تثبته الدولة يوما بعد يوم بمساعدة الثوار الأغبياء. أما ما يفعله العلمانيون فهو المزيد من تعزيز الافلاس. فقد باعوا شعاراتهم في الحرية والديمقراطية للإسلاميين ووقفوا جانبا متفرجين على الصراع. فالعلماني لا يموت لأجل حريته كما يفعل المسلم لأجل حوريته! و تبقى لديه مشكلة المستورد كما هو حال الثائر المسلم. فهو الآن يستورد الحل للأزمة من العصور الوسطى في أوربا في نزاع الحكم مع الدين. دون العلم أن الدين المسيحي مختلف كلياً عن الدين الاسلامي و يمكن ان يحتمل العلمانية لأنه ليس دين سياسي بالأصل. لقد خضعت الكنيسة للعلمانية دون ان تفقد واحد من تعاليمها. أما فرض العلمانية في العالم الاسلامي فلا بد فيه من تقويض الاسلام و انهائه نهائياً. لأن الدين الاسلامي هو دين سياسي بالأصل، ولا يمكن اخضاعه ابداً للعلمانية لأن هذا يتنافى مع تعاليمه في مسألة الكفر والايمان. فالعلماني بالنسبة للمسلم هو كافر والكافر لا يحكم مؤمن. وما زال المسلمون في سعي حثيث مثلا لتقويض علمانية الدولة التركية. وهكذا لا يمكن ان تنطبق حالة أوربا مع حالة العالم العربي بأي شكل من الاشكال. لكن و كما ذكرت سابقا، انه شعب معتاد على التقليد واستيراد كل شيء حتى الحلول، دون النظر في امكانية تطبيقها على الواقع. لهذا لا تسهم العلمانية العربية المستوردة في انتاج أي أصالة في الفكر وفي التطبيق على أرض الواقع ناهيك عن أن العلمانية ضعيفة ولا احد يدعمها. بل هي تدعم الآن الفكر الاسلامي المتشدد باستمرارها في دعم الثورة الحالية الفاشلة، دون ادراك أن تلك الثورة لا يمكن أن تخدم مصالحها على الأرض. ما يخدم العلمانية الآن في العالم العربي هو انهاء الاسلام نهائياً لأنه المشكلة الكبرى الكامنة خلف افلاس الامة على كافة الصعد. اذ لا يتمكن الاسلام من فرض نظام اخلاقي ووطني يُمَكِّن الجميع من العيش بسلام على ارض وطن واحد لأنه يقوم على مبدأ تكفيري راسخ في تعاليمه ولا يمكن تغييره لافتقاده للمرونة فهو لوح محفوظ حَجَّر عقول المسلمين تحجيراً لا يقبل سوى الكسر.
#سمر_الحرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|