|
تلوث العقل السياسي العربي
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4184 - 2013 / 8 / 14 - 02:11
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
حديثنا سينصب هذه المرة على العقل العربي ومفهومه الملوث عن السياسة ، التي يظن فيها ويعتقد إنها مجرد كلام ووعود وكذب وخداع وأنانية وبحث عن الإمتيازات والمناصب ، هذا المفهوم يروجه ويمارسه دعاة الوطنية والدين في البلاد العربية ، وفي ذلك لا نستثني هنا أحدا ولانميز بين مستجد وقديم ولابين كبير وصغير ، ولائحة الإدعاد عندنا تشمل المجموع ، فالسياسي العربي يجيز لنفسه الاحتيال والمكر في علاقاته مع الغير، وفي ذلك يظن إنه يحافظ على كيانه ووجوده وشخصيته ، مع إن هذا الإسلوب دليل ضعف وإنهزام وقلة وعي وإنعدام ضمير ، فالعلاقة الصحيحة هي التي يجب ان تقوم على الصراحة والصدق وحسن النيه ، العقل العربي لم يخرج ولن يخرج من إيقوناته وأقانيمه التي تجعله على الدوام حبيس الوهم وقلة الحيلة والنفاق ، فالسياسي العربي حين يتحدث عن الديمقراطية لايسمح أبداً لشعبه من ممارسة حقه في الرفض والتظاهر وفي حرية الكلمة والإعلام ، العقل العربي السياسي حين يٌطالب بأن يستجيب للخروج من العقلية التاريخية التي تسد منافذ الوعي ، يعتبرتلك المطالبة عصيان وتمرد وكفر وزندقة ، لهذا يبادر ليفرض على متلقيه وأتباعه النوع الذي يزيف لهم الحقايق ويقلبها لمصلحته ، مستخدماً كل أنواع الدهاء والمكر ، رأينا ذلك في كل البلاد العربية التي تجعل من السياسة فيها إستبداد بالطبع ، لهذا ترفض الفكر الآخر والعقل الآخر ولن تسمح له بان يعيش الحياة ، وفي ذلك نجد تجربة الإلغاء والتشويه والتسقيط وقمع الحريات بالقوة المسلحة هي الحالة الطبيعية ودونها الإستثناء ، والمثير بل والمستفز إن الساسة العرب يشيدون في خطبهم وفي كلامهم ويتغنون بالحكم الدستوري والديمقراطية ، ولهذا أصارحكم القول : إن السياسي العربي يحمل في داخله عقلية بدائية عصبوية نرجسية لا يهمها القضايا الوطنية ولا الشعبية ، ولهذا لا نفاجئ لو سمعنا من البعض قوله إنه ديمقراطي أو إنه يحكم بأسم الديمقراطية ، كما لا نفاجئ من يقول إن الإرادة الشعبيةهي من تحدد له مصيره ومستقبله ، لكن هذا الكلام يدحضه الواقع وتدحضه التجربة التي يعمل فيها السياسي بالخفاء لتحويل بلاده إلى ثكنه بوليسية ، ثبت هذا بالدليل وثبت ايضاً إن السياسي العربي لا يهمه سوى رضا الغرب عنه ولا يهمه رضا شعبه إذ الشعب لدى السياسي العربي لا قيمة له ، السياسي العربي مستسلم بالطبع ضعيف بالطبع يأخذ أوامره من الغير عقله غير مستقل ، ولذلك يعطي صوته للقوي دائماً وهو في ذلك اصدق خلق الله ، ان المبدأ العملي الذي يمكن استنتاجه من سيرة السياسي العربي هو إنه كذاب منافق محتال يكثر الثرثرة الزائدة في كل شيء وعن أي شيء ، والاساس في علاقاته مع المواطنين هو الكراهية والعداء ، و الكره بالمعني الواقعي لا المعنى العاطفي ، السياسي العربي يتعامل مع المواطنين بروح المنفعة والمصلحة وهو منذ عهد معاوية يقرب ذوي النفوذ شيوخ القبائل ورجال الدين والمطبلين والإنتهازيين ، وهو دائماً يترك الصادقين والوطنيين والشرفاء الغير ملوثين بالفساد ، لأنه يكره الصدق والشرف الوطني ويكره كل دعاة الحرية الحقيقية ، وفي ذلك المسألة هي ابعد ما تكون عن العواطف فالسياسي العربي في ذلك يعيش التناقض كواقع ، ان علاقة السياسي العربي بمن حوله من مواطنيين لا تقوم على الثقة ولا على التفاهم ولا على التمثيل الصحيح ، إن السياسي العربي ابعد ما يكون عن تمثيل الشعب وتمثيل مصالحه ، و علاقته ليست سوى علاقة طرفين متناقضين ، علاقة تقوم على الحذر والغش والخديعة والتناحر ، ذلك هو الواقع من غير لبس ولذلك فشلت تجربة الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن وهي تسير بإتجاه الكارثة الحقيقية في سوريا ، وهذا الواقع هو الذي يدعونا للتشاؤم وعدم الثقة بالمستقبل ، ولهذا نظن إن الوضع سيكون أكثر كارثية ودموية وجفاء ، ومع ذلك الجو سنظل نقول ونحلم بان الإرادة الحرة سوف تفرض نفسها وتطرد هذا التشوه وهذه الحماقة ، وكل ذلك مرهون بالنضج وبالوعي وبزيادة المنسوب الثقافي وبتحرير المرأة وتشجيع القوى الشبابية لتخرج من دائرة القهر الإجتماعي والتاريخي ، كذلك يكون ذلك مرهوناً بالإيمان في التغيير والإيمان الديمقراطية والحرية
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجربة مصر تُثبت مدى الحاجة لليبرالية الديمقراطية
-
تهنئة
-
القرضاوي وكذبة رجل الدين
-
ماذا تعني السيادة الوطنية ؟
-
موقفنا مما يجري في المناطق الغربية
-
بمناسبة الإنتخابات البلدية في العراق
-
عقلية الطوائف
-
حينما يتكلم الملك
-
المعركة في سوريا
-
العلمانية كما أرآها
-
قول في الوطنية
-
مبادئنا
-
كيف ننقذ الوطن ؟
-
الإصلاح الديني ... لماذا وكيف ؟
-
فوضى التظاهرات
-
رأينا في الأزمة الجديدة
-
مصلحة العراق فوق الجميع
-
حوار في قضية الحسين
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة التحديات
-
الليبرالية الديمقراطية ... مشروع الحضارة
المزيد.....
-
طاهر النونو: العلاقة بين الفصائل الفلسطينية متينة ومبنية على
...
-
البيان الختامي للمؤتمر التضامني مع عاملات وعمال «وبريات سمنو
...
-
كيف وقعت الصين الشيوعية في حب الخصخصة؟
-
ماذا جرى قبل انفجار -تيتان-؟.. كشف آخر ما قيل على متن -غواصة
...
-
حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني
-
العراق.. مسيرة تركية تستهدف اجتماعا لحزب العمال الكردستاني
-
صديق القادري.. جنرال عراقي قاتل مع القياصرة ضد الثورة البلشف
...
-
رحيل المفكر العربي البناني – الفلسطيني إلياس خوري
-
مقتل عنصر وإصابة 2 من حزب العمال الكردستاني بغارة تركية في ا
...
-
مواجهات بين متظاهرين والشغب أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|